الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(93) - (565) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ
(199)
- 1808 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَوْدِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ فَيَأْتِيَ الْجَبَلَ
===
(93)
- (565) - (باب كراهية المسألة)
(199)
-1808 - (1)(حدثنا علي بن محمَّد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).
(وعمرو بن عبد الله) بن حنش -بفتح المهملة والنون بعدها معجمة- ويقال: ابن محمَّد بن حنش (الأودي) ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(ق).
(قالا) أي: قال كل منهما: (حدثنا وكيع) بن الجراح.
(عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير.
(عن جده) زبير بن العوام رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأنَّ رجاله ثقات أثبات.
(قال) زبير بن العوام: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأنَّ يأخذ أحدكم) أيها المؤمنون، قال السندي: بفتح اللام، والكلام من قبيل:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (1). انتهى، والفعل في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء مقرون بلام الابتداء أو القسم؛ أي: لأخذ أحدكم (أحبله) جمع حبل؛ وهو ما يربط به الحطب بعضه إلى بعض (فيأتي الجبل) أي: المحتطب جبلًا كان
(1) سورة البقرة: (184).
فَيَجِيءَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَسْتَغْنِيَ بِثَمَنِهَا. . خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ".
===
أم لا، فيحتطب (فيجيء بحزمة حطب) أي: بمجموعة من الحطب، حالة كونه حاملًا إياها (على ظهره، فـ) يأتي بها السوق و (يبيعها) أي: يبيع تلك الحزمة للناس (فيستغني بثمنها) عن مسألة الناس. . (خير له) أي: لأحدكم، وهو خبر المبتدإ المؤول من الفعل (من أن يسأل الناس) سواء (أعطوه) مسؤوله (أو منعوه) ذلك المسؤول؛ يعني: يستوي الأمران في أنَّه خير له منه، والمراد: أن ما يلحق الإنسان بالاحتزام من الحطب الدنيوي. . خير له مما يلحقه بالسؤال من التعب الأخروي، فعند الحاجة ينبغي له أن يختار الأوّل ويترك الثاني. انتهى "سندي".
ففي الحديث الحث على التعفف عن المسألة، أو التنزه عنها، ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق، وارتكب المشقة في ذلك، ولولا قبح المسألة في نظر الشرع. . لم يفضل ذلك عليها، وذلك لما يدخل على السائل من ذم السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط، ولما يدخل على المسؤول من الضيق في ماله إن أعطى كل سائل.
وأما قوله: "خير له". . فليست المفاضلة على بابها؛ إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب، ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه: بحسب اعتقاد السائل وتسميته الذي يعطاه خيرًا، وهو في الحقيقة شر له، والله أعلم.
وقال السندي: قوله: "خير من أن يسأل رجلًا" أي: لو فرض في السؤال خير. . لكان هذا خيرًا منه، وإلا. . فمعلوم أنَّه لا خيرية في السؤال. انتهى.
وقال الحافظ: ومن المواضع التي وقع فيها التردد من لا شيء له، فالأولى في حقه أن يكتسب للصون عن ذل السؤال، أو يترك وينتظر ما يفتح عليه بغير
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مسألة؛ فصح عن أحمد مع ما اشتهر من زهده وورعه أنَّه قال لمن سأله عن ذلك: الزم السوق، وقال لآخر: استغن عن الناس؛ فلم أر مثل الغنى عنهم، وقال: ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله، وأن يُعَودُوا أنفسَهم التكسب، ومن قال بترك التكسب. . فهو أحمق يريد تعطيل الدنيا. نقله عنه أبو بكر المروزي، وقال: أجرة التعليم والتعلم أحب إليَّ من الجلوس لانتظار ما في أيدي الناس، وقال أيضًا: من جلس ولم يحترف. . دعته نفسه إلى ما في أيدي الناس، وأُسند عن عمر رضي الله تعالى عنه: كسب فيه بعض الشيء. . خير من الحاجة إلى الناس، وأُسند عن سعيد بن المسيّب أنَّه قال عند موته وترك مالًا: اللهم؛ إنك تعلم أني لم أجمعه إلا لأصون به ديني، وعن سفيان الثوري وعن أبي سليمان الداراني ونحوهما من السلف نحوه، بل نقله البَرْبَهَارِيُّ عن الصحابة والتابعين، وأنه لا يحفظ عن أحد منهم أنَّه ترك تعاطي الرزق مقتصرًا على ما يفتح عليه. انتهى "فتح الملهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، باب الاستعفاف في المسألة، ومسلم في كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس عن أبي هريرة، والنسائيُّ بنحوه في كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة، ومالك في "الموطأ"، وأحمد بن حنبل.
فدرجته: أنَّه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
ثمَّ استشهد المؤلف لحديث الزبير بحديث ثوبان رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(200)
- 1809 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَتَقَبَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ
===
(200)
- 1809 - (2)(حدثنا علي بن محمَّد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن) محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) القرشي العامري أبي الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة ثمان، وقيل: سنة تسع وخمسين ومئة (158 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن محمَّد بن قيس) المدني القاص، ثقة، من السادسة، وحديثه عن الصحابة مرسل. يروي عنه:(م ت س ق).
(عن عبد الرحمن بن يزيد) بن معاوية بن أبي سفيان، صدوق، من الثالثة، أرسل حديثًا، مات على رأس المئة. يروي عنه:(س ق).
(عن ثوبان) بن بجدد الهاشمي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله تعالى عنه، صحبه ولازمه، ونزل بعده الشام، ومات بحمص سنة أربع وخمسين (54 هـ). يروي عنه:(م عم).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأنَّ رجاله ثقات أثبات.
(قال) ثوبان: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يتقبل لي) من استفهامية؛ أي: أيكم يتضمن لي (بـ) خصلة (واحدة) وهي: حفظ نفسه
أَتَقَبَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟ "، قُلْتُ: أَنَا، قَالَ: "لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا"، قَالَ: فَكَانَ ثَوْبَانُ يَقَعُ سَوْطُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ فَلَا يَقُولُ لِأَحَدٍ: نَاوِلْنِيهِ حَتَّى يَنْزِلَ فَيَأْخُذَهُ.
===
عن سؤال الناس (أتقبل له) أي: أضمن له (بالجنة) قال ثوبان: (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا) أتقبل منك بتلك الخصلة الواحدة، وما هي يا رسول الله؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي أن (لا تسأل الناس شيئًا) من أموالهم، قليلًا ولا كثيرًا.
(قال) عبد الرحمن بن يزيد: (فكان ثوبان) رضي الله تعالى عنه دائمًا (يقع سوطه) أي: يسقط سوطه من يده على الأرض (وهو) أي: والحال أنَّه (راكب) على الدابة (فلا يقول لأحد) عنده: (ناولنيه) أي: خذ لي هذا السوط من الأرض وأعطنيه (حتى ينزل) من الدابة (فيأخذه) بيده من الأرض، فضلًا من سؤال الناس أموالهم؛ مبالغةً في وفاء ذلك العهد الذي عاهد عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب الزكاة، باب فضل من لا يسأل الناس شيئًا، وأحمد في "المسند".
ودرجته: أنَّه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث الزبير بن العوام.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأوّل للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم