المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(15) - (487) - باب ما جاء فيمن أفطر ناسيا - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌(1) - (473) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌(2) - (474) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(3) - (475) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌(4) - (476) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وِصَالِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(5) - (477) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصَوْمٍ إِلَّا مَنْ صَامَ صَوْمًا فَوَافَقَهُ

- ‌(6) - (478) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ

- ‌(7) - (479) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ

- ‌(8) - (480) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌(9) - (481) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شَهْرَيِ الْعِيدِ

- ‌(10) - (482) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌(11) - (483) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ

- ‌(12) - (484) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌(13) - (485) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ

- ‌(14) - (486) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ

- ‌(15) - (487) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا

- ‌(16) - (488) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌(17) - (489) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّوَاكِ وَالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ

- ‌(18) - (490) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(19) - (491) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(20) - (492) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(21) - (493) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغِيبَةِ وَالرَّفَثِ لِلصَّائِمِ

- ‌(22) - (494) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السُّحُورِ

- ‌(23) - (495) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَأْخِيرِ السُّحُورِ

- ‌(24) - (496) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ

- ‌(25) - (497) - بَابُ مَا جَاءَ عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ

- ‌(26) - (498) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ وَالْخِيَارِ فِي الصَّوْمِ

- ‌(27) - (499) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ يُرِيدُ الصِّيَامَ

- ‌(28) - (500) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ

- ‌(29) - (501) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ

- ‌(30) - (502) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(31) - (503) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ دَاوُودَ عليه السلام

- ‌(32) - (504) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ نُوحٍ عليه السلام

- ‌(33) - (505) - بَابُ صيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوالٍ

- ‌(34) - (506) - بَابٌ: فِي صيَامِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(35) - (507) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(36) - (508) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى

- ‌(37) - (509) - بَابٌ: فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(38) - (510) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌(39) - (511) - بَابُ صِيَامِ الْعَشْرِ

- ‌(40) - (512) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌(41) - (513) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌(42) - (514) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌(43) - (515) - بَابُ صِيَامِ أَشْهُرِ ألْحُرُمِ

- ‌(44) - (516) - بَابٌ: فِي الصَّوْمِ زَكَاةُ الْجَسَدِ

- ‌(45) - (517) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌(46) - (518) - بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌(47) - (519) - بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صائِمٌ

- ‌(48) - (520) - بَابٌ: فِي الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ دَعَوْتُهُ

- ‌(49) - (521) - بَابٌ: فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ

- ‌(50) - (522) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ

- ‌(51) - (523) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صيَامٌ مِنْ نَذْرٍ

- ‌(52) - (524) - بَابٌ: فِيمَنْ أَسْلَمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(53) - (525) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(54) - (526) - بَابٌ: فِيمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ

- ‌(55) - (527) - بَابٌ: فِيمَنْ قَالَ: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ

- ‌(56) - (528) - بَابٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌(57) - (529) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(58) - (530) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاعْتِكَافِ

- ‌(59) - (531) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَبْتَدِئُ الاعْتِكَافَ وَقَضَاءِ الاعْتِكَافِ

- ‌(60) - (532) - بَابٌ: فِي اعْتِكَافِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ

- ‌(61) - (533) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَلْزَمُ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(62) - (534) - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي خَيْمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌(63) - (535) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ

- ‌(64) - (536) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُعْتَكِفِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُرَجِّلُهُ

- ‌(65) - (537) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَزُورُهُ أَهْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (538) - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

- ‌(67) - (539) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ الاعْتِكَافِ

- ‌(68) - (540) - بَابٌ: فِيمَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌(69) - (541) - بَابُ فَرْضِ الزَّكَاةِ

- ‌(70) - (542) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الزِّكَاةِ

- ‌(71) - (543) - بَابُ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ .. فَلَيْسَ بِكَنْزٍ

- ‌(72) - (544) - بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ

- ‌(73) - (545) - بَابُ مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا

- ‌(74) - (546) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(75) - (547) - بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا

- ‌(76) - (548) - بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

- ‌(77) - (549) - بَابُ صَدَقَةِ الْإِبِلِ

- ‌(78) - (550) - بَابُ إِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا دُونَ سِنٍّ أَوْ فَوْقَ سِنٍّ

- ‌(79) - (551) - بَابُ مَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْإِبِلِ

- ‌(80) - (552) - بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ

- ‌(81) - (553) - بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ

- ‌تتمة

- ‌(82) - (554) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عُمَّالِ الصَّدَقَةِ

- ‌(83) - (555) - بَابُ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ

- ‌(84) - (556) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(85) - (557) - بَابُ صَدَقَةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌(86) - (558) - بَابُ خَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ

- ‌(87) - (559) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخْرِجَ فِي الصَّدَقَةِ شَرَّ مَالِهِ

- ‌(88) - (560) - بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌تتمة

- ‌(89) - (561) - بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(90) - (562) - بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌(91) - (563) - بَابٌ: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا

- ‌(92) - (564) - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ

- ‌(93) - (565) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ

- ‌(94) - (566) - بَابُ مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً

- ‌(95) - (567) - بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ

- ‌(96) - (568) - بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ

الفصل: ‌(15) - (487) - باب ما جاء فيمن أفطر ناسيا

(15) - (487) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا

(36)

- 1645 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ خِلَاسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا

===

(15)

- (487) - (باب ما جاء فيمن أفطر ناسيًا)

(36)

- 1645 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي.

