الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(40) - (512) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ
(93)
- 1702 - (1) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ
===
(40)
- (512) - (باب صيام يوم عرفة)
(93)
- 1702 - (1)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).
(أخبرنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي أبو إسماعيل الأزرق، ثقة ثبت فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا غيلان بن جرير) المعولي الأزدي البصري، ثقة، من الخامسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه (ع).
(عن عبد الله بن معبد الزماني) -بكسر الزاي وتشديد الميم ونون- نسبة إلى زمان بن مالك؛ بطن من ربيعة؛ كما في "اللباب"، بصري، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبي قتادة) الأنصاري الحارث بن ربعي بن بلدمة -بضم الموحدة والدال المهملة بينهما لام ساكنة- السلمي -بفتحتين- المدني، مات سنة أربع وخمسين (54 هـ)، وقيل: سنة ثمان وثلاثين والأول أصح وأشهر رضي الله تعالى عنه. يروي عنه: (ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو قتادة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام يوم عرفة)
إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالَّتِي بَعْدَهُ".
===
وهو التاسع من ذي الحجة (إني أحتسب على الله) أي: أرجو من الله تعالى (أن يكفر السنة التي قبله) أي: أن يكون كفارة لذنوب السنة التي قبله؛ أي: لصغائرها (و) يكفر ذنوب السنة (التي بعده) أي: لصغائرها، وفي "النهاية": الاحتساب في الأعمال الصالحة: هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله باستعمال أنواع البر، والقيام على الوجه المرسوم فيها؛ طلبًا للثواب المرجو فيها، قال الطيبي: كان الأصل أن يقال: أرجو من الله أن يكفر، فوضع موضعه أحتسب، وعداه بعلى التي للوجوب على سبيل الوعد؛ مبالغةً لحصول الثواب.
قوله: "أن يكفر" قال إمام الحرمين: والمكفر الصغائر، قال القاضي عياض: وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وأما الكبائر .. فلا يكفرها إلا التوبة، أو رحمة الله وفضله.
قلت: ورحمة الله تحتمل أن تكون مكفرة بغيره؛ أي: بغير صوم يوم عرفة، وقال النووي: المراد بالذنوب: الصغائر، وإن لم تكن الصغائر .. يرجى تخفيف الكبائر، وإن لم تكن .. رفعت الدرجات، قال المظهر: وتكفير السنة الآتية: أن يحفظه من الذنوب فيها، وقيل: أن يعطيه من الرحمة والثواب قدرًا يكون كفارة للسنة الماضية والقابلة إذا جاءت واتفقت له ذنوب. كذا في "المرقاة". وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر
…
إلى آخره، وأبو داوود في كتاب الصوم، باب صوم الدهر.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به.
* * *
(94)
- 1703 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ
===
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي قتادة بحديث قتادة بن النعمان رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(94)
- 1703 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير -مصغرًا- السلمي الدمشقي الخطيب، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا يحيى بن حمزة) بن واقد الحضرمي أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي، ثقة، رمي بالقدر، من الثامنة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(عن إسحاق بن عبد الله) بن أبي فروة عبد الرحمن بن الأسود الأموي مولاهم المدني، متروك، من الرابعة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(د ت ق).
(عن عياض بن عبد الله) بن سعد بن أبي سرح -بفتح المهملة وسكون الراء بعدها مهملة- القرشي العامري المكي، ثقة، من الثالثة، مات على رأس المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك رضي الله تعالى عنه.
(عن قتادة بن النعمان) بن زيد بن عامر الأنصاري الظفري -بمعجمة وفاء مفتوحتين- ويقال له: ذو العينين الصحابي المشهور شهد بدرًا، وهو أخو أبي سعيد لأمه، مات سنة ثلاث وعشرين (23 هـ) على الصحيح رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(خ ت س ق).
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ .. غُفِرَ لَهُ سَنَةٌ أَمَامَهُ وَسَنَةٌ بَعْدَهُ".
(95)
- 1704 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
===
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك.
(قال) قتادة: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صام يوم عرفة .. غفر له سنة أمامه) أي: صغائر سنة قدمها ومضت عليه؛ أي: السنة الماضية (وسنة بعده) أي: صغائر سنة تأتي بعده؛ يعني: السنة المستقبلة.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن لم ينفرد به إسحاق بن عبد الله؛ فقد تابعه على ذلك زيد بن أسلم؛ كما رواه البزار في "مسنده" عن محمد بن عمر بن هياج عن عبيد الله بن موسى عن عمر بن صهبان عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بلفظ: "من صام يوم عرفة .. غفر الله له سنةً أمامه وسنة خلفه
…
" الحديث، إلا أنه لم يذكر قتادة بن النعمان، ولذلك رواه الطبراني في "الأوسط" عن أحمد بن زاهر عن يوسف بن موسى القطان عن سلمة بن الفضل عن حجاج بن أرطاة عن عطية عن أبي سعيد به، وله شاهد أيضًا في "صحيح مسلم" وغيره من حديث أبي قتادة.
فدرجة هذا الحديث: أنه ضعيف السند، صحيح المتن بما قبله، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي قتادة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(95)
- 1704 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) بن
قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنِي حَوْشَبُ بْنُ عَقِيلٍ، حَدَّثَنِي مَهْدِيٌّ الْعَبْدِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ.
===
إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئة. يروي عنه:(ق).
(قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثني حوشب بن عقيل) أبو دحية البصري، ثقة، من السابعة. يروي عنه:(د س ق).
(حدثني مهدي) بن حرب (العبدي) وهو ابن أبي مهدي الهجري، مقبول، من السادسة. يروي عنه:(دس ق).
(عن عكرمة) البربري أبي عبد الله مولى ابن عباس، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(قال) عكرمة: (دخلت على أبي هريرة في بيته) أي: في بيت أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
قال عكرمة: (فسألته) أي: فسألت أبا هريرة (عن) حكم (صوم يوم عرفة) للحاج الواقف (بعرفات) هل هو سنة له أم لا؟ (فقال أبو هريرة) في جواب سؤالي: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة) للواقف (بعرفات) لأنه يضعفه عن دعاء ذلك اليوم، قال الخطابي: هذا نهي استحباب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
لا نهي إيجاب؛ فإنما نهي المحرم عن ذلك؛ خوفًا عليه أن يضعف عن الدعاء والابتهال في ذلك المقام، فأما من وجد قوة لا يخاف معها ضعفًا .. فصوم ذلك اليوم أفضل له -إن شاء الله- وقد قال صلى الله عليه وسلم:"صيام يوم عرفة يكفر سنتين؛ سنةً قبلها، وسنةً بعدها"، وقد اختلف الناس في صيام الحاج يوم عرفة: فروي عن عثمان بن أبي العاص وابن الزبير أنهما كانا يصومانه، وقال أحمد بن حنبل: إن قدر على أن يصوم .. صام، وإن أفطر .. فذلك يوم يحتاج فيه إلى قوة.
وكان إسحاق يستحب صومه للحاج، وكان عطاء يقول: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف، وكان مالك وسفيان الثوري يختاران الإفطار للحاج، وكذلك الشافعي، وروي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا أصومه أنا. انتهى.
قال الشوكاني: واعلم أن ظاهر حديث أبي قتادة عند مسلم وأصحاب السنن مرفوعًا: "صوم يوم عرفة يكفر سنتين؛ ماضيةً ومستقبلةً
…
" الحديث .. أنه يستحب صوم عرفة مطلقًا، وظاهر حديث عقبة بن عامر عن أهل السنن غير ابن ماجه: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهلَ الإسلام
…
" الحديث .. أنه يكره صومه مطلقًا؛ لجعله قريبًا في الذكر ليوم النحر وأيام التشريق، وتعليل ذلك: أنها عيد، وأنها أيام أكل وشرب، وظاهر حديث أبي هريرة أنه لا يجوز صومه بعرفات.
فيجمع بين الأحاديث: بأن صوم هذا اليوم مستحب لكل أحد، مكروه لمن كان بعرفات حاجًا، والحكمة في ذلك: أنه ربما كان مؤديًا إلى الضعف عن الدعاء والذكر يوم عرفة هنالك، والقيام بأعمال الحج، وقيل: الحكمة أنه يوم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عيد لأهل الموقف؛ لاجتماعهم فيه، ويؤيده حديث أبي قتادة، وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أفطر فيه؛ لموافقته يوم الجمعة، وقد نهى عن إفراده بالصوم، ويرد هذا حديث أبي هريرة المصرح بالنهي عن صومه مطلقًا. انتهى.
وقال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله في "شرح السنن": وقد ورد في النهي عن صيام عرفة بعرفة آثار؛ منها: ما رواه النسائي عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: كان عمرينهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، ومنها: ما رواه أيضًا عن أبي السوار قال: سألت ابن عمر عن صوم يوم عرفة، فنهاني، والمراد بذلك: بعرفة؛ بدليل ما روى نافع قال: سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة بعرفة، فقال: لم يصمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان.
وعن عطاء قال: دعا عبد الله بن عباس الفضل بن عباس يوم عرفة إلى الطعام، فقال: إني صائم، فقال عبد الله: لا تصم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب إليه حلاب فيه لبن يوم عرفة فشرب منه، فلا تصم؛ فإن الناس يستنون بكم. رواهما النسائي، ثم قال: وقد أخرجا في "الصحيحين" من حديث كريب عن ميمونة بنت الحارث أنها قالت: إن الناس شكُّوا في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فأرسلت إليه -يعني: ميمونة- بحلاب لبن وهو واقف في الموقف، فشرب منه والناس ينظرون إليه.
فقيل: يحتمل أن تكون ميمونة أرسلت إليه وأم الفضل أرسلت كل منهما بقدح، ويحتمل أن تكونا مجتمعتين؛ فإنها أختها، فاتفقتا على الإرسال بقدح واحد، فينسب إلى هذه وإلى هذه؛ فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفطر بعرفة، وصح عنه أن صيامه يكفر سنتين، فالصواب: أن الأفضل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
لأهل الآفاق .. صومه، ولأهل عرفة .. فطره؛ لاختياره صلى الله عليه وسلم ذلك لنفسه، وعمل خلفائه بعده بالفطر، وفيه قوة على الدعاء الذي هو أفضل دعاء العبد، وفيه أن يوم عرفة عيد لأهل عرفة، فلا يستحب لهم صيامه، وبعض الناس يختار الصوم، وبعضهم يختار الفطر، وبعضهم يفرق بين من يضعفه ومن لا يضعفه، وهو اختيار قتادة، والصيام اختيار ابن الزبير وعائشة، وقال عطاء: أصومه في الشتاء، ولا أصومه في الصيف، وكان بعض السلف لا يأمر به ولا ينهى عنه، ويقول: من شاء .. صام، ومن شاء .. أفطر. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصوم، باب في صوم يوم عرفة بعرفة، والنسائي في كتاب الحج، باب النهي عن صوم يوم عرفة.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، ولأن له شواهد من الأحاديث والآثار، وحملوا النهي فيه على من يضعفه الصوم فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: ثلاثة:
الأول للاستدلال، والآخران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم