الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(94) - (566) - بَابُ مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً
(201)
- 1810 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاع، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا. . فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرَ جَهَنَّمَ،
===
(94)
- (566) - (باب من سأل عن ظهر غنىً)
(201)
- 1810 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمَّد بن فضيل) بن غزوان -بفتح المعجمة وسكون الزاي- الضبي مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق عارف رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمارة بن القعقاع) بن شبرمة الضبي الكوفي، ثقة، أرسل عن ابن مسعود، من السادسة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأنَّ رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سأل الناس أموالهم تكثرًا) أي: تجمعًا للمال الكثير، وهو مفعول لأجله؛ أي: سأل المال؛ ليكثر ماله لا للاحتياج إليه. انتهى "ابن الملك"، أو بطريق الإلحاح والمبالغة في السؤال. . (فإنما يسأل جمر جهنم) أي: شعلةً وقطعةً من نار جهنم؛ يعني: أن ما أخذ سبب للعقاب بالنار، وجعله جمرًا؛ للمبالغة في التهديد،
فَلْيَسْتَقِلَّ مِنْهُ أَوْ لِيُكْثِرْ".
(202)
- 1811 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاح،
===
فهذا كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} (1)؛ أي: ما يوجب نارًا في العقبى، وعارًا في الدنيا، ويحتمل أن يكون جمرًا حقيقةً يعذب بها؛ كما ثبت لمانعي الزكاة (فليستقل منه أو ليكثر) أي: ليطلب منه قليلًا إن شاء أو كثيرًا منه، ولينظر عاقبة أمره.
قال القرطبي: هو أمر على جهة التهديد، أو على جهة الإخبار عن مآل حاله، والمعنى: فإنَّه يعاقب على القليل من ذلك وعلى الكثير. انتهى من "المفهم"، قال السندي: والأمر فيه للتهديد أو التوبيخ؛ نظير قوله تعالى: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (2)، والمعنى: سواء عليه استكثر منه أو استقل. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس، وأحمد، والبيهقيُّ في "الكبرى" في كتاب الزكاة.
ودرجته: أنَّه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثمَّ استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث آخر له رضي الله تعالى عنه، فقال:
(202)
- 1811 - (2)(حدثنا محمَّد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(1) سورة النساء: (10).
(2)
سورة الكهف: (29).
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ".
===
(حدثنا أبو بكر بن عياش) بن سالم الأسدي الكوفي المقرئ الحناط مشهور بكنيته، والأصح أنها اسمه، وقيل: اسمه محمَّد، أو عبد الله، أو سالم، ثقة عابد، من السابعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ)، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن أبي حصين) عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي، ثقة ثبت سني، وربما دلس، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن سالم بن أبي الجعد) رافعٍ الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيرًا، من الثالثة، مات سنة سبع أو ثمان وتسعين (98 هـ)، وقيل: مئة (100 هـ)، أو بعد ذلك، ولم يثبت أنَّه جاوز المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأنَّ رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة) أي: سؤالها، وإلا. . فهي تحل للفقير وإن كان قويًا صحيح الأعضاء إذا أعطاه أحد بلا سؤال منه؛ أي: لا تحل (لغني) بالمال أو بالكسب (ولا) تحل (لذي مرة) - بكسر الميم وتشديد الراء المفتوحة - أي: لصاحب قوة وشدة (سوي) أي: كامل الأعضاء صحيحها سليم من القطع والشلل والزمانة.
وفي "التحفة": قوله: "ذي مرة" أي: قوة على الكسب "سوي" أي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مستوي الخلق، قاله الجوهري، والمراد: استواء الأعضاء وسلامتها، (سوي) أي: صحيح سليم الأعضاء. انتهى من "التحفة".
قوله: "ولا تحل الصدقة لغني" في "المحيط" من كتب الحنفية: الغنى على ثلاثة أنواع: غنىً يُوجب الزكاةَ؛ وهو مِلْكُ نصاب حولًا كاملًا، وغنىً يحرم الصدقة ويوجب صدقة الفطر والأضحية؛ وهو ملك ما يبلغ قيمة نصاب من الأموال الفاضلة عن حاجته الأصلية، وغنىً يحرم السؤال دون الصدقة؛ وهو أن يكون له قوت يومه وما يستر عورته، "ولا لذي مرة" أي: ولا لقوي على الكسب "سوي" أي: صحيح البدن تام الخلقة. انتهى من "العون".
قال علي الفارسي: فيه نفي كمال الحل لا نفس الحل، أو لا تحل بالسؤال، قال ابن الملك: أي: لا تحل الزكاة لمن أعضاؤه صحيحة، وهو قوي يقدر على الاكتساب بقدر ما يكفيه وعياله، وبه قال الشافعي.
قال الخطابي: قد اختلف الناس في جواز الصدقة لمن يجد قوةً يقدر بها على الكسب: فقال الشافعي: لا تحل له الصدقة، وكذلك قال إسحاق بن راهويه، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يجوز له أخذ الصدقة إذا لم يملك مئتي درهم فصاعدًا. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، والترمذي في كتاب الزكاة، باب من لا تحل له الصدقة، وقال: حديث حسن، والنسائيُّ والدارقطني وابن حبَّان وابن خزيمة وأحمد.
ودرجة هذا الحديث: أنَّه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة الأوّل.
(203)
- 1812 - (3) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ
===
ثمَّ استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة الأوّل بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(203)
-1812 - (3)(حدثنا الحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي أبو علي (الخلال) الحلواني المكي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(خ م د ت ق).
(حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي مولاهم الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن حكيم بن جبير) الأسدي، وقيل: مولى ثقيف الكوفي، ضعيف رمي بالتشيع، من الخامسة. يروي عنه:(عم).
(عن محمَّد بن عبد الرحمن بن يزيد) بن قيس النخعي أبي جعفر الكوفي، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(عم).
(عن أبيه) عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، من كبار الثالثة، مات سنة ثلاث وثمانين (83 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأنَّ فيه حكيم بن جبير، وهو متفق على ضعفه، ولكن له متابع، فلا يضر حكيم؛ كما سيأتي.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ. . جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُدُوشًا أَوْ خُمُوشًا أَوْ كُدُوحًا فِي وَجْهِهِ"، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: "خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا
===
(قال) ابن مسعود: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سأل) الناس مالًا (و) الحال أن (له ما يغنيه) من سؤال الناس. . (جاءت مسألته) أي: أثر مسألته للناس (يوم القيامة) حالة كونها (خدوشًا) بضمتين (أو) قال الراوي: حالة كونها (خموشًا، أو) قال الراوي: حالة كونها (كدوحًا) أي: عبوسًا (في وجهه) والشك من الراوي أو ممن دونه، وهذه الكلمات الثلاث -بضم أوائلها- ألفاظ متقاربة المعاني؛ جمع خمش وخدش وكدح، فـ (أو) هنا إما للشك من الراوي؛ إذ الكل يُعْرِبُ عن أثر ما يظهر على الجلد واللحم من ملاقاة ما يقشر أو يجرح، ولعل المراد بها: آثار مستنكرة في وجهه حقيقةً، أو أمارات؛ ليعرف ويشتهر بذلك بين أهل الموقف، أو لتقسيم منازل السائل؛ فإنَّه مقل أو مكثر أو مفرط في المسألة، فذكر الأقسام على حسب ذلك.
والخمش أبلغ في معناه من الخدش، وهو أبلغ من الكدح؛ إذ الخمش في الوجه، والخدش في الجلد، والكدح فوق الجلد، وقيل: الخدش: قشر الجلد بعود، والخمش: قشره بالأظفار، والكدح: العض، وهي في أصلها مصادر، لكنها لما جعلت أسماءً للآثار. . جمعت، كذا في "المرقاة". انتهى من "تحفة الأحوذي".
(قيل) أي: قال بعض الحاضرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر من ذكر هذا القائل:(يا رسول الله؛ وما يغنيه؟ ) أي: كم هو، أو أي مقدار من المال يغنيه من مسألة الناس؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل: الذي يغنيه هو (خمسون درهمًا أو قيمتها) أي: قيمة الخمسين
مِنَ الذَّهَبِ"، فَقَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ: إِنَّ شُعْبَةَ لَا يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: قَدْ حَدَّثَنَاهُ زُبَيْدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ.
===
(من الذهب) قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، أخرجه النسائي بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل وله أربعون درهمًا. . فهو الملحف".
قلت: وفي الباب أيضًا عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد له صحبة في أثناء حديث مرفوع قال فيه: "من سأل منكم وله أوقية أو عدلها. . فقد سأل إلحافًا". أخرجه أبو داوود، وعن سهل بن الحنظلية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل وعنده ما يغنيه. . فإنما يستكثر من النار"، فقالوا: يا رسول الله؛ وما يغنيه؟ قال: "قدر ما يغديه ويعشيه". أخرجه أبو داوود، وصححه ابن حبَّان، كذا في "فتح الباري" انتهى من "التحفة".
(فقال رجل) وهو يحيى بن آدم بن سليمان الأموي الكوفي؛ كما مر في السند (لسفيان) الثوري: (إن شعبة لا يحدث عن حكيم بن جبير) أصلًا؛ لضعفه، فهذا يدلّ على أن شعبة ترك الرواية عنه (فقال سفيان) الثوري لذلك الرجل الذي قال له ما ذكر:(قد حدثناه) أي: قد حدثنا هذا الحديث المذكور (زبيد) بن الحارث اليامي الكوفي، ثقة ثبت عابد، من السادسة (عن محمَّد بن عبد الرحمن بن يزيد).
فالحديث صحيح؛ لأنَّ حكيم بن جبير لم ينفرد به، فالحديث صحيح؛ لصحة سنده.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، والترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء من تحل له الزكاة، وقال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن، وقد تكلم شعبة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث، والنسائيُّ في كتاب الزكاة، باب حدّ الغنى، والدارميُّ في كتاب الزكاة، باب من تحل له الصدقة، والدارقطني في كتاب الزكاة، باب الغنى الذي يحرم السؤال.
فدرجة هذا الحديث: أنَّه صحيح؛ لصحة سنده؛ لأنَّ حكيم ابن جبير لم ينفرد به، ولأن له شواهد ومشاركات، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأوّل للاستدلال، والآخران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم