الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه لا يسمى ماء مطلقا. والمراد بماء الباقلا وغيره ما تغير بالطبخ. وإن تغير بدون الطبخ يجوز التوضؤ به.
قال: ويجوز الطهارة بماء خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه.
ــ
[البناية]
م: (لأنه) ش: أي لأن الماء الذي غلب عليه غيره، أو لأن كل واحد من هذه الأشياء المذكورة م:(لا يسمى ماء مطلقا) ش: لأن مطلق الشيء ما يتبادر إليه الفهم عند ذكره، والفهم لا يتبادر إلى هذه المياه عند ذكر الماء م:(والمراد بماء الباقلاء ما تغير بالطبخ) ش: بأن صار ثخينا حتى صار كالمرق حتى إذا طبخ ولم يثخن ورقة الماء فيه باقية يجوز الوضوء به م: (وإن تغير) ش: أي ماء الباقلاء م: (بدون الطبخ يجوز التوضؤ به) ش: لإطلاق اسم الماء عليه لغلبة الماء.
[الطهارة بالماء الذي خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه]
م: (ويجوز الطهارة بماء خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه) ش: وهي اللون والطعم والريح، وفيه إشارة إلى أنه لا يجوز التوضؤ به إذا غير وصفين، ولكن الرواية الصحيحة بخلافها، ألا ترى إلى ما قال في " شرح الطحاوي "، وأما الحوض والبئر إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه إما بمرور الزمان أو بوقوع الأوراق كان حكمه حكم الماء المطلق، ولا شك أن الماء إذا تغير لونه تغير طعمه أيضا، ولكن يشترط أن يكون باقيا على رقته، أما إذا غلب عليه غيره وصار به ثخينا فلا يجوز.
وفي الرواية في قوله: فغير أحد أوصافه إشارة إلى أنه إذا تغير اثنان أو ثلاثة لا يجوز التوضؤ به، وإن كان المغير طاهرا لكن صحة الرواية بخلافه، وكذا عن الكرخي وفي " المجتبى " لا يقبل التغير به حتى لو غير الأوصاف الثلاثة بالأشنان أو الصابون أو الزعفران أو الأوراق أو اللبن ولم يسلب اسم الماء عنه ولا معناه فإنه يجوز التوضؤ به.
وفي " زاد الفقهاء ": الماء المغلوب من الخلط الطاهر يلحق بالماء المقيد غير أنه يعتبر الغلبة أولا من حيث اللون ثم من حيث الطعم ثم من حيث الإجزاء. فإن كان لونه مخالف للون الماء كاللبن والعصير والخل وماء الزعفران فالعبرة باللون، فإن غلب لون الماء يجوز وإلا فلا، فإن توافقا لونا لكن تفاوتا طعما كماء البطيخ والمشمش والأنبذة فالعبرة للطعم، إن غلب طعم الماء يجوز وإلا فلا، وإن توافقا لونا وطعما كماء الكرم فالعبرة للإجزاء.
وسئل المداني عن الماء الذي يتغير لونه بكثرة الأوراق في الكف إذا رفع منه هل يجوز التوضؤ به قال: لا، ولكنه يجوز شربه وغسل الأشياء. وفي " فتاوي قاضيخان " إذا طبخ بما يقصد به المبالغة في التنظيف كالسدر والحرض، فإن تغير لونه ولكن لم تذهب رقته يجوز التوضؤ به، ولو صار ثخينا مثل السويق لا يجوز.
فإن قلت: قد ذكر من قوله صلى الله عليه وسلم «إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه» وذلك يقتضي عدم التوضؤ به عند تغير أحد الأوصاف.
كماء المد والماء الذي اختلط به الزعفران أو الصابون أو الأشنان قال رضي الله عنه أجري في المختصر ماء الزردج مجرى المرق. والمروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه بمنزلة ماء الزعفران هو الصحيح،
ــ
[البناية]
قلت: معنى قوله صلى الله عليه وسلم «الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير.» الحديث، أي لا ينجسه شيء نجس وكلامنا في المختلط الطاهر هكذا أجاب الأكمل، وتبع في ذلك تاج الشريعة فإنه أيضا قال المعنى إلا ما غيره شيء نجس فيكون معناه حينئذ لا ينجسه شيء إلا بالمتغير النجس وهذا لأنه ورد في الماء الجاري ولا يجوز استعماله حيث ترى فيه النجاسة أو يوجد طعمها أو ريحها لأنه يدل على قيام النجاسة، وأجاب الأترازي بجوابين أحدهما مما ذكرنا والآخر إن الشرط لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: في الجميع نظر، أما في كلام الأكمل فلأن الحديث عام والتخصيص بلا مخصص لا يجوز، وأما في كلام تاج الشريعة: فلأن دعواه بأنه ورد في الماء الجاري لم يثبت، ومن ذكر هذا من شراح الحديث، وأما كلام الأترازي فلأن الشرط أراد به إلا ماء غير طعمه أو لونه أو ريحه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لم يصح مسندا فقد صح مرسلا كما ذكره والمرسل حجة عندنا.
م: (كماء المد) ش: أي السيل لأنه يجيء بتغير طين هذا إذا كان رقة الماء غالبة وإن كان الطين غالبا لا يجوز الوضوء به كذا في " الذخيرة " م: (والماء الذي اختلط به الزعفران أو الصابون أو الأشنان) ش: بضم الهمزة وكسرها حكاهما الجوالقي وأبو عبيدة، وهو معرب وهو الحرض بضم الحاء وسكون الراء المهملتين وفي آخره ضاد معجمة. وعن أبي يوسف ماء الصابون إذا كان ثخينا قد غلب على الماء لا يتوضأ به وإن كان رقيقا يجوز وكذا ماء الأشنان.
وعن أبي يوسف إذا طبخ الآس أو البابونج في الماء وغلب عليه حتى يقال ماء الآس والبابونج لا يجوز الوضوء بهما. وفي " الفتاوى الظهيرية " إذا طرح الزاج في الماء حتى اسود جاز الوضوء به، وكذا العفص إذا كان الماء غالبا.
م: (قال رضي الله عنه) ش: أي المصنف م: (أجري في المختصر) ش: أي أجري أبو الحسن القدوري في كتابه المختصر المسمى بالقدوري م: (ماء الزردج مجرى المرق) ش: أي جعل حكمها واحدا، حيث لا يجوز التوضؤ بها م:(والمروي عن أبي يوسف بمنزلة ماء الزعفران) ش: حيث يجوز التوضؤ بها م: (هو الصحيح) ش: أي المروي عن أبي يوسف رحمه الله هو الصحيح. وقال السغناقي في قوله هو الصحيح احتراز عن قول محمد رحمه الله، فإنه يعتبر العلة بتغير اللون والطعم والريح كذا في " فتاوى قاضيخان ". وقال الأترازي أنا أقول لا خلاف في هذه المسألة في الحقيقة اه. حاصله يقتضي إلى أنه إن كان المراد به ما إذا كان الماء مغلوبا بماء الزردج فلا خلاف بينهما ثم قال في آخر كلامه فافهم، فإنه غفل عنه الشارحون.
كذا اختاره الناطفي والإمام السرخسي، وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز التوضؤ بماء الزعفران وأشباهه مما ليس من جنس الأرض؛ لأنه ماء مقيد، ألا ترى أنه يقال ماء الزعفران.
