الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الاستنجاء
ــ
[البناية]
[فصل في الاستنجاء]
م: (فصل في الاستنجاء) ش: أي: هذا فصل في بيان الاستنجاء وأحكام الكلام، فيه أنواع:
الأول: أنه ذكر هذا الفصل في هذا الباب، لأن الاستنجاء إزالة النجاسة العينية، فذكره أشق، وأيضاً اتبع المصنف فيه القدوري وهو اتبع محمداً في أنه لم يورده عند ذكر سنن الوضوء.
وقيل فيه أوجه أخرى لا طائل تحتها.
الثاني: في معنى الاستنجاء وهو على وزن استفعال، تقول: استنجى يستنجي استنجاء، والسين فيه للطلب وهو على قسمين:
أحدهما: صريح نحو استكتبته، أي طلبت منه الكتابة.
والثاني: أن يكون تقديراً نحو استخرجت الوتد من الحائط، فليس هنا طلب صريح بل المعنى له أول المطلق، والحبلى حتى تخرج، ونزل ذلك منزلة الطلب.
فإن قلت: الاستنجاء من أيهما.
قلت: من الثاني، فإن المستنجي لم يزل يتلطف حتى يزول النجو عن موضعه، وهذا هو التحقيق هنا.
وأكثر الشراح قالوا: السين للطلب وسكتوا عليه، وليس ذلك يفيد المقصود على ما لا يخفى، والنجو ما يخرج من البطن، يقال: نجى وأنجى إذا أحدث، يقال: نجى الغائطة نفسه ينجو، وقال الأصمعي: استنجى أي مسح موضع النجو أو غسله ولهذه المادة معان، يقال: نجا من كذا ينجو نجاءً بالمد، ونجاة بالقصر ونجوت أيضاً نجاء ممدوداً أي أسرعت وانبعثت، واستنجى: أي أسرع، ونجوت فلاناً [.....] النحل إذا التقطت رطبها، عن الأصمعي، وقال أيضاً: نجوت غصون الشجرة إذا قطعتها، والنجاة بالقصر، والجمع نجا، والنجو السحاب [
..] والجمع نجا بكسر النون، والنجا المكان المرتفع لا يعلوه السيل [.....]، قال: نجوته نجواً ساررته، وكذلك ناجيته، والنجوى اسم ومصدر. وفي المغرب: نجا وأنجى إذا أحدث وأصله من النجوة وهو المكان المرتفع لأنه يتستر بها وقت قضاء الحاجة، ثم قالوا: استنجى إذا مسح موضع النجو وهو ما يخرج من البطن أو غسله، وقيل: من نجى الجلد إذا مر، قلت: يمكن أن تراعى المعاني المشهورة في لفظ الاستنجاء في هذا الباب.
الثاني: أن معنى الاستنجاء والاستطابة والاستجمار كلها عبارة عن إزالة الجاري من السبيلين عن مخرجه، فالاستنجاء والاستطابة يكونان بالماء وغيره كالحجر ونحوه، والاستجمار يختص
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
بالأحجار مأخوذ من الجمار، وهي الحصى الصغار، والاستطابة أعم من الطيب لأنه يطيب نفسه بإزالة الخبث، قلت: فعلى هذا الاستطابة أعم وبقي الاستنجاء والاستنقاء والاستبراء والاستنزاه. فالاستنجاء قد ذكرناه.
والاستنقاء طلب النقاوة بالحجر والمدر أو نحوهما. وقال بعضهم: هو أن يدلك مقعدته حتى تذهب الرائحة الكريهة وذلك بيده اليسرى. وقال بعضهم: هو أن يدلك مقعدته حتى يتيقن أنها قربت للجفاف.
وقال بعضهم: هو أن ينشف بالمنشفة أو بالخرقة حتى لا يقطر منه شيء من الماء المستعمل على الثوب.
وأما الاستبراء فهو طلب البراءة وهو أن يركض برجله على الأرض حتى يزول عنه [.....] .
وأما الاستنزاه فهو طلب النزه بضم النون وسكون الزاء المعجمة وهو البعد عن البول.
