المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(39) - (511) - باب صيام العشر - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌(1) - (473) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌(2) - (474) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(3) - (475) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌(4) - (476) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وِصَالِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(5) - (477) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصَوْمٍ إِلَّا مَنْ صَامَ صَوْمًا فَوَافَقَهُ

- ‌(6) - (478) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ

- ‌(7) - (479) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ

- ‌(8) - (480) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌(9) - (481) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شَهْرَيِ الْعِيدِ

- ‌(10) - (482) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌(11) - (483) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ

- ‌(12) - (484) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌(13) - (485) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ

- ‌(14) - (486) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ

- ‌(15) - (487) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا

- ‌(16) - (488) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌(17) - (489) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّوَاكِ وَالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ

- ‌(18) - (490) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(19) - (491) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(20) - (492) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(21) - (493) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغِيبَةِ وَالرَّفَثِ لِلصَّائِمِ

- ‌(22) - (494) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السُّحُورِ

- ‌(23) - (495) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَأْخِيرِ السُّحُورِ

- ‌(24) - (496) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ

- ‌(25) - (497) - بَابُ مَا جَاءَ عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ

- ‌(26) - (498) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ وَالْخِيَارِ فِي الصَّوْمِ

- ‌(27) - (499) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ يُرِيدُ الصِّيَامَ

- ‌(28) - (500) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ

- ‌(29) - (501) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ

- ‌(30) - (502) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(31) - (503) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ دَاوُودَ عليه السلام

- ‌(32) - (504) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ نُوحٍ عليه السلام

- ‌(33) - (505) - بَابُ صيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوالٍ

- ‌(34) - (506) - بَابٌ: فِي صيَامِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(35) - (507) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(36) - (508) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى

- ‌(37) - (509) - بَابٌ: فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(38) - (510) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌(39) - (511) - بَابُ صِيَامِ الْعَشْرِ

- ‌(40) - (512) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌(41) - (513) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌(42) - (514) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌(43) - (515) - بَابُ صِيَامِ أَشْهُرِ ألْحُرُمِ

- ‌(44) - (516) - بَابٌ: فِي الصَّوْمِ زَكَاةُ الْجَسَدِ

- ‌(45) - (517) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌(46) - (518) - بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌(47) - (519) - بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صائِمٌ

- ‌(48) - (520) - بَابٌ: فِي الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ دَعَوْتُهُ

- ‌(49) - (521) - بَابٌ: فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ

- ‌(50) - (522) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ

- ‌(51) - (523) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صيَامٌ مِنْ نَذْرٍ

- ‌(52) - (524) - بَابٌ: فِيمَنْ أَسْلَمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(53) - (525) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(54) - (526) - بَابٌ: فِيمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ

- ‌(55) - (527) - بَابٌ: فِيمَنْ قَالَ: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ

- ‌(56) - (528) - بَابٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌(57) - (529) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(58) - (530) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاعْتِكَافِ

- ‌(59) - (531) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَبْتَدِئُ الاعْتِكَافَ وَقَضَاءِ الاعْتِكَافِ

- ‌(60) - (532) - بَابٌ: فِي اعْتِكَافِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ

- ‌(61) - (533) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَلْزَمُ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(62) - (534) - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي خَيْمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌(63) - (535) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ

- ‌(64) - (536) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُعْتَكِفِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُرَجِّلُهُ

- ‌(65) - (537) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَزُورُهُ أَهْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (538) - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

- ‌(67) - (539) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ الاعْتِكَافِ

- ‌(68) - (540) - بَابٌ: فِيمَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌(69) - (541) - بَابُ فَرْضِ الزَّكَاةِ

- ‌(70) - (542) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الزِّكَاةِ

- ‌(71) - (543) - بَابُ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ .. فَلَيْسَ بِكَنْزٍ

- ‌(72) - (544) - بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ

- ‌(73) - (545) - بَابُ مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا

- ‌(74) - (546) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(75) - (547) - بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا

- ‌(76) - (548) - بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

- ‌(77) - (549) - بَابُ صَدَقَةِ الْإِبِلِ

- ‌(78) - (550) - بَابُ إِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا دُونَ سِنٍّ أَوْ فَوْقَ سِنٍّ

- ‌(79) - (551) - بَابُ مَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْإِبِلِ

- ‌(80) - (552) - بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ

- ‌(81) - (553) - بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ

- ‌تتمة

- ‌(82) - (554) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عُمَّالِ الصَّدَقَةِ

- ‌(83) - (555) - بَابُ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ

- ‌(84) - (556) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(85) - (557) - بَابُ صَدَقَةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌(86) - (558) - بَابُ خَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ

- ‌(87) - (559) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخْرِجَ فِي الصَّدَقَةِ شَرَّ مَالِهِ

- ‌(88) - (560) - بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌تتمة

- ‌(89) - (561) - بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(90) - (562) - بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌(91) - (563) - بَابٌ: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا

- ‌(92) - (564) - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ

- ‌(93) - (565) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ

- ‌(94) - (566) - بَابُ مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً

- ‌(95) - (567) - بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ

- ‌(96) - (568) - بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ

الفصل: ‌(39) - (511) - باب صيام العشر

(39) - (511) - بَابُ صِيَامِ الْعَشْرِ

(90)

- 1699 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

===

(39)

- (511) - (باب صيام العشر)

أي: عشر ذي الحجة؛ أي: أغلبها، وإلا .. فالعاشر لا صوم فيه، وكذا ما في حديث: "وإن صيام يوم فيها

" الحديث؛ أي: في غالبها. انتهى "سندي".

* * *

(90)

- 1699 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه: (ق).

(حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (الأعمش) ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن مسلم) بن عمران (البطين) -بفتح الموحدة- وهو لقب مسلم، لقب بذلك؛ لعظم بطنه، ذكره الحافظ، ويقال: ابن أبي عمران أبي عبد الله الكوفي، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(ع).

(عن سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

ص: 244

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ"، يَعْنِي: الْعَشْرَ،

===

(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام) قال السندي: كلمة (من) زائدة لاستغراق النفي (العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام)(من) فيه متعلقة بأحب، والمعنى على حذف مضاف؛ أي: من عمل هذه الأيام؛ ليكون المفضل والمفضل عليه من جنس واحد، ثم المتبادر من هذا الكلام عرفًا أن كل عمل صالح إذا وقع في هذه الأيام .. فهو أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، قال الراوي:(يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "من هذه الأيام"(العشْرَ) الأيام الأُولَ من ذي الحجة. انتهى.

وفي حديث جابر في "صحيحي أبي عوانة وابن حبان": "ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة" كذا في "الفتح"، قال الطيبي:(العمل) مبتدأ، و (فيها) متعلق به، والخبر (أحب)، والجملة خبر (ما) الحجازية، واسمها (أيام)، و (من) الأولى زائدة، والثانية متعلقة بأحب، وفيه حذف؛ كأنه قيل: ليس العمل في أيام سوى العشر أحب إلى الله تعالى من العمل في هذه العشر، قال ابن الملك: لأنها أيام زيارة بيت الله، والوقت إذا كان أفضل .. كان العمل الصالح فيه أفضل.

وذكر السيد: اختلف العلماء في هذه العشر والعشر الأخير من رمضان: فقال بعضهم: هذه العشر أفضل؛ لهذا الحديث، وقال بعضهم: عشر رمضان أفضل؛ للصوم والقدر، والمختار: أن أيام هذه العشر أفضل؛ ليوم عرفة، وليالي عشر رمضان أفضل؛ لليلة القدر؛ لأن يوم عرفة أفضل أيام السنة، وليلة القدر أفضل ليالي السنة، ولذا قال: ما من أيام، ولم

ص: 245

قَالُوا: يَا رَسولَ اللهِ؛ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ".

===

يقل: ما من ليال، كذا في "الأزهار"، وكذا في "المرقاة". انتهى "تحفة الأحوذي".

(قالوا) أي: قال الحاضرون عنده: (يا رسول الله؛ ولا الجهاد في سبيل الله)؟ أي: أفضل من ذلك؛ أي: من العمل الصالح في تلك العشر (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا الجهاد في سبيل الله) أفضل من ذلك (إلا رجل) أي: إلا جهاد رجل (خرج بنفسه وماله فلم يرجع) إلى بيته (من ذلك) أي: مما ذكر من نفسه وماله (بشيء) أي: صرف ماله ونفسه في سبيل الله، فيكون أفضل من العامل في هذه الأيام العشر أو مساويًا له. انتهى من "التحفة"، وفي "السندي": ففيه بيان لِفخامةِ جهادِه وتَعظيمٌ له؛ بأنه قد بلغ مبلغًا لا يكاد يتفَاوُت بشرف الزمان وعدمه. انتهى.

وشارك المؤلف في روابة هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب فضل العمل في أيام التشريق، وفي كتاب الأذان، باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع، وأبو داوود في كتاب الصيام، باب في صوم العشر، والترمذي في أبواب الصوم، باب ما جاء في العمل في الأيام العشر، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح.

قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، ولأن له شواهد، قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن عمر، أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، وأبي هريرة، أخرجه الترمذي وابن ماجه، وعبد الله بن عمرو، ولم أقف على من أخرجه، وجابر، أخرجه أبو عوانة وابن حبان في "صحيحيهما"، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ص: 246

(91)

- 1700 - (2) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عَبِيدَةَ، حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ وَاصِلٍ، عَنِ النَّهَاسِ بْنِ قَهْمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامٌ أَحَبَّ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا

===

ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقال:

(91)

- 1700 - (2)(حدثنا عمر بن شبة) بفتح المعجمة والموحدة مع تشديدها (ابن عبيدة) -بفتح المهملة مبكرًا- ابن زيد النميري -بضم النون مصغرًا- أبو زيد البصري، نزيل بغداد، صدوق له تصانيف، من كبار الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وستين ومئتين (262 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا مسعود بن واصل) الأزرق البصري صاحب السابري، لين الحديث، من التاسعة. يروي عنه:(ت ق).

(عن النهاس) بتشديد الهاء ثم مهملة (ابن قهم) -بفتح القاف وسكون الهاء- القيسي أبي الخطاب القيسي البصري، ضعيف، من السادسة. يروي عنه:(دت ق).

(عن قتادة) بن دعامة (عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه النهاس بن قهم، وهو متفق على ضعفه، ومسعود بن واصل لين الحديث.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما) حجازية بمعنى ليس (من أيام الدنيا) جار ومجرور صفة مقدمة لقوله: (أيام) وهو اسم ما الحجازية مؤخر عن صفته (أحب) بالنصب خبر ما الحجازية (إلى الله سبحانه) متعلق بأحب (أن يتعبد له) تعالى (فيها) بصيغة المجهول، والجار

ص: 247

مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ، وَإنَّ صِيَامَ يَوْمٍ فِيهَا لَيَعْدِلُ صِيَامَ سَنَةٍ، وَلَيْلَةٍ فِيهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ".

===

والمجرور في له نائب فاعل، فيها متعلق بيتعبد، والجملة الفعلية في تأويل مصدر مرفوع على كونه فاعلًا لأحب (من أيام العشر) جار ومجرور متعلق بأحب؛ والتقدير: ليست أيام كائنة من أيام الدنيا أحب إلى الله سبحانه عبادته فيها من أيام العشر.

(و) إنما قلت ذلك؛ لـ (أنَّ صيام يوم) كائن (فيها) أي: من هذه العشر؛ أي: ما عدا العاشر، قال ابن الملك: أي: من أول ذي الحجة إلى يوم عرفة (ليعدل) ويساوي (صيام سنة) كاملة أجرًا؛ أي: لم يكن فيها عشر ذي الحجة، كذا قيل، والمراد: صيام التطوع، فلا يحتاج إلى أن يقال: لم يكن فيها أيام رمضان (و) إن قيام (ليلة فيها) أي: منها؛ أي: من هذه العشر يساوي (بـ) قيام (ليلة القدر) التي هي خير من ألف شهر. انتهى من الفهم السقيم.

وعبارة "التحفة": قوله: (ما) بمعنى ليس (من أيام) من زائدة، وأيام اسمها (أحب إلى الله) بالنصب على أنه خبرها، وبالفتح صفتها، وخبرها محذوف؛ تقديره: ثابتة، وقيل: بالرفع على أنه صفة أيام على المحل، والفتح على أنها صفتها على اللفظ، وقوله:(أن يتعبد) في محل رفع بتأويل المصدر على أنه فاعل أحب، وقيل: التقدير: لأن يتعبد؛ أي: يفعل العبادة (له) أي: لله (فيها) أي: في الأيام (من عشر ذي الحجة).

قال الطيبي: قيل: لو قيل: أن يتعبد مبتدأ، وأحب خبره، ومن متعلق بأحب .. يلزم الفصل بين أحب ومعموله بأجنبي، فالوجه أن يقرأ أحب بالفتح؛ ليكون صفة أيام، وأن يتعبد فاعله، ومن متعلق بأحب، والفصل ليس بأجنبي، وهو كقوله: ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل من عين زيد، وخبر ما

ص: 248

(92)

- 1701 - (3) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصورٍ،

===

محذوف، أقول: لو جعل أحب خبر ما، وأن يتعبد متعلقًا بأحب بحذف الجار؛ أي: ما من أيام أحب إلى الله لأن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة .. لكان أقرب لفظًا ومعنىً، أما اللفظ .. فظاهر، وأما المعنى .. فلأن سوق المعنى لتعظيم الأيام، والعبادة تابعة لها لا عكسه، وعلى ما ذهب إليه القائل يلزم العكس مع أن في ارتكاب ذلك التعسف. انتهى من "تحفة الأحوذي"، وفي إعرابه هذا ركاكة واضطراب، وخروج عن الطريق الجادة، والأوضح ما أعربناه أولًا.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب.

قلت: درجة هذا الحديث: أنه ضعيف؛ لضعف سنده؛ كما عرفت، فهو ضعيف متنًا وسندًا (8)(200)، وغرضه: الاستئناس به؛ كما مر.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(92)

- 1701 - (3)(حدثنا هناد بن السري) -بكسر الراء الخفيفة- ابن مصعب التميمي أبو السري الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ)، وله إحدى وتسعون (91) سنة. يروي عنه:(م عم).

(حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي، ثقة متقن، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب -بمثناة ثقيلة ثم

ص: 249

عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَامَ الْعَشْرَ قَطُّ.

===

موحدة- الكوفي، ثقة ثبت، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وكان لا يدلس، وهو من طبقة الأعمش، من الخامسة. يروي عنه:(ع).

(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة فقيه إلا أنه يرسل كثيرًا، من الخامسة، مات دون المئة سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة مخضرم مكثر فقيه، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين (75 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام العشر) أي: عشر ذي الحجة (قط) وكلمة قط ظرف مستغرق لما مضى من الزمان؛ أي: ما رأيته فيما مضى من عمري صام العشر، وفي رواية مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشر، قال النووي: قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر ها هنا: الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا، لا سيما التاسع منها؛ وهو يوم عرفة.

وثبت في "صحيح البخاري" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه" يعني: العشر الأوائل من ذي الحجة، فيتأول قولها:(لم يصم العشر) أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائمًا فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس

ص: 250

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر

الحديث، رواه أبو داوود وأحمد والنسائي.

وقال الحافظ في "الفتح" في شرح حديث البخاري الذي ذكره النووي ما لفظه: واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة؛ لاندراج الصوم في العمل، قال: ولا يرد على ذلك ما رواه أبو داوود وغيره عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا العشر قط؛ لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله؛ خشية أن يفرض على أمته؛ كما رواه الشيخان من حديث عائشة أيضًا. انتهى من "تحفة الأحوذي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الاعتكاف، باب صوم عشر ذي الحجة، وأبو داوود في كتاب الصوم، باب من فطر العشر، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صيام العشر.

قلت: فدرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والثاني للاستئناس، والثالث للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 251