الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن أصابت الأرض النجاسة فجفت بالشمس وذهب أثرها جازت الصلاة على مكانها.
ــ
[البناية]
غير معتبر، ولا فرق بين الرطب واليابس والعذرة والبول، ذكره الكرخي في "مختصره ".
وذكر في الأصل: أن السيف والسكين إذا أصابه بول أو دم لا يطهر إلا بالغسل، وإن أصابه عذرة إن كانت رطبة فكذلك، وإن كانت يابسة طهرت بالحت عندهما، وبه قال مالك، وعند محمد رحمه الله لا يطهر إلا بالغسل، وبه قال زفر والشافعي رضي الله عنهما والإمام مالك، وقال الأترازي قال شيخي برهان الدين الحريفعي: إنما وضع المسألة في المرآة والسيف احترازاً عن الحديد الذي عليه الجار بأنه لا يطهر إلا بالغسل.
قلت: ذكر في " البدرية " و " الذخيرة " و " المنافع ": خصهما بالذكر لكونهما مصقولين ولا مدخل للشرب فيهما حتى لو كانت قطعة غير مصقولة وأصابتها نجاسة لا يكتفي بمسحها، وفي " جامع الكردري ": الشرط أن يمسح مخففاً من غير مشقة للرطوبة، وعن أبي القاسم: ذبح شاة ومسح السكين على صوفها أو ما يزيل تطهر.
وفي " الحلية ": ذكر القاضي حسين: لو سقى السكين بماء نجس ثم غسل يطهر ظاهره دون باطنه، والحد في تطهيره أن يسقيه بماء طاهر مرة أخرى، ومجرد الغسل يكفي في تطهير الذهب والفضة وزبر الحديد وهذا عند الشافعي رضي الله عنه وعند أبي يوسف يمر السكين بالماء الطاهر ثلاثاً ويجفف في كل مرة.
وعند محمد رحمه الله لا يطهر أبداً، وفي " الإيضاح ": السيف يطهر بالمسح، لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقتلون الكفار بسيوفهم ثم يمسحونها ويصلون معها، ولأن الغسل يفسدها فكان في تركها ضرورة. وفي " الفتاوى " أيضاً: وكذا لو لحس السكين بلسانه حتى ذهب أثر الدم طهر. وعند أبي يوسف: السيف إذا أصابه دم أو عذرة فمسحه بخرقة أو تراب حتى لو قطع به بطيخة أو غيره كان طاهراً وأباح أكله.
وفي " المبسوط ": وسكين القصاب تطهر بالمسح بالتراب. وفي " المحيط " و" القنية ": ما دامت النجاسة رطبة لا تطهر إلا بالغسل، فإن جفت أو جففها بالمسح بالتراب أو غيره تطهر بالحت أو تطهر بالمسح.
[كيفية تطهير الأرض التي أصابتها نجاسة]
م: (وإن أصابت الأرض النجاسة فجفت بالشمس وذهب أثرها) ش: قيد الجفاف بالشمس وقع اتفاقاً، لأن الغالب جفاف الأرض بالشمس، وليس باحتراز على الجفاف بأمر آخر، لأن الأرض إذا جفت بالنار أو بالريح م:(جازت الصلاة على مكانها) ش: أي مكان النجاسة التي جفت، وهذا الكلام يشير إلى أنه لا يجوز التيمم به وهو ظاهر الرواية. وروى ابن طاوس والنخعي عن أصحابنا أنه يجوز التيمم به لأنه حكم بطهارته كذا في " المبسوط "، ومذهب علمائنا
وقال زفر والشافعي - رحمهما الله - لا تجوز لأن لم يوجد المزيل. ولهذا لا يجوز التيمم بها، ولنا قوله عليه السلام:«زكاة الأرض يبسها»
ــ
[البناية]
الثلاثة وهو قول أبي قلابة والحسن البصري ومحمد بن الحنفية.
وقال النووي: إذا جف لا بأس بالصلاة عليه.
م: (وقال زفر والشافعي رحمه الله: لا تجوز) ش: وبه قال مالك وأحمد، وللشافعي قولان في القديم، وفي " الإملاء ": يطهر، وفي " الأم ": لا يطهر، وقيل: القطع بأنها تطهر، والقولان فيما إذا لم يبق للنجاسة طعم ولا ريح ولا لون، وعند أحمد: لا يطهر، وقال إمام الحرمين: إنهم أطردوا القولين في الثوب كالأرض، وهل يطهر الثوب بالجفاف. وفي الظل وجهان ذلك كله للنووي في " شرح المهذب ".
واختلفوا في الشجر، والكلام [معناه أنه] ما دام قائماً على الأرض يطهر بالجفاف وبعد القطع لا يطهر إلا بالغسل م:(لأنه لم يوجد المزيل) ش: للنجاسة إذا أصابت فلا يطهر م: (ولهذا) ش: أي ولأجل عدم المزيل م: (لا يجوز التيمم بها) ش: أي بمكان النجاسة التي أصابت وجفت.
م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم «زكاة الأرض يبسها» ش: هذا لم يرفعه أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مروي عن أبي جعفر محمد بن علي أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " عنه، قال:"زكاة الأرض يبسها "، وأخرج عن ابن الحنفية وأبي قلابة قال:"إذا جفت الأرض فقد زكت".
وروى عبد الرزاق في "مصنفه " أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة، قال:"جفوف الأرض طهورها "، في " الأسرار ": الحديث المذكور موقوف على عائشة رضي الله عنها. وقال صاحب " الدراية ": هذا الحديث لم يوجد في كتب الحديث، وهذا لا أصل له لأنه [لم] يثبت بنقل العدل أو يكون ذلك النقل بالمعنى عند من جوزه.
وقال الأكمل: ولقائل أن يقول: معناهما واحد فيجوز أن يكون نقلاً بالمعنى فيكون مرفوعاً. قلت: إنما يجوز نقل الحديث بالمعنى عند من يجوزه إذا كان حديثان معناهما واحد، وكيف يقال فيكون مرفوعاً والمنقول عنه لم يعرف، ولكن يقال: محمد بن الحنفية الذي انتصب مفتياً في زمان الصحابة رضي الله عنهم تقلد عنه بعض مشايخنا كذا في " التقويم ".
وعند ابن إسحاق [......] ثم يروي في كتاب " طبقات الفقهاء " عن محمد بن الحنفية من فقهاء التابعين بالمدينة.
وقال فيه: روي عن محمد بن الحنفية أنه قال: الحسن والحسين خير مني وأنا أعلم بحديث
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
أبي منهما، وذلك لأن الصحابة لما قرروه على الفتوى منهم صار كواحد منهم [
…
] ، كما إذا فعل فعل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلما روي عنه أن زكاة الأرض يبسها ولم يرو عن غيره خلافه حل محل الإجماع ولا سيما وقد وافقه أبو جعفر محمد بن علي وأبو قلابة وعائشة رضي الله عنهم، ومحمد بن الحنفية مات سنة ثمانين. وقيل: سنة إحدى وثمانين وهو ابن خمس وستين سنة.
ولد في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومع هذا استدل أكثر أصحابنا في هذه المسألة بما رواه أبو داود عن أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: حدثني حمزة بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال ابن عمر رضي الله عنه كنت أبيت في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت فتى شاباً، عزباً، فكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك، وأخرجه أيضاً أبو بكر بن خزيمة في "صحيحه ".
فإن قلت: قال الخطابي: يتأول على أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها وتقبل وتدبر في المسجد [......] وإنما كان إقبالها وإدبارها في أوقات نادرة، ولم يكن على المسجد أبواب حتى تمنع عن عبورها فيه.
قلت: هذا تأويل بعيد جداً، لأن قوله في المسجد ليس ظرفاً لقوله: تقبل وتدبر، بل إنما هو ظرف لقوله: تبول وتقبل وتدبر، كلها وأيضاً قوله: يكونوا يرشون شيئاً من ذلك، يمنع التأويل لأنها كانت تبول في موطنها ما كان يحتاج إلى ذكر الرش وغيره إذ لا فائدة فيه.
