المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(58) - (530) - باب ما جاء في الاعتكاف - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌(1) - (473) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ

- ‌(2) - (474) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌تتمة

- ‌(3) - (475) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌(4) - (476) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وِصَالِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(5) - (477) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصَوْمٍ إِلَّا مَنْ صَامَ صَوْمًا فَوَافَقَهُ

- ‌(6) - (478) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ

- ‌(7) - (479) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ

- ‌(8) - (480) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌(9) - (481) - بَابُ مَا جَاءَ فِي شَهْرَيِ الْعِيدِ

- ‌(10) - (482) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

- ‌(11) - (483) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ

- ‌(12) - (484) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ

- ‌(13) - (485) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ

- ‌(14) - (486) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ

- ‌(15) - (487) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا

- ‌(16) - (488) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌(17) - (489) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّوَاكِ وَالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ

- ‌(18) - (490) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(19) - (491) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(20) - (492) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(21) - (493) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغِيبَةِ وَالرَّفَثِ لِلصَّائِمِ

- ‌(22) - (494) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السُّحُورِ

- ‌(23) - (495) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَأْخِيرِ السُّحُورِ

- ‌(24) - (496) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ

- ‌(25) - (497) - بَابُ مَا جَاءَ عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ

- ‌(26) - (498) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ وَالْخِيَارِ فِي الصَّوْمِ

- ‌(27) - (499) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ يُرِيدُ الصِّيَامَ

- ‌(28) - (500) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ

- ‌(29) - (501) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ

- ‌(30) - (502) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(31) - (503) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ دَاوُودَ عليه السلام

- ‌(32) - (504) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ نُوحٍ عليه السلام

- ‌(33) - (505) - بَابُ صيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوالٍ

- ‌(34) - (506) - بَابٌ: فِي صيَامِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل

- ‌(35) - (507) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(36) - (508) - بَابٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى

- ‌(37) - (509) - بَابٌ: فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌(38) - (510) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌(39) - (511) - بَابُ صِيَامِ الْعَشْرِ

- ‌(40) - (512) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌(41) - (513) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌(42) - (514) - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

- ‌(43) - (515) - بَابُ صِيَامِ أَشْهُرِ ألْحُرُمِ

- ‌(44) - (516) - بَابٌ: فِي الصَّوْمِ زَكَاةُ الْجَسَدِ

- ‌(45) - (517) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا

- ‌(46) - (518) - بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌(47) - (519) - بَابُ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صائِمٌ

- ‌(48) - (520) - بَابٌ: فِي الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ دَعَوْتُهُ

- ‌(49) - (521) - بَابٌ: فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ

- ‌(50) - (522) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ

- ‌(51) - (523) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صيَامٌ مِنْ نَذْرٍ

- ‌(52) - (524) - بَابٌ: فِيمَنْ أَسْلَمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(53) - (525) - بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(54) - (526) - بَابٌ: فِيمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ

- ‌(55) - (527) - بَابٌ: فِيمَنْ قَالَ: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ

- ‌(56) - (528) - بَابٌ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌(57) - (529) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(58) - (530) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاعْتِكَافِ

- ‌(59) - (531) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَبْتَدِئُ الاعْتِكَافَ وَقَضَاءِ الاعْتِكَافِ

- ‌(60) - (532) - بَابٌ: فِي اعْتِكَافِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ

- ‌(61) - (533) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَلْزَمُ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(62) - (534) - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي خَيْمَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌(63) - (535) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ

- ‌(64) - (536) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُعْتَكِفِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُرَجِّلُهُ

- ‌(65) - (537) - بَابٌ: فِي الْمُعْتَكِفِ يَزُورُهُ أَهْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(66) - (538) - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

- ‌(67) - (539) - بَابٌ: فِي ثَوَابِ الاعْتِكَافِ

- ‌(68) - (540) - بَابٌ: فِيمَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌(69) - (541) - بَابُ فَرْضِ الزَّكَاةِ

- ‌(70) - (542) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الزِّكَاةِ

- ‌(71) - (543) - بَابُ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ .. فَلَيْسَ بِكَنْزٍ

- ‌(72) - (544) - بَابُ زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ

- ‌(73) - (545) - بَابُ مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا

- ‌(74) - (546) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(75) - (547) - بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا

