المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(1) - (473) - باب ما جاء في فضل الصيام - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌(1) - (473) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌(2) - (474) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(3) - (475) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌(4) - (476) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وِصَالِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(5) - (477) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصَوْمٍ إِلَّا مَنْ صَامَ صَوْمًا فَوَافَقَهُ

- ‌(6) - (478) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ

- ‌(7) - (479) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ

- ‌(8) - (480) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌(9) - (481) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شَهْرَيِ الْعِيدِ

- ‌(10) - (482) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌(11) - (483) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ

- ‌(12) - (484) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌(13) - (485) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ

- ‌(14) - (486) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ

- ‌(15) - (487) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا

- ‌(16) - (488) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌(17) - (489) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّوَاكِ وَالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ

- ‌(18) - (490) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(19) - (491) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(20) - (492) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(21) - (493) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغِيبَةِ وَالرَّفَثِ لِلصَّائِمِ

- ‌(22) - (494) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السُّحُورِ

- ‌(23) - (495) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَأْخِيرِ السُّحُورِ

- ‌(24) - (496) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ

- ‌(25) - (497) - بَابُ مَا جَاءَ عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ

- ‌(26) - (498) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ وَالْخِيَارِ فِي الصَّوْمِ

- ‌(27) - (499) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ يُرِيدُ الصِّيَامَ

- ‌(28) - (500) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ

- ‌(29) - (501) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ

- ‌(30) - (502) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(31) - (503) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ دَاوُودَ عليه السلام

- ‌(32) - (504) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ نُوحٍ عليه السلام

- ‌(33) - (505) - بَابُ صيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوالٍ

- ‌(34) - (506) - بَابٌ: فِي صيَامِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(35) - (507) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(36) - (508) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى

- ‌(37) - (509) - بَابٌ: فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(38) - (510) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌(39) - (511) - بَابُ صِيَامِ الْعَشْرِ

- ‌(40) - (512) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌(41) - (513) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌(42) - (514) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌(43) - (515) - بَابُ صِيَامِ أَشْهُرِ ألْحُرُمِ

- ‌(44) - (516) - بَابٌ: فِي الصَّوْمِ زَكَاةُ الْجَسَدِ

- ‌(45) - (517) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌(46) - (518) - بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌(47) - (519) - بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صائِمٌ

- ‌(48) - (520) - بَابٌ: فِي الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ دَعَوْتُهُ

- ‌(49) - (521) - بَابٌ: فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ

- ‌(50) - (522) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ

- ‌(51) - (523) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صيَامٌ مِنْ نَذْرٍ

- ‌(52) - (524) - بَابٌ: فِيمَنْ أَسْلَمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(53) - (525) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(54) - (526) - بَابٌ: فِيمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ

- ‌(55) - (527) - بَابٌ: فِيمَنْ قَالَ: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ

- ‌(56) - (528) - بَابٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌(57) - (529) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(58) - (530) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاعْتِكَافِ

- ‌(59) - (531) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَبْتَدِئُ الاعْتِكَافَ وَقَضَاءِ الاعْتِكَافِ

- ‌(60) - (532) - بَابٌ: فِي اعْتِكَافِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ

- ‌(61) - (533) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَلْزَمُ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(62) - (534) - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي خَيْمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌(63) - (535) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ

- ‌(64) - (536) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُعْتَكِفِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُرَجِّلُهُ

- ‌(65) - (537) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَزُورُهُ أَهْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (538) - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

- ‌(67) - (539) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ الاعْتِكَافِ

- ‌(68) - (540) - بَابٌ: فِيمَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌(69) - (541) - بَابُ فَرْضِ الزَّكَاةِ

- ‌(70) - (542) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الزِّكَاةِ

- ‌(71) - (543) - بَابُ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ .. فَلَيْسَ بِكَنْزٍ

- ‌(72) - (544) - بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ

- ‌(73) - (545) - بَابُ مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا

- ‌(74) - (546) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(75) - (547) - بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا

- ‌(76) - (548) - بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

- ‌(77) - (549) - بَابُ صَدَقَةِ الْإِبِلِ

- ‌(78) - (550) - بَابُ إِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا دُونَ سِنٍّ أَوْ فَوْقَ سِنٍّ

- ‌(79) - (551) - بَابُ مَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْإِبِلِ

- ‌(80) - (552) - بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ

- ‌(81) - (553) - بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ

- ‌تتمة

- ‌(82) - (554) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عُمَّالِ الصَّدَقَةِ

- ‌(83) - (555) - بَابُ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ

- ‌(84) - (556) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(85) - (557) - بَابُ صَدَقَةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌(86) - (558) - بَابُ خَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ

- ‌(87) - (559) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخْرِجَ فِي الصَّدَقَةِ شَرَّ مَالِهِ

- ‌(88) - (560) - بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌تتمة

- ‌(89) - (561) - بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(90) - (562) - بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌(91) - (563) - بَابٌ: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا

- ‌(92) - (564) - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ

- ‌(93) - (565) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ

- ‌(94) - (566) - بَابُ مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً

- ‌(95) - (567) - بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ

- ‌(96) - (568) - بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ

الفصل: ‌(1) - (473) - باب ما جاء في فضل الصيام

(1) - (473) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ

(1)

- 1610 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

===

أي: فرض، وقوله صلى الله عليه وسلم:"بني الإسلام على خمس. . ." إلى أن قال: "وصوم رمضان".

وهو معلوم من الدين بالضرورة، فيكفر جاحده إلا إن كان قريب عهد بالإسلام أو نشأ بعيدًا عن العلماء، ومن تركه غير جاحد لوجوبه من غير عذر. . حبس ومنع من الطعام والشراب نهارًا؛ ليحصل له صورة الصوم، وربما حمله ذلك على أن ينويه، فيحصل له حينئذ حقيقته.

(1)

- (473) - (باب ما جاء في فضل الصيام)

(1)

- 1610 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم أبو معاوية الضرير، ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(ووكيع) كلاهما (عن الأعمش)، سليمان بن مهران الأسدي أبي محمد الكوفي، ثقة حافظ لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي صالح) السمان ذكوان الزيات المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

ص: 13

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ؛ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ تَعالى، يَقُولُ اللهُ: إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي،

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل عمل) صالح لـ (ابن آدم يضاعف) أجره قليلًا كان أو كثيرًا (الحسنة) الواحدة تضاعف (بعشر أمثالها) وبما فوقه (إلى سبع مئة ضعف) وبما فوق السبع مئة (إلى ما شاء الله تعالى) مما لا يقادر قَدْرَه إلا الله سبحانه (يقول الله) سبحانه فيما يروي به النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وفيه إشارة إلى أنه من الأحاديث القدسية.

وقوله: (إلا الصوم) استثناء من حسنات ابن آدم؛ أي: كل حسنة من حسنات ابن آدم يضاعف أجرها من عشر إلى سبع مئة ضعف وإلى ما فوقها، إلا الصوم؛ فإنه لا يعلم قدر جزائه إلا أنا؛ (فإنه) أي: الصومَ يكون (لي) من بين سائر الأعمال، ليس للصائم فيه حظ، أولم يتعبد به أحد غيري، أو هو سر بيني وبين عبدي يفعله خالصًا لوجهي، أو إن فيه صفة الصمدانية؛ وهي التنزيه عن الغذاء (وأنا أجزي) صاحبه (به) وقد علم أن الكريم إذا تولى الإعطاء بنفسه. . كان في ذلك إشارةً إلى تعظيم ذلك العطاء وتفخيمه، ففيه مضاعفة الجزاء من غير عدد ولا حساب. انتهى من "الإرشاد".

(يدع) الصائم؛ أي: يترك (شهوته) أي: شهوة الجماع (وطعامه) وشرابه (من أجلي) أي: لأجل التقرب إلي، واتفقوا على أن المراد بالصائم هنا: من سلم صيامه من المعاصي.