ــ
[البناية]
قلت: هذا الموضع ليس من المواضع التي فيها غموض حتى ينسب الغفلة إلى الشراح م: (كذا اختاره الناطفي) ش: أي كذا اختار المروي عن أبي يوسف الإمام الناطفي، وهو أبو العباس أحمد بن محمد بن عمرو الناطفي أحد الأئمة الأعلام، وصاحب " الواقعات " و " النوازل " ومن تصانيفه " الأجناس " و " الفروق " والواقعات "، مات بالري سنة ست وأربعين وأربعمائة، ونسبه إلى عمل الناطف وبيعه، وهو تلميذ الشيخ أبي عبد الله الجرجاني، وهو تلميذ أبي بكر الجصاص الرازي، وهو تلميذ الشيخ أبي الحسن الكرخي، وهو تلميذ أبي حازم القاضي، وهو تلميذ عيسى بن أبان، وهو تلميذ محمد بن الحسن. م: (والإمام السرخسي) ش: هو شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي، وهو تلميذ الإمام محمد بن الفضل البخاري، وهو تلميذ الشيخ عبد الله بن يعقوب السيد مولى، وهو تلميذ عبد الله بن أبي حفص الكبير وهو تلميذ أبيه وشيخه أبي حفص الكبير وهو تلميذ محمد بن الحسن رحمهم الله، والإمام السرخسي هو صاحب " المبسوط " أملاه وهو في السجن باذر جند، وهو من كبار علماء ما وراء النهر صاحب الأصول والفروع كان إماما حجة من فحول الأئمة ذا فنون.
مات في حدود الأربعمائة وعشرين، ونسبته إلى سرخس بفتح السين والراء المهملتين ثم خاء معجمة ساكنة وفي آخره سين مهملة مدينة من مدن خراسان بين نيسابور ومرو في أرض سهلة.
م: (وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز التوضؤ بماء الزعفران وأشباهه مما ليس من جنس الأرض) ش: كماء الصابون والأشنان ونحوهما م: (لأنه) ش: أي لأن ماء الزعفران ونحوه م: (ماء مقيد) ش: لأنه قيد بشيء آخر فخرج عن الإطلاق، ثم أوضح ذلك بقوله م:(ألا ترى أنه يقال ماء الزعفران) ش: بالإضافة فصار مقيدا فلا يجوز التوضؤ به. ومذهب الشافعي على التحرير أن الماء إذا تغير أحد أوصافه مما لا يمكن حفظ الماء عنه كالطحلب وما يرى على الماء من الملح والنورة وغيرهما جاز الوضوء به لعدم إمكان صون الماء عنه، وإن كان مما يمكن حفظه منه فإن كان ترابا طرح فيه فكذلك لأنه يوافق الماء في كونه مطهرا فهو كما لو طرح فيه ماء آخر فتغير به، وإن كان شيئا سوى ذلك كالزعفران والطحلب إذا رق وطرح فيه وغير ذلك مما يتغير الماء منه لم يجز الوضوء به، لأنه زال إطلاق اسم الماء بمخالطة ما ليس بطاهر والماء مستغن عنه فصار كاللحم والمائع المخالط بالماء إن قل جازت الطهارة به وإلا فلا. وبماذا تعرف القلة والكثرة ينظر فإن خالفه في بعض الصفات فالعبرة بالتغير، فإن غيره فكثير وإلا فقليل، وإن وافقه في صفاته كماء الورد وانقطعت رائحته، وفيما يعتبر به القلة والكثرة فيه وجهان:
بخلاف أجزاء الأرض لأن الماء لا يخلو عنها عادة. ولنا أن اسم الماء باق على الإطلاق، ألا ترى أنه لم يتجدد له اسم على حدة وإضافته إلى الزعفران كإضافته إلى البئر والعين.
ــ
[البناية]
أحدهما إن كانت الغلبة للماء جازت الطهارة به، وإن كانت المخالطة لم تجز. ومنهم من قال إذا كان ذلك قدرا لو كان مخالفا للماء في صفاته ولم يغيره لم يمنع، ولو خالط الماء المطلق ماء مستعمل فطريقان أصحهما كالمائع وفيه وجهان وبهذا قطع جمهورهم وصححه الرافعي.
والثاني وفي " شرح الوجيز " ما تفاحش بغيره مما يستغني الماء عنه حتى زايله اسم الماء المطلق وإن لم يتجدد اسما آخر كالمتغير بالصابون والزعفران الكثير وأجناسهما سلب اسم الماء عنه لم تجز الطهارة به.
وفي " الحلية " وبه قال مالك وأحمد وعند الشافعي لو طرح فيه التراب فتغير الوضوء جائز به على الأظهر، وحكي فيه قولان، ولو طرح فيه الملح فتغير به جاز وعند بعض أصحابه لا يجوز، ولو تغير بعود أو دهن طيب فقال المزني يجوز الوضوء به، وقال البويطي لا يجوز. ولو وقع فيه الكافور فتغير به ريحه فيه وجهان. ولو وقع فيه قطران فغيره قال الشافعي في " الإمام ": لا يجوز الوضوء به، وقال بعده بأسطر لا يجوز، ولو تغير بطول المكث يجوز الوضوء به. وعن ابن سيرين لا يجوز. وشذ الحسن بن صالح بن حسن وجوز الوضوء بالخل وما جرى مجراه.
م: (بخلاف أجزاء الأرض) ش: كالطين والجص والنورة والكحل م: (لأن الماء لا يخلو عنها عادة) ش: أي لا يخلو عن أجزاء الأرض، وفي بعض النسخ عند ذكره باعتبار اللفظ.
م: (ولنا أن اسم الماء باق على الإطلاق) ش: بعد زوال صفته بمخالطة طاهر م: (ألا ترى أنه لم يتجدد له اسم على حدة) ش: كما تجدد لماء الورد ونحوه قوله على حدة أي منفردا، وأصله وحده حذفت منه الواو تبعا لفعله كما في عدة ثم عوض عنها الهاء ولكن بعد نقل حركة فاء الفعل إلى عين الفعل.
م: (وإضافته) ش: أي إضافة الماء م: (إلى الزعفران كإضافته إلى البئر والعين) ش: هذا جواب عما قاله الشافعي رحمه الله في تعليله بقوله - لأنه ماء مقيد ألا ترى أنه يقال له ماء الزعفران - تقديره أن يقال إن الألفاظ لا تغير عن المسميات وحيث لم يتجدد له اسم آخر دل على عدم اختلاف المسمى فتكون إضافته إلى الزعفران كإضافته إلى البئر.
والحاصل أن الإضافة هنا للتعريف لا للتقييد والفرق بينهما أن المضاف إذا لم يكن خارجا من المضاف إليه بالعلاج فالإضافة للتعريف، وماء الزعفران وماء البئر وماء العين من هذا القبيل وإن كان خارجا منه فهي للتقييد كماء الورد ونحوه والتغير في اللون موجود في بعض المياه المطلقة نحو ماء المد والواقعة فيها الأوراق، وكذا ماء بعض البيار يضرب في السواد فلا يخرج عن
ولأن الخلط القليل لا يعتبر به لعدم إمكان الاحتراز عنه كما في أجزاء الأرض فيعتبر الغالب، والغلبة بالأجزاء لا بتغير اللون هو الصحيح،
ــ
[البناية]
كونه مطلقا.
فإن قلت: لم يتجدد لماء البقلاء اسم على حدة ومع هذا لا يجوز التوضؤ به، قلت المضاف هنا خارج من المضاف إليه بالعلاج كما ذكرنا فلا يجوز وإن لم يتجدد له اسم وقال تاج الشريعة: الدليل يقتضي الجواز ولكن الطبخ والخلط يبينان نقصانا في كونه مائعا.
م: (ولأن الخلط القليل) ش: هذا دليل ثان وهو أن الاعتبار للخلط ينظر إن كان قليلا م: (لا يعتبر به لعدم إمكان الاحتراز عنه كما في أجزاء الأرض) ش: نحو الطين والجص والنورة، فإن التوضؤ بالماء الذي اختلط به هذه الأشياء يجوز بالاتفاق إذا كان الخلط به قليلا لأن الصفرة قليل، وإن كان كثيرا لا يجوز كماء الزعفران أيضا إذا غلب عليه الزعفران كماء الأترج. ثم تعرف القلة أو الكثرة بالغلبة أشار بقوله م:(فيعتبر الغالب) ش: لقوله ثم الغلبة لما كانت على قسمين أحدهما الغلبة بالأجزاء والآخر الغلبة باللون، ولما كان الاعتبار للقسم الأول أشار بقوله م:(والغلبة بالأجزاء) ش: أي بأجزاء المخالط والمخلوط فإن كانت أجزاء الماء غالبة جاز الوضوء به وإن كانت أجزاء الذي اختلط به غالبة فلا يجوز.
فإن قلت: بما تعلم ذلك، قلت ببقائه على رقته أو تجربته، فإن كانت رقته باقية جاز الوضوء به، وإن صار ثخينا بحيث زالت عنه رقته الأصلية لم يجز.
م: (لا بتغير اللون) ش: يعني لا تعتبر الغلبة بتغير اللون كما ذهب إليه محمد رحمه الله، ثم أشار إلى الغلبة بالأجزاء أن الغلبة للأجزاء وهي المعتبرة بقوله م:(هو الصحيح) ش: لأنه حينئذ ينتفي عنه اسم الماء، وأشار به أيضا إلى نفي قول محمد، واعلم أن الماء إذا اختلط بشيء طاهر لا يخلو إما أن يكون لونه الماء أو مخالفا له، فإن كان مخالفا كاللبن والخل والعصير وماء الزعفران والمعصفر وما أشبههما فالعبرة للون، فإن غلب لون الماء يجوز الوضوء به وإن كان مغلوبا فلا يجوز وإن كان موافقا كماء البطيخ والأشجار فالعبرة بالطعم إن كان طعم الماء غالبا يجوز وإلا فلا، وإن لم يكن له طعم فالعبرة لكثرة الأجزاء فإن كان أجزاء الماء أكثر يجوز التوضؤ به وإلا فلا والماء الكثير المنتن إن كان نتنه من نجاسة لا يتوضأ به وإن لم يعلم يجوز. ولا يلزمه السؤال عنه لأن الطهارة أصل ولعل نتنه بمكثه كما قيل الماء إذا سكن سنة تحرك نتنه، وإن طال مكثه ظهر خبثه وفي " شرح مختصر الطحاوي " الماء الطاهر اختلط به نجس حتى صار طينا أو كان الماء نجسا والتراب طاهرا قال أبو بكر الإسكاف العبرة بالماء إن كان طاهرا فالماء طاهر، وإن كان نجسا فالطين نجس ولا ينظر إلى طهارة التراب ونجاسته وقال أبو نصر محمد بن محمد بن سلام: العبرة بالطهارة منهما أيهما كان طاهرا فالكل طاهر، وقال أبو القاسم الصفار: العبرة للنجس منهما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
أيهما كان نجسا فالطين نجس، وبه أخذ أبو الليث وقال في " المحيط " هذا هو الصحيح. وقيل عند أبي يوسف رحمه الله الطين نجس وعند محمد طاهر، وفي " الملتقطات " إذا جعل السرقين في الطين فالطين لا ينجس للضرورة.
فروع: خمر وقعت في ماء، وجعلت في وعاء، ثم تخللت طهرت، حوض ينزل إليه الماء من الأنبوب ويغترف الناس منه متداركا لا ينجس كالجاري ولا يجوز الوضوء بماء الملح وهو يجمد في الصيف ويذوب في الشتاء عكس الماء، ولا بأس بالوضوء من جب كورة في نواحي الدار ما لم ينجسه بالحرج والطهارة أصل. وإن أدخل جنب يده في كوز ماء ولم يعلم على يده نجاسة فالمستحب ترك الوضوء به لأنه لا يبقى النجاسة عادة، وإن توضأ أجزأه للأصل. وذكر الحاكم الشهيد عن أبي يوسف فيمن أخذ بفمه ماء من إناء فغسل يده وجسده أو توضأ به لم تجز، ولو غسل به نجاسة في يده أجزأة البزاق والنخامة والمخاط يقع في إناء الوضوء يجوز التوضؤ به محدث معه ماء قليل وعلى يده نجاسة يأخذ الماء بفمه من غير أن ينوي غسل فمه ثم يغسل يده.
قال أبو جعفر على قول محمد: لا تطهر يده لأن الماء خالط البزاق فخرج من أن يكون مطلقا فالتحق بسائر المائعات غير الماء كالخل وماء الورد، وغسل اليدين بسائر المائعات غير الماء المطلق فيه روايتان عن أبي يوسف رحمه الله في رواية يطهر كالثوب، وفي رواية لا يطهر بخلاف الثوب وعن محمد رواية واحدة أن البدن لا يطهر بخلاف الثوب فإنه يطهر بالاتفاق.
التوضؤ بالثلج يجوز إن كان ذائبا يتقاطر، وإلا فلا وعلى هذا التيمم حال وجود الثلج إن كان ذائبا لا يجوز التيمم.
إذا أصاب بعض بدنه بول فبل يده ومسحها على ذلك الموضع إن كانت البلة من يده متقاطرة جاز وإلا فلا، والسيل شرط في ظاهر الرواية فلا يجوز الوضوء ما لم يتقاطر الماء. وعن أبي يوسف أنه ليس بشرط وفي مسألة الثلج إذا قطر قطرتان فصاعدا جاز اتفاقا وإلا فعلى قولهما لا يجوز وعلى قول أبي يوسف يجوز. فروع أخر: لا يكره الوضوء والاغتسال بماء زمزم. وعن أحمد يكره وفي " القنية " يكره الطهارة بالماء المشمس «لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين سخنت الماء بالشمس "لا تفعلي يا حميراء لا تفعلي فإنه يورث البرص» .
فإن تغير بالطبخ بعدما خلط به غيره لا يجوز التوضؤ به؛ لأنه لم يبق في معنى المنزل من السماء إذ النار غيرته إلا إذا طبخ فيه ما يقصد به المبالغة في النظافة كالأشنان ونحوه، لأن الميت يغسل بالماء الذي أغلي [ب] السدر بذلك وردت السنة،
ــ
[البناية]
قلت: رواه البيهقي في "سننه " من حديث خالد بن إسماعيل عن هشام عن أبيه «عن عائشة رضي الله عنها أنها سخنت ماء في الشمس "فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا حميراء لا تفعلي فإنه يورث البرص» . قال ابن عدي: خالد يضع الحديث على الثقات قال الذهبي: تابع خالد أبو المجيري وهب بن وهب وهو مؤتمن وروى أيضا بإسناد منكر عن مالك رحمه الله عن هشام، قال الذهبي هكذا مكذوب على مالك وروى البيهقي أيضا من حديث الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني أبي صدقة بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر أن عمر رضي الله عنه كان يكره الاغتسال بالماء المشمس. قال الذهبي: إبراهيم واه: م: (فإن تغير) ش: أي الماء م: (بعدما خلط به غيره) ش: قيد به، لأنه إذا طبخ به وحده وتغير يجوز الوضوء به م:(بالطبخ) ش: مع غيره م: (لا يجوز الوضوء به لأنه لم يبق في معنى المنزل من السماء) ش: أي في الماء لزوال صفة الماء لأن الناظر لو نظر إليه لا يسميه مطلقا.
م: (إلا إذا طبخ فيه) ش: أي في الماء والاستثناء من قوله لا يجوز التوضؤ به وطبخ على صيغة المجهول مسند إلى قوله م: (ما يقصد به المبالغة في النظافة كالأشنان ونحوه) ش: مثل السدر والخطمي ونحوهما فإنهم كانوا يغلون الماء بشيء من هذه الأشياء لأن الماء المغلي بذلك يستقضي إخراج الدرن والوسخ عن المغسول، ولكن يشترط أن لا يكون غليظا لما يأتي الآن، ثم أقام الدليل على ذلك بقوله م:(لأن الميت يغسل بالماء الذي أغلي بالسدر بذلك وردت السنة) ش: لم ترد السنة بذلك على الوجه المذكور، ولم أر أحدا من الشراح حققوا نظرة في هذا المكان.
أما السروجي قال بذلك: وردت السنة عن «أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته زينب زوجة أبي العاص بن الربيع قال " اغسليها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك بماء السدر» الحديث رواه البخاري، ومسلم، وهذا الحديث لا يدل على ما ذكره المصنف أو هل فيه أن الماء أغلي بالسدر، وأي دليل دل على هذا.
وأما الأكمل فإنه قال لأن السنة وردت به في غسل الموتى بالماء الذي أغلي بالسدر وهذا أعجب من ذلك وأبعد وأما تاج الشريعة فإنه قال وردت لأن السنة في غسل الموتى أن يغلى الماء بالسدر (والحرض) فهو أيضا مثله.