الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إلا رجليه
ــ
[البناية]
القائل:
ولقد أمر على اللئيم يسبني
وقال بعض الشارحين: ربما يتعين التنكير إذا انحصرت اللام في التعريفين وليس كذلك، يجوز أن تكون اللام لتعريف الماهية.
فقلت: أراد ببعض الشارحين قوام الدين فإنه قال في شرحه ثم قال الأكمل: هذا ليس بشيء؛ لأن الماهية من حيث هي لا توجد في الخارج، فإما أن توجد في الأقل أو في غيره وذلك فاسد لما مر.
وقال تاج الشريعة: ويزيل نجاسته بدون الألف واللام أولى لأنها عست أن تكون وعست أن لا تكون فذكرها منونة أولى، ثم ذكر وجه الأولوية كما ذكرناه.
قلت: هذا كله تكلف منهم لأن مثل هذا إذا وقع في الكتاب أو في كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أفصح الخلائق يستقل وفي غيرهما يوقف على الصواب وإن وقع على غير نهج الصواب يبدل بالصواب.
[الوضوء من سنن الغسل]
م: (ثم يتوضأ وضوءه للصلاة) ش: بالنصب عطفا على أن يبدأ أي مثل وضوئه للصلاة، إنما قاله هكذا كيلا يتوهم إذ يريد به غسل اليدين إلى المرفقين لأنه قد يسمى وضوءا، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:«الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر» ، وقيل احترز به عما روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أن الجنب يتوضأ ولا يمسح رأسه، لأنه لا فائدة فيه لوجود إسالة الماء من بعد وذلك بعدم معنى المسح بخلاف سائر الأعضاء لأن السيل هو الموجود فلم يكن السيل من بعد معدما له.
فإن قلت: لم يعلم من عبارته حال هذا الوضوء هل هو سنة أو فرض.
قلت: غير واجب عندنا فيدخل الوضوء في الغسل كالحائض إذا أجنبت يكفيها غسل واحد ومنهم من أوجبه إذا كان محدثا قبل الجنابة. وقال داود: يجب الوضوء والغسل في الجنابة المجردة بأن يأتي الغلام والبهيمة أو لف ذكره بخرقة فأنزل وفي أحد قولي الشافعي يلزمه الوضوء في الجنابة مع الحدث.
وفي قوله الآخر: يقتصر على الغسل لكن لا يلزم أن ينوي الحدث والجنابة في قوله وفي قول يكفي نية الغسل، ومنهم من أوجب الوضوء بعد الغسل وأنكره علي وابن مسعود رضي الله عنهما، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل» ، رواه مسلم والأربعة.
م: (إلا رجليه) ش: يعنى يؤخر غسل رجليه لأن في حديث ميمونة رضي الله عنها على ما
ثم يفيض الماء على رأسه وسائر الجسد ثلاثا
ــ
[البناية]
يأتي هكذا «ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه» .
وهذا يقتضي تأخير غسل الرجلين عن إكمال الوضوء، وبعضهم أجاز التكميل ومنهم الشافعي رحمه الله بظاهر حديث عائشة رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يفيض الماء على جلده كله» ، رواه البخاري ومسلم.
والعجب من الشافعي كيف اختار التكميل فإن في حديث ميمونة النص على تأخير غسل الرجلين، وحديث عائشة مطلق ومن مذهبه حمل المطلق على المقيد في حادثتين فكيف في حادثة واحدة وهو نقض لأجله، والحديثان صحيحان وليس فيهما كلام.
فإن قلت: كيف التوفيق بين الروايتين عندنا.
قلت: عائشة رضي الله عنها أرجح بطول الصحبة والضبط في الحديث. وفي " شرح الوجيز " كلاهما سنة والكلام في الأولى وفي " المجتبى " والأصح أنه إن لم يكن في منبع الماء يتقدم بقدم وهو التوفيق بين الروايتين.
وفي " المبسوط " إنما يؤخر غسلهما إذا كانا فيه حتى لو كان على حجر أو لوح أو آجر لا يؤخر كما ذكره في المتن على ما يأتي م: (ثم يفيض الماء على رأسه وعلى سائر جسده ثلاثا) ش: ثم يفيض بالنصب عطفا على قوله ثم يتوضأ. قوله وسائر جسده أي الباقي أي باقي جسده.
قال أبو منصور الأزهري: وفي " تهذيب اللغة " اتفقوا على أن معنى سائر: الباقي. وقال ابن الصلاح: سائر بمعنى الجميع مردود عند أهل اللغة معدود من غلط ولا يلتفت إلى قول الجوهري أن سائر بمعنى الجميع فإنه ممن لا يقبل قوله فيما ينفرد به وقال السروجي «وقوله عليه السلام لغيلان الديلمي أسلم على أكثر من أربع اختر منهن أربعا وفارق سائرهن» يعني أن يكون سائر بمعنى الباقي دون الجميع للتناقض، فهذا يؤيد ما ذكره ابن الصلاح وحكم على الجوهري بالغلط في موضعين.
