المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء - البناية شرح الهداية - جـ ١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌كتاب الطهارات

- ‌[تعريف الوضوء]

- ‌[حكم الطهارة]

- ‌[فرائض الطهارة]

- ‌[صفة غسل الأعضاء في الوضوء]

- ‌[حد المرفق والكعب في الوضوء]

- ‌[المقدار المفروض في مسح الرأس في الوضوء]

- ‌سنن الطهارة

- ‌[غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء]

- ‌تسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء

- ‌[السواك من سنن الوضوء]

- ‌[فضل السواك وأوقات استحبابه]

- ‌[كيفية الاستياك]

- ‌[فيما يستاك به وما لا يستاك به]

- ‌[حكم من لم يجد السواك]

- ‌[المضمضة والاستنشاق في الوضوء]

- ‌[مسح الأذنين في الوضوء]

- ‌[تخليل اللحية في الوضوء]

- ‌[تخليل الأصابع في الوضوء]

- ‌[تكرار الغسل ثلاث مرات في الوضوء]

- ‌[النية في الوضوء]

- ‌[استيعاب الرأس في الوضوء]

- ‌[ترتيب أعضاء الوضوء]

- ‌[البداءة بالميامن في الوضوء]

- ‌[فصل في نواقض الوضوء] [

- ‌ما خرج من السبيلين من نواقض الوضوء]

- ‌[خروج الدم والقيح من نواقض الوضوء]

- ‌[القيء والدم من نواقض الوضوء]

- ‌[النوم من نواقض الوضوء]

- ‌[الإغماء والجنون والقهقهة في الصلاة من نواقض الوضوء]

- ‌فصل في الغسل

- ‌[فرائض الغسل]

- ‌[سنن الغسل]

- ‌[البدء بغسل اليدين في الغسل]

- ‌[الوضوء من سنن الغسل]

- ‌المعاني الموجبة للغسل:

- ‌[إنزال المني من موجبات الغسل]

- ‌[التقاء الختانين من موجبات الغسل]

- ‌ الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والإحرام

- ‌[الأغسال المسنونة]

- ‌[باب في الماء الذي يجوز به الوضوء وما لا يجوز]

- ‌[ماء البحر]

- ‌[الوضوء بما اعتصر من الشجر والثمر]

- ‌[الوضوء بالماء الذي يقطر من الكرم]

- ‌[الطهارة بماء غلب عليه غيره]

- ‌[الطهارة بالماء الذي خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه]

- ‌[الوضوء بالماء الذي وقعت فيه نجاسة]

- ‌[حكم موت ما ليس له نفس سائلة في الماء]

- ‌[حكم موت ما يعيش في الماء فيه]

- ‌[حكم استعمال الماء المستعمل في طهارة الأحداث]

- ‌[المقصود بالماء المستعمل وأقسامه]

- ‌الجنب إذا انغمس في البئر

- ‌[طهارة الجلود بالدباغ]

- ‌[طهارة جلد الكلب والخنزير]

- ‌[هل الكلب نجس العين]

- ‌ الانتفاع بأجزاء الآدمي

- ‌ ما يطهر جلده بالدباغ يطهر بالذكاة

- ‌شعر الميتة وعظمها طاهر

- ‌[الأعيان الطاهرة]

- ‌شعر الإنسان وعظمه

- ‌فصل في البئر

- ‌[حكم وقوع النجاسة في البئر]

- ‌فصل في الأسآر وغيرها

- ‌[سؤر الآدمي وما يؤكل لحمه]

- ‌سؤر الكلب

- ‌[سؤر الحائض]

- ‌[سؤر الخنزير وسباع البهائم]

- ‌سؤر الهرة

- ‌[سؤر الدجاجة المخلاة وسباع الطير وما يسكن البيوت]

- ‌[سؤر الحمار والبغل والفرس]

- ‌[حكم الطهارة بنبيذ التمر]

- ‌باب التيمم

- ‌[تعريف التيمم]

- ‌[شرائط التيمم]

- ‌[عدم وجود الماء]

- ‌[العجز عن استعمال الماء لمرض ونحوه]

- ‌[خوف الضرر من استعمال الماء]

- ‌[أركان التيمم]

- ‌[كيفية التيمم]

- ‌[تيمم الجنب]

- ‌[تيمم الحائض والنفساء]

- ‌[ما يتيمم به]

- ‌[التيمم بالغبار مع وجود الصعيد]

- ‌والنية فرض في التيمم

- ‌[نية التيمم للحدث أو الجنابة]

- ‌[مبطلات التيمم]

- ‌[ما يباح بالتيمم]

- ‌[التيمم لصلاة الجنازة والعيدين ونحوها]

- ‌[التيمم لصلاة الجمعة]

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌[حكم المسح على الخفين]

- ‌[شروط المسح على الخفين]

- ‌[مدة المسح على الخفين للمقيم والمسافر]

- ‌[كيفية المسح على الخفين]

- ‌[المسح على خف فيه خرق كبير]

- ‌[المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل]

- ‌[نواقض المسح على الخفين]

- ‌[المسح على الجرموقين]

- ‌ المسح على الجوربين

- ‌[المسح على العمامة والقلنسوة ونحوهما]

- ‌ المسح على الجبائر

- ‌[حكم المسح على الجبائر]

- ‌باب الحيض والاستحاضة

- ‌[تعريف الحيض وأركانه]

- ‌أقل الحيض

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[أكثر الحيض]

- ‌[ما يسقطه الحيض من العبادات]

- ‌[ما يحرم على الحائض]

- ‌[ما تقضيه الحائض من العبادات]

- ‌[ما يحرم على الحائض والجنب]

- ‌[دخول الحائض والجنب المسجد]

- ‌[طواف الحائض والجنب]

- ‌[قراءة القرآن للحائض والجنب]

- ‌[مس المصحف للمحدث والحائض والجنب]

- ‌[فروع فيما يكره للحائض والجنب]

- ‌[دفع المصحف إلى الصبيان المحدثين]

- ‌[انقطاع دم الحيض لأقل من عشرة أيام]

- ‌[حكم الطهر المتخلل بين الدمين في مدة الحيض]

- ‌أقل الطهر

- ‌[حكم دم الاستحاضة]

- ‌[فصل في وضوء المستحاضة ومن به سلسل البول والرعاف الدائم]

- ‌فصل في النفاس

- ‌[تعريف النفاس]

- ‌السقط الذي استبان بعض خلقه

- ‌[أقل النفاس وأكثره]

- ‌باب الأنجاس وتطهيرها

- ‌[حكم تطهير النجاسة]

- ‌[حكم تطهير النجاسة]

- ‌[ما يجوز التطهير به وما لا يجوز]

- ‌[الماء القليل إذا ورد على النجاسة]

- ‌[كيفية تطهير الخف الذي لحقته نجاسة]

- ‌[كيفية تطهير الثوب الذي لحقته نجاسة]

- ‌[حكم المني وكيفية تطهيره]

- ‌النجاسة إذا أصابت المرآة والسيف

- ‌[الحكم لو أصاب المني البدن]

- ‌[كيفية تطهير الأرض التي أصابتها نجاسة]

- ‌[ما يعفى عنه من النجاسات]

- ‌[حكم الروث أو أخثاء البقر]

- ‌ بول الحمار

- ‌[حكم بول الفرس]

- ‌[حكم خرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور]

- ‌ لعاب البغل والحمار

- ‌[قدر الدرهم من دم السمك أو لعاب البغل أو الحمار]

- ‌[أنواع النجاسة]

- ‌فصل في الاستنجاء

- ‌[حكم الاستنجاء]

- ‌[ما يجوز به الاستنجاء به وما لا يجوز]

- ‌[ما يكون به الاستنجاء]

- ‌[الاستنجاء بالعظم والروث]

الفصل: ‌تسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء

وهذا الغسل إلى الرسغ لوقوع الكفاية به في التنظيف،

قال: و‌

‌تسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء

ــ

[البناية]

قلت: أما حقيقة فظاهر، وأما حكما فلأنه لو أدخل يده في الإناء لا ينجس على قول من يقول بسنية هذا الفعل، وأما على قول من يوجب ذلك فالماء يتنجس.

وقال تاج الشريعة: فإن قلت اليد آلة التطهير فلا يتوصل إلى الطهارة إلا بها، فيفرض غسلها.

قلت: هذه الآلة كانت طاهرة بيقين؛ لأن الظاهر اضطجاعه متوضئا إذ هو السنة والمستحب وقد شككنا في تنجيسها فلا تنجس بالشك، وقال أيضا في قول المصنف فتسن البداية بطهرها أي عند التباس حالها لئلا يؤدي إلى تنجيس غيره فإنه لما كان كذلك يكون تركه مكروها إذ الكراهية لاحتمال النجاسة، فإذا كان تركه مكروها يكون البيتان به سنة، إذ السنة إعدام المكروه إذ المكروه لاحتمال النجاسة فإذن كان تركه مكروها.

م: (وهذا الغسل إلى الرسغ) ش: أشار به إلى غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء إلى الرسغ - بضم الراء وسكون السين المهملة وفي آخره غين معجمة وهو منتهى الكف عند المفصل - وفي " مغني الحنابلة ": وحد اليد المأمور بغسلها من الكوع؛ لأن اليد المطلقة في الشرع تتناول ذلك بدليل قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38](المائدة: الآية 38) ، وإنما تقطع يد السارق من مفصل الكوع.

