الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(37) - (509) - بَابٌ: فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
(86)
- 1695 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا بِيَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمِ بَعْدَهُ.
===
(37)
- (509) - (باب: في صيام يوم الجمعة)
(86)
- 1695 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضَّرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(وحفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي قاضيها، ثقة فقيه تغير حفظه قليلًا بعدما استقضي، من الثامنة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
كلاهما رويا (عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي صالح) ذكوان السمان القيسي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي تنزيه (عن صوم يوم الجمعة) أي: عن تخصيصه بصيام من بين الأيام (إلا) أن يصله (بـ) صوم (يوم قبله أو) يصله بصوم (يوم بعده) لما فيه من التشبه باليهود،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
بظاهر هذا الحديث قاله الشافعي وجماعة، وأما مالك .. فقال في "موطئه": لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه، قيل: إنه محمد بن المنكدر، قال الداوودي: لم يبلغ مالكًا هذا الحديث، ولو بلغه لم يخالفه، قلت: ومقصود هذا الحديث: ألا يختص بصوم يعتقد وجوبه، أو لئلا يلتزم الناس من تعظيمه ما التزمته اليهود في سبتهم؛ من تركهم الأعمال كلها يعظمونه بذلك. انتهى من "المفهم".
قال النووي: والحكمة في النهي عن صوم يوم الجمعة .. أن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة؛ من الغسل، والتبكير إلى الصلاة وانتظارها، واستماع الخطبة، وإكثار الذكر بعدها؛ لقول الله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} (1)، وغير ذلك من العبادات في يومها، فاستحب الفطر فيه، فيكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط وَانْشِرَاحِ صدر والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة، وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة؛ فإن السنة له الفطر؛ كما سبق تقريره لهذه الحكمة.
فإن قيل: لو كان كذلك .. لم يزل النهي والكراهة بصوم قبله أو بعده؛ لبقاء المعنى.
فالجواب: أنه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه، فهذا هو المعتمد في الحكمة في النهي عن إفراد الجمعة بصوم، وقيل: سببه خوف المبالغة في تعظيمه بحيث يفتتن به؛ كما افتتن قوم بالسبت، وهذا ضعيف
(1) سورة الجمعة: (10).
(87)
- 1696 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ
===
منتقض بصلاة الجمعة وغيرها مما هو مشهور من وظائف يوم الجمعة وتعظيمه، وقيل: سبب النهي لئلا يعتقد وجوبه، وهذا ضعيف أيضًا منتقض بيوم الاثنين؛ فإنه يندب صومه ولا يلتفت إلى هذا الاحتمال البعيد، وبيوم عرفة ويوم عاشوراء، وغير ذلك، فالصواب ما قدمناه، والله أعلم. انتهى منه.
وشارك المؤلف في هذا الحديث: البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة، ومسلم وأبو داوود في كتاب الصوم، والترمذي في كتاب الصوم، باب كراهية صوم يوم الجمعة وحده.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(87)
- 1696 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة العبدري الحجبي المكي، ثقة، من الخامسة. يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عباد بن جعفر) بن رفاعة بن أميَّة بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي المكي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).
قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَأَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ: أَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ.
(88)
-1697 - (3) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ،
===
(قال) محمد: (سألت جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
أي: سألته (وأنا) أي: والحال أني (أطوف بالبيت) الحرام، فقلت في سؤاله:(أنهى) أي: هل نهى (النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة) بخصوصه؟ فـ (قال) جابر: (نعم) نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إفراده بالصوم (ورب هذا البيت) أي: أقسمت لك برب هذا البيت الشريف؛ أي: أقسمت لك به على ما أخبرتك.
وفي الحديث جواز الحلف من غير استحلاف؛ لتأكيد الأمر، وإضافة الربوبية إلى المخلوقات المعظمة؛ تنويهًا بتعظيمها. انتهى "فتح الملهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة، ومسلم في كتاب الصيام، باب كراهية صوم يوم الجمعة، والدارمي.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(88)
-1697 - (3)(حدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج
أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُودَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَلَّمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
===
أبو يعقوب التميمي المروزي، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة إحدى وخمسين ومئتين (251 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).
(أنبأنا أبو داوود) الطيالسي سليمان بن داوود بن الجارود البصري، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي أبو معاوية البصري، ثقة، صاحب كتاب نسبة إلى نحوة؛ بطن من الأزد لا إلى علم النحو، من السابعة، مات سنة أربع وستين ومئة (164 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عاصم) بن بهدلة؛ وهو ابن أبي النجود الأسدي مولاهم أبي بكر المقرئ، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن زر) بن حبيش بن حباشة -بضم المهملة- الأسدي الكوفي أبي مريم، ثقة فاضل مخضرم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وثمانين (83 هـ)، وهو ابن مئة وسبع وعشرين سنة. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن عاصم بن بهدلة مختلف فيه.
(قال) عبد الله: (قلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم الجمعة) أي: قل رؤيتي رسول الله صلى الله عليه وسلم مفطرًا يوم الجمعة، قال المظهر: تأويله: أنه كان يصومه منضمًا إلى ما قبله أو إلى ما بعده، أو أنه مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ كالوصال. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: وجه تأويله: أنه قد ثبت النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام، وقد ذهب الجمهور إلى كراهته، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنه لا كراهة فيه، واستدل لهما بهذا الحديث، قال الحافظ في "فتح الباري": واستدل الحنفية بحديث ابن مسعود؛ يعني: الذي ذكره الترمذي وابن ماجه في هذا الباب، وليس فيه حجة؛ لأنه يحتمل أن يريد: كان لا يتعمد فطره إذا وقع في الأيام التي كان يصومها، ولا يضاد ذلك كراهة إفراده بالصوم؛ جمعًا بين الحديثين. انتهى كلام الحافظ.
قال العيني: فإن قلت: يعارض هذه الأحاديث -يعني: الأحاديث التي تدل على كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم- ما رواه الترمذي من حديث عبد الله -يعني: الحديث الذي ذكره الترمذي وابن ماجه في هذا الباب- قلت: لا نسلم هذه المعارضة؛ لأنه لا دلالة فيه على أنه صلى الله عليه وسلم صام يوم الجمعة وحده، فنهيه صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث يدل على أن صومه يوم الجمعة لم يكن في يوم الجمعة وحده، بل إنما كان بيوم قبله أو بيوم بعده؛ وذلك لأنه لا يجوز أن يحمل فعله على مخالفة أمره إلا بنص صحيح صريح، فحينئذ يكون نسخًا أو تخصيصًا، وكل واحد منهما منتفٍ. انتهى كلام العيني ملخصًا. انتهى من "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الجمعة، وقال: حديث عبد الله حديث حسن، وأخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحمد بن حنبل، وصححه ابن حبان وابن عبد البر وابن حزم، كذا في "عمدة القاري".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لحسن سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والآخران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم