الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما عند أبي حنيفة رحمه الله فالتخفيف لتعارض الآثار.
وإن أصابه خرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور أكثر من قدر الدرهم أجزأت الصلاة فيه عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهم الله -وقال محمد رحمه الله لا يجوز، وقد قيل أن الاختلاف في النجاسة وقد قيل في المقدار.
ــ
[البناية]
وبقي الكلام في قول أبي حنيفة أشار إليه بقوله (وأما عند أبي حنيفة فالتخفيف) ش: في بول الفرس م: (لتعارض الآثار) ش: فإن حديث العرنيين يدل على طهارة البول في الجملة، وحديث: استنزهوا من البول، يدل بعمومه على نجاسة البول مطلقاً.
فإن قلت: التعارض إنما يتحقق إن جهل التاريخ، وفي حديث العرنيين دلالة التقدم، لأن فيه المثلة فيكون منسوخاً، فلا تعارض بين الناسخ والمنسوخ.
قلت: أجاب الأكمل أخذاً من كلام السغناقي بقوله: سلمنا أن فيها تعارضاً ولكنه في بول ما يؤكل لحمه، والفرس عنده غير مأكول، والكراهة فيه كراهة التحريم فيكون بوله نجساً مغلظاً، ثم أجاب عنه بما ملخصه بأن حرمة الفرس لم تكن لنجاسته، بل تحرزاً عن تقليل مادة الجهاد فكان لحمه طاهراً، ولهذا قال بطهارة سؤره، ولكن يتحقق التعارض في بوله فيكون مخففاً.
قلت: طول الأكمل بما يشوش الناظر وخلاصة الجواب أن يقال: ذكر فخر الإسلام في الجامع الصغير: أن الفرس يؤكل لحمها، وهو قولهم جميعاً يعني عند أبي حنيفة أيضاً يؤكل، وإنما كره للتنزيه وهو المحابي عن قطع مادة الجهاد، والكراهة لا تمنع الإباحة كأكل لحم البقرة الجلالة قبل التنقية، فإن بوله كبول ما يؤكل لحمه. وقيل: أراد بالتعارض تعارض الآثار في لحمه، فإنه روي «أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الخيل والبغال» وروي «أنه صلى الله عليه وسلم أذن في لحوم الخيل» فهذا يوجب قولاً في تخفيف بوله لأنه مأكول من وجه فلا يكون كبول الكلب والحمار.
[حكم خرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور]
م: (وإن أصابه خرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور) ش: أي وإن أصاب الثوب خرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور مثل الصقر والبازي والشاهين ونحوها م: (أكثر من قدر الدرهم) ش: أكثر منصوب، لأنه حال من الخرء م:(أجزأت الصلاة فيه) ش: أي في ذلك الثوب م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجوز، وقد قيل) ش: قائله الكرخي م: (أن الاختلاف في النجاسة) ش: يعني أنه طاهر عندهما ونجس عند محمد كاللحوم.
م: (وقد قيل) ش: قائله أبو جعفر الهندواني م: (في المقدار) ش: يعني أنه نجس بالاتفاق، لكنه خفيف عند أبي حنيفة غليظ عندهما، وأبو يوسف مع أبي حنيفة - رحمهما الله - على رواية
وهو الأصح هو يقول إن التخفيف للضرورة، ولا ضرورة هاهنا لعدم المخالطة فلا تخفف، ولهما أنها تذوق من الهواء والتحامي عنه متعذر فتحققت الضرورة، ولو وقع في الإناء قيل: يفسده وقيل لا يفسده لتعذر صون الأواني عنه.
ــ
[البناية]
الكرخي ومع محمد على رواية الهندواني كما هو صريح في " المنظومة "، و " المختلف " ولا يفهم هذا من لفظ " الهداية "، بل الذي يفهم منه أن أبا يوسف في " الجامع الصغير " مع أبي حنيفة على الروايتين جميعاً، وجعل فخر الإسلام قول أبي يوسف في " الجامع الصغير " مع أبي حنيفة على رواية خفة نجاسة الخرء.
وعلى رواية طهارته م: (وهو الأصح) ش: أي كون الاختلاف في المقدار هو الأصح، نص عليه في " جامع قاضي خان " و " المحيط "، لأنه مما حاله طبع الحيوان إلى نتن وفساد، ولكن ذكر في " المبسوطين " و " محيط السرخسي " خلاف هذا فقال: ليس لما ينفصل من الطيور نتن وخبث رائحة ولا ينحى شيء من الطيور عن المساجد، فعرفنا أن خرء الجميع طاهر، ولأنه لا فرق في الخرء بين ما يؤكل لحمه وبين ما لا يؤكل لحمه.
وفي " المجتبى " قيل: خرء الحمار نجس إن كان سلطاً لكثرة علفها. وقال النووي: خرء الدجاج طاهر للبلوى، وخرء دود القز والفأرة وبولها نجس، وعن محمد: لا بأس ببولها وبول السنور الذي يعتاد من البول على الثياب لا بأس به للبلوى، وعن محمد: بوله طاهر وبه قال أبو نصر، وقيل: خفيفه، وفي " الإيضاح ": وبول الخنافس وخرؤها ليس بشيء لتعذر الاحتراز عنه، وخرء الحمام والعصفور طاهر.
م: (هو يقول أن التخفيف للضرورة) ش: أي محمد يقول بتخفيف النجاسة إنما يكون للضرورة م: (ولا ضرورة هاهنا لعدم المخالطة) ش: أي لعدم مخالطة هذه الطيور التي لا يؤكل لحمها مع الناس ولا تأوي البيوت م: (فلا تخفف) ش: بل تغلظ بخلاف الحمام والعصفور لوجود المخالطة فيهما.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أنها) ش: أي أن هذه الطيور م: (تذرق من الهواء) ش: بالذال المعجمة، من ذرق يذرق، ويذرق من باب نصر ينصر وضرب يضرب، ومعناه [رمى بسَلحِه] ، وذرق الطائر خرؤه (والتحامي عنه متعذر) أي التحفظ عنه صعب، لأنه يأتي بغتة من غير روية (فتحققت الضرورة) فتحققت للبلوى.
م: (ولو وقع) ش: خرء طير من هذه الطيور م: (في الإناء قيل: يفسده) ش: أي يفسد ما في الإناء، سواء كان ماء أو غيره من المائعات، وقال هذا أبو بكر الأعمش لإمكان صون الإناء بالتغطية ونحوها م:(وقيل: لا يفسده) ش: قائله الكرخي م: (لتعذر صون الأواني عنه) ش: أي عن