الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(14) - (486) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ
(34)
- 1643 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ:"وَمَا أَهْلَكَكَ؟ "، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي
===
(14)
- (486) - (باب ما جاء في كفارة من أفطر يومًا من رمضان) بجماع
* * *
(34)
- 1643 - (1)) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثانية، مات سنة خمس ومئة (105 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل) من المسلمين؛ هو سلمة بن صخر البياضي، قاله عبد الغني بن سعيد المصري، وساق له شاهدًا، ولا أعرف اسم امرأته. انتهى من "تنبيه المعلم على مبهمات مسلم"، (فقال) ذلك الرجل:(هلكت) يا رسول الله؛ أي: وقعت في سبب الهلاك الأخروي، أو تعمدت ما يوجب هلاكي الأخروي، ويروى:(أهلكت) يريد: إهلاك زوجته؛ بتحصيله لها ذنبًا يوجب هلاكها أبدًا. انتهى من بعض هوامش "مسلم".
فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما أهلكك؟ ) أي: وما الأمر الذي أوقعك في الهلاك؟ (قال) الرجل: (وقعت على امرأتي) أي: جامعتها
فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَعْتِقْ رَقَبَةً"، قَالَ: لَا أَجِدُ، قَالَ:"صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" قَالَ: لَا أُطِيقُ، قَالَ:"أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا"، قَالَ: لَا أَجِدُ، قَالَ:"اجْلِسْ"،
===
(في) نهار (رمضان) ولم أر من ذكر اسم هذه المرأة من شراح الأمهات، (فقال) له (النبي صلى الله عليه وسلم: أعتق رقبةً) أي: حرر نفسًا مملوكة من بني آدم، قال الحافظ ابن حجر: واستدل بإطلاق (رقبة) على جواز إعتاق الرقبة الكافرة؛ كقول الحنفية، وهو يَبْتَنِي على أنَّ السبب إذا اختلف واتحد الحكم هل يقيد الحكم أو لا؟ وهل تقييده بالقياس أو لا؟ والأقرب أنه بالقياس، ويؤيده التقييد في مواضع أخرى. انتهى.
قال الأبي: وحمل المطلق على المقيد إذا اختلف الموجب؛ كالظهار مع القتل في الرقبة .. فالذي ينقله الأصوليون أن مذهب مالك وأكثر أصحابه عدم الحمل؛ كمذهب أبي حنيفة، والفطر في رمضان؛ كالظهار. انتهى "فتح".
(قال) الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أجد) رقبةً أعتقها ولا أستطيع عليها، فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم:(صم شهرين متتابعين) أي: متواليين لا مفرقين في أنفسهما، ولا مفرقًا أيامهما، (قال) الرجل:(لا أطيق) ولا أقدر صومهما كذلك، وفي رواية ابن إسحاق زيادة:(وهل لقيتُ ما لقيتُ إلا من الصيام؟ ! ) فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (أطعم ستين مسكينًا) لكل مسكين مدًا بدل صوم شهرين، وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: يجزئه أن يدفع طعام ستين مسكينًا إلي مسكين واحد، قالوا: والحديث حجة عليه؛ فلا يجزئ ذلك. (قال) الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أجد) أي: لا أقدر أن أطعم ستين مسكينًا، فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم:(اجلس) هنا
فَجَلَسَ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ .. إِذْ أُتِيَ بِمِكْتَلٍ يُدْعَى: الْعَرَقَ، فَقَالَ:"اذْهَبْ فَتَصَدَّقْ بِهِ"
===
حتى يأتيك الفرج، (فجلس) الرجل عند النبي صلى الله عليه وسلم (فبينما هو) أي: الرجل كائن (كذلك) أي: جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم .. (إذ أتي) النبي صلى الله عليه وسلم بالبناء للمجهول، وإذ بسكون الذال فجائية؛ كإذا؛ أي: فاجأ الرجل إتيان النبي صلى الله عليه وسلم (بمكتل) أي: بزنبيل (يدعى) أي: يسمى ذلك المكتل: (العرق) -بفتحتين- وهو مكيال يسع خمسة عشر صاعًا إلي عشرين، والعرق بفتح الراء لا غير؛ لأنه جمع عرقة؛ وهي الضفيرة من الخوص؛ وهو الزنبيل بكسر الزاي على رواية الطبري، وبفتح الزاي لغيره، وهما صحيحان، وسمي بذلك؛ لأنه يحمل فيه الزبل، ذكره ابن دريد.
قال في "النهاية": هو زنبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور .. فهو عرق، وهذا العرق تقديره عندهم خمسة عشر صاعًا، وهو مفسر في الحديث، وقد تقدم أن الصاع أربعة أمداد، فيكون مبلغ أمداد العرق ستين مدًّا، ولهذا قال الجمهور: إن مقدار ما يدفع لكل مسكين من الستين .. مد، وفيه حجة للجمهور على أبي حنيفة والثوري؛ حيث قالا: يجزئ أقل من نصف صاع لكل مسكين.
(فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم: خذ هذا العرق و (اذهب) به (فتصدق به) أي: بما فيه من التمر على المساكين؛ ليكون كفارة لجماعك، ولابن إسحاق:(فتصدق عن نفسك)، واستدل به على أن الكفارة عليه وحده دون الموطوءة؛ إذ لم يؤمر بها إلا هو، مع الحاجة إلى البيان، ولنقصان صومها بتعرضه للبطلان بعروض الحيض أو نحوه، فلم تكمل حرمته حتى تتعلق به
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ؛ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، قَالَ:"فَانْطَلِقْ فَأَطْعِمْهُ عِيَالَكَ".
===
الكفارة، ولأنها غُرْمٌ مالي يتعلَّق بالجماع، فيختص بالرجل الواطئ كالمهر، فلا يجب على المطوءة.
وقال المالكية: إذا وطئ أمته في نهار رمضان .. وجبت عليه كفارتان؛ إحداهما عن نفسه والأخرى عن الأمة وإن طاوعته؛ لأن مطاوعتها كالإكراه للرق، وكذلك يكفر عن الزوجة إن أكرهها على الجماع، وتكفيره عنها بطريق النيابة عنهما لا بطريق الأصالة، فلذلك لا يكفر عنهما إلا بما يجزئهما في التكفير، فيكفر عن الأمة بالإطعام لا بالعتق؛ إذ لا ولاء لها، ولا بالصوم؛ لأن الصوم لا يقبل النيابة، ويكفر عن الزوجة بالعتق أو الإطعام، فإن أعسر .. كفرت الزوجة عن نفسها، ورجعت عليه بما كفرت إذا أيسر بالأقل من قيمة الرقبة التي اعتقت أو مكيلة الطعام، وأوجبها الحنفية على المرأة المطاوعة؛ لأنها شاركت الرجل في الإفساد، فتشاركه في وجوب الكفارة؛ أي: سواء كانت زوجةً أو أمة، وقال الحنابلة: ولا يلزم المرأة مع العذر، قال المرداوي: نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وعنه: تكفر وترجع بها على الزوج، اختاره بعض الأصحاب، وهو الصواب. انتهى من "الإرشاد".
(قال) الرجل: (يا رسول الله؛ والذي بعثك بالحق؛ ما بين لابتيها) أي: ما بين لابتي المدينة؛ وهما الحرتان (أهل بيت أحوج إليه) أي: إلي هذا التمر (منا) أي: من أهل بيتي، فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: خذه (فانطلق) به (فأطعمه عيالك) أي: أهلك، أي: لا عن الكفارة، بل هو تمليك مطلق بالنسبة إليه وإلي عياله، وأخذهم إياه بصفة الفقر؛ وذلك لأنه لما عجز عن العتق لإعساره، وعن الصوم لضعفه، فلما حضر ما يتصدق به .. ذكر
(34)
-1643 - (م) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ،
===
أنه وعياله محتاجون إليه، فتصدق به صلى الله عليه وسلم عليه، وكان من مال الصدقة، وصارت الكفارة في ذمته، وليس استقرارها في ذمته مأخوذًا من هذا الحديث، وأما حديث عَلِيٍّ بلفظ:"فكله أنت وعيالك؛ فقد كفر الله عنك " .. فضعيف لا يحتج به. انتهى "قسطلاني".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصيام، باب إذا جامع في رمضان وفي مواضع كثيرة، ومسلم في كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان، وأبو داوود في كتاب الصيام، باب كفارة من أتى أهله في نهار رمضان، والترمذي في كتاب الصيام، باب كفارة الفطر في رمضان.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث، فقال:
(34)
-1643 - (م)(حدثنا حرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي المصري، صاحب الشافعي وتلميذه، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م س ق).
(حدثنا عبد الله بن وهب) القرشي مولاهم المصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الجبار بن عمر) الأيلي -بفتح الهمزة وسكون التحتانية-
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ:"وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ".
===
الأموي مولاهم، ضعيف، من السابعة مات بعد الستين ومئة. يروي عنه:(ت ق).
(حدثني يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني أبو سعيد القاضي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن سعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني، ثقة، من الثانية، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عبد الجبار بن عمر، وهو وإن وثقه ابن سعد في "الطبقات" .. فقد ضعفه يحيى بن معين والبخاري، وغرضه: بيان متابعة سعيد بن المسيب لحميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
) وساق سعيد بن المسيب (بذلك) الحديث السابق الذي رواه حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة بطوله (فقال): أي: فزاد سعيد بن المسيب في روايته: (وصم يومًا مكانه) أي: زاد بعد قوله: "فأطعمه عيالك": (وصم يومًا) واحدًا (مكانه) أي: مكان اليوم الذي أفسدته بالجماع، وهذه الزيادة باطلة؛ لأن عبد الجبار زادها، وهو ضعيف خالف فيها الثقات، فهي منكرة.
وهذه المتابعة انفرد بها ابن ماجه، وهي ضعيفة (2)(194).
* * *
(35)
- 1644 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
===
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقال:
(35)
- 1644 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) الطنافسي الكوفي.
(قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي.
(عن حبيب بن أبي ثابت) قيس، وقيل: هند بن دينار الأسدي مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع عشرة ومئة (119 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) يزيد، وقيل: عبد الله (بن المطوس) لين الحديث، من السادسة.
يروي عنه: (عم). روى عن أبيه عن أبي هريرة حديث: "من أفطر في رمضان من غير رخصة".
(عن أبيه المطوس) روى عن أبي هريرة حديث الفطر في رمضان، ويروي عنه ابنه يزيد أبو المطوس، وفي حديثه اختلاف، قلت: وقد علق البخاري حديثه في الصيام، وبينت ذلك في "تعليق التعليق"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": مجهول، من الرابعة. يروي عنه:(عم).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه المطوس، وهو مجهول، وكذا ابنه يزيد بن المطوس.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ .. لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ".
===
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفطر يومًا) واحدًا (من) صوم (رمضان) عمدًا (من غير رخصة) تجوز الفطر؛ كالمرض والسفر .. (لم يجزه) من الإجزاء؛ أي: لم يكف لذلك المفطر بغير رخصة (صيام الدهر) والعام كله قضاء عن ذلك اليوم، ولا يكون صيام الدهر مثلًا له من كل وجه؛ لبقاء إثم التعمد.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصوم، باب التغليظ فيمن أفطر عمدًا، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في الإفطار متعمدًا، والدارمي، وأحمد بن حنبل.
فدرجة هذا الحديث: أنه ضعيف (3)(195)؛ لضعف سنده، وغرضه بسوقه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والثالث للاستئناس.
والله سبحانه وتعالى أعلم