الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتقاء الختانين
ــ
[البناية]
وفي " المحيط " لو احتلمت ولم يخرج الماء إلى ظاهر فرجها فعليها الغسل، لأن فرجها بمنزلة الفم فعليها تطهيره، فأعطى له حكم الخروج، حتى لو كان الرجل أقلف فخرج المني إلى القلفة يلزمه الغسل وإلا فلا، لأن ماءها لا يكون دافقا كماء الرجل، ولو نام رجل وامرأته فوجد على فراشهما بللا لا يعرف من أيهما واختلفا فيه ينظر إن كان أصفر فعليها الغسل وإن كان أبيض فعليه.
وقيل: إن وقع طولا فمنه وإن وقع عرضا فمنها، والاحتياط أن يغتسلا، والقياس أن لا يجب على واحد منهما لوقوع الشك ولا يجوز لها أن تقتدي به، وفي " القنية " منيها أصفر ومنيه أبيض، وفائدته تظهر فيما لو اغتسلت عن جماع ثم خرج منها فإن كان أصفر فعليها الغسل وإن كان أبيض فلا غسل عليها، ولو قالت: معي جني يأتيني في النوم مرارا وأجد في نفسي ما أجد إذا جامعني زوجي لا غسل عليها لعدم الإيلاج والاحتلام، ولو احتلم في المسجد وأمكنه الخروج من ساعته يخرج ويغتسل، وقيل يتيمم ويخرج وإن لم يمكنه الخروج بأن كان في وسط الليل فيستحب له التيمم حتى لا يبقى جنبا.
[التقاء الختانين من موجبات الغسل]
م: (والتقاء الختانين) ش: بالرفع عطفا على قوله إنزال المني على وجه الدفق والشهوة، والتقاؤهما كناية عن الإيلاج، فإن نفس الملاقاة لا يوجب الغسل ولكن يوجب الوضوء عندهما، خلافا لمحمد رحمه الله. وقال السغناقي: والتقاء الختانين أي مع تواري الحشفة. قيل: لا يحتاج إلى هذا القيد لأن التقاءهما كناية عن الإيلاج كما ذكرنا.
قلت: لا حظ للشيخ في ذلك، لفظ الحديث «إذا التقى الختانات وغابت الحشفة» على ما يجيء إن شاء الله تعالى. وفي " فوائد القدوري " قوله وتوارت الحشفة ليس بقيد، بل ذكر تأكيدا لأن التقاء الختانين مستلزم لتواريها.
وقال صاحب " الدراية " قال شيخي رحمه الله: يحتمل أن ذكره للإشارة إلى المعنى المؤثر في إيجاب الغسل، كما أن ذكر في قوله صلى الله عليه وسلم «ما أبقته الفرائض فلأولى رجل» ذكر إشارة إلى علة العصوبة أو نفي لقول الشافعي، فإن عنده يجب الغسل إذا تحاذى الفرجان، ولكن ذكر في كتبهم أن إيلاج الحشفة يوجب الغسل.
وقال بعضهم: لو قال تواري الحشفة في قبل أو دبر آدمي حي مشتهى أو قدر حشفة من مقطوعها لكان أولى، ليتناول الإيلاج في الدبر مع أنه ليس فيه التقاء الختانين، ويخرج الإيلاج في البهيمة والميتة والصغيرة التي لا تشتهى ولا يجامع مثلها في قول محمد رحمه الله.
قلت: لا يجب عليه شيء في ترك الأولى ولا يتعين عليه تعين العبارة ثم ختان الرجل موضع
من غير إنزال
ــ
[البناية]
القطع وما دون دورة الحشفة، وختان المرأة موضع قطع جلدة منها كعرف الديك في فم الرجل وذلك لأنه مدخل ومخرج الولد والمني والحيض، وفوق مدخل الذكر مخرج البول وبينهما جلدة رقيقة وفوق مخرج البول جلدة رقيقة تقطع منها في الختان، وهو ختان المرأة فإذا غابت الحشفة في الفرج فقد حاذى ختانه ختانها، والمحاذاة هي التقاء الختانين فإنه إذا تحاذيا التقيا ولهذا يقال التقى الفارسان إذا تحاذيا وإن لم يتصادفا والتصقا، ولكن يقال موضع ختان المرأة الخفاض فذكر الختانين بطريق التغليب كالعمرين والقمرين وفي " الدراية ": ذكر الختانين بناء على عادة العرب فإنهم يختنون النساء قال صلى الله عليه وسلم «الختان للرجل سنة وللنساء مكرمة» ، أي في حق الزوج فإن جماع المختونة ألذ، قلت: لم يذكر راوي الحديث ولا من أخرجه.
وقال الأترازي: روى الخصاف في باب أدب القاضي في باب من قال لا يجوز شهادة الأقلف بإسناده إلى شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الختان للرجل سنة وللنساء مكرمة» .
