الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَجَازَ فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَلِلْغَائِبِ نِصْفُ الْعَبْدِ الْبَاقِي، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ حِصَّتَهُ فِي الْمَيِّتِ لِشَرِيكِهِ، أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ الْقَبْضَ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
[فُرُوعٌ لِأَحَدِهِمَا شَجَرَةٌ أَغْصَانُهَا مُطِلَّةٌ عَلَى قِسْمَةِ الْآخَرِ]
(فُرُوعٌ)
قَالَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ: إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا شَجَرَةٌ أَغْصَانُهَا مُطِلَّةٌ عَلَى قِسْمَةِ الْآخَرِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَطْعِ أَغْصَانِهِ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدٍ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الذَّخِيرَةِ وَبِهِ يُفْتَى وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْفَعَ بِنَاءَهُ وَيَسُدَّ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ عَلَى الْآخَرِ قَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى وَأَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ: لِصَاحِبِهِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ طَاحُونًا، أَوْ مِدَقًّا لِلْقَصَّارِينَ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ تَنُّورًا صَغِيرًا جَازَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]
لَمَّا كَانَ الْخَارِجُ مِنْ الْأَرْضِ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ مِنْ أَنْوَاعِ مَا يَقَعُ فِيهِ الْقِسْمَةُ ذَكَرَ الْمُزَارَعَةَ عَقِبَ الْقِسْمَةِ فَهِيَ لُغَةً مُفَاعَلَةٌ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَشَرِيعَةً مَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ وَسَبَبُهَا سَبَبُ الْمُعَامَلَاتِ وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَشَرَائِطُ جَوَازِهَا كَوْنُ الْأَرْضِ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَكَوْنُ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ، وَبَيَانُ الْمُدَّةِ فَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً لَا يَخْرُجُ الزَّرْعُ فِيهَا لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ، وَصِفَتُهَا أَنَّهَا فَاسِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ عِنْدَهُمَا وَدَلِيلُهَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «دَفَعَ الْأَرْضَ لِأَهْلِ خَيْبَرَ مُزَارَعَةً» .
قَالَ رحمه الله: (هِيَ عَقْدٌ عَلَى الزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ) فَقَوْلُهُ عَقْدٌ جِنْسٌ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الزَّرْعِ يَشْمَلُ الْمَزْرُوعَ حَقِيقَةً وَهُوَ الْمُلْقَى فِي الْأَرْضِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ قَالَهُ خواهر زاده، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ فَارِغَةً وَقَوْلُهُ: بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَصْلٌ أَخْرَجَ سَائِرَ الْعُقُودِ، وَالْمُسَاقَاةَ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى بَعْضِ الثَّمَرَةِ وَأَطْلَقَ فِي الْعَقْدِ فَشَمِلَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ الشَّرِيكِ قَالَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَفَعَهَا أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مُزَارَعَةً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ ثُلُثُهُ لِلدَّافِعِ وَثُلُثَانِ لِلْعَامِلِ جَازَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. اهـ.
قَالَ رحمه الله: (وَتَصِحُّ بِشَرْطِ صَلَاحِيَّةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَأَهْلِيَّةِ الْعَاقِدَيْنِ وَبَيَانِ الْمُدَّةِ وَرَبِّ الْبَذْرِ وَجِنْسِهِ وَحَظِّ الْآخَرِ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ وَالشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ) وَهَذَا قَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ، لَهُمَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «دَفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً لِأَهْلِ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ زَرْعٍ» وَلِأَنَّهَا عَقْدُ شَرِكَةٍ بِمَالٍ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَعَمَلٍ مِنْ الْآخَرِ فَتَجُوزُ اعْتِبَارًا بِالْمُضَارَبَةِ وَالْجَامِعُ دَفْعُ الْحَاجَةِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ لَا يَهْتَدِي إلَى الْعَمَلِ وَالْمُهْتَدِيَ إلَيْهِ قَدْ لَا يَجِدُ الْمَالَ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى انْعِقَادِ هَذَا الْعَقْدِ وَلِلْإِمَامِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» وَهِيَ الْمُزَارَعَةُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَاَلَّذِي وَرَدَ فِي خَيْبَرَ هُوَ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مِنْ أَنَّ أَرْضَ الْعَرَبِ كُلَّهَا عُشْرِيَّةٍ لِأَنَّا نَقُولُ أَرْضُ خَيْبَرَ لَيْسَتْ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ لِأَنَّهَا لَا يُقَرُّ فِيهَا عَلَى الْكُفْرِ فَإِنْ قُلْت: هُمْ يَهُودٌ قُلْنَا خَيْبَرُ لَيْسَتْ دَاخِلًا فِي حُدُودِ أَرْضِ الْعَرَبِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ، أَوْ الْعَمَلِ، وَالْغَلَّةُ لَهُ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَهَذَا مَنْقُوضٌ بِمَنْ غَصَبَ بَذْرَ آخَرَ وَزَرَعَهُ فِي أَرْضٍ فَإِنَّ الزَّرْعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ نَمَاءَ مِلْكِ صَاحِبِ الْبُذُورِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَتَحْصِيلِهِ فَكَانَ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى عَمَلِهِ أَوْلَى وَالْمُزَارِعَ عَامِلٌ بِأَمْرِ غَيْرِهِ فَجُعِلَ الْأَمْرُ مُضَافًا إلَى الْآمِرِ. اهـ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ السُّؤَالُ غَيْرُ وَارِدٍ وَالْجَوَابُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَمَّا أَوَّلًا فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْغَاصِبَ مَلَكَ الْبَذْرَ بِالْمُزَارَعَةِ فَالْبَذْرُ نَمَاءُ مِلْكِ الْغَاصِبِ فَلَا يَرِدُ.
وَالْجَوَابُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا وَقَالُوا الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِهِمَا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا وَلِلتَّعَامُلِ، وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِمِثْلِ هَذَا وَالنَّصُّ وَرَدَ نَصٌّ بِخِلَافِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَهُمَا ثُمَّ شَرَطَ فِي الْمُخْتَصَرِ لِجَوَازِهَا عِنْدَهُمَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِهِ وَأَنْ يَكُونَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعُ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْأَهْلِ وَأَنْ يُبَيِّنَ الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِ الْأَرْضِ، أَوْ الْعَامِلِ وَهِيَ تُعْرَفُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ قَدْرَ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الزِّرَاعَةِ، أَوْ أَكْثَرَ وَأَنْ لَا تَكُونَ قَدْرَ مَنْ لَا يَعِيشُ إلَيْهِ مِثْلُهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا غَالِبًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ وَيَقَعُ عَلَى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ الْمَشَايِخُ: يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَقْتِ وَتَكُونُ الزِّرَاعَةُ عَلَى أَوَّلِ سَنَةٍ وَالْفَتْوَى عَلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الزِّرَاعَةُ لَا تَبْقَى الزِّرَاعَةُ