الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقدر الدرهم
ــ
[البناية]
الآية 43) . فلا يتأدى بما ثبت بخبر الواحد، كما لا يجوز التوجه إلى الحطيم. وإن كان ورد فيه قوله صلى الله عليه وسلم:«الحطيم من البيت» ولأن التيمم قائم مقام الوصف، فلما كان قليل النجاسة مانعاً بلا خلو صار مانعاً للخلو بطريق الأولى، والمراد من النص عبارة الكتاب فلا يعارض ما ثبت بخبر الواحد، بخلاف اشتراطه طهارة، فإن ذلك ثبت بدلالة النص فحينئذ يعارض بما ثبت بخبر الواحد، لأن العبارة فوق الدلالة.
فإن قلت: الثابت بها قطعي كالثابت بالعبارة فكيف يجوز معارضة خبر الواحد للدلالة.
قلت: النص الوارد في طهارة المكان مخصوص، لأنه خص من النجاسة القليلة بالإجماع فعارضه خبر الواحد بخلاف النص الوارد في التيمم قطعي بلا معارضة خبر الواحد.
وقال الأكمل: فإن قلت: أليس قد تقدم أن طهارة المكان ثبتت بدلالة قَوْله تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] والثابت بالدلالة كالثابت بالعبارة في كونه قطعياً حتى ثبت الحد والكفارات بدلالة النصوص فوجب أن لا تجوز الصلاة عليها كما يجوز التيمم بها. أجيب بأن الآية هنا ظنية، لأن المفسرين اختلفوا في تفسيرها، فقيل: المراد به تطهير الثوب، وقيل: تقصيره للمنع عن التكبر والخيلاء، فإن العرب كانوا يجرون أذيالهم تكبرا، وقيل المراد تطهير النفوس عن المعائب. والأخلاق الرديئة، وإذا كان كذلك كان ظني الدلالة ولهذا لا يكفر من أنكر اشتراط طهارة الثوب وهو خطأ، وتكون الدلالة لذلك.
قلت: لا يوافق معنى الآية هاهنا، لأن من فسر بتطهير الثوب وهو الذي تقتضيه اللغة وبقية التفاسير لا تساعدها اللغة بل فيها تفسير أهل التصوف، فكيف يكون هذا ظني الدلالة، وكل واحد من هذه المعاني خلاف المعنى اللغوي غير قطعي، فكيف يصير القطعي بهذا ظنياً.
والجواب السديد أن يقال: خص من هذه الآية غير حالة الصلاة والنجاسة القليلة والثياب التي أعدت للدخول والبروز وإعمام المخصوص ظني فيجوز تخصيصه بخبر الواحد.
فإن قلت: النص لا عموم له في الأحوال، لأنها غير داخلة فيه وإنما يثبت ضرورة ولا عموم لما ثبت في الضرورة والخصوص يستدعي بسبق العموم. قلت: لا عموم له في الأحوال لأنه لما قال: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4](المدثر: الآية 4) تناول تطهير الثياب في كل حالة يلحقها الخصوص بعد ذلك فصارت ظنية الدلالة فافهم.
[ما يعفى عنه من النجاسات]
م: (وقدر الدرهم) ش: كلام إضافي مبتدأ وخبره يأتي، والمراد به الدرهم الشهليلي نسبة إلى موضع يسمى الشهليل، وفي " المغرب ": الشهليلي من الدراهم: مقدار عرض الكف، وفي " المحيط ": الدرهم ما يكون مثل عرض الكف، وفي "صلاة الأحد": الدرهم الكبير المثقال،
وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاج وبول الحمار جازت الصلاة معه، وإن زاد لم تجز. وقال زفر والشافعي رحمهم الله قليل النجاسة وكثيرها سواء
ــ
[البناية]
ومعناه ما يبلغ وزنه مثقالاً، وفي بعض الكتب: قدره بالدرهم البغلي.
وعند السرخسي رحمه الله: يعتبر بدرهم زمانه، وفي " الأسرار ": دون الدرهم لا يمنع جواز الصلاة لكن تكره الصلاة معها م: (وما دونه) ش: أي ما دون قدر الدرهم وهذا الخبر لا يخفى م: (من النجس المغلظ) ش: كلمة من للبيان.
م: (كالدم والبول والخمر وخرء الدجاج وبول الحمار) ش: وخرء الحية وبولها ومرارة كل شيء كبوله م: (جازت الصلاة معه) ش: جازت الصلاة جملة فعلية في محل الرفع على أنها خبر المبتدأ، لا عن قوله: وقدر الدرهم، قوله: معه، أي مع قدر الدرهم وما دونه م:(وإن زاد لم تجز) ش: يعني: وإن زاد النجس المغلظ على قدر الدرهم لم تجز صلاته.
م: (وقال زفر والشافعي: قليل النجاسة وكثيرها سواء) ش: وفي " المبسوط ": وقال الشافعي: إذا كانت النجاسة بحيث يقع البصر عليها يمنعه، وفي " الحلية ": النجاسة دم وغير دم، فغير الدم إذا لم يدركه البصر فيه ثلاثة طرق: أحدها: يعفى، والثاني: لا يعفى، والثالث: قولان: أما الدم فيعفى عن القليل من دم البراغيث والكثير فيه وجهان: أصحهما أنه يعفى عنه.
وقال الإصطخري: لا يعفى، وفي دم غيرها ثلاثة أقوال، أصحها: أنه يعفى عن المقدار الذي يتعافاه الناس بينهم. والثاني: لا يعفى عن شيء منه، وفي القديم: يعفى عما دون الكف، وعن مالك: يعفى عن يسير الدم ولا يعفى عما تفاحش، وغيره في دم الحيض روايتان، إحداهما: أنه كغيره، والثانية: أنه يستوي فيه قليله وكثيره.
وحكي عن أحمد أنه قال: الكثير ما تفاحش وحكي عنه أيضاً أنه يعفى عن النقطة والنقطتين، واختلف عنه فيما بين ذلك.
وقال النووي: اتفق أصحابنا أنه يعفى عن قليل الدم، وفي كثيره وجهان مشهوران، أحدهما: قاله الإصطخري: لا يعفى عنه، وأصحهما باتفاق الأصحاب يعفى عنه، وهو قول ابن شريح وأبي إسحاق وسائر أصحبانا، والقليل ما يعفوه الناس أي عدوه عفواً، والكثير ما غلب على الثوب وطبعه، وقيل في القليل قدر ما دون الكف، وفي الجديد وجهان: أحدهما: الكثير ما يظهر للناظر من غير تأمل، والقليل دونه وأصحهما الرجوع إلى العادة، وهذه الأقاويل في دم غيره، وأما في دم نفسه فضربان: أحدهما: ما يخرج من بثره فله حكم دم البراغيث بالاتفاق، والثاني: ما يخرج من الفصد ففيه طريقان.
لأن النص الموجب للتطهير لم يفصل، ولنا أن القليل لا يمكن التحرز عنه فيجعل عفوا، وقدرناه بقدر الدرهم أخذا عن موضع الاستنجاء
ــ
[البناية]
م: (لأن النص الموجب للتطهير) ش: النص هو قَوْله تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4](المدثر: الآية 4)، وغيره من الأحاديث م:(لم يفصل) ش: بين القليل والكثير، إلا أن الشافعي ومن معه لم يعتبروا إلا ما تراه العين لعدم إمكان الاحتراز عنه.
م: (ولنا أن القليل لا يمكن التحرز عنه فيجعل عفواً) ش: إجماعاً لأن ما عمت بليته سقطت قضيته. وأما الحدث فإنه لا يتجزأ ولا حرج في تكليف إزالته م: (وقدرناه) ش: أي القليل الذي هو خلاف الكثير م: (بقدر الدرهم) ش: المثقالي إن كان النجس ذا جرم وقدر عرض الكف إن كان مائعاً على ما يأتي م: (أخذا عن موضع الاستنجاء) ش: أخذاً منصوب، لأنه مفعول مطلق، قال الأكمل: مفعول مطلق من قدرناه، لأن فيه معنى الأخذ، قلت: الأحسن أن يقول: تقديره وقدرناه حال كوننا آخذين أخذاً في موضع الاستنجاء، والمراد من مواضع الاستنجاء موضع خروج الحدث، روي عن إبراهيم النخعي أرادوا أن يقولوا مقدار المقعد، واستقبحوا ذلك فقالوا مقدار الدرهم.
فإن قلت: النص، وهو قَوْله تَعَالَى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4](المدثر: الآية 4) ، لم يفصل بين القليل والكثير فلا يعفى عن القليل، قلت: القليل غير مراد منه بالإجماع، بدليل عفو موضع الاستنجاء فيتعين الكثير. وأجاب بعضهم بما روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الدم إذا كان أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة، فشرط إعادتها في الزيادة على قدر الدرهم.