م: (من غير إنزال) ش: يعني الإنزال ليس بشرط في التقاء الختانين في وجوب الغسل، فإنه إذا أنزل يجب بالإجماع، إذ المعتبر أن نفس الالتقاء كاف في وجوب الغسل، والإنزال ليس بقيد أو هو يرد قول من يشترط الإنزال من الصحابة رضي الله عنهم، فمن المهاجرين قول ابن عمر وعلي وابن مسعود، ومن الأنصار أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو سعيد الخدري منهم من رجع إلى موافقة الجمهور، ومنهم من لم يرجع، وبقول هؤلاء قال داود وعطاء بن أبي رباح وأبو سلمة بن عبد الرحمن وهشام بن عروة والأعمش والجهني، وممن رأى أن لا غسل من الإيلاج في الفرج إن لم يكن الإنزال عثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص ورافع بن خديج وابن عباس والنعمان بن بشير وحمزة الأنصاري انتهى.
وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على وجوب الغسل بالتقاء الختانين وإن لم ينزل، وروي ذلك عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وأبي بكر وعمر بن الخطاب وآخرين، وبه قال إبراهيم النخعي والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأحمد، وفي " المغني " لابن قدامة تغييب الحشفة في الفرج هو الموجب للغسل سواء كانا مختتنين أو لا، وسواء أصاب موضع الختان منه موضع الختان منها أو لم يصب، ولو ألصق الختان بالختان من غير إيلاج فلا غسل بالاتفاق ويجب الغسل سواء كان الفرج قبلا أو دبرا من كل حيوان آدمي أو بهيمة حيا أو ميتا طائعا أو مكرها نائما أو مستيقظا.
لقوله عليه السلام: «إذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل»
ــ
[البناية]
وقال أبو حنيفة: لا يجب الغسل بوطء البهيمة وقال أيضا فإن أولج بعض الحشفة أو وطئ دون الفرج أو في البشرة لم يجب الغسل لأنه لم يوجد التقاء الختانين، فإن انقطعت الحشفة وكان الباقي من ذكره قدر الحشفة فأولج يجب الغسل وتعلقت به أحكام الوطء من المهر وغيره، فإن أولج في قبل خنثى مشكل أو أولج الخنثى ذكره في فرج أو وطئ أحدهما الآخر في قبله فلا غسل على واحد منهما لأنه يحتمل أن يكون خلقة زائدة فلا يزول عن الطهارة بالشك، وإذا كان الواطئ صغيرا أو الموطوءة صغيرة فقال أحمد يجب عليهما الغسل، وإذا كانت الصبية بنت تسع سنين ومثلها يوطأ وجب عليها الغسل، وسئل عن الغلام يجامع مثله ولم يبلغ فجامع امرأة يكون عليهما جميعا الغسل، قال نعم قيل له أنزل أو لم ينزل؟ قال نعم، وحمل القاضي كلام أحمد على الاستحباب، وهو قول أصحاب الرأي وأبي ثور انتهي.
ولو لف على ذكره خرقة إن كان يجد حرارة الفرج يجب كإدخال ذكر الأقلف وإلا فلا، ولو أدخلت المرأة في فرجها ذكر بهيمة أو ميتة لا يجب إلا بالإنزال، خلافا للشافعي وأحمد وفي " المحيط " لو أتى امرأة وهي بكر فلا غسل ما لم ينزل لأن ببقاء البكارة يعلم أنه لم يوجد الإنزال، ولكن إذا جومعت البكر فيما دون الفرج فحبلت فعليها الغسل لوجود الإنزال لأنه لا حبل بدونه، ولو جامعها فيما دون الفرج فدخل منيه في فرجها لا يجب عليها الاغتسال منه، فإن حبلت منه يجب من وقت دخوله حتى يجب عليها قضاء الصلوات الماضية.
وعن محمد: مراهق له امرأة بالغة جامعها فعليها الغسل لأنها مخاطبة ولا غسل عليه لعدم الخطاب، وفي العكس الحكم بالعكس لانعكاس العلة، وإذا جومعت المرأة فاغتسلت ثم خرج منها مني الرجل لا غسل عليها لعدم نزول الماء منها، وجماع الخصي يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به.
م: (لقوله عليه السلام «إذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل» ش: الحديث أخرجه الإمام أبو محمد عبد الله بن وهب في "مسنده " أخبرنا الحارث بن شهاب عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم «سئل عما يوجب الغسل فقال "إذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل» .
