الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ابن الزبير، أخرجه عبد الرزاق، وفيه:(مدان من قمح)، وعن ابن عباس وجابر وابن مسعود نحوه، وعن أبي هريرة نحوه، أخرجه عبد الرزاق أيضًا. انتهى.
وقال في "فتح الباري": قال ابن المنذر: لا نعلم في القمح خبرًا ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة في ذلك الوقت إلا الشيء اليسير، فلما كثر في زمن الصحابة .. رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير، وهم الأئمة، فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم، ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة أنهم رأوا أن في زكاة الفطر نصف صاع من قمح. انتهى.
واستدل لمن قال: بنصف صاع من البر بأحاديث كلها ضعيفة، ذكر الترمذي بعضًا منها، وأشار إلى بعضها، قال الشوكاني في "النيل": ويمكن أن يقال: إن البر على تسليم دخوله تحت لفظ الطعام مخصص بأحاديث نصف الصاع من البر، وهذه الأحاديث بمجموعها تنتهض للتخصيص. انتهى محصلًا. انتهى من "التحفة".
تنبيه
اعلم: أن الصاع صاعان: حجازي، وعراقي.
فالصاع الحجازي: خمسة أرطال وثلث رطل، والعراقي: ثمانية أرطال، وإنما يقال له: العراقي؛ لأنه كان مستعملًا في بلاد العراق؛ مثل الكوفة وغيرها، وهو الذي يقال له: الصاع الحجاجي؛ لأنه أبرزه الحجاج الوالي.
وأما الصاع الحجازي .. فكان مستعملًا في بلاد الحجاز، وهو الصاع الذي
(189)
- 1798 - (2) حَدَّثَثَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ،
===
كان مستعملًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وبه كانوا يخرجون صدقة الفطر في عهده صلى الله عليه وسلم، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف والجمهور، وهو الحق، وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى بالصاع العراقي، فكان أبو يوسف يقول بقوله، فلما دخل المدينة وناظر الإمام مالكًا .. رجع عن قوله، وقال بقول الجمهور. انتهى من "التحفة".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، باب فرض صدقة الفطر وفي غيره، ومسلم في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، وأبو داوود في كتاب الزكاة، باب كم يؤدى في صدقة الفطر؟ والترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في صدقة الفطر، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الزكاة، باب فرض زكاة رمضان، ومالك، والدارمي، وأحمد.
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر الأول بحديث آخر له رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(189)
-1798 - (2)(حدثنا حفص بن عمر) بن عبد العزيز أبو عمر الدوري المقرئ الضرير الأصغر صاحب الكسائي، لا بأس به، من العاشرة، مات سنة ست أو ثمان وأربعين ومئتين (248 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان العنبري مولاهم البصري، ثقة
حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
===
ثبت حافظ، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا مالك بن أنس) الإمام في الفروع الأصبحي المدني، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) ابن عمر: (فرض) وأوجب (رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين).
قوله: (فرض) أي: أوجب، والحديث من أخبار الآحاد، فمؤداه الظن، فلذلك قال بوجوبه دون افتراضه من خص الفرض بالقطع والواجب بالظن.
قال ابن عبد البر: قوله: (فرض) يحتمل وجهين؛ أحدهما -وهو الأظهر-: فرض بمعنى: أوجب، والآخر بمعنى: قدر؛ كما تقول: فرض القاضي نفقة اليتيم؛ أي: قدرها، والذي أذهب إليه ألا يزال قوله:(فرض) عن معنى الإيجاب، إلا بدليل الإجماع، وذلك معدوم؛ فإن القول بأنها غير واجبة شاذ أو في معنى الشاذ؛ كما مر عن "فتح الملهم".
قوله: (على كل حر وعبد) على هنا بمعنى: عن؛ كما في بعض الروايات؛ إذ لا وجوب على العبد والصغير؛ إذ لا مال للعبد ولا تكليف على الصغير، ثم يجب على الولي عند بعض، والولي نائب عنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الحافظ: ظاهره إخراج العبد عن نفسه، ولم يقل به أحد إلا داوود، فقال: يجب على السيد أن يمكن العبد من الاكتساب بها؛ كما يجب عليه أن يمكنه من الصلاة، وخالفه أصحابه والناس، واحتجوا بحديث أبي هريرة مرفوعًا:"ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر" أخرجه مسلم، ومقتضاه: أنها على السيد، قال الطيبي: جعل وجوب الفطرة على السيد كالوجوب على العبد.
قوله: (ذكر أو أنثى) قال في "الفتح": ظاهره وجوبها على المرأة، سواء كان لها زوج أم لا، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وابن المنذر، وقال مالك والشافعي والليث وأحمد وإسحاق: تجب على زوجها؛ إلحاقًا لها بالنفقة، وفيه نظر.
وقوله: (من المسلمين) صريح في أنها لا تخرج إلا عن مسلم، فلا يلزمه عن عبده الكافر وزوجته وولده ووالده الكفار، وإن وجبت عليه نفقتهم، وهذا مذهب مالك والشافعي وجماهير العلماء، وقال الكوفيون وإسحاق وبعض السلف: تجب عن العبد الكافر.
وقوله: (من المسلمين): قال الطيبي: صفة لحر وما بعده، أو حال منه؛ لوقوعه في معرض التفصيل، وأما قوله: صاعًا من كذا أو صاعًا من كذا .. ففيه دليل على أن الواجب في الفطرة عن كل نفس صاع. انتهى من "الكوكب".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، باب فرض صدقة الفطر، ومسلم في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، وأبو داوود في كتاب الزكاة، باب كم يؤدى في صدقة الفطر؟ والترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في صدقة الفطر، قال أبو عيسى: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الزكاة، باب فرض زكاة رمضان على المملوك، ومالك والدارمي والدارقطني.
(190)
- 1799 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّدَفِيِّ،
===
فهذا الحديث في أعلي درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عمر الأول بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(190)
- 1799 - (3)(حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان) البهراني الدمشقي، إمام الجامع المقرئ، صدوق متقدم في القراءة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(د ق).
(وأحمد بن الأزهر) بن منيع أبو الأزهر العبدي النيسابوري، صدوق كان يحفظ ثم كبر فكان كتابه أثبت من حفظه، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وستين ومئتين (263 هـ). يروي عنه:(س ق).
(قالا: حدثنا مروان بن محمد) بن حسان الأسدي الدمشقي الطاطري -بمهملتين مفتوحتين- ثقة، من التاسعة، مات سنة عشر ومئتين (210 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا أبو يزيد الخولاني) المصري، صدوق، من السابعة. يروي عنه:(د ق).
(عن سيار بن عبد الرحمن الصدفي) المصري، صدوق، من السادسة. يروي عنه:(د ق).
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِين، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ .. فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ .. فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ.
===
(عن عكرمة) أبي عبد الله مولى ابن عباس، ثقة ثبت عالم بالتفسير، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.
(قال) ابن عباس: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم) -بضم الطاء وسكون الهاء- أي: تطهيرًا للصائم؛ أي: لنفس من صام رمضان (من اللغو) أي: من الكلام الملغي الذي وقع منه في رمضان؛ وهو ما لا ينعقد عليه القلب؛ أي: لا يقصد القلب معناه، بل جرى على اللسان (و) طهرةً له من (الرفث) قال ابن الأثير: الرفث هنا: هو الفاحش من الكلام إذا لم يكن من الكبائر (وطعمةً) -بضم الطاء- وهو الطعام الذي يؤكل، وفيه دليل على أن الفطرة تصرف (للمساكين) دون غيرهم من مصارف الزكاة، أي: وإطعامًا للمساكين.
(فمن أداها) أي: دفعها (قبل الصلاة) أي: قبل صلاة العيد .. (فهي زكاة مقبولة) والمراد بالزكاة: صدقة الفطر؛ أي: مقبولة بكامل الأجر (ومن أداها) ودفعها (بعد الصلاة) أي: بعد صلاة العيد .. (فهي) أي: تلك الفطرة المدفوعة بعد الصلاة (صدقة من الصدقات) أي: صدقة كسائر الصدقات التي يتصدق بها في سائر الأوقات، وأمر القبول فيها موقوف على مشيئة الله تعالى، والظاهر أن من أخرج الفطرة بعد صلاة العيد .. كان كمن لم يخرجها؛
(191)
- 1800 - (4) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ،
===
باعتبار اشتراكهما في ترك هذه الصدقة الواجبة، وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط، وجزموا بأنها إلى اخر يوم العيد، والحديث يرد عليهم، وأما تأخيرها عن يوم العيد .. فقال ابن رسلان: إنه حرام بالاتفاق؛ لأنها زكاة، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم؛ كما في إخراج الصلاة عن وقتها.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، لصحة سنده؛ لأن رجاله ثقات، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر الأول.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن عمر الأول بحديث قيس بن سعد رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(191)
- 1800 - (4)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة ثبت، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سلمة بن كهيل) -مصغرًا- الحضرمي أبي يحيى الكوفي، ثقة
عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ .. لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ.
===
يتشيع، من الرابعة، مات سنة إحدى وعشرين ومئة (121 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن القاسم بن مخيمرة) -مصغرًا- أبي عروة الهمداني بالسكون الكوفي، نزيل الشام، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبي عمار) عريب -بفتح أوله وكسر الراء بعدها تحتانية ثم موحدة- ابن حميد الهمداني الدهني -بالضم ثم سكون الهاء ونون- كوفي ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(س ق).
(عن قيس بن سعد) بن عبادة الأنصاري الخزرجي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة ستين (60 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) قيس بن سعد: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معاشر الصحابة (بـ) إخراج (صدقة الفطر قبل أن تنزل) فريضة (الزكاة) في الأموال (فلما نزلت) فريضة (الزكاة) في الأموال .. (لم يأمرنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج زكاة الفطر (ولم ينهنا) عن إخراجها (ونحن نفعله) أي: والحال أنا نفعل إخراجها بعدما أمرنا بها أولًا، والظاهر أن المراد سقط الأمر به لا إلى النهي بل إلى الإباحة، والأمر في ذاته حسنة، ففعل الناس لذلك، وهذا بناء على عدم اعتبار بقاء الأمر السابق أمرًا جديدًا، أو اعتبار دفع ذلك
(192)
- 1801 - (5) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
===
البقاء دفع الأمر، فقيل له: لم يأمرنا، ولذلك استدل به من قال: إن وجوب زكاة الفطر منسوخ؛ وهو إبراهيم ابن علية، وأبو بكر بن كيسان الأصم، وأشهب من المالكية، وابن اللبان من الشافعية.
قال الحافظ ابن حجر: وتعقب بأن في إسناده راويًا مجهولًا، وعلى تقدير الصحة .. فلا دليل على النسخ؛ لاحتمال الاكتفاء بالأمر الأول؛ لأن نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر، ومنهم من أول الحديث الأول الدال على الافتراض، فحمل (فرض) على معنى: قدر، قال ابن دقيق العيد: وهو أصل في اللغة، لكنه نقل في عرف الشرع إلى الوجوب، والحمل عليه أولى، وبالجملة: فهذا الحديث يضعف كون الافتراض قطعيًا، ويؤيد القول بأنه ظني، وهذا هو مراد الحنفية بقولهم: إنه واجب. انتهى "سندي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب الزكاة، باب فرض صدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، وابن خزيمة في "صحيحه" في كتاب الزكاة، باب ذكر الدليل على أن الأمر بصدقة الفطر كان قبل فرض زكاة الأموال، وقال؛ إسناده صحيح، وأحمد بن حنبل.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول في الباب.
* * *
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث ابن عمر الأول بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم، فقال:
(192)
-1801 - (5)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ دَاوُودَ بْنِ قَيْسٍ الْفَرَّاء، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ
===
الكوفي، ثقة عابد، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا وكيع، عن داوود بن قيس الفراء) الدباغ أبي سليمان القرشي مولاهم المدني، ثقة فاضل، من الخامسة، مات في خلافة أبي جعفر. يروي عنه:(م عم).
(عن عياض بن عبد الله) بن سعد (بن أبي سرح) -بفتح المهملة وسكون الراء بعدها مهملة- القرشي العامري المكي، ثقة، من الثالثة، مات على رأس المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو سعيد: (كنا) معاشر الصحابة (نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعام) أي: حنطة؛ لأنه عام أريد به خاص للعرف فيه، وقوله:(صاعًا) بدل من زكاة الفطر؛ بدل تفصيل من مجمل، أو عطف بيان منه (صاعًا من تمر صاعًا من شعير صاعًا من أقط) والحديث حجة على من منع إخراج الفطرة من الأقط؛ وهو اللبن المحجر (صاعًا من زبيب).
قال أبو سعيد: (فلم نزل) نحن معاشر الصحابة نخرجها (كذلك) أي: صاعًا من أحد الأجناس المذكورة (حتى قدم) مارًا (علينا معاوية) بن
الْمَدِينَةَ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ: لَا أُرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ إِلَّا تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ هَذَا، فَأَخَذَ النَّاسُ بذَلِكَ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَدًا مَا عِشْتُ.
===
أبي سفيان من الشام (المدينة، فكان فيما كلم به) معاوية (الناس) في خطبته (أن قال) أي: قوله للناس: إني (لا أرى) -بضم الهمزة وفتحها- أي: لا أظن أو لا أعلم (مدين من سمراء الشام) أي: من حنطته (إلا تعدل) وتساوي في الإجزاء في الفطرة (صاعًا من هذا) التمر، يعني: أن نصف الصاع من الحنطة يساوي صاعًا من تمر في الإجزاء في الفطرة؛ كما أنه يساويه في القيمة وقتئذ (فأخذ الناس) أي: تمسك بعض الناس من الصحابة والتابعين (بذلك) الذي قاله معاوية برأيه بلا حجة عندهم، فأخرجوا في الفطرة نصف صاع من الحنطة.
(قال أبو سعيد) الخدري: فأما أنا بنفسي؛ كما في رواية مسلم .. (لا أزال أخرجه) أي: أخرج الصاع الكامل من أي قوت كان، سواء كان من حنطة أو غيرها (كما كنت أخرجه) أي: أخرج الصاع الكامل (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زمنه، وقوله: (أبدًا) ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان متعلق بلا أزال، وقوله:(ما عشت) ما مصدرية ظرفية، والظرف متعلق بأخرجه الأول، زاده تأكيدًا لأبدًا؛ أي: فلا أزال أبدًا أخرجه مدة معاشي؛ كما كنت أخرجه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبرأي معاوية هذا أخذ أبو حنيفة ومن وافقه، وأجيب عنه بأنه قال في أول الحديث:(صاعًا من طعام) وهو في الحجاز الحنطة، فهو صريح في أن الواجب منها صاع، وقد عدد الأقوات، فذكر أفضلها قوتًا عندهم؛ وهو البر، فالنظر إلى ذواتها لا قيمتها، ومعاوية إنما صرح بأنه رأيه، فلا يكون حجة على غيره. انتهى من "القسطلاني".
(193)
- 1802 - (6) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارٍ الْمُؤَذِّن، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر صاع من طعام، ومسلم في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، وأبو داوود في كتاب الزكاة، باب كم يؤدى في صدقة الفطر؟ والترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في صدقة الفطر، والنسائيُّ في كتاب الزكاة باب التمر في زكاة الفطر، والدارميُّ ومالك وأحمد.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
ثمَّ استشهد المؤلف خامسًا لحديث ابن عمر الأوّل بحديث عمر بن سعد رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(193)
- 1802 - (6)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي الخطيب، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار) بن سعد القرظ (المؤذن) المدني، ضعيف، من السابعة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا عمر بن حفص) بن عمر بن سَعْدِ القَرَظِ المدني المؤذن، فيه لين، من السابعة. يروي عنه:(ق).
(عن عمر بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم) أخي عمار، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(ق).
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ سُلْتٍ.
===
(عن أبيه) سعد بن عائذ، أو ابن عبد الرحمن مولى الأنصار، المعروف بسعد القرظ -بفتحتين- المؤذن بقباء الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، بقي إلى ولاية الحجاج على الحجاز؛ وذلك سنة أربع وسبعين (74 هـ). يروي عنه:(ق).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأنَّ عبد الرحمن بن سعد متفق على ضعفه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بـ) إخراج (صدقة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من سلت): وهو نوع من الشعير يشبه البر.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب الزكاة، باب مكيلة زكاة الفطر، ورواه الحاكم وابن خزيمة وعبد الرزاق وأحمد.
فدرجة هذا الحديث: أنَّه صحيح بما قبله، وسنده ضعيف جدًّا، وغرضه: الاستشهاد به، فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ستة أحاديث:
الأوّل منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم