الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأنه حكم متعلق بالوقت فيعتبر فيه آخره،
بخلاف ما إذا استكمل المدة للإقامة ثم سافر؛ لأن الحدث قد سرى إلى القدم والخف ليس برافع،
ولو أقام وهو مسافر إن استكمل مدة الإقامة نزع؛ لأن رخصة السفر لا تبقى بدونه، وإن لم يستكمل أتمها؛ لأن هذه مدة الإقامة وهو مقيم،
ومن لبس الجرموق فوق الخف مسح عليه، خلافا للشافعي رحمه الله
ــ
[البناية]
مستعملاً ولا يجزئه عن المسح إذا كان الماء قليلاً غير جار.
م: (ولأنه حكم متعلق بالوقت فيعتبر فيه آخره) ش: أي؛ لأن المسح متعلق بالوقت وهو يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليها للمسافر، فيعتبر فيه آخر الوقت كالصلاة، فإنها حكم متعلق بالوقت، فاعتبر فيها آخر الوقت في الطهر، والحيض، والإقامة، والسفر، والبلوغ، والإسلام.
م: (بخلاف ما إذا استكمل المدة للإقامة ثم سافر) ش: يلزمه غسل رجليه م: (لأن الحدث قد سرى إلى القدم والخف ليس برافع) ش: بل هو مانع في المدة.
م: (ولو أقام وهو مسافر إن استكمل مدة الإقامة نزع؛ لأن رخصة السفر لا تبقى بدونه، وإن لم يستكمل أتمها؛ لأن هذا مدة الإقامة) ش: وهي يوم وليلة مدة الإقامة م: (وهو مقيم) ش: أي والحال أنه مقيم فيتمها.
[المسح على الجرموقين]
م: (ومن لبس الجرموق فوق الخف) ش: يعني قبل أن يحدث لبس الجرموق على الخف، والجرموق ما يلبس فوق الخف وساقه أقصر من الخف، ويقال وهو معرب عن يرموق م:(مسح عليه) ش: عندنا، وبه قال الثوري، والحسن، وأحمد، وداود، وجمهور العلماء، قال أبو حامد: هو قول العلماء كافة. وقال المزني: لا أعلم بين العلماء خلافا في جوازه، حكاه عنهما النووي في " شرح المهذب "، وهو قول الشافعي في القديم، وإلا فلا، وقال في الجديد: لا يجوز المسح عليه إلا إذا لبسه وحده بلا خف.
م: (خلاف للشافعي) ش: وبه قال مالك في رواية، وفي " شرح الوجيز " هذا لا يخلو عن أربعة أحوال، أحدها: أن يكون يمسح الأسفل بحيث لا يمسح على الخف أو بخرق الأعلى يمسح عليه، فالمسح على الأعلى والأسفل كاللفافة.
الثانية: أن يكون على العكس من ذلك، فيمسح على الأسفل القوي وما فوقه كخرقة، فلو مسح الأعلى فوصل البلل إليه، فإن قصد المسح على الأسفل أو عليهما جاز، وإن قصد الأعلى فقط لم يجز، وإن لم يقصد شيئاً فوجهان والأظهر الجواز.
والثالثة: أن لا يكون واحد منهما بحيث يمسح فلا يخفى بعذر المسح.
والرابعة: أن يكون كل منهما بحيث يمسح عليه، فهل يجوز المسح على الأعلى فيه قولان، في
فإنه يقول: البدل لا يكون له بدل، ولنا أن النبي عليه السلام مسح على الجرموقين
ــ
[البناية]
القديم: يجوز، وهو قول أبي حنيفة، وأحمد، وهو اختيار المزني، وفي الجديد: لا يجوز، وهو أشهر الروايتين عن مالك.
م: (فإنه يقول) ش: أي فإن الشافعي يقول م: (البدل لا يكون له بدل) ش: يعني الشرع ورد بالمسح على الخفين بدلاً عن غسل الرجلين، فلو جوز المسح عليهما أقامها مقام الخف، والخف لا يكون له بدل.
م: (ولنا «أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجرموقين فوق الخف» ش: هذا الحديث رواه بلال، وأنس، وأبو ذر رضي الله عنهم.
أما حديث بلال فأخرجه أبو داود من حديث أبي عبد الله عن أبي عبد الرحمن أنه شهد عبد الرحمن بن عوف يسأل بلالاً عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كان يخرج يقضي حاجة فآتيه بالماء فيتوضأ، ثم يمسح على عمامته وموقيه» ، رواه ابن خزيمة في " صحيحه " والطبراني في " معجمه " من حديث شريح بن هانئ عن علي رضي الله عنه قال:«زعم بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين والخمار» ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " من حديث أبي إدريس الخولاني عن بلال «أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الموقين والخمار» .
وأما حديث أنس فرواه البيهقي من حديث عاصم الأحول عن أنس بن مالك «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الموقين والخمار» .
وأما حديث أبي ذر فرواه الطبراني في " معجمه الأوسط " من حديث عبد الله بن الصامت «عن أبي ذر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين والخمار.» وقال الشيخ تقي الدين في " الإمام ": قد اختلفت عبارتهم في تفسير الموق فقال ابن سيده: الموق ضرب من الخفاف، والجمع أمواق، عربي صحيح، وحكى الأزهري عن الليث كذلك، وقال الفراء الموق: الخف، فارسي معرب، وكذا قال الهروي: الموق الخف، وقال الخطابي أيضاً: الموق نوع من الخف معروف وساقه إلى القصر، وقال النووي: أجاب أصحابنا عن الحديث أن
ولأنه تبع للخف استعمالا وغرضا
ــ
[البناية]
الموق هو الخف لا الجرموق لأوجه، الأول: لأنه اسمه عند أهل اللسان.
الثاني: أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على جرموقه.
الثالث: أن الحجاز لا يحتاج فيه إلى الجرموقين فينقد لبسه.
الرابع: أن الحاجة لا تدعو إليه في الغالب فلا تتعلق به الرخصة.
قال السروجي ما ملخصه: إن قوله الموق وهو الخف لا الجرموق غير مستقيم؛ لأن الجوهري والمطرزي والعكبري قالوا: إن الجرموق والموق يلبسان فوق الخف، فعلم أن الموق والجرموق متغايران وغير الخف، فبطل قوله: إن الموق هو الخف: وقال أبو البقاء وأبو نصر البغدادي: إن الموق هو الجرموق يلبس فوق الخف، فصار معنى قوله: إن الموق هو الخف لا الجرموق، وهذا ظاهر الفساد. وقوله: إنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان له جرموقان من صوف، والإثبات مقدم عليه. وقوله: إن الحجاز لا يحتاج فيه إلى الجرموقين ممنوع، بل يرده في الشتاء الشديد. وقوله: فإن الحاجة ما تدعو إليه إلخ يناقض مذهبهم في رخصة المسح عند عدم غلبة الحاجة، فعند عدم الحاجة أولى، وقد أثبتوها في هذه الأشياء عند عدم الحاجة، وهذا ظاهر بين ليس لهم معه كلام.
وقال الصنعاني في " العباب ": الجرموق الذي يلبس فوق الخف، ثم قال في باب الميم: الموق الذي يلبس فوق الخف فارسي معرب، وهو تقريب مؤكد. وقال الليث: الموقان ضرب من الخفاف يجمع أمواق.
قلت: إذا ثبت أن الجرموق غير الخف، وأن الموق هو الجرموق يكون استدلال المصنف ببلال وغيره الذي ذكره مستقيماً، وإذا ثبت أن الموق هو الخف على ما ذكره الفراء والهروي وكراع يكون استدلاله بالحديث المذكور غير مستقيم، ولهذا قال الأترازي: ولنا ما روي في " المبسوط «عن أبي ذر رضي الله عنه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الجرموقين» ولم يذكر ما يذكره المصنف، ولكن قال النووي: لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على جرموق. والجواب الذي ذكره السروجي على هذا غير مستقيم على ما لا يخفى، ولكن روى محمد في كتاب " الآثار " قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يمسح على الجرموقين.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الجرموق م: (تبع للخف استعمالاً وغرضاً) ش: أي من حيث الاستعمال ومن حيث الغرض، أما الاستعمال فمن حيث المشي والقيام والقعود والانخفاض والارتفاع، فإنه أين ما دار الخف يدور معه، فكان تبعاً للخف في الاستعمال.
وأما الغرض من لبسه فإنه يلبس صيانة للخف عن الخرق والأقذار، كما أن الخف وقاية للرجل.