وذكر عبد الحق في "أحكامه " من جهة ابن وهب وقال: إسناده ضعيف جدا، فالظاهر إنما
ولأنه سبب للإنزال ونفسه يتغيب عن بصره، وقد يخفى عليه لقلته
ــ
[البناية]
ضعفه بالحارث بن نبهان، وقد يعضد هذا ما رواه الطبراني في " الأوسط " أخبرنا عبد الله بن عمر الصفار حدثنا يحيى بن غيلان حدثنا عبد الله بن سريع عن أبي حنيفة رضي الله عنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلى آخره نحوه، ومعناه في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا قعد بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل» ، زاد مسلم في رواية وإن لم ينزل. وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم «إذ جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل» ، رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها «إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، وفعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا» . رواه الترمذي وصححه. وعن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى الختانان اغتسل» . رواه الطحاوي، وعنها «إذا التقى الختانان وجب الغسل» . رواه الطحاوي موقوفا ومرفوعا. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:«إذا اختلف الختان الختان فقد وجب الغسل.» رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه " والطحاوي. وعن علي رضي الله عنه مثله رواه الطحاوي. وعن «عبد الرحمن بن الأسود قال كان أبي يبعثني إلى عائشة رضي الله عنها قبل أن أحتلم فلما احتلمت جئت فناديت فقلت ما موجب الغسل قالت إذا التقت المواسي» . أخرجه الطحاوي ومحمد بن سعد في " الطبقات ".
قوله شعبها: بضم الشين النواحي وهو جمع شعبة ويروى شعبها جمع شعب، واختلفوا في الشعب الأربع فقيل هي اليدان والرجلان والفخذان. وقيل الرجلان والشفران، واختار القاضي عياض أن المراد شعب الفرج الأربع أي نواحيه الأربع، والضمير يرجع إلى المرأة وإن لم يمض ذكرها لدلالة السياق، أما قوله اختلف الختان الختان أي إذا جاوز أحدهما موضع الآخر، وهو كناية عن مجاوزة أحدهما الآخر بعد الملاقاة.
قوله: إذا التقت المواسي كناية عن التقاء الختانين لأن الختان يكون بالموسى فذكرت المواسي، والمراد بها المواضع التي يختن فيها، وهذه من أحسن الكنايات حيث صدرت من امرأة عظيم الشأن ليتناول أول ما احتلم وكلاهما بصدد الحياء.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن التقاء الختانين م: (سبب للإنزال) ش: أي إنزال المني، والشيء الذي يترتب عليه حكم إذا كان خفيفا وله سبب ظاهر يقام السبب الظاهر مقام الأمر الخفي ويرتب على الحكم وها هنا التقاء الختانين سبب للإنزال ونفسه خفي وهو معنى قوله:
م: (ونفسه) ش: أي نفس الإنزال الذي ترتب عليه الغسل م: (يتغيب عن بصره) ش: أي عن بصر المنزل م: (وقد يخفى عليه) ش: أي وقد يخفى الإنزال عن المنزل م: (لقلته) ش: أي لقلة المني م:
فيقام مقامه، وكذا الإيلاج في الدبر لكمال السببية، ويجب على المفعول به احتياطا
بخلاف البهيمة وما دون الفرج
ــ
[البناية]
(فيقام) ش: أي التقاء الختانين م: (مقامه) ش: بضم الميم الأولى أي مقام الإنزال، كما في السفر مع المشقة التي ترتب عليها القصر في السفر، فقال الضمير يرجع في قوله إلى الخروج يعني على تقدير انحصار وجوب الغسل من المني، فالمني قائم في الالتقاء تقديرا والثابت في مثله الإنزال.
وقال الأترازي: قوله وقد يحقق عليه جواب سؤال مقدر وهو أن يقال سلمنا أن نفس المني يتغيب عن بصره ولكن لا نسلم الخفاء لعلم الرجل بخروج المني. فأجاب عنه بقوله وقد يخفى اه.
وقال تاج الشريعة: فإن قلت الماء من الماء يقتضي عدم وجوب الاغتسال بالالتقاء.
قلت: لا نسلم وهذا لأن قوله عليه السلام «الماء من الماء» أي من المني تحقيقا أو تقديرا إذ الغالب الإنزال. م: (وكذا الإيلاج في الدبر) ش: أي حكم الإيلاج في القبل حكم الإيلاج في الدبر م: (لكمال السببية) ش: أي لكمال سببية خروج المني، حتى إن الفسقة اللاطة يرجحون قضاء الشهوة من الدبر على قضاء الشهوة من القبل للين والحرارة والضيق، وعن هذا ذهب بعضهم أن محاذاة الأمرد في الصلاة يفسد صلاة غيره كالمرأة.
قلت: نقل ذلك عن محمد في " نوادر الصلاة " م: (ويجب) ش: أي الغسل م: (على المفعول به) ش: إن كان من أهل وجوب الاغتسال م: (احتياطا) ش: أي لأجل وجوب الاحتياط لأن من الناس صارت له تلك الفعلة الشنعاء طبيعة ويجد بها لذة كالمرأة. قلنا: بوجوب الاغتسال، كذا قاله تاج الشريعة.
قلت: هذا إنما يظهر بالمفعول به إذا كانت به أنبه، وإلا فالذي ذكره إلا في الفاعل، قال فخر الإسلام البزدوي في " شرح الزيادات ": من أتى امرأته أو أمته في غير ما أتاها لم يحد وإن كان محرما عليه لأن من الناس من يستحله بتأويل القرآن. واتفقوا على أن الغسل يجب على الفاعل والمفعول به إن كانا من أهل الاغتسال رجلا كان أو امرأة لتيقن الإيلاج عن غير إنزال أما عندهما فإنه للزنا.
وعند أبي حنيفة الاغتسال بنفس الإيلاج إنما يجب في الغسل لأنه مشتهى على الكمال، فالظاهر أنه عند انقضاء الشهوة فهو سببه نزول الماء فأقيم الإيلاج مقام الإنزال ولا خلل في الشهوة هنا فيصار تشبها للاشتباه مثل الوطء في القبل فوجب للاحتياط، ولما اعتبر الإيلاج دون الإنزال استوى الفاعل والمفعول فيه.
م: (بخلاف البهيمة وما دون الفرج) ش: هذا متصل بقوله فيقام مقامه، أي فيقام سبب الإنزال
لأن السببية ناقصة. وقال: والحيض
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] بالتشديد،
ــ
[البناية]
في المسألتين في الآدمي بخلاف البهيمة، فإنه لا يجب فيها الغسل بمجرد الإيلاج من غير إنزال وبخلاف ما دون الفرج كالفخذ والبطن لا يجب فيه الغسل أيضا. م:(لأن السببية ناقصة) ش: عند عدم الإنزال.
م: (والحيض) ش: بالرفع عطفا على قوله والتقاء الختانين أي ومن المعاني الموجبة للغسل الحيض واختلفوا في تفسيره فقال السغناقي: أي الخروج من الحيض لأن الحيض ما دام باقيا لا يجب الغسل لعدم الفائدة.
قال الأترازي: لا حاجة إلى هذا التكليف لأنا اقتبسنا من قبل أن نفس الحيض سبب للغسل بدليل الإضافة، فلا حاجة إذن إلى قوله: المراد منه الخروج، وهو لا يضاف الغسل إليه بأن يقال غسل الخروج من الحيض حتى يتكلف المتكلف، أما قوله لا فائدة في وجوب الغسل فلا نسلم بل فيه فائدة حيث يظهر الوجوب عند وجود الشرط وهو الطهر من الحيض، وفيه نظر لأن الحيض اسم لدم مخصوص والجوهر لا يصح أن يكون سببا للمعنى، فكيف يقول الحيض سبب للغسل؟
وقال صاحب " التوضيح ": معنى قوله والحيض أي انقطاعه والخروج عنه لأن نفس الحيض ما دام باقيا لا يجب الغسل لعدم الفائدة، وإنما يجب عند الانقطاع، وفيه نظر لأن الانقطاع طهر فلا يوجب الطهارة وقد شنع الأترازي على حافظ الدين النسفي في قوله المراد بالحيض انقطاعه؛ لأنه يلازمه فقال: وفي غاية العجب ذلك ورد عليه بمنع الملازمة بينهما لوجود الحيض قبل الانقطاع ووجوب الانقطاع بعده فكان أحدهما منفكا عن الآخر فلا ملازمة بينهما.
وقال تاج الشريعة: والحيض أي خروج دم الحيض وهو الدم المخصوص يوجب الغسل، وهو الذي فسره تاج الشريعة فيكون مجازا من باب الحذف كما في قول تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] (يوسف: الآية 82) لأن نفس الدم لا يوجب شيئا، وهذا أولى وأظهر مما نسب إلى حميد الدين الضرير حيث قال: الخروج من الحيض مستلزم للغسل فوجب الاتصال فصحت الاستعارة ولأن الخروج من الحيض عين انقطاعه، والانقطاع طهر والطهر لا يوجب الإطهار.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] بالتشديد) ش:، وجه التمسك به على وجوب الاغتسال هو أن الله تعالى منع الزوج من الوطء قبل الاغتسال والوطء تصرف واقع في ملكه فلو كان الاغتسال مباحا أو مستحبا لم يمنع الزوج من حقه، فيعلم أن واجب قوله حتى يطهرن بالتشديد معناه حتى يطهرن أي يغتسلن، وقرئ بالتخفيف معناه حتى ينقطع دمهن، وكلا القراءتين يجب العمل بهما، فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن له أن يقربها في أكثر الحيض بعد انقطاع الدم،