النوع الثالث: في آداب الاستنجاء وقضاء الحاجة الإبعاد: روى مسلم من «حديث المغيرة، قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توارى عنا فقضى حاجته» . وروى أبو داود والترمذي «أنه صلى الله عليه وسلم: كان إذا ذهب المذهب أبعد» روى محمد بن الحسن عن عيسى بن أبي عيسى الخياط عن الشعبي عن عمر سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اتقوا الملاعن الثلاث وأعدوا النبل» رواه أبو عبيد عن محمد بن الحسن، وقال: سمعته يقول: النبل: هي الحجارة للاستنجاء وهو بضم النون وفتح الباء الموحدة، قاله الأصمعي، وقال أبو عبيد: والمحدثون يقولون: النبل بالفتح سميت نبلاً لصغرها، وهذا من الأضداد، يقال للعظام نبل، وللصغار نبل، والكبير لقضاء الحاجة. وعن عبد الله بن جعفر قال:«كان أحب ما استنزه به رسول الله صلى الله عليه وسلم لقضاء حاجته هدف أو حائش نخل» رواه مسلم.
وقال "الفارس": الهدف كل شيء عظيم، وقيل ما ارتفع من الأرض [.....] ، والحائش بالحاء المهملة والشين المعجمة جماعة النخل وإدامة الستر حتى يدنو من الأرض، وعن ابن عمر رضي الله عنه «أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد قضاء الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
رواه أبو داود [
…
] المكان للبول عن أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول فأتى دمثا في أصل جدار فبال، ثم قال:«إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله» الدمث: بفتح الدال المهملة والميم، المكان اللين السهل، وكراهة البول في الهواء عن أبي هريرة رضي الله عنه «أنه عليه السلام كان يكره البول في الهواء» .
وفي مسند أبي يوسف النعر وهو ضعيف، وفي حديث الحضرمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال:«إذا بال أحدكم فلا يستقبل الريح ببوله فيرد عليه» ، ذكره في " الإمام ". والخاتم عليه اسم الله، عن أنس رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه» رواه أبو داود، وقال: منكر ورواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وكراهة ذكر الله في الخلاء، روي عن ابن عباس هكذا، وهو قول عطاء ومجاهد والشعبي وعكرمة، وبه قال أصحابنا وهو الاحتياط بتركها لاسم الله تعالى واحتراما له.
وروي عن مالك والنخعي إباحته واتقاء الملاعن، روى أبو داود من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل» ، والبراز بكسر الباء الموحدة الموحدة كناية عن الغائط.
وروى أبو داود أيضاً عن عبد الله بن سرجس: «أنه عليه السلام نهى أن يبال في الجحر» "، قال قتادة: كان يقال: إنها مساكن الجن، وفي " المراسيل " عن مكحول «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في أبواب المساجد» وعن أبي مجلز «أنه صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن ينهى عن أن يبال في قبلة المسجد» وعن أبي هريرة: «لا يبولن أحدكم في الماء الناقع» ، أخرجه ابن ماجه، الناقع بالنون والقاف الماء المجتمع، وعنه صلى الله عليه وسلم:«أنه نهى عن البول في المغتسل» ، رواه أبو داود والنسائي والدارمي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وعن عبد الله بن مغفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه، فإن عامة الوسواس منه» أخرجه الأربعة، ويجتنب القعي في قضاء الحاجة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من جلس على قبر يتغوط أو يبول [عليه] فكأنما جلس على جمرة» ، أخرجه أبو جعفر البغوي، ما جاء من الذكر عند دخول الخلاء فليقل:«إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» ، أخرجه الجماعة.
والخبث بضمتين جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة، فاستعاذ عليه السلام من ذكران الجن وإناثهم، وقال الخطابي: وعامة المحدثين يقولون بسكون الباء وهو غلط والصواب الضم.
قلت: يجوز تسكينها تخفيفا، وذكر أبو عبيد بالسكون ومعناه الرد والكفر أو الشيطان. وعن علي رضي الله عنه قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله» ، أخرجه ابن ماجه، الستر بكسر السين الحجاب: وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: "غفران» ، أخرجه الأربعة.
وروى البيهقي من جهة ابن خزيمة زيادة: " غفرانك ربنا وإليك المصير "، وقال الخطابي: قيل في سبب غفرانك في هذا الموضوع قولان: أحدهما: أنه استغفر من تركه ذكر الله