(عن عوف) بن أبي جميلة -بفتح الجيم- العبدي الهجري أبي سهل البصري المعروف بالأعرابي، واسم أبي جميلة بندويه، ويقال: بُنْدَوَيهِ اسمُ أمه، واسم أبيه: رُزَيْنَةُ. انتهى "تهذيب"، وفي "التقريب": ثقة، رمي بالقدر وبالتشيع، من السادسة، مات سنة ست أو سبع وأربعين ومئة (147 هـ)، وله ست وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن خلاس) - بكسر أوله وتخفيف اللام- ابن عمرو الهجري -بفتحتين- البصري، ثقة، من الثانية، وكان يرسل، وكان على شرطة علي، وقد صح أنه سمع من عمار. يروي عنه:(ع).

(و) عن (محمد بن سيرين) الأنصاري البصري، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

كلاهما رويا (عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل ناسيًا)

ص: 108

وَهُوَ صَائِمٌ .. فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ".

===

لصومه (وهو صائم) أي: والحال أنه ناوٍ للصوم في الليل في الفرض، أو في أول النهار في النفل؛ أي: أكل أو شرب ناسيًا، وكذا الجماع ناسيًا .. (فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله) تعالى (وسقاه) يعني: أنه لما أفطر ناسيًا .. لم يُنسب إليه من ذلك الفطر شيء، وتمحضت نسبة الإطعام والسقي إلى الله تعالى؛ إذ هو فعله، ولذلك قال في بعض رواياته:"فإنما هو رزق ساقه الله إليه"، قال النووي: وفي الحديث دلالة: لمذهب الأكثرين؛ أن الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيًا .. لا يفطر، وممن قال بهذا: الشافعي، وأبو حنيفة، وداوود، وآخرون.

وقال ربيعة ومالك: يفسد صومه وعليه القضاء دون الكفارة، وقال عطاء والأوزاعي والليث: يجب القضاء في الجماع دون الأكل، وقال أحمد: يجب في الجماع القضاء والكفارة، ولا شيء في الأكل، وقال ابن دقيق العيد: ذهب مالك ومن وافقه إلى إيجاب القضاء على من أكل أو شرب ناسيًا، وهو القياس؛ فإن الصوم قد فات ركنه، وهو من باب المأمورات، والقاعدة: أن النسيان لا يؤثر في المأمورات.

قال القرطبي: وأيضًا إن الذي تعرض في الحديث سقوط المؤاخذة عمن أفطر ناسيًا، والأمر بمضيه على صومه وإتمامه، فأما القضاء .. فلا بد له منه؛ إذ المطلوب صيام يوم تام لا يقع فيه خرم، ولم يأت به، فهو باقٍ عليه، هذا عذر أصحابنا عن هذا الحديث الذي جاء بنص "صحيح مسلم"، وفي "كتاب الدارقطني" لهذا الحديث مساق أنصُّ من هذا؛ أعني: عن أبي هريرة قال: (إذا أكل الصائم ناسيًا .. فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه) رواه الدارقطني (2/ 178)، قال الدارقطني في إسناده: إسناد صحيح، وكلهم ثقات،

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي طريق آخر له: (من أفطر في شهر رمضان ناسيًا .. فلا قضاء عليه ولا كفارة) وهو صحيح أيضًا، وهذه النصوص لا تقبل ذلك الاحتمال والشأن في صحتها، فإن صحت .. وجب الأخذ بها، وحكم بسقوط القضاء. انتهى من "المفهم".

قال الحافظ رحمه الله تعالى: وفي الحديث لطف الله تعالى بعباده، والتيسير عليهم، ورفع المشقة والحرج عنهم، وقد روى أحمد لهذا الحديث سببًا، فأخرج من طريق أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم إسحاق أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتي بقصعة من ثريد، فأكلت معه، ثم تذكرت أنها كانت صائمة، فقال لها ذو اليدين: الآن بعدما شبعت؟ ! فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أتمي صومك؛ فإنما هو رزق ساقه الله إليك"، وفي هذا رد على من فرق بين قليل الأكل وكثيره، ومن المستظرفات ما رواه عبد الرزاق عن ابن جُرَيْجٍ عن عمرو بن دينار أن إنسانًا جاء إلي أبي هريرة، فقال: أصبحت صائمًا فنسيت فطعمت، فقال أبو هريرة: لا بأس، قال: ثم دخلت على إنسان فنسيت فطعمت وشربت، قال: لا بأس، الله أطعمك وسقاك، ثم قال: دخلت على إنسان آخر فنسيت فطعمت، فقال أبو هريرة: أنت إنسان لم تتعود الصيام. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر، وأبو داوود في كتاب الصيام، باب من أكل ناسيًا، والترمذي، وابن ماجه.

فدرجته: أنه صحيح في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ص: 110

(37)

- 1646 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ،

===

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، فقال:

(37)

- 1646 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.

(قالا: حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة.

(عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر) بن الزبير بن العوام زوج هشام بن عروة، ثقة، من الثالثة. يروي عنها:(ع).

(عن) جدتها (أسماء بنت أبي بكر) الصديق رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قالت) أسماء: (أفطرنا) من صوم رمضان ظانين غروب الشمس (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم) ذي (غيم) أي: سحاب، (ثم) بعدما أفطرنا (طلعت الشمس) أي: خرجت من تحت السحاب، فظهر لنا أنها لم تغرب حين إفطارنا، قال الخطابي: اختلف الناس في وجوب القضاء في مثل هذا: فقال أكثر العلماء: القضاء واجب عليه، وقال إسحاق وأهل الظاهر: لا قضاء عليه ويمسك بقية النهار عن الأكل حتى تغرب الشمس، وروي ذلك عن الحسن البصري، وشبهوه بمن أكل ناسيًا في الصوم، قال الخطابي: الناسي لا يمكنه أن يحترز من الأكل ناسيًا، وهذا يمكنه أن يمكث فلا يأكل حتى يتبين

ص: 111

قُلْتُ لِهِشَامٍ: أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؟ قَالَ: فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ.

===

غيبوبة الشمس؛ فالنسيان خطأ في الفعل، وهذا خطأ في الوقت والزمان، والتحرز منه ممكن. انتهى، انتهى من "العون".

قال أبو أسامة: (قلت لهشام) بن عروة: هل (أمروا) أي: أمر الناس الذين أفطروا كذلك (بالقضاء؟ ) أي: بقضاء صوم ذلك اليوم الذي أفطروا فيه ظانين الغروب؛ أي: هل أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء ذلك؟ أي: أبلغكم أنهم أمروا بقضاء ذلك اليوم؟ (قال) هشام في جواب سؤال أبي أسامة: نعم، أمروا بالقضاء (فلا بد من ذلك) أي: لا بد ولا غنىً من قضاء ذلك اليوم؛ لأنهم قصروا في التحري للصوم؛ لأن الأصل بقاء النهار ما لم يتيقنوا الغروب، ولفظ أبي داوود:(قال: وبد من ذلك؟ ) أي: هل بد من قضاء؟ فحرف الاستفهام مقدر، وفي رواية أبي ذر لصحيح البخاري:(لا بد من قضاءٍ).

قال القسطلاني: وهذا مذهب الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة، وعليه أن يمسك بقية النهار؟ لحرمة الوقت، ولا كفارة عليه، وقد روي عن مجاهد وعطاء وعروة عدم القضاء، وعن عمر يقضي وفي آخر لا، رواهما البيهقي، وضعفت الثانية النافية، وفي هذا الحديث؛ كما قاله ابن المنير أن المكلفين إنما خوطبوا بالظاهر، فإذا اجتهدوا فأخطؤوا .. فلا حرج عليهم في ذلك. انتهى، انتهى من "العون".

قال ابن القيم في "شرح أبي داوود": وأجود ما فرق به بين المسألتين؛ يعني: مسألة من أخطأ بظنه الغروب، ومسألة من أكل ناسيًا .. أن المخطئ كان متمكنًا من إتمام صومه؛ بأن يؤخر الفطر حتى يتيقن الغروب، بخلاف الناسي؛ فإنه لا يضاف إليه الفعل، ولم يكن يمكنه الاحتراز من النسيان، وهذا وإن كان فرقًا في الظاهر .. فهو غير مؤثر في وجوب القضاء؛ كما لم يؤثر في

ص: 112

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الإثم اتفاقًا، ولو كان منسوبًا إلى تفريط .. للحقه الإثم، فلما اتفقوا على أن الإثم موضوع عنه .. دل على أن فعله غير منسوب فيه إلي تفريط، لا سيما وهو مأمور بالمبادرة إلى الفطر، والسبب الذي دعاه إلى الفطر غير منسوب إليه في الصورتين؛ وهو النسيان في مسألة الناسي، وظهور الظلمة وخفاء النهار في صورة المخطئ، فهذا أطعمه الله وسقاه بالنسيان، وهذا أطعمه الله وسقاه بإخفاء النهار، ولهذا قال صهيب: هي طعمة الله، ولكن هذا أولى؛ فإنها طعمة الله إذنًا وإباحةً، وإطعام الناسي طعمته عفوًا ورفع حرج، فهذا مقتضى الدليل. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصوم، باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس، وأبو داوود في كتاب الصوم، باب الفطر قبل غروب الشمس، وأحمد بن حنبل.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وله مشاركة، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 113