قلت: هذا الحديث أخرجه الدارقطني في "سننه " عن روح بن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم» . وفي لفظ: «إذا كان في الثوب قدر الدرهم غسل الثوب وأعيدت الصلاة» .
وقال البخاري: هذا حديث باطل، وروح هذا منكر الحديث. وقال ابن حبان: هذا حديث موضوع لا شك فيه، لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن اخترعه عنه أهل الكوفة وكان روح ابن غطيف يروي الموضوعات عن الثقات.
ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق نوح بن أبي مريم عن يزيد الهاشمي، وأغلط في نوح بن أبي مريم.
وروى البيهقي عن ابن عمر: أنه رأى دماً في ثوبه وعليه ثياب فرمى بالثوب الذي فيه الدم وأقبل على صلاته، وروي عن القاسم بن محمد أنه رأى دماً في ثوبه وهو في الصلاة فخلعه ولم يستقبل، فدل على أن منع الدم دون القليل منه.
ثم يروى اعتبار الدرهم من حيث المساحة وهو قدر عرض الكف في الصحيح، ويروى من حيث الوزن وهو الدرهم الكبير المثقال وهو ما يبلغ وزنه مثقالا
ــ
[البناية]
وذكر في " الأسرار " عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قدرا النجاسة بالدرهم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم في كساء فقال رجل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه لمعة من دم، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يليها، فبعث بها إلي مصرورة في يد الغلام فقال: "اغسلي هذه ولم يعد صلاته» " فدل على أن القليل من النجاسة محتمل، وأمر بغسلها لأنه يستحسن إزالة القليل منها وإيضاعه بنظر الدم.
وعن عمر رضي الله عنه أنه قدرها بظفره، قال في " المحيط ": وكان ظفره قريباً من كفنا، فدل على أن ما دونه لا يمنع، قال: وقول عمر يبطل قول الشافعي رضي الله عنه في منع التقدير.
م: (ثم يروى اعتبار الدرهم من حيث المساحة) ش: أشار بهذا إلى بيان اختلاف عبارات عمر رضي الله عنه في اعتبار الدرهم، فروي عن محمد أن اعتباره بالمساحة م:(وهو قدر عرض الكف) ش: أي ما وراء مفاصل الأصابع، وهذا الاعتبار يروى عن الكرخي عن محمد م:(في الصحيح) ش: أشار به إلى أن هذا الاعتبار هو الصحيح ذكره محمد في " النوادر "، وقال: الدرهم الكبير هو ما يكن مثل عرض الكف.
م: (ويروى من حيث الوزن وهو الدرهم الكبير المثقال) ش: أي اعتبار الوزن في الدرهم، هو الدرهم الكبير المثقال، ذكر هذا عن محمد أنه ذكره في كتاب " الصلاة " إلى اعتبار الدرهم الكبير المثقال.
قال الأترازي: وقوله: الكبير المثقال يجوز برفع اللام على أنه صفة بعد صفة، أي الدرهم الموصوف بأنه مثقال، ويجوز بجر اللام للإضافة كما في الحسن الوجه، فافهم. و [قال] بعض المتقلدين الفقه في الدين: الأحسن لم [
…
] ،، ومن لا يعلم الإعراب يظن أن المثقال لا يجوز جره لأنه يلزم حينئذ دخول اللام في المضاف ولهذا [ذلك] إلا من سوء فهمه وقلة علمه وعدم إدراكه؛ لأن الإضافة اللفظية يجوز فيها دخول اللام في المضاف م:(وهو ما يبلغ وزنه مثقالاً) ش: أي الدرهم الكبير هو الذي يبلغ وزنه مثقالاً وانتصاب مثقالاً على أنه مفعول يبلغ ومعناه ما يصل إليه كما في قولك: بلغت لمكان كذا، معناه: وصلت إليه، وكذلك إذا شارفت عليه، ومنه قَوْله تَعَالَى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234](البقرة: الآية 234) ، أي قاربنه وشارفن عليه.
وقيل في التوفيق بينهما أن الأولى في الرقيق والثاني في الكثيف، وإنما كانت نجاسة هذه الأشياء مغلظة لأنها ثبتت بدليل مقطوع به
ــ
[البناية]
م: (وقيل) ش: قائله أبو جعفر الهندواني م: (في التوفيق بينهما) ش: أي بين الروايتين المذكورتين م: (أن الأولى في الرقيق) ش: أي أن الرواية الأولى وهي اعتبار الدرهم من حيث المساحة في النجس الرطب والمائع م: (والثانية في الكثيف) ش: أي: والرواية الثانية، وهي اعتبار الوزن في النجس [في] المسجد كالعذرة، وهو الصحيح نص عليه في " المحيط "، لأن التقدير بالعرض في المسجد قبيح.
وفي جامع " الكردري " وهو المختار في " المبسوط " و " الخلاصة " الدرهم يكون من القدر المعروف في البلد، وأما النقود المنقطع عملها كالبشهيلي وغيره، قيل: يعتبر، وهو ضعيف.
م: (وإنما كانت نجاسة هذه الأشياء) ش: يعني الأشياء المذكورة كالدم والبول والخمر ونحوها م: (مغلظة) ش: يعني موصوفة بالتغليظ م: (لأنها) ش: أي لأن هذه الأشياء أي نجاستها م: (ثبتت بدليل مقطوع فيه) ش: أي بنص وارد فيه بلا معارضة نص آخر كالخمر مثلاً، فإن نجاسته بنص القرآن لقوله (رجس) أي نجس ولم يعارضه نص آخر.
فإن قلت: لا يظهر من الآية دلالة ظاهرة على نجاسة الخمر، لأن الرجس عند أهل اللغة القذر، ولا يلزم ذلك النجاسة. وكذا الأمر الوارد بالاجتناب لا يلزمه فيه النجاسة.
قلت: لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالروثة وقال: "إنها رجس، أو ركس) دل على أن الرجس النجس.
فإن قلت: حكي عن ربيعة وداود أنهما قالا: الخمر طاهرة فأقل [
…
] أن يكون نجساً مخففاً.
قلت: نقل أبو جسامة الإجماع على نجاستها وأراد بها النجاسة المغلظة.
فإن قلت: يلزم بما ذكرت أن يكون ما عطف على الخمر في الآية نجساً.
قلت: القران في النظم لا يوجب القران في الحكم، ويكون المراد من قوله بدليل مقطوع به الإجماع، كالدم مثلاً فإنه حرمه فأشبه بنص القرآن، ونجاسته مجمع عليها بلا خلاف وهو حجة قطعية. والمراد من الدم: الدم المسفوح، وفي " الجنازية ": والمراد بكونه قطعياً أن يكون سالماً عن الأسباب الموجبة للتخفيف من معارض النصين، [
…
] الاجتهاد والضرورات المحققة.
قلت: لا يلزم منه سلامته عما ذكر أن يكون مقطوعاً به، لأن خبر الواحد السالم عن ذلك لا يكون الحكم الثابت به وحده متطوعاً به، وعلى هذا الأصل الاختلاف بين أبي حنيفة رضي الله عنه -
وإن كان مخففا كبول ما يؤكل لحمه جازت
ــ
[البناية]
وصاحبيه، فإن التغليظ عند أبي حنيفة يثبته بنص، فعلى نجاسته من غير معارضة نص آخر في طهارته، والتخفيف يثبت بتعارض النصين، وعندهما التغليظ يثبت بما وقع الإجماع على نجاسته، والتخفيف بما وقع الاختلاف.
وفائدة الخلاف تظهر في مثل الروث، فعنده نجس مغلظ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه ليلة الجن، ولم يعارضه غيره، وعندهما: مخفف لأنه عند مالك رحمه الله طاهر، ومن الأشياء المذكورة فيما مضى البول وهو على أنواع أربعة:
الأول: بول الآدمي الكبير فحكمه أنه نجس مغلظ بإجماع المسلمين من أهل الحل والعقد، وابن المنذر نقل الإجماع عن أصحابنا وأصحاب الشافعي رضي الله عنهم.
الثاني: بول الصبي الذي لم يطعم فكذلك عند جميع أهل العلم قاطبة إلا ما نقل عن داود الظاهري بطهارتها ولا يعتبر خلافه، وعند الشافعي نجاسة خفيفة، وقال الأوزاعي: لا بأس ببول الصبي ما دام يشرب اللبن ولا يأكل الطعام، وهو قول عبد الله بن وهب صاحب الإمام مالك، واحتجوا في ذلك بأحاديث منها: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ له عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم، فأتي بصبي فبال عليه فدعى بماء فأتبعه بوله ولم يغسله» . قلنا: لم يغسله محمول على نفي المبالغة فيه، وما ورد في الأحاديث من النضح المراد به الصب، وقال في " المعلم في شرح صحيح مسلم ": بال في ثوبه - عائد إلى الصبي - وهو في حجره عليه السلام على ثوب نفسه فنضح ثوبه خوفاً من أن يكون طار منه على ثوبه، وهو بعيد، لأن الآثار جاءت صريحة بأن المراد به النبي صلى الله عليه وسلم.
والثالث: بول الحيوان الذي لا يؤكل لحمه، فحكمه أنه نجس مغلظ عندنا، وعند الشافعي وعند الإمام مالك والفقهاء كافة رحمهم الله بعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"استنزهوا" وحكي عن النخعي طهارته، وهو مردود، وحكى ابن حزم الظاهري عن داود: أن الأبوال كلها والأرواث كلها طاهرة من كل حيوان إلا الآدمي، وهذا في نهاية الفساد.
والرابع: بول الحيوان الذي يؤكل لحمه فحكمه أنه نجس عند أبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي وغيرهم رحمهم الله على ما يأتي تفصيله في "النجاسة". وقال مالك وعطاء والثوري والنخعي وزفر وأحمد: بوله وروثه طاهران، واختاره الروياني وابن خزيمة من أصحاب الشافعي رضي الله عنه هكذا حكاه النووي، والصواب في مذهب زفر: أن روثه نجس مخفف كمذهب أبي يوسف ومحمد، وعند محمد والليث بوله طاهر وروثه.
م: (وإن كان) ش: النجس م: (مخففاً كبول ما يؤكل لحمه) ش: كالإبل والبقر والغنم م: (جازت
الصلاة معه حتى يبلغ ربع الثوب، يروى ذلك عن أبي حنيفة رحمه الله لأن التقدير فيه بالكثير الفاحش والربع يلحق بالكل في بعض الأحكام، وعنه ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كالمئزر، وقيل: ربع الموضع الذي أصابه كالذيل والدخريص، وعن أبي يوسف رحمه الله شبر في شبر
ــ
[البناية]
الصلاة معه حتى يبلغ ربع الثوب) ش: أي إلى أن يبلغ النجس المخفف ربع الثوب م: (يروى ذلك عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي يروى جواز الصلاة مع النجس المخفف ما لم يبلغ ربع الثوب، رواه أحمد رحمه الله عن أبي حنيفة رضي الله عنه م:(لأن التقدير فيه) ش: أي في النجس المخفف م: (بالكثير الفاحش) ش: في منع الصلاة، وذلك لأن الكثير ما يستكثره الناظر ويستفحشه م:(والربع يلحق بالكل في بعض الأحكام) ش: كمسح الرأس وانكشاف العورة، وفي حق المحرم وغيرها.
م: (وعنه) ش: أي عن أبي حنيفة رضي الله عنه م: (ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كالمئزر) ش: لأنه أقصر الثياب، وفيه الاحتياط، ويقرب منه ما قال أبو بكر الرازي: يعتبر السراويل احتياطاً م: (وقيل ربع الموضع الذي أصابه كالذبل والدخريص) ش: قال في " المحيط ": وهو الأصح، وكذا قال في " التحفة ".
م: (وعن أبي يوسف: شبر في شبر) ش: أي شبر طولاً، وشبر عرضاً، أخذا في باطن الخفين يعني ما يلي الأرض من الخف، فإن باطنهما يبلغ شبراً في شبر، فيجوز تقديم الكثير الفاحش به، وعن محمد: مقدار القدمين يعني قدم في قدم، قاله في " شرح الطحاوي "، وعن أبي يوسف: ذراع في ذراع ذكره في " المفيد ".
وفي " الذخيرة ": ما روى إبراهيم عن محمد رحمه الله: أن الكثير الفاحش في الخف [
…
] ، وإنما خص الخف والقدمين لاستدامة الضرورة في ذلك، لاسيما في حق [
] .
وفي " المبسوط ": روي عن محمد: أن الروث لا يمنع إن كان كثيراً فاحشاً، وقال في آخر أقواله: يمنع حتى كان بالري مع الخليفة هارون الرشيد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فرأى في الطرق والخانات الأرواث، وللناس فيها بلوى عظيمة، وقال: سواء عليها طين بخارى، وإنما خصها لأن شني الناس والدواب يختلط فيها مثل ديار مصر، بخلاف المدائن وغيرها في أزقها يمشي على حدة ابن آدم، فإن البلوى فيها أقل. وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه كره أن يحد لذلك حداً، وقال: الفاحش يختلف باختلاف طباع الناس، [و] توقف الأمر فيه على العادة وما يستفحشه المتبلى به كما هو دأبه.
م: