الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21) - (493) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغِيبَةِ وَالرَّفَثِ لِلصَّائِمِ
(52)
- 1661 - (1) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
===
(21)
- (493) - (باب ما جاء في الغيبة والرفث للصائم)
(52)
- 1661 - (1)(حدثنا عمرو بن رافع) بن الفرات القزويني البجلي أبو حجر -بضم المهملة وسكون الجيم- ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد الله بن المبارك) المروزي مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة إحدى وثمانين ومئة (181 هـ)، وله ثلاث وستون سنة. يروي عنه:(ع).
(عن) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) هشام بن شعبة القرشي العامري أبي الحارث المدني أحد الأئمة، ثقة، من السابعة، مات سنة ثمان أو تسع وخمسين ومئة (158 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سعيد) بن أبي سعيد كيسان (المقبري) أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، تغير قبل موته بأربع سنين، مات في حدود العشرين ومئة (120 هـ)، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) أبي سعيد كيسان المقبري المدني مولى أم شريك، ثقة ثبت، من الثانية، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِهِ .. فَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".
===
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يدع) أي: من لم يترك (قول الزور) أي: الكذب، والإضافة بيانية، زاد البخاري في رواية:(والجهل)، قال الحافظ في "الفتح": المراد بقول الزور: الكذب. انتهى، وقال القاري: المراد به: الباطل؛ وهو ما فيه إثم، وقال الطيبي: الزور: الكذب والبهتان؛ أي: من لم يترك القول الباطل من قول الكفر وشهادة الزور والافتراء والغيبة والبهتان والقذف والشتم واللعن، وأمثالها مما يجب على الإنسان اجتنابها ويحرم عليه ارتكابها.
(والجهل) بالنصب معطوف على (قول الزور) أي: وقول الجهل؛ كالمزاح والسخرية والشتم (والعمل) بالنصب معطوف أيضًا على (قول الزور) أي: والعمل (به) أي: بقول الزور؛ كالشهادة والحكم به، وفي "التحفة":(به) أي: العمل بالزور؛ يعني: الفواحش من الأعمال؛ لأنها في الإثم كالزور، وقال الطيبي: هو العمل بمقتضاه من الفواحش وما نهى الله عنه .. (فلا حاجة لله) أي: لا التفات ولا مبالاة لله، وهو مجاز عن عدم القبول لصومه، نفى السبب وأراد نفي المسبب (في أن يدع) ويترك (طعامه وشرابه) فإنهما مباحان في الجملة، فإذا تركهما وارتكب أمرًا حرامًا من أصله .. استحق المقت وعدم قبول طاعته، وقوله:"فلا حاجة لله" لا مفهوم له؛ فإن الله لا يحتاج إلى شيء. انتهى "تحفة".
قال القاضي: المقصود من الصوم: كسرُ الشهوة، وتطويعُ الأمَّارة، فإذا لم يحصل منه ذلك .. لم يبال بصومه، ولم ينظر إليه نظر عناية، فعدم الحاجة عبارة عن عدم الالتفات والقبول، وكيف يلتفت إليه، والحال أنه ترك ما يباح
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في غير زمان الصوم من الأكل والشرب، وارتكب ما يحرم عليه في كل زمان؟ ! انتهى.
قال ابن بطال: ليس معناه: أن يؤمر بأن يدع صيامه، وإنما معناه: التحذير من قول الزور وما ذكر معه، وهو مثل قوله:"من باع الخمر .. فليشقص الخنازير" أي: يذبحها، ولم يأمره بذبحها، ولكنه على التحذير والتعظيم لإثم بائع الخمر، قال الحافظ في "الفتح": قال شيخنا -يعني: العراقي في "شرح الترمذي"-: لما أخرج الترمذي هذا الحديث .. ترجم: ما جاء في التشديد في الغيبة للصائم، وهو مشكل؛ لأن الغيبة ليست قول الزور ولا العمل؛ لأنها: أن يذكر غيره بما يكره، وقول الزور: هو الكذب، وقد وافق الترمذي بقية أصحاب السنن، فترجموا بالغيبة، وذكروا هذا الحديث، وكأنهم فهموا من ذكر قول الزور والعمل به الأمر بحفظ النطق، ويمكن أن يكون فيه إشارة إلى الزيادة التي وردت في بعض طرقه؛ وهي الجهل؛ فإنه يصح إطلاقه على جميع المعاصي، وأما قوله:"والعمل به" .. فيعود على الزور، ويحتمل أن يعود أيضًا على الجهل؛ أي: والعمل بكل منهما. انتهى، انتهى "تحفة الأحوذي".
وقال ابن العربي: مقتضى هذا الحديث: ألا يثاب على صومه، ومعناه: أن ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه، واستدل بهذا الحديث على أن هذه الأفعال تنقص ثواب الصوم، وتعقب بأنها صغائر تكفر باجتناب الكبائر، قاله الشوكاني في "النيل". انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصوم، باب من لم يدع قول الزور، وأبو داوود في كتاب الصوم، باب الغيبة للصائم، والترمذي
(53)
- 1662 - (2) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ،
===
في كتاب الصوم، باب التشديد في الغيبة للمسلم، قال: وفي الباب عن أنس، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. انتهى.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
ثم استشهد له بحديث آخر لأبي هريرة أيضًا رضي الله تعالى عنه، فقال:
(53)
- 1662 - (2)(حدثنا عمرو بن رافع) بن الفرات القزويني.