م: (لوقوع الكفاية به في التنظيف) ش: تعليل غسل اليدين إلى الرسغ وقد قلنا: إن هذا الغسل ينوب عن الفرض؛ لأن محمدا قال في " الأصل " ثم يغسل ذراعيه.

[تسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء]

م: (وتسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء) ش: هذا بالرفع عطف على قوله: غسل اليدين؛ لأنه خبر لقوله: " وسنن الطهارة "، وقوله " تسمية الله " خبر بعد خبر، ويجوز أن يكون قوله: وسنن الطهارة أشياء:

الأول: غسل اليدين.

والثاني: تسمية الله.

والثالث: السواك، وكذا يقدر إلى آخر ما ذكره من السنن، وإنما قدر التسمية بقوله في ابتداء الوضوء؛ لأنه أراد به أن يسمي قبل شروعه في الوضوء لتقع جميع أفعال الوضوء فرضها وسنتها بالتسمية.

فإن قلت: لا دلالة عليه في الحديث الذي ذكره.

ص: 186

لقوله عليه السلام: «لا وضوء لمن لم يسم الله»

ــ

[البناية]

قلت: لما ثبت أنها سنة الوضوء دل على أن محلها ابتداء الوضوء ليشمل الجميع كما ذكر، ولقوله عليه السلام:«كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر» .

فإن قلت: دل حديث مهاجر بن قنفذ أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه، فلما فرغ منه قال:«إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله على غير طهارة.» إنه عليه السلام توضأ قبل التسمية.

قلت: التسمية من لوازم كمال الوضوء فكان ذكرها من تمامه والذاكر لها قبل وضوئه مضطرا إلى ذكرها لإقامة هذه السنة المكملة للفرض فخصت من عموم الذكر، ومطلق الذكر ليس من ضرورات الوضوء، وقد حكي التخصيص في الأذكار المقولة على أعضاء الوضوء؛ لأنها من مكملاته. أقول يعارض هذا ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنه عليه السلام: كان يذكر الله في كل حين، ولا يجوز نسبة ترك الأفضل إليه عليه السلام، والعجب من الأكمل أنه أجاب عن التعارض بين حديث التسمية وحديث:«لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» وبما نسب إلى مالك في إنكاره التسمية في أول الوضوء ثم قال: وذلك كما ترى يدل على أنه عليه السلام توضأ قبل أن يذكر الله، وسكت على هذا ومضى.

م: (لقوله عليه السلام: «لا وضوء لمن لم يسم الله» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ لم يخرجه أحد، وإنما أخرجه أبو داود وغيره:«لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.» وذكر صاحب الكتاب هذا

ص: 187

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

الحديث، وعزاه إلى أبي داود بلفظ المصنف وليس كذلك، وإنما المذكور في " سنن أبي داود " وغيره:«لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله» ثم اعلم أن هذا الحديث روي عن أحد عشر صحابيا، وهم: أبو هريرة، وسعيد بن زيد، وأبو سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وأنس بن مالك، وأبو سبرة، وأم سبرة، وابن عمر، وعلي، وابن مسعود، وعائشة رضي الله عنهم.

أما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود، وقال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن موسى عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر الله عليه» .

ورواه أحمد أيضا في مسنده بهذا الإسناد، ورواه ابن ماجه أيضا، والحاكم في " المستدرك "

ص: 188

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

فقال فيه: عن يعقوب بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة فذكره ثم قال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة أي يعقوب بن أبي سلمة عن أبيه الماجشون واسم أبي سلمة دينار. قلت: تاه ذهن الحاكم في هذا من يعقوب بن سلمة إلى يعقوب بن سلمة الماجشون، وهذا الذي في هذا الحديث هو يعقوب بن سلمة الليثي وهذا لم يحتج به مسلم.

وقال البخاري في تاريخه الكبير: لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة ولا ليعقوب من أبيه ذكره في ترجمة سلمة، وللحديث طريق أخرى عند الدارقطني والبيهقي من طريق البخاري عن يحيى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة بلفظ:«ما توضأ ما لم يذكر اسم الله عليه، وما صلى ما لم يتوضأ.» وأيوب سمعه يحيى بن معين يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا: «التقى آدم وموسى عليه السلام» .

وفي " الأوسط " للطبراني من طريق علي بن ثابت عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا هريرة إذا توضأت فقل بسم الله، والحمد لله فإن حفظتك لا تزال تكتب لك الحسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء.» وفيه أيضا من طريق الأعرج عن أبي هريرة رفعه: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يديه في الإناء حتى يغسلها ويسمي قبل أن يدخلها» تفرد بهذه الزيادة عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة وهو متروك عن هشام عن عروة عن أبي الزناد عنه.

