الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الغسل
وفرض الغسل المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن وعند الشافعي رحمه الله هما سنتان فيه لقوله عليه السلام: عشر من الفطرة
ــ
[البناية]
[فصل في الغسل]
[فرائض الغسل]
م: (فصل في الغسل) ش: أي هذا فصل في بيان أحكام الغسل وقد بينا معناه لغة واصطلاحا وإعرابا أيضا فيما تقدم. والغسل بضم الغين اسم من الاغتسال. وبفتح الغين مصدر غسل يغسل من باب ضرب يضرب. وبكسر الغين ما يغسل به من خطمي ونحوه. وقال ابن الأثير: الغسل بالضم الماء الذي يغتسل به كالأكل لما يؤكل، وهو الاسم أيضا من غسله، ويقال: الغسل بفتح الغين وضمها لغتان، والفتح أفصح وأشهر عند أهل اللغة، والضم هو الذي يستعملها الفقهاء أو أكثرهم.
وزعم بعض المتأخرين أن الفقهاء غلطوا في الضم وليس كما قال بل غلط هو في إنكاره ما لم يعرفه، وقيل: بالضم اسم الاغتسال الذي يعم البدن كله ذكره الأزهري. وقال عبد الحق: وقد أولع الفقهاء باتباع المضموم على فعل الغسل لا وجه له، وإنما قدم فصل الوضوء على الغسل لأن الحاجة إلى الوضوء أكثر، ولأن محل الوضوء جزء البدن ومحل الغسل كله والجزء قبل الكل، واقتداء بكتاب الله تعالى، فإنه وقع على هذا الترتيب، أو لأن الوضوء وظيفة الحدث الأصغر والغسل وظيفة الحدث الأكبر، والأصغر مقدم على الأكبر بمعنى أنه مقدمة الأكبر ثم ترتيب الغسل عليه باعتبار أنهما طهارتان تعلقتا بالبدن.
م: (وفرض الغسل) ش: بضم الغين أي مفروض الغسل، كما يقال: هذه الدراهم ضرب الأمير أي مضروبه. والواو فيه إما للاستئناف وإما للعطف على قوله: ففرض الطهارة م: (المضمضة والاستنشاق) ش: قد مر تفسيرهما في فصل الطهارة م: (وغسل سائر البدن) ش: أي باقي البدن، وغسل الشيء عبارة عن إزالة الوسخ عنه بإجراء الماء عليه. والحاصل أن فرض الغسل ثلاثة منها: المضمضة والاستنشاق وبه قال الثوري وابن سيرين والليث وابن عرفة وهو مذهب ابن عباس وغيره من الصحابة.
م: (وعند الشافعي هما سنتان فيه) ش: أي في الغسل، وبه قال مالك، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري، والزهري والحاكم وقتادة وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري ورواية عن عطاء وأحمد في رواية، وفي رواية أخرى وهي المشهورة أنهما واجبتان وشرطان لصحتهما، وهو مذهب ابن أبي ليلى وحماد وإسحاق، وقال أبو ثور وأبو عبيد وداود: الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل دون المضمضة وهو رواية ثالثة عن أحمد. وقال ابن المنذر: وبه أقول.
م: (لقوله عليه السلام: «عشر من الفطرة» ش: هذا الحديث رواه الجماعة إلا البخاري ورواه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
مسلم وأبو داود وابن ماجه في الطهارة والترمذي في الاستئذان، وقال: حديث حسن. والنسائي في الزينة كلهم عن مصعب بن شبيب عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق بالماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء، قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة» .
وأخرج أبو داود وابن ماجه من حديث علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الفطرة المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، والاستحداد، وغسل البراجم، والانتضاح بالماء، والاختتان» ورواه أحمد في "مسنده " والطبراني في "معجمه " والبيهقي في "سننه "، وشراح الكتاب المشهورون لم يذكر أحد هذا الحديث بنصه ولا ذكروا من رواه، ولا كيف حاله، وأعجب من ذلك كله يفسرون العشر بقولهم خمس منها في الرأس، وخمس في الجسد، فالتي في الرأس الفرق، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، والتي في الجسد: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، والاستنجاء بالماء. وذكروا الفرق ولم يذكروا الحديث المذكور وإعفاء اللحية. وذكر في الحديث المذكور وذكر الاختتان في حديث أبي داود.
وقوله: «عشر من الفطرة» مبتدأ وخبر.
فإن قلت: عشر كيف يكون وقع مبتدأ، وقد علم أن العدد إذا ذكر وأريد به المعدود فهو غير علم، وهو منصرف، كقولك: عندي ستة، لأن المراد بهذه الستة هو المعدود وليس العدد، لأن العدد ليس شيئا يكون وقع مبتدأ.
قلت: لأنه أريد به المعدود المعروف فيكون علما فيقع مبتدأ وقد علم أن العدد إذا ذكر وأريد به المعدود فهو غير علم فهو منصرف كقولك عندك ستة لأن المراد بهذه الستة هو المعدود لا العدد لأن العدد ليس شيئا يكون عندك، وإذا أريد به العدد فيحتمل أن يكون ستة من الدراهم، أو الدنانير أو غيرهما. فإذا كان كذلك يكون نكرة، وأما إذا أريد به العدد المعروف يكون علما غير منصرف للعلمية والتأنيث، تقول: عشرة ضعف خمسة، عشر، هنا منصرف لعدم التأنيث، ثم إنه يفسر باسم جمع وهو نحو خصال، والتقدير عشر خصال من الفطرة وقد علم أن عشر وأخواته إذا فسر باسم جنس أو اسم مؤنث لا يقال بالتاء، نحو ثلاث من التمر، وعشر من الإبل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وإذا كان المعدود ما يذكر ويؤنث كحال ولسان وعين يجوز تذكيره، وتأنيثه نحو ثلاثة أحوال، وثلاث أحوال، ويمكن الوجهان في اسم جنس واحدة بالتاء كبقر ونخل فيقال ثلاث من البقر وثلاثة من البقر.
والفطرة: السنة وتأويله أن هذه العشرة من سنن الأنبياء عليهم السلام الذين أمرنا أن نقتدي بهم، وأول من أمر بها إبراهيم عليه السلام. وكلمة من للتبعيض لأن السنن كثيرة. والإعفاء من أعفى وثلاثيه عفا، يقال: عفا الشيء إذا كثر وزاد من ذلك عفا الزرع، وإعفاء اللحية: إرسالها وتوفيرها.
قوله: " والسواك " أي واستعمال السواك.
قوله: " والانتقاص بالماء " بالقاف والصاد المهملة وقد فسره وكيع بأنه الاستنجاء، وقال أبو عبيد: معناه انتقاص البول بسبب استعمال الماء في غسل مذاكيره، وقيل: هو الانتضاح كما في رواية أبي داود والآخرين.
وقال الجمهور: الانتضاح نضح الفرج بماء قليل بعد الوضوء لينفي عنه الوسواس. وقال ابن الأثير أنه روي انتفاص بالفاء والصاد المهملة، وقال في فصل الفاء: قيل الصواب إنه بالفاء، قال: والمراد نضحه على الذكر من قولهم نضح الماء القليل بعضه وجمعهما نقض. وقال النووي في "شرح مسلم ": هذا الذي ذكره شاذ، والصواب هو الأول.
قوله: " ونسيت العاشرة " أي الخصلة العاشرة. والاستحداد: استعمال الحديدة وهي الموسي والمراد بها حلق العانة. وغسل البراجم بفتح الباء الموحدة وبالجيم جمع برجمة بضم الباء وهي عقد الأصابع ومفاصلها كلها، وغسلها تنظيفها من الوسخ، وقال الخطابي: إنه الواجب ما بين البراجم.
وأما الفرق الذي ذكره الشراح فقد وقع في رواية ابن عباس ورواه أبو داود عنه أنه قال: " خمس كلها في الرأس، وذكر فيها الفرق، ولم يذكر إعفاء اللحية " والفرق بالسكون مصدر من فرق شعره إذا جعله فرقتين وقد انفرق شعره في مفرقه وهو وسط رأسه، وأصله من الفرق بين الشيئين وفي " المطالع ": وكانوا يفرقون بالتخفيف أشهر، وقد شددها بعضهم. ثم اعلم أن الحديث المذكور وإن كان مسلم قد أخرجه فقد أثبت فيه ابن منده علتين:
إحداهما: من جهة مصعب فإنه قال النسائي فيه في "سننه " منكر الحديث، وقال أبو حاتم:
أي من السنة وذكر منها المضمضة والاستنشاق ولهذا كانتا سنتين في الوضوء ولنا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]
ــ
[البناية]
ليس بقوي، ولا يوجد من وثقه.
والثاني: أن سليمان التيمي رواه عن طلق بن حبيب عن أبي الزبير مرسلا هكذا رواه النسائي في "سننه "، ولأجل هاتين العلتين لم يخرجه البخاري، ولم يلتفت مسلم إليهما لأن مصعبا عنده ثقة، والثقة إذا أوصل حديثه يقدم وصله على الإرسال.
م: (أي من السنة) ش: هذا تفسير الفطرة وليس من الحديث، وللفطرة معان بمعنى دين الإسلام وبمعنى الخلق، وبمعنى الاختراع والإبداع. وقال الخطابي فسرها أكثر العلماء بالسنة.
وقال ابن الصلاح: هذا فيه إشكال لبعد معنى السنة من معنى الفطرة في اللغة، فلعل وجهه أن أصله سنة الفطرة أراد بها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقال النووي: تفسيرها بالسنة هو الصواب، ففي " صحيح البخاري " عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي عليه السلام قال:«من السنة قص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار» ، م:(وذكر منها) ش: أي في الفطرة التي هي السنة م: (المضمضة والاستنشاق ولهذا) ش: أي ولأجل كونهما من السنة م: (كانتا سنتين في الوضوء) ش: عنده وعندنا أيضا وعند أحمد فرض في الوضوء والغسل جميعا.
م: (ولنا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] ش: (المائدة: الآية 6) أي اغسلوا على وجه المبالغة، والجنب يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث، لأنه اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الإجناب، يقال: أجنب يجتنب. والجنابة الاسم وهي في اللغة العبد وسمي الإنسان جنبا لأنه نهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر، وقيل: لمجانبة الناس حتى يتطهر. قال الجوهري: يقال: أجنب الرجل وجنب أيضا بالضم.
قلت: الجنب صفة مشبهة وهو الذي يجب عليه الغسل بالجماع وخروج المني ويجمع على أجناب وجنبين، قوله {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] صيغة أمر الجماعة، أصله تطهروا فلما قصد الإدغام قلبت التاء طاء فأدغم في الطاء، واجتلبت همزة الوصل، ومعناه طهروا أبدانكم. قال الأترازي رحمه الله في شرحه: قوله: {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] أمر بالإطهار فكان يجنبه لو كانت هكذا، (ولنا قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6](المائدة: الآية 6) أمر بالإطهار. ثم شرحه بقوله: قوله أمر بالتطهر بضم الهاء لأن أصله تطهروا فأدغمت التاء في الطاء لقرب المخرج، وحتى بهمزة الوصل ليتوصل بها إلى النطق فصار اطهروا.
قلت: غالب النسخ التي عثرنا عليها هكذا، ولنا قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]
وهذا أمر بتطهير جميع البدن
إلا أن ما تعذر إيصال الماء إليه خارج عن قضية النص
ــ
[البناية]
(المائدة: الآية 6) وهو أمر بتطهير جميع البدن إلا ما يتعذر اه. فإن كان الذي نقله هو لفظ المصنف يكون قصده الإشارة إلى أن قوله: فاطهروا من باب التفعل لا من باب الافتعال، ليدل على التكلف والأعمال، ومعناه أن الفاعل تبعا في ذلك الفعل فيحصل ويصير معناه استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها، كذلك استعمل يصير بالتكلف، ثم شرح الأترازي ههنا بقوله: وبعض من لا خبرة له ولا دراية يقرؤه بالإطهار، وما ذلك إلا لحرمانه من العربية والمصنف بريء من عهدته.
قلت: هذا تشنيع بارد وهو تشنيع من لا خبرة له في قواعد العربية قرن الإطهار الذي قواه ذلك التشنيع عليه من باب الافتعال كان أصله الاطهار، فقلبت التاء طاء، وأدغمت الطاء في الطاء على ما هو القاعدة، وهذا الباب أيضا يدل على التكلف والاعتمال ما ليس في كسب فلذلك كما في قَوْله تَعَالَى:{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286](البقرة: الآية 286) بكلمة: على وليست بكلمة اللام ما اكتسبت على وكسبت مشكلة اللام. ثم قوله: والمصنف بريء من عهدته أبرد من تشنيعه بغير وجه لأن الذي قرأه بالاطهار هل على أمر كسب خطيئة أنزل حفظه أو ذكر خلاف ما تقتضيه القواعد، وخالف المصنف بغير وجه حتى يبرأ عنه المصنف م:(وهذا أمر بتطهير جميع البدن) ش: أي قَوْله تَعَالَى {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] أمر لتطهير سائر البدن في حق الجنب حتى تجب عليه المضمضة، والاستنشاق وإيصال الماء إلى باطن السرة، وتحريك الخاتم.
وقد روى أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشرة» هي ظاهر الجلد فيجب غسل جميعها ولهذا احتج أصحابنا على فريضة المضمضة والاستنشاق في الغسل. وشنع الخطابي ههنا على أصحابنا وقال من يحتج بفرضية المضمضة من الجنابة أن داخل الفم من البشرة، وهذا خلاف قول أهل اللغة لأن البشرة عندهم ما ظهر من البدن وداخل الفم والأنف ليس منها.
قلت: ليس كذلك فإن أصحابنا احتجوا بفريضة الاستنشاق في الجنابة بقوله عليه السلام: «إن تحت كل شعرة جنابة» وفي الأنف شعور، وأما المضمضة فإن الفم من ظاهر البدن بدليل أنه لا يقدح في الصوم فيطلق عليه ما يطلق على البدن، فهذا باعتبار الفرضية لا باعتبار ما قاله الخطابي، ثم استثنى من ذلك ما يتعذر إيصال الماء إليه من البدن بقوله:
م: (إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه خارج عن قضية النص) ش: أي مقتضى النص وتناوله
بخلاف الوضوء لأن الواجب فيه غسل الوجه والمواجهة فيهما منعدمة، والمراد بما روي حالة الحدث
ــ
[البناية]
لجميع البدن، لأن البدن اسم للظاهر والباطن سقط لأجل التعذر في إمكان غسله، لأن تكليف ما ليس في الوسع مستحيل كما يسقط الظاهر إذ كان به جراح أو عدم الماء، والأنف والفم يمكن غسلهما فإنهما يغسلان عادة وعبادة نفلا في الوضوء، وفرضها في النجاسة الحقيقية فيتناولهما الأمر وأما القياس فلتعذر إدخال الماء فيهما والعسر معنى كالتعذر لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78](الحج: الآية 78) وفي غسلهما من الحرج ما لا يخفى، ولهذا لا تغسل العين إذا تكحل بالكحل النجس.
وروى أبو داود والترمذي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشر"، ويروى فاغسلوا الفرق» . وعن علي رضي الله عنه عن النبي عليه السلام: «من ترك موضع شعرة لم يصبه الماء فعل به كذا وكذا من النار" قال علي: فمن ثم عاديت شعري وكان يجزه» رواه أبو داود وأحمد وغيرهما بإسناد حسن.
وروى الدارقطني عن ابن سيرين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستنشاق من الجنابة» .
وروي أيضا عن ابن عباس «أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق إن كان جنبا أعاد المضمضة والاستنشاق واستأنف الصلاة عليه أن فرضها في الجنابة» م: (بخلاف الوضوء) ش: جواب عن قياس الشافعي الغسل بالوضوء م: (لأن الواجب فيه) ش: أي في الوضوء م: (غسل الوجه) ش: لا جميع البدن م: (والمواجهة فيهما) ش: أي محل المضمضة والاستنشاق م: (منعدمة) ش: أي معدومة وأهل التصريف يجعلون العدم خطأ مطاوعة، لأن الفعل للمطاوعة، وهو مختص بالعلاج والتأثير، وجوابه معدومة.
م: (والمراد بما روي حالة الحدث) ش: جواب عن حديث الشافعي يحمله على الوضوء أي
بدليل قوله عليه السلام «إنهما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء»
ــ
[البناية]
المراد من كونهما سنتين في الوضوء م: (بدليل قوله عليه السلام «إنهما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء» ش: لم يذكر أحد من الشراح أصل هذا الحديث، وإنما قال الأترازي وتبعه الأكمل بدليل ما روي عن ابن عباس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنهما فرضان في الجنابة نفلان في الوضوء» .
ولفظ الأكمل: سنتان في الوضوء.
وقال السروجي: وأما قول صاحب " الهداية ": (بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «إنهما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء» فلا يعرف.
قلت: روى الدارقطني ثم البيهقي في "سننيهما " ما يقارب ذلك من حديث بركة بن محمد الجهني عن يوسف بن أسباط عن سفيان عن خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة» .
ورواه الحاكم في المستدرك ولفظه قال: «جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة» وقال الحاكم في "المستدرك " وفي " المدخل ": بركة بن محمد الحلبي يروي عن يوسف بن أسباط أحاديث موضوعة.
وقال الدارقطني: حديث بركة باطل لم يحدث به غيره وهو يضع الحديث، وقال البيهقي: رواه الثقات عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن ابن سيرين مرسلا. وقال الشيخ تقي الدين ابن الإمام: وقد روي هذا الحديث موصولا من غير حديث بركة أخرجه الإمام أبو بركة الخطيب من جهة الدارقطني حدثنا علي بن محمد بن يحيى بن مهران السواق حدثنا سليمان بن الربيع المهدي حدثنا حماد بن سلمة حدثنا سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المضمضة والاستنشاق ثلاثا للجنب فريضة» . قال الدارقطني: غريب تفرد به سليمان بن الربيع عن همام. وروى البيهقي من طريق الدارقطني بسنده عن أبي حنيفة عن عثمان بن راشد عن عائشة بنت محمد عن ابن عباس فيمن نسي المضمضة والاستنشاق قال لا يعيد إلا أن يكون جنبا.
وجواب آخر: عما استدل به الشافعي أن الختان فرض عنده وكذا انتقاص الماء وهو الاستنجاء فرض عنده، فكل جواب له عنهما فهو جواب لنا في المضمضة والاستنشاق.