المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(74) - (546) - باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌(1) - (473) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌(2) - (474) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(3) - (475) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌(4) - (476) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وِصَالِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(5) - (477) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصَوْمٍ إِلَّا مَنْ صَامَ صَوْمًا فَوَافَقَهُ

- ‌(6) - (478) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ

- ‌(7) - (479) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ

- ‌(8) - (480) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌(9) - (481) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شَهْرَيِ الْعِيدِ

- ‌(10) - (482) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌(11) - (483) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ

- ‌(12) - (484) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌(13) - (485) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ

- ‌(14) - (486) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ

- ‌(15) - (487) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا

- ‌(16) - (488) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌(17) - (489) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّوَاكِ وَالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ

- ‌(18) - (490) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(19) - (491) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(20) - (492) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(21) - (493) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغِيبَةِ وَالرَّفَثِ لِلصَّائِمِ

- ‌(22) - (494) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السُّحُورِ

- ‌(23) - (495) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَأْخِيرِ السُّحُورِ

- ‌(24) - (496) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ

- ‌(25) - (497) - بَابُ مَا جَاءَ عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ

- ‌(26) - (498) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ وَالْخِيَارِ فِي الصَّوْمِ

- ‌(27) - (499) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ يُرِيدُ الصِّيَامَ

- ‌(28) - (500) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ

- ‌(29) - (501) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ

- ‌(30) - (502) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(31) - (503) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ دَاوُودَ عليه السلام

- ‌(32) - (504) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ نُوحٍ عليه السلام

- ‌(33) - (505) - بَابُ صيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوالٍ

- ‌(34) - (506) - بَابٌ: فِي صيَامِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(35) - (507) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(36) - (508) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى

- ‌(37) - (509) - بَابٌ: فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(38) - (510) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌(39) - (511) - بَابُ صِيَامِ الْعَشْرِ

- ‌(40) - (512) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌(41) - (513) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌(42) - (514) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌(43) - (515) - بَابُ صِيَامِ أَشْهُرِ ألْحُرُمِ

- ‌(44) - (516) - بَابٌ: فِي الصَّوْمِ زَكَاةُ الْجَسَدِ

- ‌(45) - (517) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌(46) - (518) - بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌(47) - (519) - بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صائِمٌ

- ‌(48) - (520) - بَابٌ: فِي الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ دَعَوْتُهُ

- ‌(49) - (521) - بَابٌ: فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ

- ‌(50) - (522) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ

- ‌(51) - (523) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صيَامٌ مِنْ نَذْرٍ

- ‌(52) - (524) - بَابٌ: فِيمَنْ أَسْلَمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(53) - (525) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(54) - (526) - بَابٌ: فِيمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ

- ‌(55) - (527) - بَابٌ: فِيمَنْ قَالَ: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ

- ‌(56) - (528) - بَابٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌(57) - (529) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(58) - (530) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاعْتِكَافِ

- ‌(59) - (531) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَبْتَدِئُ الاعْتِكَافَ وَقَضَاءِ الاعْتِكَافِ

- ‌(60) - (532) - بَابٌ: فِي اعْتِكَافِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ

- ‌(61) - (533) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَلْزَمُ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(62) - (534) - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي خَيْمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌(63) - (535) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ

- ‌(64) - (536) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُعْتَكِفِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُرَجِّلُهُ

- ‌(65) - (537) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَزُورُهُ أَهْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (538) - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

- ‌(67) - (539) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ الاعْتِكَافِ

- ‌(68) - (540) - بَابٌ: فِيمَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌(69) - (541) - بَابُ فَرْضِ الزَّكَاةِ

- ‌(70) - (542) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الزِّكَاةِ

- ‌(71) - (543) - بَابُ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ .. فَلَيْسَ بِكَنْزٍ

- ‌(72) - (544) - بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ

- ‌(73) - (545) - بَابُ مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا

- ‌(74) - (546) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(75) - (547) - بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا

- ‌(76) - (548) - بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

- ‌(77) - (549) - بَابُ صَدَقَةِ الْإِبِلِ

- ‌(78) - (550) - بَابُ إِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا دُونَ سِنٍّ أَوْ فَوْقَ سِنٍّ

- ‌(79) - (551) - بَابُ مَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْإِبِلِ

- ‌(80) - (552) - بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ

- ‌(81) - (553) - بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ

- ‌تتمة

- ‌(82) - (554) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عُمَّالِ الصَّدَقَةِ

- ‌(83) - (555) - بَابُ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ

- ‌(84) - (556) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(85) - (557) - بَابُ صَدَقَةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌(86) - (558) - بَابُ خَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ

- ‌(87) - (559) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخْرِجَ فِي الصَّدَقَةِ شَرَّ مَالِهِ

- ‌(88) - (560) - بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌تتمة

- ‌(89) - (561) - بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(90) - (562) - بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌(91) - (563) - بَابٌ: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا

- ‌(92) - (564) - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ

- ‌(93) - (565) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ

- ‌(94) - (566) - بَابُ مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً

- ‌(95) - (567) - بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ

- ‌(96) - (568) - بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ

الفصل: ‌(74) - (546) - باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال

(74) - (546) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

(156)

- 1765 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

===

(74)

- (546) - (باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال)

(156)

- 1765 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني الوليد بن كثير) المخزومي أبو محمد المدني ثم الكوفي، صدوق عارف بالمغازي، من السادسة، مات سنة إحدى وخمسين ومئة (151 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد) بن عبد الله (بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) الأنصاري أبي عبد الرحمن المدني، ثقة، من السادسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(خ س ق).

(عن يحيى بن عمارة) بن أبي حسن الأنصاري المدني، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).

(وعباد بن تميم) بن غزية الأنصاري المازني المدني، ثقة، من الثالثة، قيل: له رؤية. يروي عنه: (ع).

كلاهما رويا (عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

ص: 421

أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا صدَقَةَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْ سَاقٍ مِنَ التَّمْرِ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ".

===

(أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا صدقة) مفروضة (فيما دون خمسة أوساق من التمر) والزبيب والحبوب (ولا فيما دون خمس أواق) من الذهب والفضة (ولا فيما دون خمس من الإبل) قوله: "فيما دون خمسة أوساق": جمع وسق -بفتح الواو وكسرها- نظير عدل وأعدال، ورطل وأرطال، ويجمع على وسوق؛ كفلس وفلوس، وعلى أوسق؛ كفلس وأفلس، والوسق كما في "القاموس": ستون صاعًا، أو حمل بعير، سمي وسقًا؛ لجمعه الصيعان؛ لأنه من وسق؛ بمعنى: جمع، ومنه قوله تعالى:{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} (1)؛ أي: جمع وضم.

وقال الخطابي: والوسق: تمام حمل الدواب النقالة؛ وهو ستون صاعًا، وقال غيره: والصاع: أربعة أمداد، والمد: رطل وثلث بالعراقي، ويقال: بالبغدادي، والرطل العراقي: هو اثنا عشر أوقية، والأوقية هنا: هي زنة عشرة دراهم وثلثي درهم من دراهم الكيل، فمبلغ زنة الرطل من دراهم الكيل مئة درهم وثمانية وعشرون درهمًا.

والحديث حجة لأبي يوسف ومحمد في قولهما بعدم الوجوب حتى يبلغ خمسة أوسق، وتمسك الإمام أبو حنيفة في قوله بالوجوب في قليل ما يخرج من الأرض وكثيره بعموم قوله تعالى:{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (2)، وعموم ما يأتي من قوله صلى الله عليه وسلم:"فيما سقت الأنهار والغيم العشر، وفيما سقي بالسانية نصف العشر".

(1) سورة الانشقاق: (17).

(2)

سورة البقرة: (267).

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأول ما تمسكنا به من حديث الباب بأن المراد به: زكاة التجارة؛ لأن الناس كانوا يتبايعون بالأوسق، وقيمة الوسق: أربعون درهمًا؛ كما في "الفتح" وغيره، فيساوي خمسة أوسق مئتي درهم. انتهى من بعض الهوامش.

ولم يقع في الحديث بيان المكيل بالأوسق، لكن في رواية مسلم:"ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة"، وفي رواية له:"ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق"، ولفظ:(دون) في المواضع الثلاثة بمعنى: أقل، لا أنه نفي عن غير الخمس الصدقة؛ كما زعم بعض من لا يعتد بقوله، كذا في "الفتح". انتهى.

ومعنى: "ليس فيما دون" أي: في أقل من "خمسة أوسق صدقة" أي: زكاة، و (دون) في كل مواضعه من هذا الحديث بمعنى: أقل؛ أي: ليس في أقل من خمسة أوسق صدقة، لا أنه نفى الصدقة من غير الخمس مما زاد؛ كما زعم بعضهم في قوله:(ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) أنها بمعنى: غير.

وظاهر الحديث أنه إذا نقص من النصاب -ولو أقل ما ينطلق عليه اسم النقص- لم تجب فيه زكاة، وبه قال أبو حنيفة، وقال مالك: إذا كان النقصان يسيرًا .. لم تسقط الزكاة، واختلف أصحابه في مقدار اليسير: فمنهم من قال: ما لا يتشاح فيه في العادة، ومنهم من فسره بأنه المقدار الذي تختلف فيه المكاييل أو الموازين، وحكي عن عمر بن عبد العزيز أن نصاب الدراهم إن نقص ثلاثة دراهم، ونصاب الذهب إن نقص ثلث دينار .. لم تسقط الزكاة، والظاهر مع أبي حنيفة.

وقوله أيضًا: "ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة" احتج به الشافعي وأبو يوسف ومحمد والجمهور على أن ما أخرجته الأرض إذا بلغ خمسة أوسق ..

ص: 423

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تجب فيها الصدقة؛ وهي العشر، وليس فيما دون ذلك شيء، وقال أبو حنيفة: في كل ما أخرجته الأرض قليله وكثيره .. العشر، سواء سقي نضحًا أو سقته السماء إلا القصب الفارسي والحطب والحشيش.

قال النووي: وفي هذا الحديث فائدتان؛ إحداهما: وجوب الزكاة في هذه المحدودات، والثانية: أنه لا زكاة فيما دون ذلك، ولا خلاف بين المسلمين في هاتين إلا ما قال أبو حنيفة وبعض السلف: إنه تجب الزكاة في قليل الحب وكثيره، وهذا مذهب باطل منابذ لصريح الأحاديث الصحيحة. انتهى.

قال العيني: وهذه عبارة سمجة؛ فلا يليق التلفظ بها في حق إمام متقدم علمًا وفضلًا وزهدًا وقربًا إلى الصحابة والتابعين. انتهى من "فتح الملهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، باب زكاة الورق، باب ليس فيما دون خمس ذود صدقة، باب ليس فيما دون خمس أواق صدقة، ومسلم في كتاب الزكاة، وأبو داوود في كتاب الزكاة، باب ما تجب فيه الزكاة، والترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في صدقة الزرع والثمر والحبوب، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الإبل، باب زكاة الورق، باب القدر الذي تجب فيه الصدقة، والدارقطني في كتاب الزكاة، باب وجوب زكاة الذهب والورق، ومالك في كتاب الزكاة، والدارمي في كتاب الزكاة.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي سعيد بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 424

(157)

- 1766 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ صَدَقَةٌ".

===

(157)

- 1766 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئة. يروي عنه:(ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن مسلم) بن سوسن الطائفي، وقيل: بن سوس، يعد في المكيين، صدوق يخطئ من حفظه، من الثامنة، مات قبل التسعين ومئة (190 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن عمرو بن دينار) الجمحي مولاهم المكي.

(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) جابر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس ذود) أي: إبل (صدقة) أي: زكاة (وليس فيما دون خمس أواق) جمع أوقية؛ وهي أربعون درهمًا (صدقة) أي: زكاة (وليس فيما دون خمسة أوساق) جمع وسق؛ وهو ستون صاعًا، وجملتها: ثلاث مئة صاع (صدقة) أي: زكاة، قوله:"ولا فيما دون خمس ذود صدقة" والذود -بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة-: الإبل، قال القرطبي: والرواية المشهورة فيه على الإضافة، ومنهم من يرويه بالتنوين على الإبدال، والصحيح في الرواية: إسقاط الهاء من خمس على

ص: 425

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

التأنيث، وأثبتها بعضهم على التذكير، وهذا على الخلاف في الذود هل يطلق على الإناث أو على الذكور؟ على ما يأتي.

وأصل وضع الذود: إنما هو مصدر من ذاد يذود؛ إذا دفع شيئًا، فكأن من كان عنده دفع عن نفسه معرة الفقر، أو شدة الفاقة والحاجة، واختلف اللغويون في معناه: فقال أبو عبيد: هو ما بين الثنتين إلى التسع من الإناث دون الذكور، ونحوه عن سيبويه في التأنيث.

وقال الأصمعي: الذود: ما بين الثلاث إلى العشر، والضبة: خمس أو ست، والصرمة: ما بين العشر إلى العشرين، والفكرة: ما بين العشرين إلى الثلاثين، والهجمة: ما بين الستين إلى السبعين، والهنيدة: مئة، والخطر: نحو المئتين، والعرج: من خمس مئة إلى الألف.

وقال غيره: وهند غير مصغر: مئتان، وأمامة: ثلاث مئة. انتهى من "المفهم"، قال العيني: وفيه بيان أقل الإبل التي تجب فيها الزكاة؛ فبين أنه لا تجب الزكاة في أقل من خمس ذود من الإبل، فإذا بلغت خمسًا سائمات، وحال عليها الحول .. ففيها شاة، وهذا بالإجماع وليس فيه خلاف. انتهى.

قال الشيخ الدهلوي: وإنما قدر من الإبل خمس ذود، وجعل زكاته شاةً، وإن كان الأصل ألا تؤخذ الزكاة إلا من جنس المال، وأن يجعل النصاب عددًا له بال؛ لأن الإبل أعظم المواشي جثة، وأكثرها فائدة؛ يمكن أن تذبح وتركب وتحلب، ويطلب منها النسل، ويستدفأ بأوبارها وجلودها، وكان بعضهم يقتني نجائب قليلة يكفي كفاية الصرمة؛ وهي من عشرة إلى عشرين، وكان البعير في ذلك الزمان يسوى بعشر شياه، وبثمان شياه، واثنتي عشرة شاة؛ كما ورد في كثير من الأحاديث أنه جعل خمس ذود في حكم أدنى نصاب من الغنم، وجعل فيها شاةً. انتهى من "فتح الملهم".

ص: 426

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: (ولا فيما دون خمس أواق صدقة) أي: زكاة، زاد مالك:(من الورق)، ولفظ: أواق؛ كجوار بالتنوين وبإثبات التحتانية مشددًا ومخففًا؛ جمع أوقية -بضم الهمزة وتشديد التحتانية- وحكى بعضهم: وقية- بحذف الألف وفتح الواو- وهي هنا بالاتفاق: أربعون درهمًا؛ كما في "المصباح"، والمراد بالدرهم: الخالص من الفضة، سواء مضروبًا أو غير مضروب.

قال القاضي عياض: قال أبو عبيد: إن الدرهم لم يكن معلوم القدر حتى جاء عبد الملك بن مروان، فجمع العلماء، فجعلوا كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، وهذا يلزم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أحال نصاب الزكاة على أمر مجهول، وهو مشكل، والمعنى: أن معنى ما نقل من ذلك: أنه لم يكن شيء منها من ضرب الإسلام، وكانت مختلفة الوزن بالنسبة إلى العدد؛ فعشرة مثلًا وزن عشرة، وعشرة وزن ثمانية، فاتفق الرأي على أن ينقش بكتابة عربية، ويصير وزنها وزنًا واحدًا.

وقال غيره: لم يتغير المثقال في جاهلية ولا إسلام، وأما الدرهم .. فأجمعوا على أن كل سبعة مثاقيل عشرة دراهم. كذا في "الفتح"، وقال الشيخ بدر الدين: وحدد الشرع نصاب كل جنس بما يحتمل المواساة؛ فنصاب الفضة: خمس أواق؛ وهو مئتا درهم بنص الحديث والإجماع، وأما الذهب .. فعشرون مثقالًا، والمعول عليه فيه الإجماع إلا ما روي عن الحسن البصري والزهري، وسيأتي الكلام فيه مبسوطًا، إن شاء الله تعالى. انتهى "فتح الملهم".

