الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(56) - (528) - بَابٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
(129)
-1738 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
===
(56)
- (528) - (باب: في ليلة القدر)
(129)
-1738 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، ثقة ثبت حجة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م دس ق).
(حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم البصري المعروف بـ (ابن علية) اسم أمه الأسدية، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن هشام) بن أبي عبد الله سنبر -بفتح المهملة والموحدة بينهما نون ساكنة- (الدستوائي) -بفتح الدال والمثناة بينهما مهملة ساكنة- نسبة إلى دستواء؛ من كور الأهواز، أبي بكر البصري، ثقة ثبت، وقد رمي بالقدر، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبي نصر اليمامي، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك رضي الله تعالى عنه.
قَالَ: اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ: "إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَأُنْسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ".
===
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو سعيد: (اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان) لطلب ليلة القدر، وفي رواية مسلم زيادة:(فخرجنا) من المسجد رجوعًا إلى منازلنا (فخطبنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجنا من المسجد (فقال) في خطبته: (إني أريت) -بضم الهمزة والتاء- في المنام؛ أي: أريت وأخبرت في المنام (ليلة القدر) أي: علامتها في هذه السنة (فأنسيتها) أي: حصل لي نسيانها (فالتمسوها) أي: اطلبوا ليلة القدر (في العشر الأواخر) من رمضان (في الوتر) أي: اطلبوها في ليالي الوتر من العشر الأواخر، فهو بدل بعض من كل من قوله:"في العشر الأواخر" أي: اطلبوها في أوتار لياليها؛ من الحادي والعشرين إلى التاسع والعشرين.
وفي "مسلم" زيادة: (وإني أريت) -بضمهما- أي: رأيت في المنام من علامتها كـ (أني أسجد في ماء وطين، فمن كان) منكم (اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأوسط .. (فليرجع) إلى معتكفه في العشر الأخير (قال) أبو سعيد: (فرجعنا) إلى معتكفنا في الليلة الحادية والعشرين (وما نرى في السماء قزعة) أي: قطعة سحاب (قال) أبو سعيد: (فجاءت سحابة) صغيرة (فمطرنا) في الليلة الحادية والعشرين (حتى سال) وقطر (سقف المسجد) مطرًا (وكان سقفه) حينئذ (من جريد النخل، وأقيمت الصلاة) أي: صلاة الصبح من تلك الليلة (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين) فهو من ذكر الحال وإرادة المحل، فهو مجاز
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مرسل (قال) أبو سعيد: (حتى رأيت أثر الطين في جبهته) صلى الله عليه وسلم، فكانت ليلة القدر من تلك السنة ليلة الحادي والعشرين، والحديث مطول في رواية مسلم، ولكن اختصره ابن ماجه اختصارًا مخلًا.
قوله: "ليلة القدر" -بفتح القاف وسكون الدال- من إضافة الموصوف إلى صفته؛ نظير روح القدس؛ أي: الليلة المقدرة؛ أي: المشرفة المعظمة عند الله تعالى، سميت بذلك، لعظم قدرها؛ أي: ذات القدر العظيم؛ لنزول القرآن فيها من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة، ووصفها بأنها خير من ألف شهر، أو لما يحصل لمحييها بالعبادة من القدر الجسيم، أو لأن الأشياء من الكائنات تقدر فيها وتقضى؛ لقوله تعالى:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (1) بمعنى: يظهر تقديرها للملائكة؛ بأن يكتب لهم ما قدره في تلك السنة، ويعرفهم إياه، وليس المراد منه: أنه يحدثه في تلك الليلة؛ لأن الله تعالى قدر المقادير، قبل أن يخلق السماوات والأرض في الأزل، فالقدر بمعنى: التقدير؛ وهو جعل الشيء على مقدار مخصوص، ووجه مخصوص، حسبما اقتضت الحكمة البالغة.
قيل للحسين بن الفضل: أليس الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرضين؟ قال: نعم، قيل له: فما معنى ليلة القدر؟ قال: سوق المقادير إلى المواقيت، وتنفيذ القضاء المقدر.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إن الله سبحانه وتعالى يقدر في ليلة القدر ويكتب كل ما يكون في تلك السنة؛ من مطر ورزق وإحياء وإماتة وغيرها إلى مثل هذه الليلة من السنة المقبلة، فيسلمه إلى مدبرات الأمور من الملائكة، فيسلم نسخة الأرزاق والنباتات والأمطار إلى ميكائيل، ونسخة
(1) سورة الدخان: (4).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الحروب والرياح والزلازل والصواعق والخسف إلى جبريل، ونسخة الأعمال إلى إسرافيل، ونسخة المصائب إلى ملك الموت. انتهى من "حدائق الروح والريحان"، وقد بسطنا الكلام فيه، فراجعه.
قوله: "فأنسيتها" -بضم الهمزة- من الإنساء، من باب الإفعال مبنيًا للمجهول؛ أي: فأنسيت تعيينها لسبب من الأسباب؛ وذلك السبب ما ذكره في حديث أبي هريرة: "فأريت ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي، فنسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر".
فإن قلت: إذا جاز النسيان في هذه المسألة .. جاز في غيرها، فيفوت منه التبليغ إلى الأمة.
قلت: نسيان الأحكام التي يجب عليه التبليغ لها لا يجوز، ولو جاز ووقع .. لذكَّره الله تعالى. كذا في "عمدة القاري".
وقال الحافظ في الحديث: إن النسيان جائز عليه صلى الله عليه وسلم ولا نقص عليه في ذلك، لا سيما فيما لم يؤذن له في تبليغه، وقد يكون في ذلك مصلحة في التشريع؛ كما في السهو في الصلاة، أو بالاجتهاد في العبادة؛ كما في هذه القصة؛ لأن ليلة القدر لو عينت في ليلة بعينها .. حصل الاقتصار عليها، ففاتت العبادة في غيرها، وكأن هذا هو المراد بقوله:"عسى أن يكون خيرًا لكم" كما ورد في حديث عبادة عند البخاري، والله أعلم. انتهى من "الفتح".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري بنحوه في كتاب الاعتكاف، باب التماس ليلة القدر، وفي غيره في مواضع كثيرة؛ كما ذكرها السندي، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وأرجى أوقاتها، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب السجود على الأنف والجبهة، والنسائي في كتاب التطبيق، باب السجود على الجبين، وابن ماجه في الكتاب نفسه، باب الاعتكاف في خيمة في المسجد.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا هذا الحديث.
والله سبحانه وتعالى أعلم