وأما حديث سعيد بن زيد فرواه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي ثفال عن رباح بن عبد الرحمن أنه سمع جدته بنت سعيد بن زيد تحدث أنها سمعت أباها سعيد بن زيد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» .

ص: 189

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ورواه أحمد، والبزار، والدارقطني، والحاكم، والعقيلي وزاد الحاكم والعقيلي:«ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار» وقال الترمذي: قال الإمام أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد. وقال محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن، وصححه الحاكم في مستدركه وعلي بن القطان في كتاب التوهم، والإبهام، وقال: فيه ثلاثة مجاهيل الأحوال، جدة رباح لا يعرف لها اسم ولا حال، ولا تعرف بغير هذا، ورباح أيضا مجهول الحال، وأبو ثفال أيضا مجهول الحال مع أنه أشهرهم لرواية جماعة عنه منهم الدارقطني والدراوردي.

وذكره ابن أبي حاتم في كتاب " العلل "، وقال: هذا الحديث عندنا ليس بذلك، والصحيح أبو ثفال مجهول، ورباح مجهول، وقال الترمذي في " علله الكبير ": سألت محمد بن إسماعيل عن اسم أبي ثفال فلم يعرفه، ثم سألت الحسن بن علي الخلال، فقال: اسمه ثمامة بن الحصين، وهو بضم الثاء المثلثة ويقال: بكسر الثاء المشددة بعدها الفاء، وقال البزار: أبو ثفال مشهور، ورباح وجدته لا نعلمهما رويا إلا هذا الحديث، ولا حدث عن رباح إلا أبو ثفال فالخبر من جهة النقل لا يثبت. وقال أبو حاتم وأبو زرعة الحديث ليس بصحيح وأما جدة رباح فقد عرف اسمها من رواية الحاكم ورواه البيهقي مصرحا باسمها، وأما جدته فقد ذكرت في الصحابة.

أما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فرواه ابن ماجه، وأحمد، والدارمي، والترمذي في " العلل " وابن عدي، وابن السكن، والبزار، والدارقطني، والبيهقي، والحاكم من طريق كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم «قال:" لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله» وصححه الحاكم في " المستدرك "، وأسند إلى الأثرم أنه قال: سألت أحمد بن حنبل عن التسمية في الوضوء، فقال: أحسن ما جاء فيها حديث كثير بن زيد ولا أعلم فيها حديثا ثابتا، وأرجو أن يجزئه الوضوء؛ لأنه ليس فيه حديث به، وقال الترمذي في " علله الكبير ": قال محمد بن إسماعيل وربيح بن عبد الرحمن منكر الحديث، وقال أحمد: كثير بن زيد ليس به بأس، وعن ابن معين: ليس بالقوي، وعن أبي زرعة: صدوق فيه لين، وعن أبي حاتم: صالح الحديث، ليس بالقوي، يكتب حديثه، وربيح قال أبو حاتم: شيخ، وقال الترمذي عن البخاري: منكر الحديث.

ص: 190

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وأما حديث سهل بن سعد رضي الله عنه فرواه ابن ماجه، وقال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبي فديك عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم «قال: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار.» وأخرجه الطبراني أيضا، وعبد المهيمن ضعيف لكن تابعه أخوه ابن عباس، وهو مختلف فيه.

وأما حديث أنس رضي الله عنه فرواه النسائي وقال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ثابت وقتادة عن أنس، قال:«طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل مع أحد منكم ماء؟ " فوضع يده في إناء وهو يقول: " توضئوا باسم الله " فرأيت الماء يخرج من أصابعه حتى توضئوا من عند آخرهم، قال: قلنا لأنس: كم تراهم، قال: نحوا من سبعين» وروى عبد الملك بن حبيب الأندلسي عن أسد بن موسى عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بلفظ: «لا إيمان لمن لم يؤمن، ولا صلاة إلا بوضوء، ولا وضوء لمن لم يسم الله» وعبد الملك شديد الضعف.

وأما حديث أبي سبرة فرواه الطبراني في " الأوسط "، وقال: حدثنا أبو جعفر حدثنا يحيى بن زيد بن عبد الله بن سبرة عن أبيه عن جده، قال:«صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر ذات يوم فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس لا صلاة إلا بوضوء، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا يؤمن بالله من لم يؤمن بي ولا يؤمن بي من لم يعرف حق الأنصار» ورواه الدولابي في " الكنى "، و " ألقاب الصحابة ".

وأما حديث أم سبرة فأخرجه أبو موسى في " المعرفة " فقال عن أم سبرة وهو ضعيف، وقال الذهبي: أم سبرة لها حديث لا يصح.

وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فرواه الدارقطني، وقال: حدثنا أحمد بن محمد

ص: 191

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

بن زياد حدثنا محمد بن غالب حدثنا هشام بن بهرام حدثنا عبد الله بن حكيم عن عاصم بن محمد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فذكر اسم الله على وضوئه كان طهورا لجسده، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله على وضوئه كان طهورا لأعضائه» ورواه البيهقي أيضا، ثم قال: هذا ضعيف، وأبو بكر الزاهدي غير ثقة عند أهل العلم بالحديث.

قلت: أراد بأبي بكر الزاهدي عبد الله بن حكيم، وذكره المزي بفتح الحاء، وقال يحيى بن معين: عبد الله بن حكيم أبو بكر الزاهدي ليس بشيء، وقال السعدي: كذاب مصرح، وقال ابن حبان: يضع الحديث على الثقات.

وأما حديث علي رضي الله عنه فرواه ابن عدي في ترجمة عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده عن علي، وقال: إسناده ليس بمستقيم.

وأما حديث ابن مسعود فرواه الدارقطني وقال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سلمة، قال: حدثنا يحيى بن هاشم حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله، فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر اسم الله على طهوره لم يطهر منه إلا ما مر عليه الماء، فإذا فرغ من طهوره فليشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم ليصل علي فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة» . ورواه البيهقي أيضا، ثم قال: هذا ضعيف لا أعلم رواه عن الأعمش غير يحيى بن هاشم ويحيى بن هاشم متروك الحديث.

وأما حديث عائشة رضي الله عنها فرواه البزار في " مسنده "، وقال: حدثنا إبراهيم بن زياد الصائغ حدثنا أبو داود الحولي حدثنا سفيان عن حارثة بن محمد عن سمرة عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بدأ الوضوء سمى» ورواه الدارقطني أيضا ولفظه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس طهورا سمى الله» «وقال أبو بكر: كان يقوم إلى الوضوء فيسمي الله

ص: 192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ثم يفرغ الماء على يديه» .

قوله: " لا وضوء " كلمة " لا " لنفي الجنس وخبرها محذوف تقديره: لا وضوء حاصل، أو كائن لمن لم يسم: أي لم يذكر اسم الله عليه، وحذف خبر " لا " شائع، ولا سيما إذا كان الخبر عاما كالموجود، والحاصل أن غير ذلك لدلالة النفي ومنه: لا إله إلا الله، ولا فتى إلا علي، ولا سيف إلا ذو الفقار، واستدل أهل الظاهر وإسحاق بن راهويه أن الوضوء لا يصح إلا بالتسمية حتى قال إسحاق: إذا ترك التسمية عامدا يجب عليه إعادة الوضوء، وعن أحمد أنها واجبة، وروي عنه أنه قال: ليس في هذا حديث يثبت، وأرجو أن يجزئه الوضوء.

وفي " المغني " ظاهر مذهب أحمد أن التسمية مسنونة في طهارات الحدث كلها، ورواه جماعة من أصحابه عنه، وقال: الذي استقر في الروايات عنه أنه لا بأس به يعني إذا ترك التسمية وهذا قول الثوري، ومالك، والشافعي، وأبي عبيدة وابن المنذر وأصحاب الرأي، وعن أحمد رواية أخرى أن التسمية واجبة في جميع طهارات الحدث، الوضوء، والغسل، والتيمم، وهو اختيار أبي بكر، ومذهب الحسن، وإسحاق، ثم إذا قلنا بوجوبها فتركها عامدا لم تصح طهارته فإن تركها سهوا صحت، وهو قول إسحاق، وإن ذكرها في أثناء الطهارة أتى بها، وقال أبو الفرج: إذا سمى في أثناء الوضوء أجزأه يعني على كل حال؛ لأنه قد ذكر اسم الله عليه، وقال بعض أصحابنا: لا تسقط بالسهو لظاهر الحديث وقياسا على سائر الواجبات، والأول أولى. قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا نسي التسمية في الوضوء، قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء. انتهى.

قال القدوري: قال قوم: إن التسمية في أول الوضوء فرض وهذا غلط، وعن مالك أنه أنكر التسمية في أول الوضوء، فقال: أتريد أن تذبح، قلت: إن كان إنكاره كونها شرطا كما يكون شرطا لحل الذبيحة فهو موجه، وإن كان إنكاره كونها مستحبة أو سنة في أول الوضوء فإنكاره ليس له وجه، لما ذكرنا من الأحاديث ولما روى الحافظ عبد القادر الزهاوي في " أربعينه " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:«كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله أو بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فهو أقطع» وصححها أبو عوانة وابن حبان، وقال " صاحب البدائع ": قال مالك إن التسمية فرض إلا إذا كان ناسيا فتقام التسمية بالقلب مقام التسمية باللسان دفعا للحرج. واحتج له بالحديث المذكور.

فإن قلت: هذا غير صحيح؛ لأن مذهب مالك أن التسمية سنة كمذهبنا على أن نقلنا عن القدوري أنه نقل عنه أنه أنكر التسمية كما ذكرنا أيضا، وقد قال صاحب " الجواهر ": وأما فضائله أي فضائل الوضوء فأربع: التسمية، وروى الواقدي أن ذلك فيما يؤمر به من شاء قال ذلك،

ص: 193

والمراد به نفي الفضيلة

ــ

[البناية]

ومن شاء لم يقله، وروى علي بن زياد إنكارها وأما صفة التسمية فقال الطحاوي رحمه الله: المنقول عن السلف في تسمية الوضوء باسم الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام. وقال الأكمل فيه أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: هذا عجز منه لم يبين من رفعه ورواه من الأئمة المعتبرين. وكذا قال البخاري: هو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله والحمد لله» رواه الطبراني في " الصغير " بإسناد حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة إذا توضأت فقل بسم الله والحمد لله» الحديث، وقد مر عن قريب، وعن الدبوسي الأفضل أن يقول:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "، وعنه يتعوذ في ابتداء الوضوء ويبسمل.

وفي " المجتبى ": لو قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، بسم الله العظيم، والحمد لله على دين الإسلام فحسن لورود الآثار.

وقال صاحب " المحيط ": ولو قال في ابتداء الوضوء لا إله إلا الله، والحمد لله، أو أشهد أن لا إله إلا الله، يصير مقيما لسنة التسمية. قلت: هذا كما ترى كل واحد من الأئمة هؤلاء الكبار يذكر حديثا أو أثرا لم يبين مخرجه، ولا حاله من الصحة والضعف، والآفة في ذلك من التقليد.

م: (والمراد به نفي الفضيلة) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال: إنكم ذكرتم التسمية في سنن الوضوء، واحتججتم عليه بالحديث المذكور، فالحديث بظاهره يدل على الوجوب وتقدير الجواب أن الحديث محمول على نفي الفضيلة حتى لا تلزم الزيادة على مطلق الكتاب بخبر الواحد ونظير ذلك قوله عليه السلام:«لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» .

فإن قلت: الحديث المذكور نظير قوله عليه السلام: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» في كونه بخبر الواحد، فكيف اختلف حكمها في السنة والوجوب.

قلت: قد أجاب أكثر الشراح بأن لا نسلم أنهما نظيران في كونهما خبر الواحد، بل خبر الفاتحة أشهر من خبر التسمية، فقد ورد مرسلا على حسب مرتبة العلوية وهذا فيه نظر؛ لأن لقائل أن يقول: إذا كان خبر الفاتحة مشهورا كان تعيين الفاتحة فرضا لجواز الزيادة على النص بالخبر المشهور.

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

والأحسن أن يقال: فإذن خبر الفاتحة مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها من غير ترك فهذا دليل الوجوب بخلاف التسمية حيث لم تثبت عليها المواظبة ويرد عليه التكبيرات التي تخلل في أثناء الصلاة، والجواب القاطع عندي أن يقال: خبر الفاتحة متفق على صحته وخبر التسمية ليس كذلك حتى روي عن أحمد رحمه الله أنه قال حين سئل عنها: " لا أعلم فيها حديثا صحيحا أقوى " فإذا كان الأمر كذلك، فمن أين المعارضة حتى يحتاج إلى الجواب، ولأنه عليه السلام علم الأعرابي الوضوء ولم يذكر التسمية وهو جاهل أحكام الوضوء، فلو كانت شرطا لصحته لاستوى فيها العمل والنسيان كتحريمة الصلاة.

فإن قلت: روي في حديث عائشة رضي الله عنها أنه عليه السلام سمى كما ذكرنا عن البزار.

قلت: ضعفه بعضهم، قال ابن عدي: بلغني عن أحمد أنه نظر في جامع إسحاق بن راهويه فإذا أول حديث أخرجه هذا الحديث فأنكره جدا، فقال: أول حديث يكون في الجامع عن حارثة، وكان في إسناده، حارثة بن محمد وهو ضعيف، روي عن أحمد أنه قال: هذا يزعم أنه اختار أصح شيء في إسناده، وهذا أضعف حديث، ولئن سلمنا ذلك لكن لا نسلم أنه عليه السلام سمى باعتبار الوجوب بل باعتبار أنها مستحبة في ابتداء جميع الأفعال كما في قوله عليه السلام:«كل أمر ذي بال» الحديث، وقد حمل بعضهم قوله عليه السلام:«لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» على أنه الذي يتوضأ أو يغتسل ولا يتوضأ وضوءه للصلاة ولا غسل للجنابة.

كما رواه أبو داود حدثنا أحمد بن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن الدراوردي قال: ذكر ربيعة أن تفسير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» أنه الذي يتوضأ أو يغتسل ولا يتوضأ وضوءه للصلاة، ولا غسلا للجنابة وذلك لأن النسيان محله القلب فوجب أيضا أن يكون محلا للذكر الذي يضاد النسيان، وذكر القلب إنما هو النية، هذا توجيه كلام ربيعة ابن عبد الرحمن المدني شيخ مالك والليث والأوزاعي.

قلت: الذكر الذي يضاد النسيان بضم الذال والذكر بالكسر يكون باللسان، والمراد بالذكر المذكور في الحديث هو الذكر باللسان فكيف يلتئم كلام ربيعة وفيه تعسف وتأويل بعيد لا تدل عليه قرينة من القرائن اللفظية ولا من القرائن الحالية فلا حاجة إلى هذا التكلف إذا حملناه على نفي الفضيلة والكمال.

قيل: إن «حديث المهاجر بن قنفذ: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فسلمت عليه فلم يرد، فلما فرغ قال: " إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني على وضوء» أخرجه أبو داود وابن حبان في

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

" صحيحه " والحاكم في " مستدركه "، وقال: إنه صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه مشكل على أحاديث التسمية والجواب عن ذلك من وجهين: أحدهما: أنه معلول، والآخر: أنه معارض. أما كونه معلولا فقال ابن دقيق العيد في " الإمام " سعيد بن أبي عروبة الذي يرويه عن قتادة عن الحسن عن الحصين بن المنذر عن المهاجر قال: كان اختلط في آخر عمره، فراعى فيه سماع من سمع منه قبل الاختلاط. قال ابن عدي: قال أحمد بن حنبل: زيد بن زريع سمع منه قديما، وقال قد رواه النسائي من حديث شعبة عن قتادة به، وليس فيه إنه لم يمنعني. أهـ، ورواه حماد بن سلمة عن حميد وغيره عن الحسن عن المهاجر منقطعا فصار فيه ثلاث علل.

فإن قلت: روى أبو داود في سننه عن محمد بن ثابت العبدي حدثنا نافع قال: انطلقت مع عبد الله بن عمر في حاجة إلى ابن عباس فلما قضى حاجته كان من حديثه يومئذ أن «قال مر النبي صلى الله عليه وسلم في سكة من سكك المدينة وقد خرج من غائط أو بول إذ سلم عليه رجل فلم يرد عليه السلام ثم إنه ضرب بيديه الأرض أو بيده الحائط فمسح وجهه مسحا ثم ضرب ضربة فمسح» قلت: قال النووي في " الخلاصة " محمد بن ثابت العبدي ليس بالقوي عند أكثر المحدثين، وقد أنكر عليه البخاري وغيره رفع هذا الحديث، وقالوا: الصحيح أنه موقوف على ابن عمر، وقال الخطابي: وحديث ابن عمر لا يصح؛ لأن محمد بن ثابت العبدي ضعيف جدا لا يحتج بحديثه. وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه، وقال النسائي: يروي عن نافع ليس بقوي.

وأما كونه معارضا: فروى البخاري ومسلم من حديث كريب «عن ابن عباس قال بت ليلة عند خالتي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاضطجعت في عرض الوسادة واضجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طولها فنام عليه السلام حتى إذا انتصف الليل أو قبله» الحديث.

ص: 196

والأصح أنها مستحبة وإن سماها في الكتاب سنة

ــ

[البناية]

ففي هذا ما يدل على جواز ذكر اسم الله وقراءة القرآن مع الحديث.

ولكن وقع في الصحيح «أنه صلى الله عليه وسلم تيمم لرد السلام» أخرجاه «عن أبي الجهم، قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر خم فلقيه رجل فسلم فلم يرد عليه حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام» ولم يصل مسلم سنده به، ولكنه روي من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع «عن ابن عمر أن رجلا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم فلم يرد عليه السلام، لم يذكر فيه التيمم» .

ورواه البزار في " مسنده " من حديث أبي بكر رجل من آل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن نافع عن ابن عمر في هذه القضية «قال: فرد عليه السلام وقال: " إنما رددت عليك خشية أن تقول سلمت فلم ترد علي، فإذا رأيتني هكذا فلا تسلم علي فإني لا أرد عليك» ورواه عبد الحق في أحكامه من جهة البزار، ثم قال: وأبو بكر فيما أعلم هو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وروى ذلك مالك وغيره بإسناد لا بأس به ولكن حديث الضحاك بن عثمان الأصح فإن الضحاك يوثق من بكر في هذا، ولعل ذلك كان في موضعين وتعقبه ابن القطان في كتابه فقال: من أين له أنه هو، ولم يصرح في الحديث باسمه، واسم أبيه وجده.