قال القرطبي: قال أبو عبيد: والأوقية: هي اسم لوزن مبلغه أربعون درهمًا كيلًا، ودرهم الكيل زنته خمسون حبةً وخمسا حبة، وسمي درهم الكيل؛ لأنه بتكييل عبد الملك بن مروان؛ أي: بتقديره وتحقيقه؛ وذلك أن الدراهم التي

ص: 427

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كان الناس يتعاملون بها على وجه الدهر .. نوعان؛ نوع عليه نقش فارس، ونوع عليه نقش روم، إِحْدى النوعَينِ يقال لها: البغليةُ؛ وهي السود، الدرهم منها ثمانية دوانق، والأخرى يقال لها: الطبرية: نسبة إلى طبرستان؛ وهي العتق، الدرهم منها أربعة دوانق، فجاء الإسلام وهي كذلك، فكان الناس يتعاملون بها مجموعةً على الشطر من هذه والشطر من هذه لدى الإطلاق ما لم يعينوا بالنص أحد النوعين، وكذلك كانوا يؤدون الزكاة في أول الإسلام، باعتبار مئة من هذه، ومئة من هذه في النصاب، ذكر هذا أبو عبيد وغيره.

فلما كان عبد الملك بن مروان .. تحَرَّجَ من نقوشها، فضرب الدرهم بنقش الإسلام بعد أن تحرى معاملتهم الإطلاقية، فجمع بين درهم بغلي من ثمانية دوانق، وبين درهم طبري من أربعة دوانق، فكان اثني عشر دانقًا، فقسمها نصفين، فضرب الدرهم من نصفها، وهي ستة دوانق، والدانق ثمان حبات وثلث حبة وثلث خمس حبة من الشعير. واتفق المسلمون على اعتبار درهم الكيل المذكور؛ لموافقته ما كان معتبرًا من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن ضربت، وأن نصاب الزكاة منها مئتا درهم من دراهم الكيل؛ وهي الخمسة الأواقي المذكورة في الحديث، ولم يخالفه في ذلك إلا من زعم أن أهل كل بلد يعتبرون النصاب بما يجري عندهم من الدراهم صغرت أو كبرت، وهو مذهب ابن حبيب الأندلسي.

والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم:"الوزن على وزن أهل مكة"، رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو حديث صحيح، وقد تقدم أن هذا المقدار المذكور هو الذي كان على وزن أهل مكة في عصر

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

النبي صلى الله عليه وسلم، وأما دينار الذهب .. فهو أربعة وعشرون قيراطًا، والقيراط ثلاث حبات من وسط الشعير، فمجموعه اثنان وسبعون حبة، وهو مجمع عليه، ولم يجر في هذا الحديث ذكر لنصاب الذهب، ولا وقع في "الصحيحين"، ولا ما يدل على اشتراط الحول في الزكاة.

وقد ذكر أبو داوود ما يدل عليهما، فروى بإسناد صحيح إلى أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا كانت مئتا درهم، وحال عليها الحول .. ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء -يعني: في الذهب- حتى يكون لك عشرون دينارًا، فإذا كان لك عشرون دينارًا، وحال عليها الحول .. ففيها نصف دينار، فما زاد .. فبحساب ذلك -ولا أدري أعلي يقول: بحساب ذلك، أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ - وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول" رواه أبو داوود برقم (1573).

قلت: هذا الحديث غاية ما قيل فيه: إن جرير بن حازم رواه عن أبي إسحاق، وقرن فيه بين عاصم بن ضمرة -وهو ثقة- وبين الحارث الأعور -وهو كذاب- ورواه جماعة من الأئمة عن أبي إسحاق عن عاصم موقوفًا، وسمعه عنه من الحارث في هذا الحديث مسندًا، ولذلك فرق بينهما، وكان الإسناد متلقىً عن الحارث، وهذا لا ينبغي أن يرد الخبر له؛ لأنه وهم وظن غير محقق، بل هو مردود؛ لأن المعتمد ثقة جرير وأمانته، وقد أخبر أنه سمعه منهما في مساق واحد، وظاهره أنه تلقاه عن كل واحد منهما على نحو ما تلقاه عن الآخر، فيعتمد على رواية الثقة، وتلغى رواية غيره، ولا يضر وقف من وقفه إذا كان الذي رفعه ثقة.

ص: 429

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال القاضي عياض: فأما نصاب الذهب .. فهو عشرون دينارًا، والمعول في تحديده على الإجماع، وقد حكي فيه خلاف شاذ، وورد فيه أيضًا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: وأما نصاب الغنم .. فلم يخرج في كتاب مسلم من ذلك شيء، وقد خرج البخاري فيه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق، وأما نصاب البقر .. فلم يقع في "الصحيحين" شيء من ذلك، وقد روى في ذلك النسائي عن مسروق عن معاذ بن جبل قال: لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن .. أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعةً، ومن كل أربعين مسنة، وعن كل حالم دينارًا، أو عدله معافر، والمعافر: برود؛ أي: ملابس يمنية منسوبة إلى معافر؛ وهي قبيلة باليمن، غير أنه منقطع لم يلق مسروق معاذًا، وقد خرجه الترمذي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع أبو عبيدة من أبيه، ورواه مالك عن طاووس عن معاذ من فعله موقوفًا، وطاووس لم يدرك معاذًا.

وأحسن ما في الباب ما أخرجه الدارقطني عن الشعبي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في كل أربعين من البقر مسنة، وفي كل ثلاثين تبيع أو تبيعة" رواه الدارقطني (2/ 103)، ورواه الطبراني في "الكبير" من حديث ابن عباس (10974) قال أبو محمد بن حزم: وقد صح الإجماع المتيقن المقطوع به الذي لا اختلاف فيه أن في كل خمسين بقرة بقرة، فوجب الأخذ بهذا، وما دون ذلك .. فمختلف فيه، ولا نص في إيجابه.

قلت: وحديثا جابر وأبي سعيد المذكوران في "مسلم" وغيره يدلان على أن ما نقص عن هذه النصب ليس فيه زكاة، ولا خلاف في ذلك إلا ما ذهب

ص: 430

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إليه أبو حنيفة وبعض السلف؛ من أن الحب تخرج الزكاة من قليله وكثيره، والحديثان حجة عليهم، وقال داوود: كل ما يدخله الكيل .. فتراعى فيه الخمسة الأوسق، وما عداه مما لا يوسق .. ففي قليله وكثيره الزكاة.

قال القاضي عياض: وأجمعوا على أن في عشرين دينارًا الزكاة، ولا تجب في أقل منها، إلا ما روي عن الحسن والزهري مما لم يتابعا عليه أن لا صدقة في أقل من أربعين دينارًا، والأشهر منهما ما روي عن الجماعة وروي عن بعض السلف أن الذهب إذا كانت قيمته مئتي درهم .. فيه الزكاة، فإن نقصت عن ذلك .. فلا شيء فيه، واتفقوا على أن ما زاد من الحب على خمسة أوسق .. أن الزكاة في قليله وكثيره، ولا وقص فيه، واتفقوا على أن الأوقاص في المواشي.

واختلفوا في الذهب والفضة: فذهب مالك وبعض السلف والجمهور إلى أن لا وقص فيهما، وذهب أبو حنيفة وبعض الجماعة إلى أنه لا شيء فيما زاد على المئتي درهم حتى تبلغ أربعين، ولا العشرين دينارًا حتى تبلغ أربعة دنانير، فإذا زادت على ذلك .. ففي كل أربعين درهمًا درهم، وفي كل أربعة دنانير درهم، ومعتمدهم في هذا حديث ضعيف لا أصل له، ومالك وجمهور علماء الأمصار يرون ضم الذهب والفضة على اختلاف بينهم؛ فمالك وجماعة يراعون الوزن والضم على الأجزاء لا على القيم، وينزلون كل دينار منزلة عشرة دراهم على الصرف القديم، وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري يرون ضمها على القيمة في وقت الزكاة، وقال الشافعي وداوود وأبو ثور وأحمد: لا يضم منهما شيء إلى شيء، ويراعى نصاب كل واحد منهما بنفسه، وذهب آخرون، إلى أنه إنما يضم إذا كمل من أحدهما نصاب فيضم الآخر، ويزكى الجميع. انتهى من "المفهم".

ص: 431

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الخطابي: وقد يستدل بهذا الحديث من يرى أن الصدقة لا تجب في شيء من الخضروات؛ لأنه يزعم أنها لا توسق، ودليل الخبر أن الزكاة إنما تجب فيما يوسق ويكال من الحبوب والثمار، دون ما لا يكال من الفواكه والخضروات ونحوها، وعليه عامة أهل العلم. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، باب ما أدى زكاته .. فليس بكنز، وفي غيره، ومسلم في كتاب الزكاة، وأبو داوود في كتاب الزكاة، باب ما تجب فيه الزكاة، والترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في صدقة الزرع والثمر، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الإبل، والدارمي ومالك.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 432