الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما رواه متروك الظاهر، فإنه لو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف جاز بالإجماع وغسله بالماء أفضل
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108](التوبة: الآية 108) ،
ــ
[البناية]
[و] روى الدارقطني ثم البيهقي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن علقمة ابن قيس عن ابن مسعود «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب في حاجته فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين وروثة فألقي الروثة وقال: "إنها ركس ائتني بحجر» .
الجواب عن الأول والثاني: أن البخاري لما خرج هذا الحديث قال: وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق: حدثني عبد الرحمن هذا، فزال الانقطاع والتدليس أيضاً، ودليل آخر على رفع التدليس ما ذكره الإسماعيلي في "صحيحه " المستخرج على البخاري بعد رواية الحديث من جهة يحيى بن سعيد عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد الله بن يحيى بن سعيد لا يرضى أن يأخذ عن زهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع لأبي إسحاق.
والجواب الثالث: إن البخاري لم ير ذلك متعارضا وجعلهما إسنادين أو أسانيد، ورجح رواية زهير لكونه أحفظ وأتقن من إسرائيل.
والجواب عن الرابع: أن الحديث في البخاري وليس فيه الزيادة المذكورة، والإيتار يقع على الواحد يعني لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من استجمر فليوتر» ، أمر بالإيتار، والإيتار قد يقع على الواحد ولا يلزم أن يكون ثلاثاً أو خمساً؛ وأصل الإيتار أوتار، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. م:(وما رواه) ش: أي ما رواه الشافعي من قوله صلى الله عليه وسلم: «وليستنج بثلاثة أحجار» م: (متروك الظاهر فإنه لو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف) ش: والأحرف جمع حرف، وحرف كل شيء طرفه وشفره وحده م:(جاز بالإجماع) ش: فلا يصح استدلاله به على الخصم أو يقول ما رواه يحتمل الاستحباب، وما رويناه محكم فيحمل المجمل على المحكم توفيقا بين الحديثين م:(وغسله) ش: أي غسل موضع الاستنجاء م: (بالماء أفضل) ش: من الاستنجاء بالحجر.
[ما يكون به الاستنجاء]
واختلف السلف في الاستنجاء، أما المهاجرون فكانوا يستنجون بالأحجار، وأنكر الاستنجاء بالماء سعد بن أبي وقاص وحذيفة وابن الزبير وابن المسيب قالوا: إنما ذلك وصف للنساء، وكان الغسل لا يتغسل بالماء. وقال عطاء: وكان الأنصار يستنجون بالماء، وكان ابن عمير بعد أن لم يكن يراه، وقال: جربناه ووجدناه دواء وطهوراً، وبه قال رافع بن خديج وعن أنس كان يستنجي بالحرض.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] (التوبة: الآية 108) ش: وأنزلت في أقوام كانوا يتبعون الحجارة بالماء) أراد بالأقوام: أهل قباء، «وقال الشعبي: لما نزلت هذه الآية، قال صلى الله عليه وسلم: "يا أهل قباء ما هذا الشأن الذي أثني عليكم» ، قالوا: ما من أحد منا إلا وهو يستنجي
وأنزلت في أقوام كانوا يتبعون الحجارة بالماء، ثم هو أدب وقيل هو سنة في زماننا. ويستعمل الماء إلى أن يقع في غالب ظنه أنه قد طهر ولا يقدر بالمرات إلا إذا كان موسوسا
ــ
[البناية]
بالماء، وفي رواية قال:«يا معشر الأنصار إن الله عز وجل قد أثنى عليكم فما الذي تصنعون عند الوضوء أو عند الغائط"، قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نتبع الغائط بالأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء، فتلى النبي صلى الله عليه وسلم: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] » ، واحتج الطحاوي الاستنجاء بالماء بقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222](البقرة: الآية 222) ، يعني المتطهرين بالماء، قال بهذا عطاء ومثله عن علي رضي الله عنه وأبى الجواز.
م: (ثم هو أدب) ش: أي الغسل بالماء بعد استعمال الحجر أو المدر أدب لما روي «عن عائشة رضي الله عنها "أنه صلى الله عليه وسلم كان يغسل مقعدته ثلاثاً» ، رواه ابن ماجه، «وعن عائشة قالت:"مروا أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط والبول بالماء، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله وأن أستحييهم» ، رواه أحمد والترمذي وصححه، وعن علي رضي الله عنه "[إن من كان قبلكم] كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا فأتبعوا الحجارة الماء "، رواه أبو بكر بن أبي شيبة. وفي " المحيط ": ليس فيه عدد لازم بالماء، وكان أدبا في عصره صلى الله عليه وسلم ثم صار سنة أشار إليه بقوله (وقيل هو سنة في زماننا) ش: رواية عن علي رضي الله عنه المذكورة آنفا في " الحلية ": الأفضل الجمع بينهما، فإذا اقتصر على أحدهما فالماء أولى، وإن اقتصر على الحجر جاز. وفي " شرح الوجيز ": لو كان الخارج من السبيلين نادراً كالدم والقيح ففيه قولان:
أحدهما أنه يتعين إزالته بالماء لأن الاقتصار على الحجر تخفيف على خلاف القياس فيقتصر على ما تعم به البلوى، فلا يلحق به غيره.
الثاني أنه يجوز الاقتصار على الحجر وهو الأصح نظرا إلى المخرج. وفي " المبسوط ": استنجى من الغائط والبول والمذي والودي والمني والدم الخارج من السبيلين دون سائر الأحداث، وفي " الدراية ": كون الغسل أفضل إذا أنقاه بالأحجار، لأن النص ورد على هذا الوجه.
م: (ويستعمل الماء إلى أن يقع في غالب ظنه أنه قد طهر) ش: أي يستعمل المستنجي الماء إلى وقوع غلبة ظنه أن الموضع قد طهر، وأشار بهذا إلى أن العدد فيه ليس بشرط، ونبه عليه أيضاً بقوله: م: (ولا يقدر بالمرات) ش: أي ولا يقدر استعمال الماء بالعدد، بل الاعتبار غلبة الظن م:(إلا إذ كان) ش: أي المستنجي م: (موسوسا) ش: بكسر السين على صيغة الفاعل لأنه هو الذي يلقي الوسوسة في خلده، والوسوسة حديث النفس. وقال الأترازي: ولا يقال بالفتح. قلت: لا مانع من ذلك، لأن صاحب " الكافي " قال: الوسوسة [
…
] الذي يرى في المرأة كإيقاع الشيطان شيئاً في قلب المؤمن فهي وسوسة فتأمل، وتجد للفتح باباً، والشيطان الذي يوسوس في هذا
فيقدر بالثلاث في حقه وقيل بالسبع،
ولو جاوزت النجاسة مخرجها لم يجز إلا الماء
ــ
[البناية]
الحالة يسمى ولهان م: (فيقدر بالثلاث في حقه) ش: أي في حق الموسوس وذلك كما في غير الرؤية.
م: (وقيل بالسبع) ش: وقيل يقدر في حقه سبع مرات اعتباراً بالحديث الذي ورد في ولوغ الكلب، كذا قاله الأترازي والأكمل أيضاً. قلت: أصحابنا ما اعتبروا السبع هناك فكيف يعتبرونه هاهنا، وقيل: بالتسع وقيل: بالعشر، وقيل: يقدر في القبل بالثلاث وفي المقعدة بالخمس. وروى صالح بن أحمد عن أبيه أنه قال: أقل ما يقدر من الماء في الاستنجاء سبع مرات، وفي " المجتبى " يفوض ذلك إلى رأي المبتلى به.
م: (ولو جاوزت النجاسة مخرجها لم يجز إلا الماء) ش: هذا قول محمد رحمه الله في اشتراط الماء لإزالة النجاسة. وفي " المحيط ": إنما يجب غسلها عند محمد، ولأنه يزيد على قدر الدرهم. وفي " الذخيرة ": وما جاوز موضع الفرج وزاد على قدر الدرهم فإنه يغسل إجماعاً ولا تكفيه الأحجار، وكذا لو زاد على قدر الدرهم من البول في طرف الإحليل، وإن كانت الزيادة على قدر الدرهم على موضع الفرج يجوز فيه الحجر عندهما، وعند محمد لا يجوز إلا الماء، وكذا روي عن أبي يوسف أيضاً، وإن كانت النجاسة في موضع الاستنجاء أكثر من قدر الدرهم فإنقاؤها بالأحجار ولم يغسلها بالماء، قال الفقيه أبو بكر: لا يجوز به، وعن أبي شجاع: يجزئه، وهكذا في النجاسة فصلاته فاسدة، فكذا إذا كانت تحت إحدى قدميه وهو الأصح، وقيل: ينجسه، وإذا كان في موضع السجود دون القدم ففي رواية عن محمد عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يجوز، وهو الأصح، وهو قولهما. وفي رواية أبي يوسف وأبي حنيفة أنه لا يجوز، وإن كان موضع يديه أو ركبتيه يجزئه عندنا خلافاً للشافعي رضي الله عنه وزفر.
ولو صلى على مكان طاهر وسجد عليه لكن إذا سجد وقعت ثيابه على الأرض النجسة جازت صلاته، ولو افتتحها على مكان طاهر ثم تحول إلى مكان نجس ثم تحول منه إلى مكان طاهر جازت صلاته إلا أن يمكث.
ولو صلى على بساط وعلى طرف منه نجاسة قد يجوز في الكبير دون الصغير، وحده إذا رفع أحد طرفيه [لم يتحرك الآخر] إلا إذا كان أحد وجهيها نجسا فقام بالماء "ثم نضحه". وفي وراية له:«فإن رأت فيه دما فلتقرصه بشيء من ماء ولتنضح ما لم تر، وتصلي فيه» ، ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه " وفيه قال:«اقرصيه بالماء واغسليه وصلي فيه» . ورواه الإمام أبو عبد الله بن علي بن الجارود في كتاب " المنتقى "، في رواية:«حتيه واقرصيه ورشيه بالماء» .