قلت: قد جاء ذلك مصرحا في مسند السراج، فقال: حدثنا محمد بن إدريس حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا سعيد بن سلمة حدثني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن نافع عن ابن عمر فذكره. وروى ابن ماجه في سننه من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتني على هذه الهيئة فلا تسلم علي فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك» ورواه البزار وقال فيه: " فلم يرد عليه ".

م: (والأصح أنها) ش: أي التسمية م: (مستحبة وإن سماها في الكتاب سنة) ش: أي القدوري، وقيل " المبسوط "، وليس بصحيح؛ لأن المنصوص فيه على الاستحباب.

فإن قلت: أين جواب " إن " التي هي للشرط؟.

قلت: بعده سمى " إن " الواصلة وهي مستغنية عن الجواب بدلالة ما قبل الكلام عليه، وتقديره في الأصل، وإن سماها في الكتاب سنة فهي مستحبة، ويجوز أن يكون معطوفا على المحذوف تقديره، والأصح من المذهب أن التسمية مستحبة إن لم يسمها، وإن سماها.

ثم إن الشراح عللو ذلك بقولهم: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يواظب عليها، ولأن عثمان وعليا رضي الله عنهما حكيا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنهما التسمية.

ص: 197

ويسمي قبل الاستنجاء، وبعده هو الصحيح،

ــ

[البناية]

قلت: كيف يكون الأصح أنها مستحبة مع ورود الأحاديث الكثيرة الدالة على سنيتها بمقتضى التأويلات التي ذكرناها، على أنا لو لم نورد لها المعارضة بأحاديث غيرها إياها لكان مقتضاها وجوب التسمية على ما ذهب إليه طائفة ممن ذكرناها فيما مضى، فلذلك نص على سنيتها في " المحيط " و " شرح مختصر الكرخي "، و " التحفة " و " الغنية "، و " الجامع " و " القدوري " وقال ابن المرغيناني: هو الصحيح وهو المختار أيضا. وقال الأكمل وغيره: وما روي أنه صلى الله عليه وسلم سمى فهو من باب قوله صلى الله عليه وسلم: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر» .

قلت: هذا جواب عن الحديث الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم سمى عند الوضوء فكانت سنة، وتقديره أنه صلى الله عليه وسلم سمى لأنه سنة تختص بالوضوء بل إنه فعل من الأفعال والمستحب في سائر الأفعال البداية بسم الله، لقوله صلى الله عليه وسلم:«كل أمر ذي بال» الحديث.

قلت: هذا لا يساعدهم؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «كل أمر ذي بال» كاد أن يدل على وجوب التسمية عند كل فعل مطلقا؛ لأن فيه ما يشبه الوعيد على ترك التسمية، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن الفعل الذي لا يبدأ باسم الله أبتر، ويروى أقطع، ويروى أجزم، وأدنى ما فيه الدلالة على السنية.

م: (ويسمى قبل الاستنجاء، وبعده هو الصحيح) ش: احترز به عما قيل أنه يسمي قبل الاستنجاء؛ لأنه سنة الوضوء، فيسمي لتقع جميع أفعال الوضوء بها، وعما قيل: يسمي بعد الاستنجاء؛ لأن قبله حال انكشاف العورة وذكر الله تعالى في تلك الحالة غير مستحب تعظيما لاسم الله تعالى، وفي " جوامع الفقه ": ويبدأ بالتسمية بعد الاستنجاء وهو المختار، واختار المصنف الجمع بين القولين فقال: ويسمى قبل الاستنجاء وبعده.

قلت: ينبغي أن يكون الأصح من قول من قال: يسن قبل الاستنجاء للتعليل الذي ذكر الآن، ولأن الاستنجاء الوضوء والبداية شرعت فيه بالتسمية نص عليه في " المحيط ".

فإن قلت: الدليل من السنة على ما اختاره المصنف رحمه الله من التسمية تكون مرتين مرة قبل الاستنجاء ومرة بعده في ابتداء الوضوء.

قلت: يمكن أن يكون حديث أبي هريرة: «كل أمر ذي بال» الحديث دليلا على مدعاه وذلك لأن الاستنجاء أمر من الأمور فيبدأ فيه بذكر الله تعالى، والوضوء أيضا أمر آخر، فيبدأ به أيضا ليكون عاملا بالحديث في كل الأحوال.

فإن قلت: فعلى هذه ينبغي أن يكون عند غسل كل عضو؛ لأن كل واحد من ذلك أمر على حدة قلت: الوضوء كلها أمر واحد؛ لأنه عمل واحد بخلاف كثرة الاستنجاء والوضوء فإنهما عملان مختلفان على أنه لو سمى عند غسل كل عضو لا يمنع من ذلك ولا يكره بل هو مستحب.

ص: 198