الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجواب الكتاب لا يفرق بين الثوب والبدن، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله وإحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله، وعنه أنه فرق بينهما فلم يجز في البدن بغير الماء،
وإذا أصاب الخف نجاسة لها جرم كالروث والعذرة والدم والمني فجفت فدلكه بالأرض جاز، وهذا استحسان.
ــ
[البناية]
م: (وجواب الكتاب) ش: أي " مختصر القدوري " وهو قوله: ويجوز تطهيرها بالماء وبكل مائع
…
إلخ م: (لا يفرق بين الثوب والبدن) ش: لأنه أطلق في قوله: ويجوز
إلخ. ولم يقيد الثوب م: (وهذا) ش: أي عدم الفرق م: (قول أبي حنيفة رحمه الله وإحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله وعنه) ش: أي وعن أبي يوسف م: (أنه فرق بينهما) ش: أي بين الثوب والبدن بغير الماء م: (فلم يجز في البدن بغير الماء) ش: وهو راوية لخبر ابن أبي مالك عنه لأن غسل البدن طريقة العبادة، فاختص بالماء كالوضوء وغسل الثوب، طريقه إزالة النجاسة لإبعاده فلا يختص بالماء. وقال الأترازي: وذكر في بعض نسخ القدوري الماء المستعمل فقال: كالخل وماء الورد والماء المستعمل، وقال أبو نصر البغدادي في " الشرح الكبير " للقدوري: وأما جوازه بالماء المستعمل فلأنه طاهر على رواية محمد عن أبي حنيفة بمنزلة الخل.
[كيفية تطهير الخف الذي لحقته نجاسة]
م: (وإذا أصاب الخف نجاسة لها جرم) ش: أي حبسته والجملة حالية وقعت بدون الواو وهو جائز على العلة م: (كالروث والعذرة) ش: بفتح العين المهملة وكسر الذال المعجمة وهي الغائط التي لقيها الناس م: (والدم والمني فجفت) ش: أي يبست م: (فدلكه بالأرض جاز) ش: وهنا قيود:
الأول: قيد بالخف لأن الثوب لا يطهر إلا بالغسل إلا في المني.
الثاني: قيد بالجرم لأن ما لا جرم له لا يطهر بالدلك، وإن جف إلا إذا التصق به من التراب أو رمل فجف بعد ذلك.
الثالث: قيد بالجفاف لأن ما له جرم من النجس إذا أصاب الخف ولم يجف لا يطهر بالدلك إلا في رواية عن أبي يوسف.
الرابع: قيد بالدلك لأنه بالغسل يطهر اتفاقاً. وقال محمد: لا يطهر بالدلك إلا في المني على ما يجيء.
م: (وهذا استحسان) ش: أي الجواز في الصورة المذكورة استحسان، أي مستحسن بالأثر على ما يأتي. وفي " المحيط ": ذكر في " الجان ": النجاسة التي لها جرم إذا أصابت الخف فحكها أو حتها بعدما يبست بطهر في قولهما، قال القدوري: هذا في حق الصلاة، وأما لو أصاب الماء بعد ذلك يعود نجسا في رواية، وفي الأصل إذا مسحها بالتراب تطهر، وقيل: الدلك رواية
وقال محمد رحمه الله لا يجوز وهو القياس إلا في المني خاصة، لأن المتداخل في الخف لا يزيله الجفاف والدلك بخلاف المني على ما نذكره، ولهما قوله عليه السلام:«فإن كان بهما أذى فليمسحهما بالأرض فإن الأرض لهما طهور»
ــ
[البناية]
الأصل.
م: (وقال محمد رحمه الله: لا يجوز) ش: وبه قال زفر والشافعي في الجديد، ومالك في العذرة والبول. وأما في أرواث الدواب له روايتان إحداهما: الغسل، والثانية: يمسح، وقال الشافعي في القديم: إذا دلكه بالأرض كان عفواً. وقال أحمد: يجب غسل جميع النجاسات إلا الأرض إذا أصابها نجاسة. واختلف أصحابه في ضم التراب. وفي " المحيط ": والصحيح أن محمدا رجع عن هذا القول لما رأى من كثرة السرقين في الطرق.
م: (وهو القياس) ش: أي قول محمد هو القياس كما في الثوب م: (إلا في المني خاصة) ش: الاستثناء من قوله: لا يجوز، فإنه قال: يطهر في المني بالدلك والفرك إذا جف على الثوب.
فإن قلت: لفظ خاصة منصوب بماذا وما [في] معناه. قلت: خاصة اسم بمعنى اختصاصاً من قولهم: خص بالشيء يختصه خصاً وخصوصاً بفتح الخاء وخصوصاً بالضم وخصوصية وخصيصي وخصيصاً عن ابن الأعرابي وخصه يخصه عن ابن عباد إذا فضله واختار ثعلب الخصوصية بفتح الخاء وخصه بالرد لذلك، وأما انتصابه فعلى أنه قائم مقام المصدر.
م: (لأن المتداخل في الخف لا يزيله الجفاف والدلك) ش: لأن الجلد يتشرب فيصير كالثوب والبدن فإنهما لا يطهران إلا بالغسل فكذلك الخف م: (بخلاف المني على ما نذكره) ش: لأنه خص بالنص على القياس فلا يقاس عليه غيره.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف م: (قوله عليه الصلاة والسلام: «فإن كان بهما أذى فليمسحهما بالأرض فإن الأرض لهما طهور» ش: هذا الحديث روي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم.
أما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود من طريقين: أحدهما: عن محمد بن كثير الصنعاني عن الأوزاعي عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب» ، رواه ابن حبان في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
"صحيحه ". وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وقال النووي في " الخلاصة ": رواه أبو داود بإسناد صحيح.
الثاني: عن عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال: أنبئت أن سعيدا المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور» .
فإن قلت: قال ابن القطان في "كتابه" عن الطريق الأول: هذا الحديث رواه أبو داود من طريق لا يظن بها الصحة، فإنه رواه من حديث محمد بن كثير عن الأوزاعي، ومحمد بن كثير: الصنعاني الأصل المصيصي الدار أبو يوسف ضعيف، وأضعف ما هو من الأوزاعي، قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: هو منكر الحديث يروي أشياء منكرة. وقال صالح بن محمد بن حنبل: قال أبي: هو عندي ليس بثقة.
وقال المنذري في "مختصره ": الأول: فيه محمد بن عجلان، وفيه مقال لم يحتجا به، والثاني: فيه مجهول. قلت: محمد بن كثير سئل عنه يحيى بن معين فقال: كان صدوقاً ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة، ومحمد بن عجلان وثقه يحيى وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وصحح الطريق من ذكرناهم، والثاني قائل بالأول. ولنا حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فرواه أبو داود أيضاً في " الصلاة " عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال:«بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما حملكم على إلقائكم نعالكم" قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً، وقال: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمحه وليصل فيهما» ورواه ابن حبان أيضاً في "صحيحه "، ولم يقل:"وليصل فيهما"، ورواه عبد بن حميد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في "مسانيدهم " بنحو أبي داود رحمه الله وأبو نعامة اسمه [......] ، وأبو نضرة اسمه المنذر بن مالك البصري.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها فرواه أبو داود أيضاً عن محمد بن الوليد أخبرني
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه ولم يذكر لفظه، ورواه ابن عدي في " الكامل " عن عبد الله بن زياد بن سمعان القرشي مولى أم سلمة عن سعيد المقبري عن القعقاع بن حكيم عن أبيه «عن عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل يطأ بنعله في الأذى، قال: "التراب لهما طهور» ، وعبد الله بن زياد ضعفه البخاري ومالك وأحمد وابن معين، ورواه الدارقطني مسنداً إلى ابن سمعان وهو ضعيف، وقال ابن الجوزي: قال مالك: هو كذاب، وقال أحمد: متروك الحديث.
قوله: الأذى، أراد به النجاسة، وينحل النعل: الحذاء مؤنثة وتصغيرها فعيلة، وقال ابن الأثير: وهي التي تلبس في المشي مملوة.
وجه الاستدلال بالأحاديث المذكورة ظاهر، فإنه قال فإن طهورهما التراب أي يزيل نجاستهما، وكان الأوزاعي يستعمل هذا الحديث على ظاهره وقال: يجزئه أن يمسح القذر في نعله أو خفه بتراب ويصلي فيه، وروي مثله عن عروة بن الزبير وكان النخعي يمسح النعل والخف يكون فيه السرقين عن باب المسجد ويصلي بالقوم.
وقال أبو ثور في الخف والنعل: إذا مسحهما بالأرض حتى لا يجد له ريحاً ولا أثراً رجوت أن يجزئه.
فإن قلت: الحديث مطلق فلم قيده أبو حنيفة بقوله النجاسة التي لها جرم؟ قلت: التي لا جرم لها خرجت بالتعليل، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«فإن التراب لهما طهور» أي مزيل نجاسته، ونحن نعلم يقيناً أن النعل والخف إذا شرب البول أو الخمر لا يزيله المسح ولا يخرجه من أجزاء الجلد فكان الخلاف في الحديث مصروفاً إلى الأذى الذي يقبل الإزالة بالمسح حتى إن البول أو الخمر لو استجر بالرمل أو التراب فجف فإنه يطهر أيضاً بالمسح على ما قال شمس الأئمة وهو الصحيح فلا فرق بين أن يكون جرر النجاسة منهما أو من غيرهما، هكذا ذكر الفقيه أبو جعفر والشيخ الإمام أبو بكر بن محمد ابن الفضل عن أبي حنيفة رحمه الله وعن أبي يوسف مثل ذلك إلا أنه لم يشترط الجفاف.
فإن قلت: لعل الأذى المذكور في الحديث كان طيناً. قلت: الأذى في لسان الشرع يحمل على النجاسة كناية عن عينها، ولو كان طيناً لصرح باسمه ولم يذكره بالكناية لما فيه من اللبس، ويدل عليه قوله:«فإن الأرض لهما طهور» .
ولأن الجلد لصلابته لا يتداخله أجزاء النجاسة إلا قليلا، ثم يجتذبه الجرم إذا جف، فإذا زال زل ما قام به،
وفي الرطب لا يجوز حتى يغسله لأن المسح بالأرض يكثره ولا يطهره. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه إذا مسحه بالأرض حتى لم يبق أثر النجاسة يطهر لعموم البلوى، وعليه مشايخنا رحمهم الله وإطلاق ما يروى: فإن أصابه بول فيبس لم يجز حتى يغسله
ــ
[البناية]
فإن قلت: لم يفصل بين النجاسة التي لا جرم لها وبين التي لها جرم، فإن اسم الأذى يطلق عليهما وكذلك لم يفصل بين الرطب واليابس وأنتم قد فصلتم؟ قلت: بل فصل الحديث بين الرطب واليابس بالتعليل الذي ذكرناه أيضاً.
فإن قلت: حديث أبي سعيد ساقط العبرة لأنه عليه السلام لم يستقبل الصلاة. قلت: يحتمل أن الحظر مع النجاسة ترك في ذلك الوقت ويحتمل أن يكون لأقل من قدر الدرهم كذا في " المبسوط " و " الأسرار ".
م: (ولأنه الجلد لصلابته لا يتداخله أجزاء النجاسة إلا قليلاً) ش: لأن صلبة الجلد وكثافة النجاسة يمنعان شربها فيه، ورخاوتها بعد اليسير، حذف إليها، فلا يبقى فيها إلا قليل وهو معفو م:(ثم يجتذبه الجرم إذا جف) ش: يعني يجذبه الجرم إلى نفسه م: (فإذا زال) ش: أي الجرم م: (زال ما قام به) ش: أي بالجرم، لأنه لما جذبه إلى نفسه فيبس مع الجرم فلا يبقى إلا اليسير وهو عفو بخلاف البدن، لأن رطوبته ولينه وما به من العرق يمنع من الجفاف، وبخلاف الثوب لأن النجاسة متداخلة فلا يخرجها إلا الماء والاحتراز عن النجاسة فيه ممكن.
م: (وفي الرطب) ش: أي وفي النجس الرطب م: (لا يجوز حتى يغسله، لأن المسح بالأرض يكثره) ش: أي يكثر النجس بالرطب، لأنه ينشر ويتلوث ما لم يصبه أيضاً م:(ولا يطهره) ش: أي لا يطهر الخف لانتشار النجس فيه.
م: (وعن أبي يوسف أنه إذا مسحه بالأرض) ش: أي إذا مسح النجس بالأرض يعني إذا دلكه على سبيل المبالغة م: (حتى لم يبق أثر النجاسة يطهر لعموم البلوى) ش: أي البلية، وكذلك البلية بكسر الباء وسكون اللام، والبلوى بالكسر أيضاً، والبلاء كلها أسماء وهذه من المواد الناقصة الواوية م:(وعليه مشايخنا) ش: أي على قول أبي يوسف مشايخ ما وراء النهر م: (وإطلاق ما يروى) ش: يعني إطلاق قوله صلى الله عليه وسلم، فإن كان بهما أذى، حيث لم يفصل بين الرطب واليابس، والجواب عن هذا الإطلاق قد مر آنفاً. وفي " فتاوى أهل المصر " ذكر الجلائي في صلاته لو أصابت النجاسة الخف أو الكعب أو الجرموق فأمر الماء عليه ثلاث مرات تطهر من جفاف.
م: (فإن أصابه بول) ش: أي فإن أصاب الخف بول م: (فيبس لم يجز حتى يغسله) ش: لتمكن