الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتبارا بالأصل وهو الغسل، وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من أصابع اليد. وقال الكرخي رحمه الله: من أصابع الرجل، الأول أصح اعتبارا بآلة المسح،
ولا يجوز المسح على خف فيه خرق كثير يبين منه قدر ثلاثة أصابع من الرجل.
ــ
[البناية]
فإن قلت: في سنده جرير بن يزيد، قال صاحب " التنقيح ": وجرير هذا ليس بمشهور ولم يروعنه غير بقية، وفي سنده أيضاً: منذر بن زيادة الطائي، وقد كذبه الفلاس، وقال الدارقطني: متروك، وهذا الحديث مما استدركه الحافظ المزني على ابن عساكر، إذ لم يذكره في " أطرافه " وكأنه ليس في بعض نسخ ابن ماجه. قلت: أخرج الطبراني في " معجمه الأوسط " عن بقية، عن جرير بن يزيد الحميري، عن محمد بن المنكدر، «عن جابر بن عبد الله، قال: " مر رسول صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ، وهو يغسل خفيه، فنخسه بيده، وقال: إنما أمرنا بالمسح هكذا، وأراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة، وفرج بين أصابعه.»
م: (اعتباراً بالأصل وهو الغسل) ش: اعتباراً على أنه مفعول مطلق، أي اعتبرنا في مسح الخف البداء من الأصابع اعتباراً بالأصل، وهو غسل الرجلين م:(وفرض ذلك) ش: أي فرض مسح الخف م: (مقدار ثلاث أصابع من أصابع اليد) ش: قال في " التحفة ": سواء كان المسح طولاً أو عرضا، أما التقدير بثلاث أصابع كما ذكر في حديث جابر المذكور آنفاً، وقد ذكر بلفظ الجمع وأقله ثلاثة، وأما اعتبارها من أصابع اليد فلكونها آلة كما في مسح الرأس.
م: (وقال الكرخي من أصابع الرجل) ش: وقال الشيخ أبو الحسن الكرخي في " مختصره ": إذا مسح مقدار ثلاث أصابع من الرجل أجزأه واعتبر بالخرق م: (والأول أصح) ش: أي اعتباراً لأصابع اليد م: (اعتباراً بآلة المسح) ش: لأن المسح فعل يضاف إلى الفاعل لا إلى المحل فتعتبر الآلة كما في الرأس.
[المسح على خف فيه خرق كبير]
م: (ولا يجوز المسح على خف فيه خرق كبير) ش: يروى كبير بالباء الموحدة وكثير بالثاء المثلثة، فالأول يقابله الصغير، والثاني يقابله القليل، والأول أيضاً يستعمل في الكمية المتصلة، والثاني في المنفصلة م:(يبين منه قدر ثلاث أصابع من أصابع الرجل) ش: هذه الجملة الفعلية في محل الرفع؛ لأنه صفة لقوله: كبير، وفي " المحيط " و " البدائع " و " الأسبيجابي ": الخرق المانع هو المفتوح الذي يكشف ما تحت الخف، أو يكون منضماً، لكن يفرج عند المشي ويظهر القدم، وإذا كان طويلاً منضماً لا ينكشف ما تحته لا يمنع، كذا روي عن أبي يوسف، ولو انكشف الطهارة وفي داخلها بطانة من جلد. وفي " الذخيرة " أو خرقة مخروزة بالخف لا يمنع، وقيل: ولو كان الخرق تحت القدم لا يمنع ما لم يبلغ أكثر القدم. وفي الكعب يمنع ثلاث أصابع لا ما دونها وما فوق الكعبين لا يمنع؛ لأنه ليس الموضع لمسح ولا لمشي، وفي " الذخيرة " الكبير ثلاث أصابع الرجل أصغرها، وفي بعض الواضع كالإبهام وجاز لها. قال الحلواني: إن كان الخرق عند أكبر الأصابع يعتبر أكبرها، وإن
فإن كان أقل من ذلك جاز. وقال زفر والشافعي - رحمهما الله -: لا يجوز وإن قل؛ لأنه لما وجب غسل البادي وجب غسل الباقي، ولنا أن الخفاف لا تخلو عن الخرق القليل عادة فيلحقهم الحرج في النزع، وتخلو عن الكثير فلا حرج،
ــ
[البناية]
كان عند أصغر الأصابع يعتبر أصغرها، وهذا في الخرق المنفرج الذي يرى ما تحته من الرجل.
وإن كان طويلاً يدخل فيه ثلاث أصابع وأكثر، ولكن لا يرى شيء ما أصابع إلا ينفرج عند المشي لصلابته لا يمنع، وفي مقطوع الأصابع يعتبر الخرق بأصابع غيره، وقيل بأصابع نفسه له كانت قائمة. وفي " المرغيناني ": إن ظهرت من الخرق الإبهام والوسطى والخنصر شيء من الخف لم يجز المسح، ولو ظهر الإبهام ولكن قدر ثلاث أصابع الرجل أصغرها لا بأس بالمسح، وفي " صلاة الحسن ": يعتبر قدر ثلاث أصابع الرجل مضمومة لا ينفرج الخف الذي لا ساق له كذي الساق وصاحب الرجل الواحدة يمسح، وفي " المنية ": مقطوع الأصابع تحته خرق في موضع الأصابع مقدار ثلاث أصابع قدميه أصغرها لو كانت قائمة يمنع المسح ولا يعبأ بأصابع غيره، وإن كان موضع الإبهام، وخرجت هي وجارتها يمنع، وجارة واحدة منها لا يمنع في الأصح، وإن ظهرت الأصابع ولم تخرج لا يمنع.