- ‌(76) - (548) - بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

- ‌(77) - (549) - بَابُ صَدَقَةِ الْإِبِلِ

- ‌(78) - (550) - بَابُ إِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا دُونَ سِنٍّ أَوْ فَوْقَ سِنٍّ

- ‌(79) - (551) - بَابُ مَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْإِبِلِ

- ‌(80) - (552) - بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ

- ‌(81) - (553) - بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ

- ‌تتمة

- ‌(82) - (554) - بَابُ مَا جَاءَ فِي عُمَّالِ الصَّدَقَةِ

- ‌(83) - (555) - بَابُ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ

- ‌(84) - (556) - بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْأَمْوَالِ

- ‌(85) - (557) - بَابُ صَدَقَةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌(86) - (558) - بَابُ خَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ

- ‌(87) - (559) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخْرِجَ فِي الصَّدَقَةِ شَرَّ مَالِهِ

- ‌(88) - (560) - بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌تتمة

- ‌(89) - (561) - بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌تنبيه

- ‌(90) - (562) - بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌(91) - (563) - بَابٌ: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا

- ‌(92) - (564) - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ

- ‌(93) - (565) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ

- ‌(94) - (566) - بَابُ مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً

- ‌(95) - (567) - بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ

- ‌(96) - (568) - بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ

الفصل: ‌(58) - (530) - باب ما جاء في الاعتكاف

(58) - (530) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاعْتِكَافِ

(132)

- 1741 - (1) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرَةَ

===

(58)

- (530) - (باب ما جاء في الاعتكاف)

(132)

- 1741 - (1)(حدثنا هناد بن السري) -بفتح السين وكسر الراء الخفيفة- ابن مصعب التميمي أبو السري الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ)، وله إحدى وتسعون سنة. يروي عنه:(م عم).

(حدثنا أبو بكر بن عياش) بن سالم الأسدي الكوفي المقرئ الحناط - بمهملة ونون - مشهور بكنيته، والأصح أنها اسمه، وقيل: اسمه محمد، أو عبد الله، في اسمه عشرة أقوال، ثقة عابد إلا أنه لما كبر .. ساء حفظه، وكتابه صحيح، من السابعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ)، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه:(ع).

(عن أبي حصين) -بفتح الحاء المهملة- عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي، ثقة ثبت سني، وربما دلس، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أبي صالح) ذكوان السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو هريرة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف كل عام عشرة

ص: 346

أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ .. اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا، وَكَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ .. عُرِضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ.

===

أيام) من رمضان (فلما كان العام الذي قبض) وتوفي (فيه .. اعتكف عشرين يومًا، وكان) صلى الله عليه وسلم (يُعْرَضُ عليه القرآنُ) من جهة جبريل بالبناء للمجهول؛ أي: يستعرض منه القرآن؛ أي: يطلب جبريل منه عرض القرآن عليه، ليستمع له ويختبر حفظه، لأنه معلمه (في كل عام) في رمضان (مرة) واحدة؛ أي: يستمع له مرةً واحدة (فلما كان العام الذي قبض فيه .. عرض عليه) أي: طلب منه عرض القرآن على جبريل (مرتين) إشارةً إلى قرب أجله.

قال النووي: الاعتكاف في اللغة: الحبس والمكث واللزوم واللبث والإقامة والاستمرار على الشيء خيرًا كان أو شرًّا؛ كما قال تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (1)، وقال تعالى:{فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} (2).

وفي الشرع: اللبث والمكث في المسجد من شخص مخصوص بنيته، بصفة مخصوصة، ويسمى الاعتكاف: جوارًا، ومنه الأحاديث الصحيحة؛ منها: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في أوائل الكتاب من صحيح البخاري: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصغِي إِليَّ رأسَه وهو مجاور في المسجدِ، فأرجله وأنا حائض)، وقد جاءت الأحاديث في اعتكاف النبي في العشر الأواخر من رمضان، والعشر الأُوَلِ من شوال، ففيها استحباب الاعتكاف، وتأكد استحبابه في العشر الأواخر من رمضان، وقد أجمع المسلمون على استحبابه، وأنه ليس بواجب، وعلى أنه متأكد في العشر الأواخر من رمضان.

(1) سورة البقرة: (187).

(2)

سورة الأعراف: (138).

ص: 347

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومذهب الشافعي وأصحابه وموافقيهم: أن الصوم ليس بشرط في صحة الاعتكاف، بل يصح اعتكاف المفطر، ويصح اعتكاف ساعةٍ واحدة ولحظة واحدة، وضابطه عند أصحابنا: مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة.

ولنا وجه: أنه يصح اعتكاف المار في المسجد من غير لبث، والمشهور الأول، فينبغي لكل جالس في المسجد لانتظار صلاة أو لشغل آخر من آخرة أو دنيا .. أن ينوي الاعتكاف، فيحسب له ويثاب عليه ما لم يخرج من المسجد، فإذا خرج ثم دخل .. جدد نية أخرى، وليس للاعتكاف ذكر مخصوص ولا فعل آخر سوى اللبث في المسجد بنية الاعتكاف، ولو تكلم بكلام دنيا أو عمل صنعةً من خياطة أو غيرها .. لم يبطل اعتكافه، وقال مالك وأبو حنيفة والأكثرون: يشترط في الاعتكاف الصوم، فلا يصح اعتكاف مفطر. انتهى من "العون".

قوله: (كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله) قال القسطلاني: وفيه دليل على أنه لم ينسخ، وأنه من السنن المؤكدة خصوصًا في العشر الأواخر من رمضان لطلب ليلة القدر. انتهى.

وقد اختلف الناس هل يشترط الصوم في الاعتكاف؟ فقال الحسن البصري: إن اعتكف من غير صيام .. أجزأه، وإليه ذهب الشافعي، وروي عن علي وابن مسعود أنهما قالا: إن شاء .. صام، وإن شاء .. أفطر، وقال الأوزاعي ومالك: لا اعتكاف إلا بصوم، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وروي عن ابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وهو قول سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصوم، باب الاعتكاف، والدارمي، والطيالسي في "مسنده"، وأحمد.

ص: 348

(133)

- 1742 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِع، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ

===

ودرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث أُبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(133)

- 1742 - (2)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي النيسابوري، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن حماد بن سلمة) بن دينار البصري، ثقة عابد أثبت الناس في حديث ثابت، من كبار الثامنة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي رافع) نفيع الصائغ المدني نزيل البصرة، ثقة ثبت مشهور بكنيته، من الثانية. يروي عنه:(ع).

(عن أبي بن كعب) بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية الأنصاري الخزرجي أبي المنذر المدني رضي الله تعالى عنه، اختلف في سنة وفاته

ص: 349

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَسَافَرَ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ .. اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا.

===

اختلافًا كثيرًا: قيل: سنة تسع عشرة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عامًا) قال السندي: الظاهر أنه عام الفتح، وقد علم أنه سنة بلا سفر فقضى، وبالجملة: فكان يهتم بأمر الاعتكاف فيقضي إن فاته صلوات الله وسلامه عليه. انتهى، (فلما كان) العشر وجاء (من العام المقبل) ويحتمل كون (من) بمعنى: في؛ أي: فلما كان النبي في العام المقبل .. (اعتكف عشرين يومًا) العشر الأول منها كان قضاء عن اعتكاف السنة الماضية، والعشرة الثانية كانت أداء تلك السنة المقبلة.

قال الخطابي: فيه من الفقه أن النوافل المعتادة تقضى إذا فاتت؛ كما تقضى الفرائض، ومن هذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر الركعتين اللتين فاتتاه بعد الظهر؛ لقدوم الوفد واشتغاله بهم، وفيه حجة من جوز الاعتكاف بلا صوم ينشئه له؛ وذلك أن صومه في شهر رمضان إنما كان للشهر؛ لأن الوقت مستحق له.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: أبو داوود في كتاب الصيام، باب الاعتكاف، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء من الاعتكاف إذا خرج منه، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أنس بن مالك.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

ص: 350

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: (فلما كان من العام المقبل) في رواية الترمذي: (فلما كان في العام المقبل)، وفي رواية:(فلما كان العام المقبل) وقوله: (في العام المقبل) اسم فاعل من الإقبال .. (اعتكف عشرين) بكسر العين والراء، وقيل: بفتحهما على صورة التثنية. انتهى من "التحفة".

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 351