أحدهما: في تفسيره بالجميع، الثاني: في ذكره في سير وحقه أن يذكر في باب سئر مهموز العين لا في معتل العين. قال: لأنه من السؤر الذي هو مهموز العين بمعنى البقية، قلنا له والجوهري لم ينفرد به وقد وافقه أبو المنصور الجواليقي في " شرح أدب الكاتب " أنه بمعنى الجميع، وأنكر أبو علي أن يكون السائر بمعنى السؤر بمعنى البقية لأنها بمعنى الأقل والسائر لأن السائر يقتضى لما كثر والبقية لما قل.
ثم يتنحى عن ذلك المكان فيغسل رجليه هكذا حكت ميمونة رضي الله عنها اغتسال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــ
[البناية]
وقال ابن سيرين: من جعله سائرا من سار يسير يجوز أن يقول نفيت سائر الأديان أي نفي جميع الأديان.
ثم قال السروجي: كون السائر لما كثر لا يمنع أن يكون من السؤر ويكون قد غلب في السؤر الخاص وهو الغالب في اليسير والكثير كالنجم، والبقية أيضا في القليل بالقلة لأنها فعلية من بقي تقول: ذهب زيد وبقي القوم بعده قلت: ذكره الصاغاني في العباب في سائر مهموز العين ثم قال: وسائر القوم بقيتهم وليس معناه جماعة الناس كما زعم من قصر في اللغة باعا وعناء ففي اختيار الغرائب باعه وهو مشتق من السؤر، فكما أن السؤر البقية والفضلة فكذلك السائر الباقي قوله ثلاثا بالنصب على أنه صفة لمصدر محذوف، أي ثم يفيض الماء ثلاثا أي ثلاث مرات. وكيفية الإفاضة أن يفيض الماء على منكبه الأيمن ثلاثا ثم الأيسر ثلاثا ثم على رأسه وسائر جسده ثلاثا، كذا قاله الحلوائي وقيل يبدأ به ثلاثا ثم الرأس ثم بالأيسر، وقيل يبدأ بالرأس كما أشار إليه القدوري، وهكذا قال في كتب أصحاب الشافعي.
م: (ثم يتنحى عن ذلك المكان) ش: أي ثم يتحول من المكان الذي اغتسل فيه م: (فيغسل رجليه) ش: بنصب اللام م: (هكذا حكت ميمونة رضي الله عنها اغتسال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ش: حديث ميمونة أخرجه الأئمة الستة في كتبهم مطولا ومختصرا عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال حدثتني خالتي «ميمونة رضي الله عنها قالت: "أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكا شديدا، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حثيات من كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بالمنديل فرده» ، وفي رواية «وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة» . وفي الترمذي " غسلا"، وفي بعض طرقه ماء.
وفي رواية: «ثم دلك بيده الحائط أو الأرض» . وفي رواية «فأتيته بخرقة فلم يردها» . وفي غير رواية الترمذي «فجعل ينفض الماء بيده» . قولها: غسله بكسر الغين وهو ما يغتسل به. قاله الإمام، وقال غيره بضم الغين وهو الماء الذي يغتسل به. قولها: وضوء الجنابة بفتح الواو. وقوله: ثلاث حفنات جمع حفنة وهي ملء الفم.
وفي رواية عائشة رضي الله عنها ثلاث حثيات أي ثلاث غرفات، وهي جمع حثية، وفي رواية ثلاث غرفات، وجاء ثلاث غرفات فالغرفات جمع غرفة.
وفي الحديث دليل على استخدام الزوج لزوجته، وفيه تأخير الرجلين عن إكمال الوضوء،
وإنما يؤخر غسل رجليه لأنهما في مستنقع الماء المستعمل فلا يفيد الغسل حتى لو كان على لوح لا يؤخر، وإنما يبدأ بإزالة النجاسة الحقيقية كيلا تزداد بإصابة الماء. وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها في الغسل.
ــ
[البناية]
وروي عن مالك أنه إن أخر غسل الرجلين فيه استأنف الوضوء.
وعند أبي ثور يلزم الجمع بين الوضوء والغسل، واستدل بعضهم برده عليه السلام الخرقة على أنه لا ينشف أعضاء الوضوء، لا دليل فيه لأنه يحتمل أن يكون ذلك لمعنى في الخرقة أو غير ذلك. وقد ذكر: هذا نفض أعضاء الوضوء ولا فرق بين الوضوء والغسل، وتمسكهم [بحديث]«لا تنفضوا أيديكم فإنها مراوح الشيطان» وهو حديث ضعيف، وقد ذكرناه فيما مضى.
م: (وإنما يؤخر غسل رجليه لأنهما في مستنقع) ش: أي في مجتمع م: (الماء المستعمل فلا يفيد الغسل) ش: أي غسل الرجلين حينئذ م: (حتى لو كان على لوح لا يؤخر) ش: لعدم الماء المستعمل حينئذ.
وينبغي أن يكون هذا التعليل على رواية كون الماء المستعمل نجسا م: (وإنما يبدأ) ش: المغتسل م: (بإزالة النجاسة الحقيقية) ش: الظاهر أنه أراد بها النجاسة المعهودة في ذلك الحال وهي المني الرطبة؛ فإن ميمونة رضي الله عنها: قالت في الحديث المذكور «ثم أفرغ على فرجه» . وفي رواية «وما أصابه من الأذى» وفيه دلالة على نجاسته.
قيل: هذا تكرار لأنه ذكره أولا وليس كذلك لأنه ذكره ههنا لبيان التعليل، لأن هذا الكتاب كالشرح على القدوري م:(كيلا تزداد) ش: أي النجاسة إن كانت م: (بإصابة الماء) ش: لأن الماء إذا أصاب النجاسة بسطت وانتشرت فيزداد عليه العمل.
م: (وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها في الغسل) ش: الضفائر جمع ضفيرة وهي العقيصة، والضفرة بفتح الضاد المعجمة وسكون الفاء مسبح الشعر عريضا، وتحريك الفاء بالفتح بمعنى المضفور والتضفير مثله، وأضفرت المرأة شعرها ولها ضفيرتان وضفيران أي عقيصتان. ومذهب الجمهور لا يلزمها نقضه إلا أن يكون مليئة لا يصل الماء إلى أصوله فيجب نقضه. وقال النخعي: يجب نقضها بكل حال. وقال أحمد يجب في الحيض دون الجنابة وقيل: في تخصيص المرأة إشارة إلى أن حكم الرجل بخلافها.
وفي " المبسوط " إذا ضفر الرجل شعره كما يفعله العلويون والأتراك هل يجب إيصال الماء إلى انتهاء الشعر، فظاهر الحديث أنه لا يجب. وذكر الصدر الشهيد أنه يجب، والاحتياط إيصال الماء. وقال الشافعي: يجب نقضه إذا كان لا يصل الماء إلى باطنها إلا بالنقض وبل الشعر، وإن وصل بدون النقض فلا حاجة إليه. وعن مالك أنه لا يجب نقض الضفائر ولا إيصال الماء إلى
إذا بلغ الماء أصول شعرها «لقوله عليه السلام لأم سلمة رضي الله عنها: "أما يكفيك إذا بلغ الماء أصول شعرك» ، وليس عليها بل ذوائبها هو الصحيح لأن فيه حرجا، بخلاف اللحية لأنه لا حرج في إيصال الماء إلى أثنائها.
ــ
[البناية]
منابت الشعور الكثيفة وما تحتها لدفع الحرج.
وفي " مبسوط بكر " في وجوب إيصال الماء إلى شعب عقاصها اختلاف المشايخ.
فإن قيل: الأصل في النساء أن لا يذكرن لأن مبنى حالهن على الستر، ولهذا يذكرن في القرآن حتى شكين فنزل {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35] (الأحزاب: الآية 35) أجيب بأن الحكم إذا كان مخصوصا بهن يذكرن كهذه المسألة وكما في مسألة الحجاب، ثم إنهن مخصوصات بالضفائر ولهذا كره لهن الحلق وشرع لهن القصر في الحج.
م: (إذا بلغ الماء أصول شعرها) ش: لحصول المقصود حتى إذا لم يبلغ فعليها النقض م: «لقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها: أما يكفيك إذا بلغ الماء أصول شعرك» ش: أم سلمة إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، واسمها هند بنت أبي أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة هذا والراكب والحديث أخرجه الجماعة إلا البخاري من حديث عبد الله بن رافع مولى أم سلمة «عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: لا، وإنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهري، أو فإذا أنت قد طهرت» .
فإن قلت: هذا خبر واحد فلا تجوز به الزيادة على قَوْله تَعَالَى {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] ، قلت الشعر ليس من كل وجه ببدن، والأمر بالتطهير للبدن، أو لأن مواضع التطهير مستثناة كتداخل العينين.
م: (وليس عليها) ش: أي على المرأة م: (بل ذوائبها) ش: هي جمع ذؤابة وكان الأصل في الجمع أن يقال ذوائب، لأن الألف التي في ذؤابة كالألف التي حقها أن تبدل همزة في الجمع، ولكنهم استثقلوا أن تقع ألف الجمع بين الهمزتين فأبدلوا من الأولى واوا وأصله أذئبة ذال معجمة وهمزة وباء م:(هو الصحيح) : احترز به عما روي من وجوب البل والعصر ثلاثا، رواه الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله قال إنها تبل ذوائبها ثلاثا مع عصر كل بل ليبلغ الماء شعب قرونها.
والأصح: أنه غير واجب ولهذا قال هو الصحيح م: (لأن فيه حرجا بخلاف اللحية لأنه لا حرج في إيصال الماء إلى أثنائها) .
وفي " المحيط " يجب إيصال الماء إلى إنبات شعرها إذا كان معقوصا ذكره أبو جعفر الهندواني، وإن كان مضفورا قيل يجب إيصال الماء إلى إنباته لقوله صلى الله عليه وسلم «فبلوا الشعر» والصحيح عدمه واحتجوا بحديث أم سلمة وأخرج مسلم عن عبيد بن عمر قال «بلغ عائشة رضي الله عنها أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن فقالت: يا