الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتخليل الأصابع
ــ
[البناية]
قلت: العجب من السروجي كيف غفل حديث جابر الذي أخرجه ابن عدي المذكور آنفا وكيف يقول: وليس لذلك كله ذكر في كتب الحديث، ولا يلزم من اطلاعه على ذلك أن يقول: وليس لذلك كله ذكر في كتب الحديث، ثم نسبه إلى أبي بكر الرازي بأنه قال: كأنها أسنان مشط، وأبو بكر الرازي لم يقل هذا من عنده.
[تخليل الأصابع في الوضوء]
م: (وتخليل الأصابع) ش: بالرفع عطف على ما قبله من المرفوعات، وأطلق الأصابع على أصابع اليدين والرجلين، وذكر في " التحفة " و " القنية " و " المنافع " أصابع اليدين والرجلين، وسكت أكثرهم عن ذكر أصابع اليدين لحصول وصول الماء إلى أصابعهما بغسل الوجه واليدين والرجلين، وتخليلهما يكون بالتشبيك بينهما.
وفي " الذخيرة " تخليل الأصابع إذا كانت مضمومة وهو يتوضأ من الإناء فرض، قال المرغيناني: بماء يتقاطر، قيل المراد وصول الماء إلى أثنائها لا نفس التخليل ولهذا قالوا: وإن توضأ في الماء الجاري أو الحوض، وأدخل رجليه في الماء يجزيه ترك التخليل. وإن كانت منضمة.
وفي " جوامع الفقه " للعتابي: تخليل أصابع الرجلين إذا كانت منضمة واجب، وفي شرح شيخ الإسلام أن تخليلها قبل الوصول إلى أثنائها فرض، وبعده سنة، وقال شمس الأئمة الحلواني: سنة مطلقة، ومن الناس من قال: تخليل أصابع الرجلين فرض، وهو واجب في اليدين عند مالك، وقال إسحاق وأحمد وكذا في الرجلين.
وقال مالك: لا يلزم في الرجلين ذكره في " العتبية " وإنما يجب عنده في الجنابة، وإن كانت أصابع يديه ورجليه متلاصقة ذلك كله فيها، ولا يلزم فعلها عنده وفي " العتبية " تخليل أصابع الرجلين مع وصول الماء إلى باطنها فيخلل بخنصر يده اليسرى فيبدأ بخنصر يده اليمنى ويختم بخنصر رجله اليسرى بذلك ورد الخبر، وكذا قال الرافعي الأحب في كيفية تخليل أصابع الرجلين أن يجعل خنصر اليد اليسرى من أسفل الأصابع، يبتدئ بخنصر أصابع الرجل اليمنى مختما بخنصر اليسرى، ورد الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الكيفية لا أصل لها وإنما روى أبو داود والترمذي من حديث المستورد بن شداد، قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يدلك أصابع يده بخنصره» فالحديث يقتضي البداية بالخنصر فقط.
لقوله عليه السلام: «خللوا أصابعكم كي لا تتخللها نار جهنم»
ــ
[البناية]
م: (لقوله عليه السلام: «خللوا أصابعكم كي لا تتخللها نار جهنم» ش: ما ورد الحديث بهذا اللفظ، والذي ورد هو ما رواه الدارقطني في " سننه " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خللوا أصابعكم لا يخللها الله بالنار يوم القيامة» ، وخرج نحوه من حديث عائشة، وفي الأول: يحيى بن ميمون الثمار، قال ابن أبي حاتم: قال عمرو بن علي كان يحيى كذابا، وله حديث عن يحيى بن علي حدث علي عن زيد بأحاديث موضوعة، وفي الثاني: عمر بن قيس، ولقبه مستدل، قال أحمد: متروك.
وأخرجه الطبراني من حديث وائل بن حجر عن النبي، قال:«من لم يخلل أصابعه بالماء خللها الله بالنار يوم القيامة» ، وفي باب لقيط بن صبرة عند الأربعة وقد مر. وحديث ابن عباس عند الترمذي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك» وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وحديث الربيع بنت معوذ عند الطبراني في " الأوسط " بإسناد ضعيف. وحديث عثمان رضي الله عنه عند الدارقطني: «أنه خلل أصابع قدميه ثلاثا، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل
ولأنه إكمال الفرض في محله
ــ
[البناية]
كما فعلت» وحديث عبد الله بن مسعود عند ابن أبي شيبة وعبد الرزاق موقوفا عن علي وابن مسعود، ولفظه:«لينهكن أحدكم أصابعه قبل أن تنهكه النار» ، ورواه زيد بن أبي الورقاء عن الثوري عن أبي مسكين عن هذيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود مرفوعا، قال أبو حاتم: رفعه منكر، وهو في جامع الثوري موقوفا.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن تخليل الأصابع م: (إكمال الفرض في محله) ش: أي في محل الفرض وقد قلنا: إن غسل اليدين والرجلين فرض، وتخليل أصابعهما إكمال الفرض فيكون سنة بمقتضى الأحاديث المذكورة.
فإن قلت: ينبغي أن يكون التخليل واجبا نظرا إلى الأمر كما قال مالك في اليدين، وأحمد وإسحاق في اليدين والرجلين مع كونهما مقرونين بالوعيد لتاركه. قلت: هذا لا يفيد الفرضية؛ لأنه من أخبار الآحاد ولا يفيد الوجوب؛ لأنه إنما يقتضي الوجوب إذا لم يمنعه مانع، ولم توجد قرينة صارفة عن ظاهره كخبر صدقة الفطر والأضحية وخبر الفاتحة، أما إذا وجد لا يمكن القول بالوجوب وهاهنا عارض هذا الأمر من تعليم الأعرابي الوضوء، ولم يعلمه التخليل، فلو كان واجبا لعلمه. هذا الذي ذكره أكثر الشراح، وفيه نظر؛ لأنه يحتمل أن الراوي طوى ذكر التخليل لكونه من المكملات، وقال صاحب " الدراية ": الأخبار التي حكي فيها وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير ذكر التخليل يحتمل على الندب أو السنة التي دون الوجوب عملا بالدليلين بقدر الإمكان، وتبعه على ذلك الأكمل، وهذا أيضا فيه نظر؛ لأن في حديث وائل بن حجر رواه البزار في مسنده قال: «شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وأتي بماء فأكفأ على يمينه ثلاثا
…
الحديث، وفيه ثم غسل بيمينه قدمه اليمنى وفصل بين أصابعه وقال: خلل بين أصابعه» .
فإن قلت: الأمر المقرون بالوعيد على التارك يدل على الوجوب.
قلت: قال السغناقي: إنما لم يفد الوجوب؛ لأن آية الوضوء خاصة ليس بمحتملة للبيان؛ لأنه بين في نفسه فحينئذ تكون الزيادة عليه بطريق النسخ لا بطريق البيان، وخبر الواحد لا يصلح لذلك، وقال الأكمل: الوعيد مصروف بما إذا لم يصل الماء بين الأصابع وقد أخذ ذلك من السروجي، وقال الشيخ حافظ الدين النسفي: لا مدخل للوجوب في الوضوء؛ لأنه شرط الصلاة