الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(87) - (559) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخْرِجَ فِي الصَّدَقَةِ شَرَّ مَالِهِ
(184)
- 1793 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ
===
(87)
- (559) - (باب النهي أن يخرج في الصدقة شر ماله)
(184)
-1793 - (1)(حدثنا أبو بشر بكر بن خلف) البصري ختن المقرئ، صدوق، من العاشرة، مات بعد سنة أربعين ومئتين. يروي عنه:(د ق).
(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ القطان التميمي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري، صدوق رمي بالقدر وربما وهم، من السادسة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثني صالح بن أبي عريب) -بفتح المهملة وكسر الراء آره موحدة- واسمه قليب -بالقاف والموحدة مصغرًا- مقبول، من السادسة. يروي عنه:(د س ق).
(عن كثير بن مرة الحضرمي) أبي شجرة الحمصي، ثقة، من الثانية، ووهم من عده في الصحابة. يروي عنه:(عم).
(عن عوف بن مالك الأشجعي) أبي حماد الصحابي المشهور، رضي الله تعالى عنه، من مسلمة الفتح، وسكن دمشق، ومات سنة ثلاث وسبعين (73 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ أَقْنَاءً أَوْ قِنْوًا وَبِيَدِهِ عَصًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُ يُدَقْدِقُ فِي ذَلِكَ الْقِنْوِ وَيَقُولُ:"لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ .. تَصدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْهَا، إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ الْحَشَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
===
(قال) عوف بن مالك: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مصلاه إلى سائر المسجد؛ أي: قام من مصلاه قاصدًا لخروج من المسجد، وفي رواية أبي داوود: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد) أي: ونحن جالسون في المسجد النبوي (وقد علق) أي: والحال أنه قد علق (رجل) من المسلمين، ولم أر من ذكر اسمه (أقناء) له، جمع قنو؛ وهو العذق بما فيه من الرطب، وكانوا يعلقون العنقود من الرطب في المسجد؛ ليأكل من يحتاج إليه منه (أو) قال الراوي: وقد علق ذلك الرجل (قنوًا) له في المسجد، والشك من الراوي، وفي رواية أبي داوود:(وقد علق رجل قنًا حشفًا) في المسجد بلا شك، والقنا -بالفتح والكسر مقصورًا- هو العذق، والحشف -بفتحتين- هو اليابس الفاسد من التمر، والقنو- بكسر القاف أو ضمها وسكون النون- مِثْلُهُ، وقنوانٌ وأَقْناءٌ جمعُه.
(و) قد كان (بيده) صلى الله عليه وسلم (عصًا، فجعل) النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: شرع (يطعن) أي: يضرب بعصاه، وفي "القاموس": طعنه بالرمح -كمنع ونصر-: ضربه، حالة كونه صلى الله عليه وسلم (يدقدق) أي: يسرع (في) ضربه (ذلك القنو) أي: العذق (ويقول) بلسانه: (لو شاء رب هذه الصدقة) وصاحبها أن يتصدق بأطيب ماله .. و (تصدق بـ) قنو (أطيب) وأجود (منها) أي: من هذه الأقناء (إن رب هذه الصدقة) وصاحبها (يأكل الحشف) أي: الطعام الرديء (يوم القيامة)
(185)
-1794 - (2) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ،
===
جزاء على هذه الحشفة الرديئة اليابسة، فسمى الجزاء عليها باسم الأصل؛ كما قالوا في قوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (1)، ويحتمل أن يجعل الجزاء من جنس الأصل، ويخلق الله تعالى في هذا الرجل حب الحشف فيأكله، فلا ينافي ذلك قوله تعالى:{وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} (2).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الزكاة، باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة، والنسائي في كتاب الزكاة، باب قوله عز وجل:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (3).
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عوف بن مالك بحديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(185)
-1794 - (2)(حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان) أبو سعيد البصري، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا عمرو بن محمد العنقزي) -بفتح المهملة والقاف بينهما نون ساكنة
(1) سورة الشورى: (40).
(2)
سورة فصلت: (31).
(3)
سورة البقرة: (267).
حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:{وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}
===
وبالزاي- أبو سعيد الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا أسباط بن نصر) الهمداني -بسكون الميم- أبو يوسف، صدوق كثير الخطأ يغرب، من الثامنة. يروي عنه (م عم).
(عن السدي) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي -بضم المهملة وتشديد الدال- أبي محمد الكوفي، صدوق يهم ورمي بالتشيع، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن عدي بن ثابت) الأنصاري الكوفي، ثقة رمي بالتشيع، من الرابعة، مات سنة ست عشرة ومئة (116 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن البراء بن عازب) بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي الصحابي رضي الله تعالى عنهما، نزل الكوفة، استصغر يوم بدر، وكان هو وابن عمر لدةً، مات سنة اثنتين وسبعين (72 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
روي عن البراء (في) تفسير (قوله سبحانه) وتعالى: ({وَ}) أنفقوا أيها المؤمنون ({مِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}) من ثماره وحبوبه ({وَلَا تَيَمَّمُوا}) أي: لا تقصدوا الإنفاق منه ({الْخَبِيثَ}) أي: الرديء ({تُنْفِقُونَ})(1) أي: حالة كونكم تنفقون من الخبيث في الخيرات.
(1) سورة البقرة: (267).
قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ؛ كَانَتِ الْأَنْصَارُ تُخْرِجُ إِذَا كَانَ جِدَادُ النَّخْلِ مِنْ حِيطَانِهَا أَقْنَاءَ الْبُسْر، فَيُعَلِّقُونَهُ عَلَى حَبْلٍ بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَأْكُلُ مِنْهُ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، فَيَعْمِدُ أَحَدُهُمْ فَيُدْخِلُ قِنْوًا فِيهِ الْحَشَفَ يَظُنُّ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي كثْرَةِ مَا يُوضَعُ مِنَ الْأَقْنَاء، فَنَزَلَ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ:
===
(قال) البراء: (نزلت) هذه الآية (في) شان (الأنصار؛ كانت الأنصار تخرج) في الزكاة (إذا كان) أي: جاء وحصل وقت (جداد) أي: اجتناء واقتطاف ثمر (النخل) حالة كون ذلك النخل (من حيطانها) أي: من حيطان الأنصار وبساتينهم (أقناء البسر) جمع قنو؛ وهو العذق، والبسر: ما شرع في التلون من ثمار النخل، وهو مفعول (تخرج)، (فيعلقونه) أي: فيعلقون البسر (على حبل) مربوط ممدودٍ (بين أسطوانتين) أي: بين عمودين، وقوله: (في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم متعلق بيعلقونه؛ أي: يعلقون عذق البسر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فيأكل منه) أي: من ذلك البسر المعلق (فقراء المهاجرين، فيعمد) أي: يقصد (أحدهم) أي: أحد الأنصار إلى تعليق ما يخرجه في الزكاة في المسجد النبوي (فيدخل) في المعلق (قنوًا) أي: عنقودًا (فيه) أي: في ذلك القنو (الحشف) أي: اليابس الفاسد من التمر، حالة كون ذلك الأحد (يظن أنه) أي: أن ذلك الحشف (جائز) أي: مجزئ في الزكاة، ما يعرفه أحد لاختلاطه بغيره (في كثرة ما يوضع) ويعلق (من الأقناء) في المسجد؛ أي: يظن أنه مجزئ مخلوطًا في كثير ما يعلق في المسجد؛ لأنه قليل ما يضر في الإجزاء مع الكثير الجيد (فنزل فيمن فعل ذلك) أي: تعليق الحشف مع الجيد قوله تعالى:
{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} يَقُولُ: لَا تَعْمِدُوا لِلْحَشَفِ مِنْهُ تُنْفِقُونَ {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} يَقُولُ: لَوْ أُهْدِيَ لَكُمْ .. مَا قَبِلْتُمُوهُ إِلَّا عَلَى اسْتِحْيَاءٍ مِنْ صَاحِبِهِ؛ غَيْظًا أَنَّهُ بَعَثَ إِلَيْكُمْ مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ فِيهِ حَاجَةٌ {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ} عَنْ صَدَقَاتِكُمْ.
===
({وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ})، يقول) سبحانه وتعالى:(لا تعمدوا) أي: لا تقصدوا (للحشف) أي: للرديء (منه) أي: من ذلك الحشف (تنفقون) أي: تخرجون في الزكاة ({وَلَسْتُمْ}) أي: والحال أنكم لستم بآخذي الرديء لو أهدي إليكم ({إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا}) وتغلقوا أجفان عيونكم ({فِيهِ}) أي: في أخذ ذلك الرديء (يقول) سبحانه وتعالى: (لو أهدي لكم) ذلك الرديء .. (ما قبلتموه) لرداءته (إلا) إذا قبلتموه (على استحياء) أي: لأجل استحياء واحترام (من صاحبه) أي: من صاحب ذلك الرديء الذي أهداه لكم.
وقوله: (غيظًا) مفعول لأجله منصوب بقبلتموه؛ أي: ما قبلتموه لأجل الغيظ والغضب على (أنه) أي: على أن ذلك الصاحب (بعث) وأهدى (إليكم ما) أي: رديئًا (لم يكن لكم فيه) أي: في ذلك الرديء (حاجة) أي: نفع، ثم ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ} عز وجل {غَنِيٌّ} (1) أي: مستغنن (عن صدقاتكم) سواء تصدقتم من جيد أموالكم أو من رديئها؛ لأن نفعها عائد إليكم.
وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز للمالك أن يخرج الرديء عن الجيد الذي وجبت فيه الزكاة نصًا في التمر، وقياسًا في سائر الأجناس التي تجب فيها الزكاة، وكذلك لا يجوز للمصدق؛ أي: للساعي أن يأخذ ذلك. انتهى من "العون".
(1) سورة البقرة: (267).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أخرجه أبو داوود بنحوه في كتاب الزكاة، باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة، والنسائي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في تأويل قوله تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (1).
وفي "الزوائد": إسناده صحيح؛ لأن أحمد بن محمد بن يحيى قال فيه ابن أبي حاتم والذهبي: صدوق، وقال ابن حبان: من الثقات، وكان متقنًا، وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم، والله أعلم.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث عوف بن مالك.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم
(1) سورة البقرة: (267).