الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الزهري قال: سمعت سالماً يحدث عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يمس القرآن إلا طاهر» ، وسلمان بن موسى الأشدق مختلف فيه فوثقه بعضهم، وقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي.
الثالث: حكيم بن حزام، أخرج حديثه الحاكم في "المستدرك " في كتاب الفضائل من حديث سويد بن أبي حاتم حدثنا مطر الوراق عن حسان بن بلال «عن حكيم بن حزام قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر» وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ورواه الطبراني في "معجمه " والدارقطني ثم البيهقي من جهته في "سننهما ".
الرابع: عثمان بن أبي العاص أخرج حديثه الطبراني في "معجمه " بإسناده إلى المغيرة بن شعبة عن عثمان بن أبي العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمس القرآن إلا طاهر» .
الخامس: ثوبان أخرج حديثه علي بن عبد العزيز في "منتخبه " من حديث أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يمس القرآن إلا طاهر والعمرة هي الحج الأصغر» ، وإسناده ضعيف جداً، قلت: ولو استدل المصنف على ذلك بقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79](الواقعة: الآية 79) ، لكان أولى وأقوى.
وقال الأكمل. فإن قلت: ما بال المصنف لم يستدل بقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: 77]{فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 78]{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] فإنه ظاهر في النهي عن مس المصحف بغير الطاهر.
قلت: لأن بعض العلماء حملوه على الكرام البررة فكان محتملاً فترك الاستدلال به. قلت: هذا الاحتمال البعيد لا يضر الاستدلال به، لأن حمل الآية على مس الملائكة بعيد لأنهم كلهم مطهرون، وتخصيص بعض الملائكة من بين سائر المطهرين على خلاف الأصل مع وجود الأحاديث المذكورة.
[فروع فيما يكره للحائض والجنب]
فروع: يكره للجنب أو الحائض أن يكتب الكتاب الذي في بعض سطوره آية من] القرآن وإن كانا لا يقرآن لأن فيه من القرآن. وفي " فتاوى أبي الليث ": الجنب لا يكتب القرآن وإن كانت الصحيفة على الأرض ولا يضع يده عليها وإن كان ما دون الآية، وفي " المحيط " لا بأس لهما بكتابة المصحف إذا كانت الصحيفة على الأرض عند أبي يوسف لأنه لا يمس القرآن بيده وإنما يكتب حرفاً فحرفاً، وليس الحرف الواحد بقرآن. وقال محمد: أحب إلي أن لا يكتب، ومشايخ بخارى أخذوا بقول محمد، كذا في " الذخيرة " ويكره لهما أن يمسكا بكمهما ما عليه سورة من القرآن.
وأما الأذكار فلم ير بعضهم بمسه بأساً، والأولى عند عامة المشايخ: أن لا يمس إلا بحائل
ثم الحدث والجنابة حلا اليد فيستويان في حكم المس والجنابة حلت الفم دون الحدث فيفترقان في حكم القراءة وغلافه ما يكون متجافيا عنه
ــ
[البناية]
كما في غيره.
ويكره كتاب القرآن وأسماء الله تعالى على ما يبسط ويفرش، وكتابة القرآن على المحاريب والجدران ليست بمستحبة، ويكره كتابة سورة الإخلاص على الدراهم حين تضرب. وفي " المفيد ": قيل لا يكره من حواشي المصحف والبياض الذي لا كتابة عليه، وإنما المكروه مس موضع الكتابة لا غير، والصحيح منعه لأنه تبع للقرآن، ولا بأس أن يلقن الكافر القرآن، لأنه ربما أسلم إذا عرف نجاسته ويكره المسافرة بالقرآن إلى دار الحرب.
م: (ثم الحدث والجنابة حلا اليد فيستويان في حكم المس) ش: هذه إشارة إلى بيان اشتراك الحدث والجنابة في حرمة المس وافتراقهما في حكم القراءة بين صورة الاشتراك بقوله: ثم الحدث والجنابة حلا اليد - أي نزلا بها يعني ثبت حكم الحدث والجنابة في اليد فيستوي كلاهما في حكم المس وهو حرمته للمحدث والجنب وبين صورة الافتراق بقوله م: (والجنابة حلت الفم) ش: أي نزلت به م: (دون الحدث) ش: يعني لم ينزل الحدث بالفم م: (فيفترقان) ش: أي الحدث والجنابة م: (في حكم القراءة) ش: حيث جازت قراءة المحدث لأنه لم يثبت حكم الحدث في الفم، ولهذا لا يجب غسله ويثبت حكم الجنابة فيه، ولهذا وجب غسله فلم تجز قراءة الجنب.
فإن قلت: الحدث حل الفم أيضاً لأن المرء إذا صار محدثا يحل الحدث جميع البدن لعدم التجزؤ، لكن الاقتصار على غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس ثبت تعبداً. قلت: هذا حدث ضعيف، ولهذا سقط في ضمن الغسل فلا يحل الفم لأنه باطن من وجه بخلاف الجنابة فإن حدث قوي يحل الفم لأنه ظاهر من وجه، ولهذا يجب غسله، وقال فخر الإسلام في " شرح الجامع الصغير ": فإن غسل الجنب فمه ليقرأ أو يديه ليمس أو غسل المحدث يده ليمس لم تطلق القراءة ولا المس للجنب ولا المس للمحدث هذا هو الصحيح لأن ذلك لا يتجزأ وجوداً ولا زوالاً.
م: (وغلافه) ش: أي غلاف المصحف، أشار بهذا إلى بيان الغلاف الذي يجوز مس المصحف به لأنه قال: وكذا المحدث لا يمس المصحف إلا بغلافه، واختلف المشايخ فيه، فقال بعضهم: هو الجلد الذي عليه، وقال بعضهم: هو الكم، وقال بعضهم: هو الخريطة يعني الكيس الذي يوضع فيه المصحف وهو الصحيح، أشار إليه بقول: وغلافه م: (ما يكون متجافياً عنه) ش: أي متباعداً عن المصحف وهو الكيس وأصل مادته من الجفائف بالمد من جفا يجفو، وأصل معناه البعد والرفع، ومنه {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] (السجدة: الآية 16) ، أي
دون ما هو متصل به كالجلد المشرز، هو الصحيح.
ويكره مسه بالكم هو الصحيح؛ لأنه تابع له بخلاف كتب الشريعة لأهلها، حيث يرخص في مسكها بالكم لأن فيه ضرورة، لأنه تابع لليد
ــ
[البناية]
بعدت عن مضاجعهم م: (دون ما هو متصل به) ش: أي بالمصحف م: (كالجلد المشرز) ش: أي اللصوق به، فيقال: مصحف مشرز أجزاؤه أي مسد وبعضها من الشيرازة وليست بعربية، وفي " العباب " مصحف مشرز أي مضموم الكراريس والأجزاء بعضها إلى بعض، مضموم الطرفين، فإن لم يضم طرفاه فهو مشرش بشينين وليس مشرز مشتق من الشيرازة وهو فارسية، والشيراز الذي يؤكل المستجد من اللبن وأصله شراز بالتشديد قلبت أحد الراءين ياء آخر الحروف كما في قيراط وديباج أصلها قراط ودباج بالتشديد.
م: (هو الصحيح) ش: أي المذكور وهو كون الغلاف متباعداً من المصحف هو الصحيح لأنه منفصل عنه، ولهذا لا يدخل في بيع المصحف إلا بالذكر.
م: (ويكره مسه بالكم) ش: أي مس المصحف بكم الماس م: (هو الصحيح لأنه تابع له) ش: أي كون مسه بالكم مكروهاً هو الصحيح، وفي " المحيط ": لا يكره مسه بالكم عند عامة المشايخ لعدم المس باليد؛ لأن المحرم هو المس وهو اسم للمباشرة باليد بلا حائل، ولهذا لو وقعت امرأة أجنبية في طين وردغت حل للأجنبي أن يأخذها بيدها بحائل ثوب، وكذا لا تثبت حرمة المصاهرة بالمس بحائل. وفي " الذخيرة " عن محمد أنه لا بأس بالمس بالكم، وقيل عنه روايتان.
م: (بخلاف كتب الشريعة لأهلها حيث يرخص لأهلها في مسها بالكم لأن فيه ضرورة) ش: وهذا قول عامة المشايخ، وكرهه بعضهم، وفي " الذخيرة " ويكره لهم مس كتب الفقه والتفسير والسنن لأنها لا تخلو عن آيات من القرآن، ولا بأس بمسها بالكم بلا خلاف. وفي " الإيضاح ": يمنع الكافر عن مسه وإن اغتسل. وفي " الفوائد الظهيرية " النظر إلى المصحف لا يكره للجنب والحائض ويكره للمحدث كتابة القرآن عند محمد وهو قول مجاهد والشعبي وابن المبارك، وبه أخذ الفقيه أبو الليث. قال تاج الشريعة: وعليه الفتوى. وعن أبي يوسف: لا بأس به إذا كانت الصحفة على الأرض.
م: (لأنه تابع لليد) ش: أي لأن الكم تابع لليد، ولهذا لو بسط كمه على النجاسة وسجد عليها لا يجوز، وكذا لو قام متخففاً أو مستقلاً على النجاسة، وكذا لو حلف لا يجلس على الأرض فجلس على ثيابه على الأرض يحنث بخلاف كتب الشريعة مثل كتب التفسير والحديث والفقه وما فيه ذكر الله تعالى حيث يرخص لأهلها في مسها بالكم؛ لأن فيه ضرورة أي لأن مسها بالكم ضرورة، وهي مدفوعة وقد ذكرناه الآن.