وأبو داود بوب على هذا بقوله: باب طهور الأرض إذا يبست، فهذا أيضاً يرد عليه هذا التأويل الظاهر أنها كانت تبول في المسجد، ولكنها تنشف فتطهر فلا يحتاج إلى رش الماء، وإنما حمل الخطابي على هاذ التأويل الفاسدة منعه هذا الحديث أن لا يكون حجة للحنفية عليهم.
فإن قلت: احتجوا علينا بما رواه مسلم «عن أنس رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزرموه" فتركوه حتى بال، ثم أمر رجلاً فدعا بدلو من ماء فسنه عليه» . وأخرجه البخاري أيضاً ولفظه: «فبال في طائفة من المسجد فزجره الناس فنهاهم صلى الله عليه وسلم فلما قضى بوله، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه» . وأخرجه النسائي وابن ماجه رضي الله عنهما أيضاً.
قوله: مه، أمر فعل من مونة، ومعناه اكفف، [و] مه الثاني تأكيد له. وقوله: لا تزرموه
وإنما لا يجوز التيمم لأن طهارة الصعيد ثبتت شرطًا بنص الكتاب فلا تتأدى بما ثبت بالحديث
ــ
[البناية]
بتقديم الزاي على الراء المهملة أي لا تقطعوا عليه بوله. فسنه بالسين المهملة، ويروى بالمعجمة، فمعنى الأول الصب المتصل، ومعنى الثاني: الصب المنقطع، قوله: في طائفة من المسجد أي قطعة منه، والذنوب بفتح الذال المعجمة الدلو الكبير، وقيل: لا يسمى ذنوباً إلا إذا كان فيه ماء. قلت: نحن ما تركنا العمل، ونحن نقول أيضاً بصب الماء إذا كانت الأرض رخوة حتى ينتقل منها، فإذا لم يبق على وجهها شيء من النجاسة وانتقل الماء يحكم بطهارتها ولا يعتبر فيه العدد، فإن كانت الأرض صلبة، أو كانت صعبة الحفر [حفر] في أسفلها حفيرة ويصب عليها ثلاث مرات، وينقل [التراب] إلى الحفيرة حتى تيبس الحفيرة، وإن كانت مستوية بحيث لا يزول عنها الماء لا يغسل لعدم الفائدة بل يحفر. وعند أبي حنيفة لا تحفر الأرض حتى تجف الأرض إلى الموضع الذي وصلت إليه النداوة، وينقل التراب.
ودليلنا على الحفر ما رواه الدارقطني بإسناده إلى عبد الله بن الزبير قال: «جاء أعرابي فبال في المسجد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانه فاحتفر فصب عليه دلو من ماء» وما رواه عبد الرزاق في "مصنفه " عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس: قال: «بال أعرابي في المسجد فأرادوا أن يضربوه، فقال صلى الله عليه وسلم: "احفروا مكانه واطرحوا عليه من ماء علموا ويسروا ولا تعسروا» ".
فإن قلت: الأول مرفوع ضعيف لأن في إسناده سمعان بن مالك ليس بالقوي، وقال ابن خراش مجهول. والثاني مرسل وتركتم الحديث الصحيح.
قلت: لا نسلم ذلك فإنا قد عملنا بالكل، فعملنا بالصحيح كما إذا كانت الأرض صلبة، وعملنا بالضعيف على زعمكم فيما إذا كانت الأرض رخوة، والعمل بالكل أولى من العمل بالبعض والإجمال بالبعض.
فإن قلت: كيف تحملون الأرض فيه على الصلب، وقد ورد الأمر بالحفر يدل على أنها كانت رخوة.
قلت: يحتمل أن يكون يصبان في الواحدة كانت الأرض صلبة وفي الأخرى كانت رخوة.
م: (وإنما لا يجوز التيمم، لأن طهارة الصعيد ثبتت شرطاً بنص الكتاب فلا تتأدى بما ثبت بالحديث) ش: هذا جواب عن قول زفر والشافعي ولهذا لا يجوز التيمم به، تقرير الجواب أن طهارة الصعيد الذي هو وجه الأرض تثبت ببعض الكتاب وهو قَوْله تَعَالَى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] (النساء: