الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويتيمم الصحيح في المصر
ــ
[البناية]
هذا يجوز قبل الوقت. وقال الشافعي: لا يجوز تقديمه على الوقت؛ لأنه مستغنى عنه. وقال النووي: ولأنه طهارة ضرورية فلا يجوز قبل الوقت كطهارة المستحاضة. قال: وهم وافقونا عليه. وقال أبو سعيد الإصطخري: لا نناظر الحنفية في جواز تقديم التيمم على الوقت، فإنهم خرقوا الإجماع فيه. وقال إمام الحرمين: يثبت جوازه بعد الوقت، فمن جوزه قبله فقد حاول إثبات التيمم المستثنى عن القاعدة بالقياس، وليس ما قبله في معنى ما بعده، ولأن القياس إلى الصلاة إنما يكون بعد دخول وقتها.
والجواب عن ذلك كله: أما احتجاج الشافعي بما رواه الدارقطني عن ابن عباس فإن في إسناده الحسن بن عمارة وهو ضعيف، ورواه عنه ابن يحيى الحماني وهو متروك، مع أن السنة لا تمنع الجواز وهو متروك الظاهر، فإن الشافعية يجوزون أكثر من صلاة واحدة من النوافل مع الفرض وليس في حديثهم ذلك.
وأما احتجاجه بما رواه البيهقي من أثر ابن عمر ففي إسناده عامر الأحول عن نافع وعامر ضعفه أحمد، وفي سماعه عن نافع نظر، وقال ابن حزم: الرواية فيه عن ابن عمر لا تصح.
وأما قوله: لأنه يستغنى عنه، فإنه ممنوع، فإن الحاجة ماسة إلى تقديمه على الوقت ليشتغل أول الوقت بأداء الفرائض والسنن الراتبة قبلها.
وأما قول النووي: وهم وافقونا عليها أي على طهارة المستحاضة، وكذا قال ابن قدامة، فإنه غلط منهما، فإن طهارة المستحاضة تصح قبل الوقت عند أبي حنيفة ومحمد، حتى إن المستحاضة لو توضأت حين طلعت الشمس يجوز لها أن تصلي به ما شاءت من الفرائض والنوافل حتى يذهب وقت الظهر، وإنما ينتقض بخروج الوقت للاستغناء عنه، وكذا أصحاب الأعذار.
وأما قول الإصطخري فإنه باطل؛ لأن جماعة من أهل العلم قالوا بقولنا وقد ذكرناهم عن قريب.
وقول إمام الحرمين فإنه وهم لا شك فيه، فإن من أثبت جوازه قبل الوقت وبعده أثبته بالنصوص الواردة في التيمم لا بالقياس، فإنها لم تفصل بين وقت ووقت، والمطلق يجري على إطلاقه.
وقال ابن الحداد من الشافعية: لو تيمم لفائتة ضحوة النهار فلم يؤد حتى زالت الشمس جاز أداء الظهر به، فقد جوز تقديمه على الوقت.
[التيمم لصلاة الجنازة والعيدين ونحوها]
م: (ويتيمم الصحيح في المصر) ش: وغيره لصلاة الجنازة وغيرها، ولياً كان أو غير ولي لعدم
إذا حضرت جنازة والولي غيره، فخاف إن اشتغل بالطهارة أن تفوته الصلاة؛ لأنها لا تقضى فيتحقق العجز،
وكذا من حضر العيد فخاف إن اشتغل بالطهارة أن يفوته العيد يتيمم؛ لأنها لا تعاد. وقوله: والولي غيره إشارة إلى أنه لا يجوز للولي، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله وهو الصحيح؛
ــ
[البناية]
الماء فيها غالباً
م (إذا حضرت جنازة) ش: قيد بها؛ لأن الوجوب بحضورها م: (والولي غيره) ش: والحال أن الولي غير الصحيح الذي تيمم، قيد به لأن المتيمم إذا كان وليا لا يجوز له التيمم؛ لأنه ينتظر. وفي " المحيط ": لا يجوز للسلطان أيضاً؛ لأنه ينتظر م: (فخاف إن اشتغل بالطهارة أن تفوته الصلاة) ش: قيد به؛ لأنه إذا لم تخف الفوت لا يجوز له التيمم، فكلمة " أن " من الأولى مكسورة والثانية مفتوحة؛ لأنها مصدرية في محل النصب على أنها مفعول خاف.
م: (لأنها) ش: أي؛ لأن الصلاة على الجنازة م: (إذا فاتت لا تقضى فيتحقق العجز) ش: أي عن الأداء، وبقولنا قال الزهري، والأوزاعي، والثوري، وإسحاق، ورواية عن أحمد.
وقال الشافعي ومالك: لا يجوز التيمم لصلاة العيد، والجنازة مع القدرة على الماء لخوف فوتهما، ومبنى هذا على الخلاف على صلاة الجنازة هل تقضى أم لا، فعنده لا تقضى إلا إلى بدل، فلا يتحقق العجز، وعندنا تفوت فيتحقق العجز.
م: (وكذلك من حضر العيد) ش: أي كحكم من حضر الجنازة بالتيمم عند خوف الفوات حكم من حضر صلاة العيد م: فخاف إن اشتغل بالطهارة أن يفوته العيد) ش: أي صلاة العيد م: (يتيمم لأنها) ش: أي؛ لأن صلاة العيد م: (لا تعاد) ش: لأنها تفوت لا إلى خلف. وقال النووي: قاس الشافعي صلاة الجنازة والعيد على الجمعة وقال: تفوت الجمعة بخروج الوقت بالإجماع، والجنازة لا تفوت، بل تصلى على القبر إلى ثلاثة أيام بالإجماع، ويجوز بعدها عندنا، قلنا: فوات الجمعة إلى شيء هو أصل، وهو الظهر، بخلاف صلاة الجنازة والعيد، فإنهما يفوتان لا إلى خلف.
وقوله: الجنازة لا تفوت، بل تصلى على القبر إلى ثلاثة أيام بالإجماع، صادر عن عدم تحقق موضع الخلاف، بيانه أنا قلنا: لو تيمم هذا الشخص فصلى عليها غيره فتفوته الصلاة عليها في حقه، والصلاة لا تعاد عندنا، فلا ينال أجر الصلاة على الميت، إذ الفرض قد سقط بالأولى، والنفل فيها غير مشروع.
م: (وقوله) ش: أي قول القدوري في مختصره م: (والولي غيره) ش: إشارة إلى أنه م: (لا يجوز للولي) ش: لأنه ينتظر كما ذكرنا م: (وهو) ش: أي عدم الجواز للولي م: (رواية الحسن عن أبي حنيفة وهو الصحيح) ش: أي عدم جواز التيمم للولي هو الصحيح. وفي " المجتبى ": وكذا الولي والإمام؛ لأنه ينتظر بها.
لأن للولي حق الإعادة فلا فوات في حقه.
وإن أحدث الإمام أو المقتدي في صلاة العيد تيمم، وبنى عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: لا يتيمم؛ لأن اللاحق يصلي بعد فراغ الإمام فلا يخاف الفوت، وله أن الخوف باق؛ لأنه يوم زحمة فيعتريه عارض يفسد عليه صلاته،
ــ
[البناية]
م: (لأن للولي حق الإعادة) ش: أي إعادة الصلاة على الميت إذا صلى غيره م: (فلا فوات في حقه) ش: أي في حق الولي. وفي ظاهر الرواية يجوز للولي أيضاً لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاءت الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمم» . رواه ابن عدي في " الكامل " ثم قال: هذا مرفوع غير محفوظ، بل هو موقوف. وفي " التحقيق " قال أحمد في " مسنده ": فعبره بابن زياد وهو ضعيف، وكذا قال البيهقي في " المعرفة " مغيرة ضعيف ويرويه غيره عن عطاء موقوفاً.
قلت: رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " بسنده عن ابن عباس قال: إذا خفت أن تفوتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمم وصل، ورواه الطحاوي في " الإرشاد " والنسائي عن المعافى بن عمران به موقوفاً، وخرج ابن أبي شيبة نحوه عن عكرمة، وعن إبراهيم النخعى عن الحسن، وأخرج عن الشعبي فقال:" فصل عيها على غير وضوء ".
وروى البيهقي من طريق الدارقطني أن ابن عمر رضي الله عنهما أتي بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم وصلى عليها، والحديث إذا كثرت طرقه وتعاضدت قويت فلا يضره الوقف، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقفون بالحديث تارة فلا يرفعونه، وتارة يرفعونه فلا يقفونه.
م: (وإن أحدث الإمام أو المقتدي في صلاة العيد تيمم وبنى عند أبي حنيفة رضي الله عنه) ش: هذا بعد شروعه بالوضوء، ولو كان شروعه بالتيمم تيمم للبناء اتفاقاً، وفي " البدائع " إن كان يدرك بعضها مع الإمام لا يتيمم، هذا عند الشروع في أول الصلاة وبعد الحدث فيها إن كان لا يخاف زوال الشمس ويمكنه أن يدرك شيئاً منها مع الإمام لو توضأ لا يتيمم؛ لأنه إذا أرك البعض معه تيمم الباقي وحده، ولو كان لا يدرك شيئاً منهما مع الإمام تيمم عنده.
م: (وقالا: لا يتيمم؛ لأن اللاحق) ش: وهو الذي أدرك الإمام في الأول قام ثم أشبه بعد فراغ الإمام فإنه م: (يصلي بعد فراغ الإمام) ش: من صلاته م: (فلا يخاف الفوات) ش: لأنه في حكم الصلاة بالجماعة.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن الخوف) ش: أي خوف الفوات م: (باق لأنه) ش: أي؛ لأن يوم العيد م: (يوم زحمة) ش: أي ازدحام الناس (فيعتريه عارض) ش: مثل أن يسلم عليه أحد فيرد السلام، أو يهنئه بالعيد، أو ما أشبه ذلك، فلا يسلم عما م:(يفسد عليه صلاته) ش: فيتيمم.