المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[النوم من نواقض الوضوء] - البناية شرح الهداية - جـ ١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌كتاب الطهارات

- ‌[تعريف الوضوء]

- ‌[حكم الطهارة]

- ‌[فرائض الطهارة]

- ‌[صفة غسل الأعضاء في الوضوء]

- ‌[حد المرفق والكعب في الوضوء]

- ‌[المقدار المفروض في مسح الرأس في الوضوء]

- ‌سنن الطهارة

- ‌[غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء]

- ‌تسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء

- ‌[السواك من سنن الوضوء]

- ‌[فضل السواك وأوقات استحبابه]

- ‌[كيفية الاستياك]

- ‌[فيما يستاك به وما لا يستاك به]

- ‌[حكم من لم يجد السواك]

- ‌[المضمضة والاستنشاق في الوضوء]

- ‌[مسح الأذنين في الوضوء]

- ‌[تخليل اللحية في الوضوء]

- ‌[تخليل الأصابع في الوضوء]

- ‌[تكرار الغسل ثلاث مرات في الوضوء]

- ‌[النية في الوضوء]

- ‌[استيعاب الرأس في الوضوء]

- ‌[ترتيب أعضاء الوضوء]

- ‌[البداءة بالميامن في الوضوء]

- ‌[فصل في نواقض الوضوء] [

- ‌ما خرج من السبيلين من نواقض الوضوء]

- ‌[خروج الدم والقيح من نواقض الوضوء]

- ‌[القيء والدم من نواقض الوضوء]

- ‌[النوم من نواقض الوضوء]

- ‌[الإغماء والجنون والقهقهة في الصلاة من نواقض الوضوء]

- ‌فصل في الغسل

- ‌[فرائض الغسل]

- ‌[سنن الغسل]

- ‌[البدء بغسل اليدين في الغسل]

- ‌[الوضوء من سنن الغسل]

- ‌المعاني الموجبة للغسل:

- ‌[إنزال المني من موجبات الغسل]

- ‌[التقاء الختانين من موجبات الغسل]

- ‌ الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والإحرام

- ‌[الأغسال المسنونة]

- ‌[باب في الماء الذي يجوز به الوضوء وما لا يجوز]

- ‌[ماء البحر]

- ‌[الوضوء بما اعتصر من الشجر والثمر]

- ‌[الوضوء بالماء الذي يقطر من الكرم]

- ‌[الطهارة بماء غلب عليه غيره]

- ‌[الطهارة بالماء الذي خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه]

- ‌[الوضوء بالماء الذي وقعت فيه نجاسة]

- ‌[حكم موت ما ليس له نفس سائلة في الماء]

- ‌[حكم موت ما يعيش في الماء فيه]

- ‌[حكم استعمال الماء المستعمل في طهارة الأحداث]

- ‌[المقصود بالماء المستعمل وأقسامه]

- ‌الجنب إذا انغمس في البئر

- ‌[طهارة الجلود بالدباغ]

- ‌[طهارة جلد الكلب والخنزير]

- ‌[هل الكلب نجس العين]

- ‌ الانتفاع بأجزاء الآدمي

- ‌ ما يطهر جلده بالدباغ يطهر بالذكاة

- ‌شعر الميتة وعظمها طاهر

- ‌[الأعيان الطاهرة]

- ‌شعر الإنسان وعظمه

- ‌فصل في البئر

- ‌[حكم وقوع النجاسة في البئر]

- ‌فصل في الأسآر وغيرها

- ‌[سؤر الآدمي وما يؤكل لحمه]

- ‌سؤر الكلب

- ‌[سؤر الحائض]

- ‌[سؤر الخنزير وسباع البهائم]

- ‌سؤر الهرة

- ‌[سؤر الدجاجة المخلاة وسباع الطير وما يسكن البيوت]

- ‌[سؤر الحمار والبغل والفرس]

- ‌[حكم الطهارة بنبيذ التمر]

- ‌باب التيمم

- ‌[تعريف التيمم]

- ‌[شرائط التيمم]

- ‌[عدم وجود الماء]

- ‌[العجز عن استعمال الماء لمرض ونحوه]

- ‌[خوف الضرر من استعمال الماء]

- ‌[أركان التيمم]

- ‌[كيفية التيمم]

- ‌[تيمم الجنب]

- ‌[تيمم الحائض والنفساء]

- ‌[ما يتيمم به]

- ‌[التيمم بالغبار مع وجود الصعيد]

- ‌والنية فرض في التيمم

- ‌[نية التيمم للحدث أو الجنابة]

- ‌[مبطلات التيمم]

- ‌[ما يباح بالتيمم]

- ‌[التيمم لصلاة الجنازة والعيدين ونحوها]

- ‌[التيمم لصلاة الجمعة]

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌[حكم المسح على الخفين]

- ‌[شروط المسح على الخفين]

- ‌[مدة المسح على الخفين للمقيم والمسافر]

- ‌[كيفية المسح على الخفين]

- ‌[المسح على خف فيه خرق كبير]

- ‌[المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل]

- ‌[نواقض المسح على الخفين]

- ‌[المسح على الجرموقين]

- ‌ المسح على الجوربين

- ‌[المسح على العمامة والقلنسوة ونحوهما]

- ‌ المسح على الجبائر

- ‌[حكم المسح على الجبائر]

- ‌باب الحيض والاستحاضة

- ‌[تعريف الحيض وأركانه]

- ‌أقل الحيض

- ‌[مدة الحيض]

- ‌[أكثر الحيض]

- ‌[ما يسقطه الحيض من العبادات]

- ‌[ما يحرم على الحائض]

- ‌[ما تقضيه الحائض من العبادات]

- ‌[ما يحرم على الحائض والجنب]

- ‌[دخول الحائض والجنب المسجد]

- ‌[طواف الحائض والجنب]

- ‌[قراءة القرآن للحائض والجنب]

- ‌[مس المصحف للمحدث والحائض والجنب]

- ‌[فروع فيما يكره للحائض والجنب]

- ‌[دفع المصحف إلى الصبيان المحدثين]

- ‌[انقطاع دم الحيض لأقل من عشرة أيام]

- ‌[حكم الطهر المتخلل بين الدمين في مدة الحيض]

- ‌أقل الطهر

- ‌[حكم دم الاستحاضة]

- ‌[فصل في وضوء المستحاضة ومن به سلسل البول والرعاف الدائم]

- ‌فصل في النفاس

- ‌[تعريف النفاس]

- ‌السقط الذي استبان بعض خلقه

- ‌[أقل النفاس وأكثره]

- ‌باب الأنجاس وتطهيرها

- ‌[حكم تطهير النجاسة]

- ‌[حكم تطهير النجاسة]

- ‌[ما يجوز التطهير به وما لا يجوز]

- ‌[الماء القليل إذا ورد على النجاسة]

- ‌[كيفية تطهير الخف الذي لحقته نجاسة]

- ‌[كيفية تطهير الثوب الذي لحقته نجاسة]

- ‌[حكم المني وكيفية تطهيره]

- ‌النجاسة إذا أصابت المرآة والسيف

- ‌[الحكم لو أصاب المني البدن]

- ‌[كيفية تطهير الأرض التي أصابتها نجاسة]

- ‌[ما يعفى عنه من النجاسات]

- ‌[حكم الروث أو أخثاء البقر]

- ‌ بول الحمار

- ‌[حكم بول الفرس]

- ‌[حكم خرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور]

- ‌ لعاب البغل والحمار

- ‌[قدر الدرهم من دم السمك أو لعاب البغل أو الحمار]

- ‌[أنواع النجاسة]

- ‌فصل في الاستنجاء

- ‌[حكم الاستنجاء]

- ‌[ما يجوز به الاستنجاء به وما لا يجوز]

- ‌[ما يكون به الاستنجاء]

- ‌[الاستنجاء بالعظم والروث]

الفصل: ‌[النوم من نواقض الوضوء]

ولو نزل من الرأس إلى ما لان من الأنف نقض الوضوء بالاتفاق، لوصوله إلى موضع يلحقه حكم التطهير فيتحقق الخروج.

والنوم مضطجعا

ــ

[البناية]

بخروج دم من قرحة في الفم ما لم يملأ الفم كالقيء، قلت: إنما اختص بالقيء لأن النص متعارض فيه، فإنه روي «أنه صلى الله عليه وسلم قاء ولم يتوضأ» وروى الترمذي من حديث حسين المعلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه «أنه عليه السلام قاء فتوضأ» . والمفهوم من الإطلاق الوضوء الشرعي لا غسل الفم منه لأن ذلك يسمى مضمضة. وروي أنه قال:«القلس حدث» . فعرفنا بذلك بأن الفم حكم الباطن في قليل القيء، وحكم الظاهر في كثيره، فأما في حق الدم، فلم يوجد دليل يدل على ذلك بل دل فيه على أن المعتبر فيه التجاوز إلى موضع يلحقه حكم التطهير.

فإن قلت: ما تقول في ماء فم النائم. قلت: النازل من الرأس أو المتخف من اللهوات طاهر، والصاعد من الجوف فإن كان أصفر أو منتنا كالقيء، وعن أبي الليث هو كالبلغم، وقيل: نجس عند أبي يوسف خلافا لمحمد. وعن أبي حنيفة إن قاء طعاما أو ماء أصاب إنسانا قيء يسير لا يمنع. قال الحسن: الأصح أنه لا يمنع ما لم يفحش وفي " القنية ": قاء دودا كبيرا لا ينقض وكذا لو قاء حية ملأت فاه.

م: (ولو نزل من الرأس إلى ما لان من الأنف) ش: أي الذي لان من الأنف وهو المازن.

م: (نقض الوضوء بالاتفاق لوصوله إلى موضع يلحقه حكم التطهير فيتحقق الخروج) ش: لأن هذا الموضع له حكم الظاهر في الشرع، ولهذا يخاطب بتطهيره في بعض الأحوال فصار النازل اليسير خارجا فيكون ناقضا، بخلاف ما إذا نزل البول إلى قصبة الذكر لأنه ليس له حكم الظاهر، ولهذا لم يخاطب بتطهيره.

فإن قلت: أليس هذا المكرر لأنه قد علم من قوله في أول الفصل والدم والقيح إذا خرجا من البدن. قلت: إنما ذكره ههنا بيانا لاتفاق أصحابنا، لأن عند زفر إذا وصل الدم إلى قصبة الأنف لا ينقض، وإنما ينقض إذا وصل إلى ما لان وإليه أشار المصنف بقوله بالاتفاق.

[النوم من نواقض الوضوء]

م: (والنوم مضطجعا) ش: برفع النوم عطفا على قوله: والقيء ملء الفم، أي: ومن نواقض الوضوء النوم مضطجعا، ولما فرغ من نواقض الوضوء بما خرج من البدن حقيقة كالبول والغائط، والدم، والقيح، والقيء شرع فيما ينقضه أيضا حكما كالنوم. ثم الأنف واللام في النوم بدل من المضاف إليه تقديره ونوم المتوضئ، وانتصاب مضطجعا على أنه حال منه، والاضطجاع أن يضع

ص: 278

أو متكئا أو مستندا إلى شيء لو أزيل عنه لسقط، لأن الاضطجاع سبب لاسترخاء المفاصل فلا يعرى عن خروج شيء عادة والثابت عادة كالمتيقن به،

والاتكاء يزيل مسكة اليقظة لزوال المقعد عن الأرض وبلغ الاسترخاء في النوم غايته بهذا النوع من الاستناد غير أن السند يمنعه من السقوط.

ــ

[البناية]

النائم جنبه على الأرض، م:(أو متكئا) ش: أي وحال كونه متكئا على أحد وركيه، والاتكاء افتعال من وكا معتل العين مهموز اللام. ولما نقل من وكا إلى باب الافتعال صار أوتكا ثم أبدلت الواو تاء وأدغمت التاء في التاء وصار اتكا والمتكئ فاعل فيه وأصله المتوكئ م:(أو مستندا) ش: أي حال كونه مستندا م: (إلى شيء) ش: كجدار وعامود ونحوهما م: (لو أزيل عنه لسقط) ش: وهذا القياس ليس من رواية " المبسوط "، وإنما هو مما اختاره الطحاوي م:(لأن الاضطجاع سبب لاسترخاء المفاصل فلا يعرى) ش: أي فلا يخلو م: (عن خروج شيء) ش: أي الريح م: (عادة) ش: أي من عادة النائم المضطجع م: (والثابت بالعادة كالمتيقن به) ش: ألا ترى من دخل المستراح ثم شك في وضوئه فإنه يحكم بنقض وضوئه، لأن العادة جرت عند الدخول في الخلاء بالتبرز بخلاف ما إذا شك بدون الدخول.

م: (والاتكاء يزيل مسكة اليقظة) ش: أي التماسك الذي يكون لليقظان والمسكة بالضم اسم، قال الجوهري: عن أبي زيد، يقال فيه: مسكة من خير بالضم أي بقية، والمسكة أيضا من السير الصلبة التي لا تحتاج إلى طي، واليقظة بفتح الياء، وفتح القاف أيضا من استيقظ فهو يقظان. وفي دستور اللغة يقال: يقظ من باب علم يعلم، فعلى هذا هو مصدر. وقال الصاغاني في " العتابي ": يقظ بالكسر أي استيقظ يقظا، ويقظة بالتحريك فيهما، فإن قلت: إذا كان الأمر كذلك فما وجه إضافة المسكة إلى اليقظة سواء كان مصدرا أو اسما، قلت: هذا إسناد مجازي، والمراد مسكة صاحب اليقظة، والمعنى أن الاتكاء يزيل مسكة اليقظان حال قوي أن يزيل مسكة النائم، ولهذا علل المصنف بشيئين الأول أشار إليه بقوله:(لزوال المقعد عن الأرض) ش: لأن مقعده إذا زال عن الأرض لا يؤمن عن خروج شيء.

والثاني: أشار إليه بقوله: (وبلغ الاسترخاء غايته لهذا النوع من الاستناد) ش: أراد بهذا النوع الاتكاء م: (غير أن السند يمنعه من السقوط) ش: جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال: لا نسلم أن الاسترخاء يبلغ غايته إذ لو كان كذلك سقط فلما لم يسقط علم أنه لم يبلغ غايته، فأجاب عنه بالسنة تمنعه من أن يسقط فلولا هو لسقط.

واعلم أن النائم له ثلاث عشرة حالة: نوم المضطجع، والمتورك والمتكئ وهو ناقض، والقاعد، والمتربع، والماد رجليه، والمنحني، والمقعي شبه الكلب، والراكب، والماشي، والقائم، والراكع، والساجد، وهو ليس بناقض، والمستند وهو ناقض على ما ذكره الطحاوي أنه لو نام

ص: 279

بخلاف حالة القيام، والقعود، والركوع، والسجود في الصلاة وغيرها هو الصحيح لأن بعض الاستمساك باق، إذ لو زال لسقط فلم يتم الاسترخاء. والأصل فيه قوله عليه السلام:«لا وضوء على من نام قائما، أو قاعدا، أو ساجدا، إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا نام مضطجعا استرخت مفاصله» .

ــ

[البناية]

مستندا إلى شيء أو متكئا على يديه ولو كان بحال لو زال السند أو ما اتكأ عليه لسقط فكان حدثا وإلا لا، واختاره القدوري وصاحب " الهداية " وبه أخذ كثير من المشايخ.

ولكن روى خلف عن أبي يوسف أنه سأل أبا حنيفة عمن استند إلى شيء فنام فقال: إذا كانت إليته مستوثقة من الأرض فلا وضوء عليه، كيف ما كان، وبه أخذ عامة المشايخ، وهو الأصح. ذكره في " البدائع " و " المحيط " وفي " الكافي "، وهو ظاهر المذهب في " الذخيرة " أن النوم مضطجعا إنما يكون حدثا إذا كان اضطجاعه على غيره وأما إذا كان على نفسه لا يكون لو نام واضعا إليته شبه على وجهه واضعا بطنه على فخذيه لا ينقض الوضوء. وعن محمد من نام متكئا لا ينقض وضوؤه. وقال أبو يوسف: اضطجاعه على غيره ونفسه سواء في انتقاض الوضوء ونوم المريض المضطجع في الصلاة ينقض الوضوء في الصحيح. وقال أبو يوسف: لا وضوء عليه وهو الأصح. ولو نام خارج الصلاة على هيئة المصلي فيه اختلاف المشايخ.

م: (بخلاف حالة القيام والقعود والركوع والسجود في الصلاة) ش: يعني لا ينقض النوم الوضوء في هذه الحالات، إذا كان على هيئة سجود الصلاة من تجافي البطن عن الفخذ وعدم افتراش الذراعين، فإذا كان بخلافه ينقض م:(وغيرها) ش: أي وغير الصلاة م: (وهو الصحيح) ش: يعني كون ذلك في الصلاة وغير الصلاة هو الصحيح وظاهر الرواية، واحترز بذلك عما ذكره ابن شجاع أنه ناقض للوضوء في غير الصلاة م:(لأن بعض الاستمساك باق) ش: وقدر ما بقي من الاستمساك يمنع الخروج م: (إذ لو زال) ش: أي الاستمساك م: (لسقط فلم يتم الاسترخاء) ش: وإذا لم يكن النوم في هذه الأحوال سببا لخروج شيء عادة فلا يقام مقامه، لأن السبب إنما يقام مقام السبب إذا كان غالب الوجود بذلك السبب، أما إذا لم يغلب فلا لأنه حينئذ يقع الشك في وجود الحدث، والوضوء كان ثابتا بيقين فلا يزال بالشك.

م: (والأصل فيه) ش: أي في كون النوم غير ناقض في هذه الأحوال م: (قوله عليه السلام: «لا وضوء على من نام قاعدا أو قائما أو راكعا أو ساجدا إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا نام مضطجعا استرخت مفاصله» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ غريب.

وإنما رواه أبو داود والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه: «إن

ص: 280

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعا، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله» .

ورواه أحمد في "مسنده "، الطبراني في "معجمه " وابن أبي شيبة في "مصنفه " والدارقطني في "سننه "، ورواه البيهقي في "سننه "، ولفظه:«لا يجب الوضوء على من نام جالسا أو قائما أو ساجدا حتى يضع جنبه فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله» .

ورواه عبد الله بن أحمد في "زياداته " ولفظه: «ليس على من نام ساجدا وضوء حتى يضطجع» ، وصاحب " الهداية " لم يتعرض إلى هذا الحديث أصلا، وإنما احتج به وسكت. وقال أبو داود: قوله في الحديث: «على من نام مضطجعا» وهو حديث منكر لا يرويه إلا أبو خالد الدالاني عن قتادة.

وقال الدارقطني: تفرد به أبو خالد الدالاني ولا يصح. وقال ابن حبان: كان يزيد الدالاني كثير الخطأ فاحش الوهم، لا يجوز الاحتجاج به إلا إذا وافق الثقات، فكيف إذا تفرد عنهم بالمعضلات. وقال الترمذي في " العلل الكبير ": سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: لا شيء. وقال البيهقي في "السنن ": أنكره عليه جميع الحفاظ وأنكروا سماعه عن قتادة.

وقال في " الخلافيات ": أنكر عليه جميع أئمة الحديث.

قلت: أبو داود كيف يقول إنه حديث منكر، وقد استدل ابن جرير الطبري على أنه لا وضوء إلا من نوم اضطجاع وصحح هذا الحديث، وقال: الدالاني لا يرفع إلا عن العدالة والأمانة والأدلة تدل على صحة خبره.

وقول الدارقطني: تفرد به أبو خالد الدالاني ولا يصح غير صحيح، وقد تابعه فيه مهدي بن هلال عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا وضع جنبه فليتوضأ» .

وأخرجه ابن عدي عنه حدثنا يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على من نام قاعدا أو قائما وضوء حتى يضطجع جنبه إلى

ص: 281

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

الأرض» .

وأخرج ابن عدي أيضا ثم البيهقي من جهته عن بحر بن كنيز عن ميمون الخياط عن ابن عباس عن «حذيفة اليماني قال: كنت في مسجد المدينة جالسا فاحتضنني رجل من خلفي فالتفت فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله هل وجب علي وضوء. قال: "لا حتى تضع جنبك» . قال البيهقي تفرد به بحر بن كنيز السقا وهو ضعيف لا يحتج بروايته.

وقول ابن حبان: كان بحر إلى آخره يرده ما قاله يحيى بن معين وأحمد والنسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم صدوق ثقة، وروى عنه سفيان الثوري، وسعيد، وزهير بن معاية وغيرهم. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، ويروي الناس عنه وروى عنه عبد السلام بن حرب.

وقال الأكمل: فإن قيل هذا الحديث غير صحيح لأن مداره على أبي العالية وهو ضعيف عند الثقة روى ابن سيرين أنه قال: حدث عمن شئت إلا عن أبي العالية فإنه لا يبالي عمن أخذ، أي لا يبالي أن يروي عن كل أحد. أجيب بأن أبا العالية ثقة نقل عنه الثقات كالحسن وإبراهيم النخعي والشعبي، وكونه لا يبالي عمن أخذ، يؤثر في مراسيله دون مسانيده، وقد أسند هذا الحديث إلى ابن عباس، قلت: من العجب أن الأكمل كيف رفع رأسه لبيان حال الحديث ومع هذا قال في الحديث الذي ذكره المصنف: رواه الترمذي مسندا إلى ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس الحديث كذلك عند الترمذي، فقد ذكرنا وقوله لأن مداره على أبي العالية ليس كذلك وإنما مداره على يزيد الدالاني وعليه اختلف في ألفاظه ومع هذا كله ليس من عنده، وإنما نقله من تاج الشريعة برمته، ثم وجه الاستدلال بهذا الحديث من وجوه:

الأول: نفي الوضوء عمن نام قائما أو راكعا.

الثاني: فيه الحصر بإنما فيمن نام مضطجعا.

فإن قلت: لا حصر ههنا لأن الوضوء لم ينحصر على من نام مضطجعا، بل هو واجب على المستند والمتكئ كما مر.

قلت: لا نسلم أن إنما ههنا للحصر بل هو لتأيد الإثبات، ولئن سلمنا أنه للحصر فإنه حصر انتقاض الوضوء المتعلق بصفة الاضطجاع فإنه عليه السلام علل باسترخاء المفاصل، وإنما وجب على المتكئ والمستند بدلالة النص لاستوائهما في المنصوص في المعنى وهو الاسترخاء قال صاحب " الدراية ": هذا نقل عن مولانا حميد الدين، وقال فخر الدين الرازي: إنما يحصر الشيء في الحكم. وينحصر الحكم في الشيء لأن إن للإثبات وما للنفي فيقتضي إثبات المذكور ونفي ما

ص: 282

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

عداه. واعترض عليه بأن ما في إنما كافة عند النحاة وليست بنافية لأنها قسيمة، وقسيم الشيء لا يكون عينه ولا قسيمه، وبأن دخول إن على ما النافية لا يستقيم لأن كلا منهما له صدر الكلام فلا يجمع بينهما.

والوجه الثالث: الحديث معلل وهو قوله: «فإنه إذا نام استرخت مفاصله» فإنه يدل على عدم الوجوب على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا لعدم الاسترخاء، وعلى وجوبه على المضطجع ومن هو بمعناه لوجوده فيه، قال الأكمل: قيل معنى قوله: استرخت مفاصله يبلغ الاسترخاء غايته لأن الأصل الاسترخاء فيمن نام قائما فحينئذ ناقض أول الحديث آخره. قلت: نقل هذا الكلام عن قائله المجهول ولكنه ما بينه كما ينبغي وتحقيقه.

أما تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: «فإنه إذا نام استرخت مفاصله» لأنه يبلغ الاسترخاء غايته بهذا النوع من الإسناد ولو لم يفسر الذي في الحديث بالاسترخاء النائم يلزم التناقض بين أول الحديث وآخره، لأن أصل الاسترخاء يوجد من النوم حالة القعود والركوع والسجود فإذا فسرنا الاسترخاء بالنوم في الحديث، وبأن المراد ليس الاسترخاء الناقض ولا هو علة فيه يندفع التعارض فافهم.

فروع: ذكر " المبسوط " في سجود المرأة والرجل إذا ألصق بطنه بفخذه اختلاف المشايخ، والجالس إذا نام وسقط على الأرض أو عضو منه فانتبه، ذكر في " البحر المحيط " ظاهر الجواب عند أبي حنيفة أنه إن انتبه قبل أن يزايل مقعد الأرض لا ينقض. وروى الحسن عنه أنه إن انتبه حتى يضع جنبه على الأرض لا ينتقض.

وعند أبي يوسف: لا ينقض يعني مستقرا قاعدا عليها بعد السقوط. وذكر السرخسي خلافه فقال: إن نام قاعدا فسقط، فعند أبي حنيفة إن انتبه قبل أن يصل جنبه إلى الأرض لا ينقض، وعن أبي يوسف ينقض حين سقط.

وعن محمد إن زايل مقعده الأرض ينقض وعنه إن استيقظ حال ما سقط لا ينقض، وعند السقوط لو وضع يده على الأرض لا ينقض، ويستوي فيه الكف وظهر الكف، وأما في أمالي " قاضيخان " نام جالسا وهو متمايل فزال مقعده عنها، قال: قال الحلواني: ظاهر المذهب أنه ليس بحدث والنوم متوركا كالنوم جالسا مضطجعا، ولو كان متكئا على ركبتيه لا ينقض، ولو كان مربق ورأسه على فخذيه ينقض وذكر الحلواني ولا ذكر للنعاس مضطجعا والظاهر أنه ليس بحدث لأنه نوم قليل. وقال أبو علي الرازي وأبو علي الدقاق: إن كان لا يفهم عامة ما قيل حوله كان حدثا، وإن كان يفهم حرفا أو حرفين فلا.

وسجدة التلاوة كالصلاتية وكذا سجدة الشكر عند محمد خلافا لأبي حنيفة، وفي النوم في

ص: 283

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

سجود السهو اختلاف المشايخ فيه. ولو نام في سجوده معتمدا انتقض وضوؤه عند أبي يوسف، وقال: وضوؤه باق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا نام العبد في السجود يباهي الله تعالى به ملائكته فيقول: انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي» . فإن قلت: ما حال هذا الحديث؟

قلت: قال في " الأسرار ": وهو من المشاهير. وقال في " البدائع " وفي المشهور من الأخبار ورد ذلك. وقال السروجي وكتب أصحابنا مشحونة به، وما وقعت له على أصل. قلت: الكلام في صحته وكونه من المشاهير زيادة درجة ويرد قول السروجي ما رواه البيهقي في "الخلافيات " من حديث أنس رضي الله عنه ولكن في إسناده داود بن الزبير فإنه ضعيف، وروي من وجه آخر عن أبان عن أنس، وأبان متروك. ورواه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ " من حديث المبارك بن فضالة.

وذكره الدارقطني في " العلل " من حديث عبادة بن راشد كلاهما عن الحسن عن أبي هريرة بلفظ: «إذا نام وهو ساجد يقول الله: انظروا إلى عبدي» قال وقيل عن الحسن تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: والحسن لم يسمع من أبي هريرة، ومرسل الحسن أخرجه أحمد في الزهد، ولفظه:«إذا نام العبد وهو ساجد يباهي الله به الملائكة، يقول: انظروا إلى روحه عندي وهو ساجد» وروى ابن شاهين عن أبي سعيد بمعناه وإسناده ضعيف.

فائدة: نوم النبي صلى الله عليه وسلم ليس بحدث، وروى محمد عن أبي حنيفة بإسناده إلى «النبي صلى الله عليه وسلم أنه نام على جنبه وصلى بغير وضوء، وقال: "تنام عيني ولا ينام قلبي» وهو من خصائصه صلى الله عليه وسلم.

وقال النووي: من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لا ينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعا للأحاديث الصحيحة ثم صلى ولم يتوضأ، وقال:«إن عيني تنام، ولا ينام قلبي»

ومنها حديث «ابن عباس قال: نمت عند خالتي ميمونة الحديث وفيه: "فنام حتى أتاه بلال رضي الله عنه فآذنه بالصلاة فقام وصلى ولم يتوضأ» رواه البخاري في الدعوات، ومسلم في التهجد.

فإن قلت: هذا يعارضه الحديث الصحيح «أنه صلى الله عليه وسلم نام في الوادي عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس» ولو كان غير نائم القلب لما ترك صلاة الصبح.

ص: 284

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

قلت: الجواب من وجهين:

أحدهما: يحسن بما يتعلق بالبدن من الحديث وغيره وسريه القلب وليس طلوع الفجر والشمس من ذلك ولا هو مما يدرك بالقلب، وإنما يدرك بالعين والعين نائمة.

والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم كان له نومان: أحدهما ينام قلبه، ولا ينام عيناه. والثاني: تنام عينه دون قلبه وكان الوادي من النوع الأول.

فائدة أخرى: قال ابن القطان: أجمع الفقهاء أن النوم القليل لا ينقض الوضوء، إلا المزني فإنه خرق الإجماع وجعل قليله حدثا، وذكر في العارضي أن إسحاق بن راهويه حينئذ معه في هذا، قال: وأجمعوا على أن النوم المضطجع ينقض الوضوء.

قلت: وعند أبي موسى الأشعري والطعام لا ينقض، وبه قال لاحق بن حميد، وعبيدة. وعن سعيد بن المسيب أنه كان ينام مضطجعا وقت الصلاة، ثم يصلي ولا يعيد الوضوء.

ومذهب البعض أن كثيره ينقض بكل حال، وقليله لا ينقض بكل حال وبه قال الزهري وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في رواية.

ومذهب البعض أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، وروي هذا عن أحمد، ومذهب البعض أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال، وينقض خارج الصلاة وهو قول ضعيف للشافعية رحمهم الله.

وللشافعي في النوم خمسة أقوال: الصحيح منها أنه إن قام ممسكا مقعدته من الأرض أو نحوها لم ينقض سواء كان في الصلاة أو غيرها وسواء طال نومه أو لا. والثاني: أنه ينقض بكل حال وهذا نصه في البويطي، قال النووي: وتأول أصحابنا نصه في البويطي على أن المراد أنه نام غير متمكن. وقال إمام الحرمين قال الأئمة إنه غلط البويطي. وقال النووي: هذا الذي قاله ليس بجيد، والبويطي يرتفع عن الغلط والصواب تأويله.

قلت: المجتهد يخطئ، والغلط أدنى منه. الثالث: إن نام في الصلاة لم ينقض على أي هيئة كان، فإن نام في غيرها غير ممكن مقعدته من الأرض ينتقض، وإلا فلا. والرابع: إن نام ممكنا أو غير ممكن وهو على هيئة الصلاة سواء كان في الصلاة أو غيرها لم ينتقض، وإلا ينتقض، والخامس: إن نام ممكنا أو قائما لا ينتقض وإلا ينتقض. وقال: الصواب هو القول الأول، وما سواه ليس بشيء، وتحرير مذهب مالك على أربعة أقسام طويل ثقيل يؤثر في النقض بلا خلاف في المذهب، وقصير خفيف لا يؤثر على المعروف منه، وخفيف طويل يستحب فيه الوضوء، وثقيل خفيف في تأثيره في النقض قولان، وقيل قولان جائزان في الثالث أيضا.

ص: 285