المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المضمضة والاستنشاق في الوضوء] - البناية شرح الهداية - جـ ١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌كتاب الطهارات

- ‌[تعريف الوضوء]

- ‌[حكم الطهارة]

- ‌[فرائض الطهارة]

- ‌[صفة غسل الأعضاء في الوضوء]

- ‌[حد المرفق والكعب في الوضوء]

- ‌[المقدار المفروض في مسح الرأس في الوضوء]

- ‌سنن الطهارة

- ‌[غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء]

- ‌تسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء

- ‌[السواك من سنن الوضوء]

- ‌[فضل السواك وأوقات استحبابه]

- ‌[كيفية الاستياك]

- ‌[فيما يستاك به وما لا يستاك به]

- ‌[حكم من لم يجد السواك]

- ‌[المضمضة والاستنشاق في الوضوء]

- ‌[مسح الأذنين في الوضوء]

- ‌[تخليل اللحية في الوضوء]

- ‌[تخليل الأصابع في الوضوء]

- ‌[تكرار الغسل ثلاث مرات في الوضوء]

- ‌[النية في الوضوء]

- ‌[استيعاب الرأس في الوضوء]

- ‌[ترتيب أعضاء الوضوء]

- ‌[البداءة بالميامن في الوضوء]

- ‌[فصل في نواقض الوضوء] [

- ‌ما خرج من السبيلين من نواقض الوضوء]

- ‌[خروج الدم والقيح من نواقض الوضوء]

- ‌[القيء والدم من نواقض الوضوء]

- ‌[النوم من نواقض الوضوء]

- ‌[الإغماء والجنون والقهقهة في الصلاة من نواقض الوضوء]

- ‌فصل في الغسل

- ‌[فرائض الغسل]

- ‌[سنن الغسل]

- ‌[البدء بغسل اليدين في الغسل]

- ‌[الوضوء من سنن الغسل]

- ‌المعاني الموجبة للغسل:

- ‌[إنزال المني من موجبات الغسل]

- ‌[التقاء الختانين من موجبات الغسل]

- ‌ الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والإحرام

- ‌[الأغسال المسنونة]

- ‌[باب في الماء الذي يجوز به الوضوء وما لا يجوز]

- ‌[ماء البحر]

- ‌[الوضوء بما اعتصر من الشجر والثمر]

- ‌[الوضوء بالماء الذي يقطر من الكرم]

- ‌[الطهارة بماء غلب عليه غيره]

- ‌[الطهارة بالماء الذي خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه]

- ‌[الوضوء بالماء الذي وقعت فيه نجاسة]

- ‌[حكم موت ما ليس له نفس سائلة في الماء]

- ‌[حكم موت ما يعيش في الماء فيه]

- ‌[حكم استعمال الماء المستعمل في طهارة الأحداث]

- ‌[المقصود بالماء المستعمل وأقسامه]

- ‌الجنب إذا انغمس في البئر

- ‌[طهارة الجلود بالدباغ]

- ‌[طهارة جلد الكلب والخنزير]

- ‌[هل الكلب نجس العين]

- ‌ الانتفاع بأجزاء الآدمي

- ‌ ما يطهر جلده بالدباغ يطهر بالذكاة

- ‌شعر الميتة وعظمها طاهر

- ‌[الأعيان الطاهرة]

- ‌شعر الإنسان وعظمه

- ‌فصل في البئر

- ‌[حكم وقوع النجاسة في البئر]

- ‌فصل في الأسآر وغيرها

- ‌[سؤر الآدمي وما يؤكل لحمه]

- ‌سؤر الكلب

- ‌[سؤر الحائض]

- ‌[سؤر الخنزير وسباع البهائم]

- ‌سؤر الهرة

- ‌[سؤر الدجاجة المخلاة وسباع الطير وما يسكن البيوت]

- ‌[سؤر الحمار والبغل والفرس]

- ‌[حكم الطهارة بنبيذ التمر]

- ‌باب التيمم

- ‌[تعريف التيمم]

- ‌[شرائط التيمم]

- ‌[عدم وجود الماء]

- ‌[العجز عن استعمال الماء لمرض ونحوه]

- ‌[خوف الضرر من استعمال الماء]

- ‌[أركان التيمم]

- ‌[كيفية التيمم]

- ‌[تيمم الجنب]

- ‌[تيمم الحائض والنفساء]

- ‌[ما يتيمم به]

- ‌[التيمم بالغبار مع وجود الصعيد]

- ‌والنية فرض في التيمم

- ‌[نية التيمم للحدث أو الجنابة]

- ‌[مبطلات التيمم]

- ‌[ما يباح بالتيمم]

- ‌[التيمم لصلاة الجنازة والعيدين ونحوها]

- ‌[التيمم لصلاة الجمعة]

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌[حكم المسح على الخفين]

- ‌[شروط المسح على الخفين]

- ‌[مدة المسح على الخفين للمقيم والمسافر]

- ‌[كيفية المسح على الخفين]

- ‌[المسح على خف فيه خرق كبير]

- ‌[المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل]

- ‌[نواقض المسح على الخفين]

- ‌[المسح على الجرموقين]

- ‌ المسح على الجوربين

- ‌[المسح على العمامة والقلنسوة ونحوهما]

- ‌ المسح على الجبائر

- ‌[حكم المسح على الجبائر]

- ‌باب الحيض والاستحاضة

- ‌[تعريف الحيض وأركانه]

- ‌أقل الحيض

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[أكثر الحيض]

- ‌[ما يسقطه الحيض من العبادات]

- ‌[ما يحرم على الحائض]

- ‌[ما تقضيه الحائض من العبادات]

- ‌[ما يحرم على الحائض والجنب]

- ‌[دخول الحائض والجنب المسجد]

- ‌[طواف الحائض والجنب]

- ‌[قراءة القرآن للحائض والجنب]

- ‌[مس المصحف للمحدث والحائض والجنب]

- ‌[فروع فيما يكره للحائض والجنب]

- ‌[دفع المصحف إلى الصبيان المحدثين]

- ‌[انقطاع دم الحيض لأقل من عشرة أيام]

- ‌[حكم الطهر المتخلل بين الدمين في مدة الحيض]

- ‌أقل الطهر

- ‌[حكم دم الاستحاضة]

- ‌[فصل في وضوء المستحاضة ومن به سلسل البول والرعاف الدائم]

- ‌فصل في النفاس

- ‌[تعريف النفاس]

- ‌السقط الذي استبان بعض خلقه

- ‌[أقل النفاس وأكثره]

- ‌باب الأنجاس وتطهيرها

- ‌[حكم تطهير النجاسة]

- ‌[حكم تطهير النجاسة]

- ‌[ما يجوز التطهير به وما لا يجوز]

- ‌[الماء القليل إذا ورد على النجاسة]

- ‌[كيفية تطهير الخف الذي لحقته نجاسة]

- ‌[كيفية تطهير الثوب الذي لحقته نجاسة]

- ‌[حكم المني وكيفية تطهيره]

- ‌النجاسة إذا أصابت المرآة والسيف

- ‌[الحكم لو أصاب المني البدن]

- ‌[كيفية تطهير الأرض التي أصابتها نجاسة]

- ‌[ما يعفى عنه من النجاسات]

- ‌[حكم الروث أو أخثاء البقر]

- ‌ بول الحمار

- ‌[حكم بول الفرس]

- ‌[حكم خرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور]

- ‌ لعاب البغل والحمار

- ‌[قدر الدرهم من دم السمك أو لعاب البغل أو الحمار]

- ‌[أنواع النجاسة]

- ‌فصل في الاستنجاء

- ‌[حكم الاستنجاء]

- ‌[ما يجوز به الاستنجاء به وما لا يجوز]

- ‌[ما يكون به الاستنجاء]

- ‌[الاستنجاء بالعظم والروث]

الفصل: ‌[المضمضة والاستنشاق في الوضوء]

والمضمضة والاستنشاق؛ لأن النبي عليه السلام فعلها على المواظبة

ــ

[البناية]

إصبعه في فيه» .

ومنها ما رواه البيهقي عن رجل من الأنصار من بني عمرو بن عوف قال: «يا رسول الله إنك رغبتنا في السواك فهل دون ذلك من شيء، قال: " إصبعك سواك عند وضوئك تمرهما على أسنانك؛ لأنه لا عمل لمن لا نية له، ولا أجر لمن لا حسبة له» .

قلت: لو نظر الزيلعي في " مسند أحمد " بالإمعان لاطلع على حديث علي رضي الله عنه فإنه يؤذن بأنه عليه السلام فعله، وهو «أن عليا رضي الله عنه دعا بكوز من ماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثا، وتمضمض فأدخل بعض أصابعه في فيه الحديث، وفي آخره: وهو وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم» .

[المضمضة والاستنشاق في الوضوء]

م: (والمضمضة والاستنشاق) ش: كلاهما بالرفع معطوفان على المرفوع قبلهما، و " المضمضة " تحريك الماء في الفم، قال ابن سيده: مضمض وتمضمض وهو أن يجعل الماء في فيه، ولا يشترط إدارته على مشهور مذهب الشافعي، وقال جماعة من أصحابه: يشترط، وفي بعض شروح البخاري: المضمضة أصلها مشعر بالتحريك، ومنه مضمض النعاس في عينيه إذا تحرك، واستعمل في المضمضة تحريك الماء في الفم.

و" الاستنشاق " إدخال الماء في الأنف، استفعال من النشق وهو سعوط يجعل في المنخرين ونشقت منه ريحا طيبة أي شممت وتنشق واستنشق الماء في أنفه صبه في أنفه. وفي العرنين استنشق أي يبلغ الماء خياشيمه، وذكر ابن الأعرابي وابن قتيبة الاستنشاق والاستنثار واحد، وقال ابن طريف: ينشد الماء من أنفه دفعة، وقال ابن سيده: يقال استنثر إذا استنشق الماء ثم أخرج ذلك بنفس الأنف، والنشرة الخيشوم وما والاه، وفي جامع [......] نثرت الشيء إذا أنثره وأنثره نثرا إذا بددته فأنت ناثر والشيء منثور قال المتوضئ مستنشق إذا جذب الماء بريح أنفه ثم يستنثر.

م: (لأنه عليه السلام فعلهما على المواظبة) ش: أي فعل المضمضة والاستنشاق، وقوله عليه

ص: 207

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

السلام فعلهما على المواظبة يدل على أنهما واجبتان كما ذهب إليه أحمد وآخرون ولكن قيد الشيخ قوام الدين بقوله: أي مع الترك، وإلا كانا واجبتين، والدليل على الترك ما «روت عائشة رضي الله عنها نقلت وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تذكر المضمضة والاستنشاق» .

ولم يذكر أيضا في حديث الأعرابي الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الواجبات وتبعه على ذلك الشيخ الأكمل.

قال السغناقي رحمه الله: لا يقال المواظبة تدل على الوجوب حتى قال أهل الحديث: هما فرضان في غسل الجنابة، والوضوء استدلالا بالمواظبة؛ لأنا نقول أنه عليه السلام كان يواظب في العبادات على ما فيه تحصيل الكمال كما كان يواظب على الأذكار، وفي كتاب الله تعالى أمر بتطهير أعضاء مخصوصة والزيادة على النص لا تجوز إلا بما ثبت النسخ، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي الوضوء، ولم يذكرهما فيه مع أن ابن عباس رضي الله عنهما صرح بقوله: هما فرضان في الجنابة سنة في الوضوء، كذا في " المبسوط ".

قلت: ألا ما ترى لم يشق منهم واحد القليل، ولا روى منهم. أما القوام والأكمل فإنهما قدرا في قول صاحب " الهداية " مع الترك، وكيف يقيد بذلك وقد روى صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه ثلاثة وعشرون نفرا، وهم عبد الله بن زيد بن عاصم، وعثمان بن عفان، وابن عباس، والمغيرة بن شعبة، وعلي بن أبي طالب، والمقدام بن معد يكرب، والربيع بنت معوذ، وأبو مالك الأشعري، وعائشة، وأبو هريرة، وأبو بكرة، ووائل بن حجر، وجبير بن نفير الكندي، وأبو أمامة، وأنس، وكعب بن عمرو اليماني، وأبو أيوب الأنصاري، وعبد الله بن أبي أوفى، والبراء بن عازب، وأبو كاهل، وعبد الله بن أنيس، وطلحة عن أبيه عن جده، ولقيط بن صبرة رضي الله عنهم وكلهم حكوا فيه المضمضة والاستنشاق كحديث عبد الله بن زيد عند الأئمة الستة.

وحديث عثمان رضي الله عنه عند البخاري ومسلم.

وحديث ابن عباس عند البخاري. وحديث المغيرة عند البخاري أيضا في كتاب اللباس وفيه المضمضة والاستنشاق.

وحديث علي رضي الله عنه عند الأربعة: أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن

ص: 208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ماجه. وحديث المقدام عند أبي داود وحديث الربيع عند أبي داود أيضا.

وحديث أبي مالك الأشعري عند عبد الرزاق في " مصنفه " ومن طريقه رواه الطبراني في " معجمه " وأحمد في " مسنده " وابن أبي شيبة في " سننه " وإسحاق بن راهويه في " سننه "، واسم أبي مالك حارث.

وحديث عائشة رضي الله عنها عند النسائي في " الكبرى " وفيه المضمضة والاستنشاق.

وحديث أبي هريرة عند أحمد في " مسنده "، والطبراني في " معجمه الأوسط "، وأبي يعلى في " مسنده ".

وحديث أبي بكر عند البزار في " مسنده "، وحديث وائل بن حجر عند البزار أيضا، وحديث جبير بن نفير عند ابن حبان في صحيحه، والبيهقي في " سننه "، وحديث أبي أمامة عند أحمد في " مسنده "، وحديث أنس عند الدارقطني، والبيهقي في " سننه "، وحديث كعب بن عمرو عند أبي داود في " سننه "، وحديث أبي أيوب عند الطبراني في " معجمه " وإسحاق بن راهويه في " مسنده "، وعند ابن عدي في " الكامل ".

وحديث أبي كاهل واسمه قيس بن عامر عند الطبراني في " معجمه "، وحديث عبد الله بن أنيس عند الطبراني في " معجمه "، وحديث طلحة عن أبيه عن جده عند أبي داود، وفيه قرائن تفصل بين المضمضة والاستنشاق، وحديث لقيط بن صبرة عند الشافعي، وأحمد، وابن الجارود وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وأصحاب السنن الأربعة وفيه:«وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما.»

وقول قوام الدين: والدليل على الترك ما روت عائشة رضي الله عنها إلى آخره، ينافي ما رواه النسائي عنها على ما ذكرنا، فالعجب منه أن يدعي علم الحديث ولم يذكر هاهنا من روى حديث الترك، ولئن سلمنا ذلك فمعناه أنها اختصرت في إحدى رواياتها.

وكذلك في حديث الأعرابي لم يبين من روى الترك، ولئن سلمنا فالجواب على ما ذكرناه، وأما جواب السغناقي في قَوْله تَعَالَى لا يقال المواظبة تدل على الوجوب مع تحصيل الكمال فيدل على أن مواظبته عليه السلام على عبادة لتحصيل الكمال وليس كذلك في مواظبته على شيء يدل على الوجوب مع تحصيل الكمال، وسكوت المصنف عن القيد المذكور يدل على أن المضمضة والاستنشاق سنتان مؤكدتان.

ص: 209

وكيفيتهما أن يمضمض ثلاثا يأخذ لكل مرة ماء جديدا ثم يستنشق كذلك

ــ

[البناية]

والسنة المؤكدة في قوة الواجب، ومع هذا لا يحصل الفساد بتركها سواء كان عامدا أو ناسيا كما في ترك الواجب، غير أنه في ترك الواجب يكون ناقصا، وفي الشفاء هما سنتان، قوله: فإن من تركهما يأثم، وقول السغناقي في كتاب الله أمراه لا يلزمنا؛ لأنا ما ادعينا فرضية المضمضة والاستنشاق والذي ذكره إنما يلزم من يدعي فرضيتهما، وقوله مع أن ابن عباس إلى آخره ما أفاد فائدة جديدة لما ادعاه؛ لأنا لا نقول أنهما ليستا بسنتين، ومع هذا هو حديث ضعيف.

م: (وكيفيتهما) ش: أي كيفية كل واحد من المضمضة والاستنشاق.

م: (أن يمضمض ثلاثا يأخذ لكل مرة ماء جديدا ثم يستنشق كذلك) ش: إنما ذكر هذا نفيا لقول الشافعي فإن عنده الأفضل أن يتمضمض ويستنشق بكف واحد بماء واحد، واحتج الشافعي بما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه وله طرق منها:«فمضمض واستنشق من كف واحدة، فعل ذلك ثلاثا» وفي لفظ البخاري: «فمضمض واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات» وفي رواية لهما: «فمضمض واستنشق من ثلاث غرفات» .

وروى ابن حبان «فمضمض واستنشق ثلاث مرات من ثلاث حثيات» وفي لفظ البخاري «فمضمض ثلاث مرات من حفنة» .

وفي " التلويح شرح البخاري ": والأفضل أن يتمضمض ويستنشق من ثلاث غرفات كما في الصحيح وغيرها.

ووجه ثان: «يجمع بينهما بغرفة واحدة يتمضمض منها ثلاثا ثم يستنشق منها ثلاثا» رواه علي ابن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي حنيفة وابن حبان، رواه أيضا وائل بن حجر، أخرجه البزار بسند ضعيف.

وثالث: «يجمع بينهما بغرفة وهو أن يتمضمض منها ثم يستنشق ثم الثانية كذلك ثم الثالثة» رواه عبد الله بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الترمذي وقال حسن غريب.

ورابع: يفصل بينهما بغرفتين فتمضمض من أحدهما ثلاثا، ثم استنشق من الأخرى ثلاثا.

ص: 210

هو المحكي من وضوئه صلى الله عليه وسلم

ــ

[البناية]

وخامس: يفصل بينهما بغرفتين يتمضمض من غرفة ثلاثا ويستنشق من أخرى ثلاثا، وفي " الروضة "، وفي كيفيته وجهان: أصحهما يتمضمض من غرفة ثلاثا ويستنشق غرفات، ومذهب أحمد كمذهب الشافعي، ومذهب مالك ما ذكره في " الموطأ " و " الجواهر " حكى ابن سابق في ذلك قولين:

أحدهما: يغرف غرفة واحدة لفيه، وأنفه.

والثاني: يتمضمض ثلاثا في غرفة ويستنشق ثلاثا في غرفة، فقال: وهذا اختيار مالك، والأول اختيار الشافعي، وأشار المصنف إلى دليل أصحابنا بقوله:

م: (هو المحكي من وضوئه صلى الله عليه وسلم) ش: المحكي يستعمل في رواية الفعل، والمروي في رواية اللفظ، قال صاحب " الدراية ": حكى عثمان وعلي رضي الله عنهما وضوء رسول الله عليه السلام هكذا نسبه إلى " المحيط "، ولم يبين حديثهما كيف هما، وأما قوام الدين فإنه قال: ولنا أن الأنف والفم عضوان منفردان فلا يجمع بينهما بماء واحد كسائر الأعضاء، وأما أكمل الدين فإنه قال كقول قوام الدين.

وأما السغناقي فإنه قال بعد احتجاج الشافعي بما روي أنه عليه السلام كان يتمضمض ويستنشق بكف واحد وله عندنا تأويلان: أحدهما: أنه لم يستعن في المضمضة والاستنشاق باليدين كما في غسل الوجه، والثاني: أن فعلهما باليد اليمنى ردا على قول من يقول: يستعمل في الاستنشاق اليد اليسرى؛ لأن الأنف موضع الأذى كموضع الاستنجاء، ثم نسبه إلى " المبسوط " فانظر إلى هذا الشأن العجيب، بل يرد ما احتج به الشافعي من الصحيح بما ذكروه، وكان الواجب أن يذكر وربما احتجت به أصحابنا من الأحاديث، ثم يجيبوه عن أحاديثه، ثم يقووا ذلك بدلائل أخرى في التأويلين المذكورين؛ نظرا لأن الأحاديث المصرحة بأنه تمضمض واستنشق بماء واحد لا يمكن تأويلها بما ذكروه، فنقول وبالله التوفيق:

أما ما احتج به أصحابنا فما ذهبوا إليه هو الحديث الذي رواه الترمذي من حديث علي رضي الله عنه وفيه: «فغسل كفيه حتى أنقاهما ثم مضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا.» الحديث، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

فإن قلت: لم يحك فيه أن كل واحدة من المضامض والاستنشاقات بماء واحد، بل حكى أنه تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا.

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

قلت: مدلوله ظاهر ما ذكرناه وهو أن يتمضمض ثلاثا يأخذ لكل مرة ماء جديدا ثم يستنشق كذلك، وهو رواية البويطي عن الشافعي فإنه روى عنه أن يأخذ ثلاث غرفات للمضمضة وثلاث غرفات للاستنشاق، وفي رواية غيره عنه في " الأم ": يغرف غرفة يمضمض بها ويستنشق، ثم يغرف غرفة يتمضمض بها ويستنشق، ثم يغرف ثالثة يتمضمض بها ويستنشق فيجمع في كل غرفة بين المضمضة والاستنشاق، واختلف نصه في الكيفيتين فنص في " الأم " وهو نص " مختصر المزني " أن الجمع أفضل، ونص البويطي أن الفصل أفضل، ونقله الترمذي عن الشافعي. قال النووي: قال صاحب " المهذب " القول بالجمع أكثر في كلام الشافعي، وهو أيضا أكثر في الأحاديث الصحيحة والجواب عن كل ما روي في ذلك فهو محمول على الجواز، ومن الدليل على تجديد الماء لكل مرة فيها حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده وهو كعب بن عمرو، قال ابن خزيمة الحافظ: عمرو بن كعب. والأول أصح، قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق»

فإن قلت: ليس بصريح في المقصود.

قلت: رواه الطبراني في " معجمه " من حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده كعب بن عمرو اليماني «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فتمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا يأخذ لكل واحدة ماء جديدا الحديث» .

فإن قلت: في سنده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف تركه يحيى القطان، وابن مهدي، وابن معين، وأحمد بن حنبل. وقال النووي في " التهذيب ": العلماء على ضعفه، وأنكر ابن أبي حاتم كون جد طلحة صحابيا وقال: سألت عنه فلم يثبته، وقال: طلحة هذا رجل من الأنصار، وقال ابن القطان: فيه علة وهي جهل حال مصرف بن عمرو والد طلحة.

قلت: أما ليث بن سليم القرشي الكوفي، فقد روى عنه خلق كثير منهم سفيان الثوري، وشريك، وشعبة، وفضل بن عاصم، وأبو عوانة، والوضاح، والإمام أبو حنيفة، وآخرون كثيرون، وعن أبي داود: ليس به بأس، وعن يحيى: لا بأس به. قال الدارقطني: كان صاحب سنة. وإنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاووس.

وأما مجاهد فحسب واستشهد به البخاري في " الصحيح "، وروى في كتاب رفع اليدين في الصلاة وغيره، وروى له مسلم مقرونا بأبي إسحاق الشيباني، وروى له الأربعة، ولما روى أبو

ص: 212