(حدثنا عبد الله بن المبارك) المروزي، ثقة، من الثامنة، مات سنة إحدى وثمانين ومئة (181 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أسامة بن زيد) الليثي مولاهم أبو زيد المدني، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن سعيد) بن أبي سعيد (المقبري) أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة ثمانين ومئة، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب صائم ليس له من صيامه) طائل (إلا الجوع) والعطش، و (رب) للتكثير في الموضعين
وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ".
(54)
- 1663 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ،
===
(ورب قائم) بالصلاة في الليل (ليس له من قيامه) وصلاته طائل (إلا السهر) وفقد النوم، قوله:"إلا الجوع" أي: ليس لصومه قبول عند الله، فلا ثواب له. نعم؛ سقوط التكليف عن الذمة حاصل عند العلماء.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه النسائي عن محمد بن عبد الله المخزومي عن يحيى بن آدم عن ابن المبارك به، وليس في روايتنا، ورواه النسائي أيضًا عن محمد بن حاتم عن حبان عن ابن المبارك ولم يرفعه، ورواه في "المستدرك" عن أبي بكر بن أبي نصر المروزي عن أبي الموجه عن قتيبة بن سعيد عن إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمروعن سعيد المقبري بإسناده ومتنه، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح متنًا وسندًا؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له رضي الله تعالى عنه، فقال:
(54)
- 1663 - (3)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ).
يروي عنه: (د ق).
(أخبرنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ .. فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ؛ فَإِنْ جَهِلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ
===
(عن الأعمش، عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان) وحصل (يوم صوم أحدكم) و (كان) هنا تامة .. (فلا يرفث) -بضم الفاء وكسرها- من بابي نصر وضرب، ويجوز في ماضيه التثليث، والمراد بالرفث هنا - وهو بفتح الراء والفاء ثم المثلثة -: الكلام الفاحش؛ أي: لا يفحش في الكلام؛ كالغيبة والنميمة والكذب (ولا يجهل) أي: لا يفعل شيئًا من أفعال أهل الجهل والبطالة؛ كضرب الناس والمقاتلة والصياح والصخب في الأسواق ومراودة النساء.
والمعنى: إذا كان أحدكم صائم يوم من الأيام .. فلا يرفث؛ أي: فلا يتكلم الكلام الفاحش؛ كسب الناس وشتمهم والغيبة والنميمة ومراودة النساء، ولا يجهل؛ أي: لا يفعل شيئًا من أفعال أهل الجهل والبطالة؛ كضرب الناس؛ كما مر آنفًا، قال القرطبي: لا يفهم من هذا الحديث أن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر، وإنما المراد: أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم.
(فإن جهل) - بكسر الهاء - أي: فإن اصطال (عليه) وتعدى (أحد) من أفراد الناس بالكلام الفاحش أو بفعل الجهال؛ كأن سبه أو ضربه، وفي رواية مسلم:(فإن امرؤ شاتمه أو قاتله) أي: شتمه شخص من الناس متعرضًا
فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ".
===
لمشاتمته، أو أراد أن يقاتله؛ أي: أراد أن يفعل به فعلًا يؤدي إلى القتل؛ يعني: إن تهيأ أحد لمشاتمته أو مقاتلته .. (فليقل) لذلك الشاتم أو المقاتل؛ أي: فليقل له بلسانه: (إني امرؤ صائم) ليسمعه الشاتم فيَنْزَجِرَ عن شتمه، أو ليحدث به نفسه؛ ليمنعها من مجازاة الشاتم، ولو جمع بين الأمرين .. لكان حسنًا، وفي رواية مسلم تكرير:(إني صائم) مرتين للتأكيد. انتهى من "المبارق".
فإن أصرَّ على قتاله .. دفعه بالأخف؛ كالصائل، والمراد من الحديث: أنه لا يعامل بمثل عمله، بل يقتصر على قوله:(إني صائم)، ونقل الزركشي: أو المراد بقوله: "فليقل: إني صائم" مرتين؛ يقوله مرةً بقلبه، ومرةً بلسانه، فيستفيد بقوله بقلبه كَفَّهُ لسانه عن خصمه، وبقوله بلسانه كَفَّ خصمه عنه، وتُعقِّب بأن القول حقيقة باللسان، وأجيب بأنه لا يمنع المجاز. انتهى "فتح الملهم". قال السندي: قوله: "فلا يرفث" أي: لا يفحش في الكلام، "ولا يجهل" أي: لا يفعل شيئًا من مقتضيات الجهل، "فإن جهل" أي: خاصمه أحد قولًا أو فعلًا وتسبب لمخاصمته بأحد الوجهين .. "فليقل" أي: فليذكر بالقلب صومه؛ ليرتدع به عن مقابلته بالمثل، أو ليقل باللسان تثبيتًا لما في القلب وتوكيدًا، وليدفع خصمه بهذا الكلام ويعتذر عنده من المقابلة؛ بأن حاله لا يناسب المقابلة اليوم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن الرفث والجهل في الصيام، والنسائي في كتاب الصيام أيضًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فدرجة هذا الحديث: الصحة؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد، وكلها لأبي هريرة رضي الله عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم