المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(34) - (506) - باب: في صيام يوم في سبيل الله عز وجل - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌(1) - (473) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌(2) - (474) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(3) - (475) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌(4) - (476) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وِصَالِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(5) - (477) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصَوْمٍ إِلَّا مَنْ صَامَ صَوْمًا فَوَافَقَهُ

- ‌(6) - (478) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ

- ‌(7) - (479) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ

- ‌(8) - (480) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌(9) - (481) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شَهْرَيِ الْعِيدِ

- ‌(10) - (482) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌(11) - (483) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ

- ‌(12) - (484) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌(13) - (485) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ

- ‌(14) - (486) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ

- ‌(15) - (487) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا

- ‌(16) - (488) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌(17) - (489) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّوَاكِ وَالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ

- ‌(18) - (490) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(19) - (491) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(20) - (492) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(21) - (493) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغِيبَةِ وَالرَّفَثِ لِلصَّائِمِ

- ‌(22) - (494) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السُّحُورِ

- ‌(23) - (495) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَأْخِيرِ السُّحُورِ

- ‌(24) - (496) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ

- ‌(25) - (497) - بَابُ مَا جَاءَ عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ

- ‌(26) - (498) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ وَالْخِيَارِ فِي الصَّوْمِ

- ‌(27) - (499) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ يُرِيدُ الصِّيَامَ

- ‌(28) - (500) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ

- ‌(29) - (501) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ

- ‌(30) - (502) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(31) - (503) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ دَاوُودَ عليه السلام

- ‌(32) - (504) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ نُوحٍ عليه السلام

- ‌(33) - (505) - بَابُ صيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوالٍ

- ‌(34) - (506) - بَابٌ: فِي صيَامِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(35) - (507) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(36) - (508) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى

- ‌(37) - (509) - بَابٌ: فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(38) - (510) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌(39) - (511) - بَابُ صِيَامِ الْعَشْرِ

- ‌(40) - (512) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌(41) - (513) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌(42) - (514) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌(43) - (515) - بَابُ صِيَامِ أَشْهُرِ ألْحُرُمِ

- ‌(44) - (516) - بَابٌ: فِي الصَّوْمِ زَكَاةُ الْجَسَدِ

- ‌(45) - (517) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌(46) - (518) - بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌(47) - (519) - بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صائِمٌ

- ‌(48) - (520) - بَابٌ: فِي الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ دَعَوْتُهُ

- ‌(49) - (521) - بَابٌ: فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ

- ‌(50) - (522) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ

- ‌(51) - (523) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صيَامٌ مِنْ نَذْرٍ

- ‌(52) - (524) - بَابٌ: فِيمَنْ أَسْلَمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(53) - (525) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(54) - (526) - بَابٌ: فِيمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ

- ‌(55) - (527) - بَابٌ: فِيمَنْ قَالَ: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ

- ‌(56) - (528) - بَابٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌(57) - (529) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(58) - (530) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاعْتِكَافِ

- ‌(59) - (531) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَبْتَدِئُ الاعْتِكَافَ وَقَضَاءِ الاعْتِكَافِ

- ‌(60) - (532) - بَابٌ: فِي اعْتِكَافِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ

- ‌(61) - (533) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَلْزَمُ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(62) - (534) - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي خَيْمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌(63) - (535) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ

- ‌(64) - (536) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُعْتَكِفِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُرَجِّلُهُ

- ‌(65) - (537) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَزُورُهُ أَهْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (538) - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

- ‌(67) - (539) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ الاعْتِكَافِ

- ‌(68) - (540) - بَابٌ: فِيمَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌(69) - (541) - بَابُ فَرْضِ الزَّكَاةِ

- ‌(70) - (542) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الزِّكَاةِ

- ‌(71) - (543) - بَابُ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ .. فَلَيْسَ بِكَنْزٍ

- ‌(72) - (544) - بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ

- ‌(73) - (545) - بَابُ مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا

- ‌(74) - (546) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(75) - (547) - بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا

- ‌(76) - (548) - بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

- ‌(77) - (549) - بَابُ صَدَقَةِ الْإِبِلِ

- ‌(78) - (550) - بَابُ إِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا دُونَ سِنٍّ أَوْ فَوْقَ سِنٍّ

- ‌(79) - (551) - بَابُ مَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْإِبِلِ

- ‌(80) - (552) - بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ

- ‌(81) - (553) - بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ

- ‌تتمة

- ‌(82) - (554) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عُمَّالِ الصَّدَقَةِ

- ‌(83) - (555) - بَابُ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ

- ‌(84) - (556) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(85) - (557) - بَابُ صَدَقَةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌(86) - (558) - بَابُ خَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ

- ‌(87) - (559) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخْرِجَ فِي الصَّدَقَةِ شَرَّ مَالِهِ

- ‌(88) - (560) - بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌تتمة

- ‌(89) - (561) - بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(90) - (562) - بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌(91) - (563) - بَابٌ: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا

- ‌(92) - (564) - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ

- ‌(93) - (565) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ

- ‌(94) - (566) - بَابُ مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً

- ‌(95) - (567) - بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ

- ‌(96) - (568) - بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ

الفصل: ‌(34) - (506) - باب: في صيام يوم في سبيل الله عز وجل

(34) - (506) - بَابٌ: فِي صيَامِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

(80)

- 1689 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابن الهَادِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ يَوْمًا

===

(34)

- (506) - (باب: في صيام يوم في سبيل الله عز وجل

(80)

- 1689 - (1)(حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر) التجيبي مولاهم المصري، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) الفهمي المصري عالمها ثقة ثبت إمام، من السابعة، مات في شعبان سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) يزيد بن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي المدني، ثقة مكثر، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سهيل بن أبي صالح) السمان، صدوق، من السادسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).

(عن النُّعمان بن أبي عياش) الأنصاري الزرقي المدني، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(خ م ت س ق).

(عن أبي سعيد الخدري) المدني سعد بن مالك رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام يومًا)

ص: 218

فِي سَبِيلِ اللهِ .. بَاعَدَ اللهُ بِذلِكَ الْيَوْمِ النَّارَ مِنْ وَجْهِهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا".

===

واحدًا (في سبيل الله) تعالى، يحتمل أن المراد به: مجرد إخلاص النية؛ أي: في طاعة الله مخلصًا له، ويحتمل أن المراد به: أنه صام حالة كونه غازيًا، والثاني هو المتبادر. انتهى "سندي". وفي "فوائد أبي الطَّاهر الذهلي" من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: "ما من مرابط يرابط في سبيل الله فيصوم يومًا في سبيل الله

" الحديث، قال ابن دقيق العيد: العرف الأكثر: استعمال لفظ: (في سبيل الله) في الجهاد؛ فإن حمل عليه .. كانت الفضيلة لاجتماع العبادتين، قال: ويحتمل أن يراد بـ: (سبيل الله): طاعته كيف كانت، والأقرب الأول؛ كما يدل عليه حديث أبي هريرة، ولا يعارض ذلك أن الفطر أفضل في الجهاد وأولى؛ لأن الصائم يضعف عن اللقاء؛ فإن الفضل المذكور في حديث الباب محمول على من لم يخش ضعفًا، ولا سيما من اعتاد به فصار ذلك من الأمور النسبية، فمن لم يضعفه الصوم .. فالصوم في حقه أفضل؛ ليجمع بين الفضيلتين. انتهى "فتح الملهم".

والمعنى: من صام يومًا

إلى آخره؛ أي: من جمع بين الصوم ومشقة الغزو، أو معناه: صام يومًا لوجه الله تعالى. انتهى "مرقاة".

(باعد الله) عز وجل (بـ) سبب صوم (ذلك اليوم) أي: أبعد الله سبحانه (النار) الأخروية (من وجهه) أي: من وجه ذلك الصائم أو ذاته مسافة (سبعين خريفًا) أي: عامًا؛ يعني: أنه نحاه عنها وعافاه منها، قال ابن الملك: عبر عن تنحيته عنها بطريق التمثيل؛ ليكون أبلغ؛ لأن من كان بعيدًا عن عدوه بهذا المقدار .. لا يصل إليه ألبتة، وأراد بالخريف؛ وهو الفصل الثالث من فصول السنة الأربعة المجموعة في قول بعضهم:

ربيع وصيف من الأزمان

خريف شتاء فخذ بياني

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

.. تمام السنة ذكرًا للجزء وإرادةً للكل. انتهى منه.

وأول النووي وغيره المباعدة من النار بالمعافاة منها دون أن يكون المراد: البعد عنها بهذه المسافة المذكورة في الحديث.

قلت: لا مانع من إرادة الحقيقة على ما لا يخفى، ثم هذا يقتضي إبعاد النار عن وجه الصائم المذكور، وفي أكثر الطرق إبعاد الصائم نفسه، فإذا كان المراد بالوجه: الذّات؛ كما في قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (1) .. يكون معناهما واحدًا، وإن كان المراد: حقيقة الوجه .. يكون الإبعاد من الوجه فقط، وليس فيه أن يبقى الجسد في النار لتناله، إلا أن الوجه كان أبعد من النار من سائر جسده؛ وذلك لأن الصيام يحصل منه الظمأ، ومحله الفم؛ لأن الري يحصل بالشرب بالفم، كذا في "عمدة القاري على البخاري".

وقوله: "سبعين خريفًا" والخريف: زمان معلوم من السنة، والمراد به هنا: العام، وتخصيص الخريف بالذكر دون بقية الفصول: الربيع والصيف والشتاء؛ لأن الخريف أزكى الفصول؛ لكونِهِ تجنى فيه الثمار، قال القرطبي: ورد ذكر السبعين لإرادة التكثير كثيرًا؛ كقوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (2)، والخريف: فعيل بمعنى مفتعل؛ أي: مخترف؛ وهو الزمان الذي تخترف فيه الثمار. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب فضل الجهاد، باب فضل الصوم في سبيل الله، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل من صام

(1) سورة القصص: (88).

(2)

سورة التوبة: (80).

ص: 220

(81)

- 1690 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّار، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

===

يومًا في سبيل الله، والنسائي في كتاب الصيام، باب ثواب من صام يومًا في سبيل الله.

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به، والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي سعيد بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(81)

- 1690 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا أنس بن عياض) بن ضمرة الليثي أبو ضمرة المدني، ثقة، من الثامنة، مات سنة مئتين (200 هـ)، وله ست وتسعون سنة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا عبد الله بن عبد العزيز) بن عبد الله بن عامر (الليثي) أبو عبد العزيز المدني، ضعيف واختلط بأخرة، من السابعة. يروي عنه:(ق).

(عن) أبي سعيد (المقبري) كيسان المدني مولى أم شريك، ثقة ثبت، من الثانية، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عبد الله بن عبد العزيز الليثي، ضعفه الجمهور، وكان مالك يرضاه ويوثقه.

ص: 221

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ .. زَحْزَحَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا".

===

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام يومًا) واحدًا (في سبيل الله .. زحزح الله) عز وجل؛ أي: أبعد الله تعالى (وجهه) أو ذاته (عن النار) الأخروية مسافة (سبعين خريفًا) أي: عامًا؛ يعني: مسافة لا تقطع إلا بسير سبعين عامًا، وهو كناية عن حصول البعد العظيم، وورد ذكر السبعين؛ لإرادة التكثير كثيرًا، ويؤيده أن النسائي أخرج الحديث المذكور عن عقبة بن عامر، والطبراني عن عمرو بن عبسة، وأبو يعلي عن معاذ بن أنس، فقالوا جميعًا في روايتهم:(مئة عام)، وفي بعض الروايات عند ابن عدي:(خمس مئة عام)، وفي حديث أبي أمامة عند الترمذي:(جعل الله بينه وبين النار خندقًا كما بين السماء والأرض)، وفي حديث سلامة بن قيصر عند الطبراني في "الكبير":(بعد غراب طار وهو فرخ حتى مات هرمًا).

وأصح الروايات فيها رواية: (سبعين خريفًا) فإنها متفق عليها من حديث أبي سعيد، ويحتمل أن يكون ذلك بحسب اختلاف أحوال الصائمين في كمال الصوم ونقصانه، والله أعلم.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن؛ لأن له شاهدًا من حديث أبي سعيد الخدري المذكور قبله، ضعيف السند لما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 222