وأدنى درجات الصوم الاقتصار على الكف من المفطرات، وأوسطها أن

ص: 14

لِلصائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ. . أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ".

===

يضم إليه كف الجوارح عن الجرائم، وأعلاها أن يضم إليهما كف القلب عن الوساوس، وقال بعضهم: معنى: (الصوم لي لا لك) أي: أنا الذي لا ينبغي لي أن أطعم وأشرب، فإذا كان بهذه المثابة، وكان دخولك فيه لأجل كوني شرعته. . فأنا أجزي به، كأنه قال: أنا جزاؤه؛ لأن صفة التنزيه عن الطعام والشراب تطلبني، وقد تلبست بها وليست لك، لكنك اتصفت بها، في حال صومك، فهي تدخلك علي؛ فإن الصبر حبس النفس، وقد حبستها بأمري من الطعام والشراب، فلهذا قال: اللصائم فرحتان: فرحة عند فطره) في الدنيا، وتلك الفرحة لروحه الحيواني لا غير (وفرحة عند لقاء ربه) في الآخرة، وتلك الفرحة لنفسه الناطقة الطبيعية الربانية، فأورثه الصوم لقاء الله؛ وهو المشاهدة. انتهى من "الإرشاد".

(و) عزتي وجلالي (لخلوف فم الصائم) بضم المعجمة واللام على الصحيح المشهور، وضبطه بعضهم بفتح الخاء المعجمة وخطأه الخطابي، وقال في "المجموع": إنه لا يجوز؛ أي: تغير رائحة فم الصائم؛ لخلاء معدته من الطعام. . (أطيب عند الله) تعالى؛ أي: أكثر أجرًا (من ريح المسك) الذي يتطيب به يوم الجمعة عند ذهابه لصلاة الجمعة، وفي لفظ مسلم والنسائي:(أطيب عند الله يوم القيامة)، وقد وقع خلاف بين ابن الصلاح وابن عبد السلام: في أن طيب رائحة الخلوف هل هو في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة فقط؟

فذهب ابن عبد السلام إلى أنه في الآخرة، واستدل برواية مسلم والنسائي هذه، وروى أبو الشيخ بإسناد فيه ضعف عن أنس مرفوعًا: "يخرج الصائمون من قبورهم، يعرفون بريح أفواههم، أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك).

ص: 15

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وذهب ابن الصلاح إلى أن ذلك في الدنيا، واستدل بحديث جابر مرفوعًا:"فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك". انتهى من "الإرشاد".

واستشكل هذا من جهة أن الله تعالى منزه عن استطابة الروائح الطيبة، واستقذار الروائح المنتنة؛ فإن ذلك من صفات الحيوان، وأجيب عنه: بأنه مجاز أو استعارة؛ لأنه جرت عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا، واستعير ذلك؛ لتقريبه من الله تعالى، وقال ابن بطال: معناه: أي: أَزْكى عند الله تعالى؛ إذ هو تعالى لا يوصف بالشم، وقيل: معناه: أنه تعالى يُجْزِيهِ في الآخرة حتى تكون نكهتُه أطيب من ريح المسك، أو: أن صاحب الخلوف ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك عندنا.

فإن قلت: لم كان خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، ودم الشهيد ريحه ريح المسك مع ما فيه من المخاطرة بالنفس وبذل الروح؟

أجيب: بأنه إنما كان أثر الصوم أطيب من أثر الجهاد؛ لأن الصوم أحد أركان الإسلام، المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم:"بني الإسلام على خمس"، وبأن الجهاد فرض كفاية، والصوم فرض عين، وفرض العين أفضل من فرض الكفاية؛ كما نص عليه الشافعي، وروى الإمام أحمد في "المسند" أنه صلى الله عليه وسلم قال:"دينار تنفقه على أهلك ودينار تنفقه في سبيل الله، أفضلهما الذي تنفقه على أهلك"، وجه الدليل: أن النفقة على الأهل التي هي فرض عين أفضل من النفقة في سبيل الله؛ وهو الجهاد الذي هو فرض كفاية. انتهى من "الإرشاد".

قوله: "فرحة عند فطره" أي: يفرح حينئذ طبعًا وإن لم يأكل؛ لما في

ص: 16

(2)

- 1611 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ،

===

طبع النفس من محبة الإرسال وكراهة التقتير، قيل: يحتمل أن هذه هي فرحة النفس بالأكل والشرب، ويحتمل أنها فرحها بالتوفيق لإتمام الصوم والخروج عن العهدة، قوله:"وفرحة عند لقاء ربه" أي: بثوابه على الصوم، وقوله:"أطيب عند الله" أي: صاحب الخلوف عند الله أطيب وأكثر قبولًا ووجاهةً وأزيد قربًا منه تعالى مِمَّنْ صاحبَ المسكَ؛ بسبب ريحه عندكم، وهو تعالى أكثر إقبالًا عليه بسببه من إقباله على صاحب المسك بسببه. انتهى "سندي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري؛ أخرجه في كتاب الصوم، وفي مواضع كثيرة، ومسلم في كتاب الصوم، باب فضل الصائم، والنسائي في كتاب الصيام، ومالك في "الموطأ" في كتاب الصيام، باب جامع الصيام، وأحمد في "المسند".

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(2)

- 1611 - (2)(حدثنا محمد بن رمح) بن مهاجر التجيبي (المصري) ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبو الحارث

ص: 17

عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ مُطَرِّفًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ دَعَا لَهُ بِلَبَنٍ يَسْقِيهِ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ: إِنِّي

===

المصري، عالم مصر وفقيهها ورئيسها، ثقة ثبت فقيه، من السابعة، مات في شعبان سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن يزيد بن أبي حبيب) سويد مولى شريك بن الطفيل الأزدي المصري عالمها، ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سعيد بن أبي هند) الفزاري مولى سمرة، ثقة، من الثالثة، مات سنة ست عشرة ومئة (116 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(أن مطرفًا) بن عبد الله بن الشخير -بكسر المعجمة وتشديد الخاء المعجمة المكسورة بعدها تحتانية- العامري الحرشي -بمهملتين مفتوحتين ثم معجمة- (من بني عامر بن صعصعة) أبي عبد الله البصري أحد سادة التابعين، ثقة عابد، من الثانية، مات سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثه) أي: حدث لسعيد بن أبي هند (أن عثمان بن أبي العاص الثقفي) الطائفي، عامل الطائف والبحرين وعمان، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف، الصحابي المشهور، أبا عبد الله البصري، مات في خلافة معاوية بالبصرة سنة إحدى وخمسين (51 هـ) رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(م عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(دعا) أي: طلب عثمان (له) أي: لأجل مطرف (بلبن يسقيه) أي: يسقي عثمان مطرفًا؛ لأن مطرفًا كان ضيفًا عند عثمان (فقال مطرف) لعثمان: (إني

ص: 18

صَائِمٌ، فَقَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ".

(3)

- 1612 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ،

===

صائم، فقال عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصيام) أي: ثوابه (جنة) أي: وقاية وستارة (من النار) أي: من عذابها (كجنة أحدكم) أي: كوقاية ترس أحدكم (من) شر (القتال) وضرره من القتل والطعن والقطع؛ أي: كوقاية ترس أحدكم صاحبه من شر العدو.

قال السندي: قوله: "الصيام جنة" -بضم الجيم وتشديد النون-: وقاية وستر من النار، أو وقاية مما يؤدي العبد إليها من الشهوات.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب مرسلًا، وابن حبان في "الإحسان" في كتاب الصوم، باب صوم التطوع، وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، والطبراني، وأحمد في "المسند".

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد، وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(3)

- 1612 - (3)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم (الدمشقي) أبو سعيد، لقبه دحيم -بمهملتين مصغرًا- ابن اليتيم، ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ دس ق).

ص: 19

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِن فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَمَنْ كَانَ مِنَ الصَّائِمِينَ. . دَخَلَهُ، وَمَنْ دَخَلَهُ. . لَا يَظْمَأُ أَبَدًا".

===

(حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) -بالفاء مصغرًا- الديلي مولاهم المدني، أبو إسماعيل، صدوق من صغار الثامنة، مات سنة مئتين (200 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(حدثني هشام بن سعد) المدني أبو عباد، صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع، من كبار السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ)، أو قبلها. يروي عنه:(م عم).

(عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج التمار المدني القاضي مولى الأسود بن سفيان، ثقة عابد، من الخامسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).

(عن سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي أبي العباس المدني الصحابي المشهور، له ولأبيه صحبة رضي الله عنهما، مات سنة ثمان وثمانين (88 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدعى) أي: ينادى (يوم القيامة) فـ (يقال) في ذلك النداء: (أين الصائمون؟ ) أي: المكثرون من الصيام؛ كالعادل والظالم، يقال: لمن يعتاد ذلك لا لمن يفعل ذلك مرة، والظاهر أن الإكثار لا يحصل بصوم رمضان وحده، بل بأن يزيد عليه ما جاء فيه أنه صيام الدهر، (فمن كان من الصائمين. . دخله) أي: دخل ذلك الباب، (ومن دخله. . لا يظمأ أبدًا) أي: أبد الآبدين، وأبدًا: ظرف

ص: 20

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يستغرق لما يستقبل من الزمان؛ كان له نهاية؛ كزمن الدنيا، أو لا؛ كمدة الآخرة، والمراد هنا: الثاني.

قوله: "دخله" أي: دخل ذلك الباب؛ ليدخل منه إلى الجنة "لم يظمأ أبدًا" ظاهره: أن هذا الوصف مخصوص بمن يدخل الجنة من ذلك الباب، وقوله تعالى:{وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا} في (طه)(1) يدل على أنه لا ظمأ في الجنة أصلًا، إلا أن يقال: ليس المراد هناك: أنه لا ظمأ أصلًا، بل المراد: بيان دوام المشارب على الفور هناك؛ بحيث لا يبقى الإنسان فيها ظمآن، لا أنه لو لم يستعمل. . لم يظمأ أصلًا، والداخل من هذا الباب يرتفع عنه الظمأ من أصله.

أويقال: معنى الحديث: أن من دخله. . لا يظمأ من أول ما دخله، والداخلون من سائر الأبواب يرتفع عنهم الظمأ من حيث استقرارهم فيها، ووصولهم إلى منازلهم المعدة لهم. انتهى "سندي".

قوله: "يقال له: باب الريان" أي: يسمى بهذا الاسم -بفتح الراء وتشديد التحتانية- على وزن فعلان؛ من الري: اسم علم على باب من أبواب الجنة، ووجه تسميته به: إما لأنه بنفسه ريان؛ لكثرة الأنهار الجارية إليه، والأزهار والأثمار الطرية لديه، أو لأن من وصل إليه. . يزول عنه عطش يوم القيامة، ويدوم له الطراوة والنظافة في دار المقام، قال الزركشي: الريان: فعلان كثير الري، نقيض العطش، سمي به؛ لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم، واكتفى: بذكر (الري) عن (الشبع) لأنه يدل عليه؛ من حيث إنه يستلزمه، وقيل: لأنه أشق من الجوع لا سيما في شدة الحر؛ إذ كثيرًا ما يصبر على الجوع

(1) سورة طه: (119).

ص: 21

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

دون العطش، ثم قيل: ليس المراد بهم: المقتصرين على رمضان، بل يلازمون النوافل من الصوم. انتهى من "الكوكب".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصوم، باب الريان للصائمين، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل الصوم، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في فضل الصوم، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب، والنسائي في كتاب الصيام، باب فضل الصيام، وابن حبان في "الإحسان"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبيهقي، وابن خزيمة.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 22