م: (وإن كان أقل من ذلك جاز) ش: أي من ثلاث أصابع الرجل جاز المسح؛ لأن الخف لا يخلو عن الخرق القليل عادة فجعل عفواً لدفع الحرج.
م: (وقال زفر والشافعي: لا يجوز بخرق وإن قل) ش: أي الخرق. وقال أحمد: وعن الثوري، ويزيد بن هارون، وأبي ثور، جوازه على جميع الخفاف. وعند مالك: اليسير غير مانع، والكبير مانع، وعن الأوزاعي: إن ظهرت طائفة من رجله مسح على خفيه وعلى ما ظهر من رجليه. وعن الحسن: إن ظهر أكثر الأصابع لم يجز، وفي شرح " الوجيز ": ولو كان الخف متخرقاً ففيه قولان، في القديم: يجوز المسح عليه ما لم يتفاحش، وبه قال مالك. وحد الفحش ما قاله الأكثرون ما لم يتمالك في الرجل، ولا يتأتى المشي عليه، وإلا فليس بفاحش. وقيل: حده أن لا يبطل له اسم الخف، وبه قال النووي.
وفي الجديد: لا يجوز المسح عليه قليلاً كان الخرق أو كثيراً، وبه قال أحمد: والطحاوي.
م: (لأنه) ش: أي؛ لأن الشأن م: (لما وجب غسل البادي) ش: أي الظاهر من الرجل م: (وجب غسل الباقي) ش: اعتباراً بالكثير عندنا، والجميع بين الغسل والمسح لا يجوز.
م: (ولنا أن الخفاف لا تخلو عن الخرق القليل عادة فيلحقهم الحرج في النزع) ش: أي في نزع الخف ولا سيما في حق المسافر م: (وتخلو) ش: أي الخفاف م: (عن الكثير فلا حرج) ش: فيه لندورته، وقولهم: لما وجب غسل البادي، قلنا: وجوب غسل البادي غير مسلم لهم فاليسير الذي
والكثير أن ينكشف قدر ثلاثة أصابع من أصابع الرجل أصغرها هو الصحيح؛ لأن الأصل في القدم هو الأصابع، والثلاث أكثرها، فيقام مقام الكل واعتبار الأصغر للاحتياط، ولا يعتبر بدخول الأنامل إذا كان لا ينفرج عند المشي، ويعتبر هذا المقدار في كل خف على حدة،
ــ
[البناية]
ذكروه، فإن مواضع [
…
] الخف كان مثل ذلك فيه خرق، ألا ترى كيف يدخل التراب من ذلك.
م: (والكثير أن ينكشف قدر ثلاثة أصابع من أصابع الرجل أصغرها) ش: الكثير مبتدأ، وأن مصدرية في محل الرفع على الخبرية، والتقدير الكثير انكشاف قدر ثلاث أصابع الرجل.
قوله: " أصغرها " بالجر بدل من ثلاث أصابع، بدل البعض من الكل م:(هو الصحيح) ش: أي التقدير بثلاثة أصابع من أصابع الرجل هو الصحيح، واحتراز به عما روي عن الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: قدر ثلاثة أصابع من أصابع اليد، وقال الأكمل قوله: هو الصحيح احتراز عن رواية الحسن كما ذكرنا، وعما قال شمس الأئمة الحلواني: المعتبر بأكبر الأصابع إن كان الخرق أكبرها وأصغرها إن كان عند أصغرها.
قلت: أخذ الأكمل هذا من السغناقي، وليس كذلك، بل قوله: هو الصحيح، احتراز عن رواية الكرخي، وأما الاحتراز عن رواية الحلواني فنقول أصغرها.
م: (لأن الأصل في القدم هو الأصابع والثلاث أكثرها) ش: أي ثلاثة أصابع أكثر القدم، وفيه نظر؛ لأنه جعل الأصل في القدم الأصابع، ثم قال: والثلاث أكثرها، وهذا يقتضي أن تكون الأصابع من أجزاء القدم وجزء الشيء لا يكون أصلاً له م:(فيقام مقام الكل) ش: أي إذا كان الثلاث أكثر القدم فيقام مقام الكل بضم الميم الأولى؛ لأن أكثر الشيء له حكم كله.
م: (واعتبار الأصغر للاحتياط) ش: وهذا كأنه جواب عما يقال: لم اعتبر الأصابع بثلاث الصغير؟ فأجاب بقوله: للاحتياط في باب العبادة م: (ولا معتبر بدخول الأنامل إذا كان لا ينفرج عند المشي) ش: أي لا عبرة بدخول الأنامل في حكم الأصابع، يعني إذا بدا مقدار ثلاثة من أصابع الرجل لا يمنع الجواز، وقيل: يمنع، وإليه مال السرخسي، والأصح أنه إذا بدا قدر ثلاثة من أصابع الرجل بكمالها يمنع، وإليه مال الحلواني. وفي " المجتبى " له ذلك من بطانة الخف دون الرجل، قال الفقيه أبو جعفر: الأصح أنه يمسح عند الكل كأنه كالجوارب المنعل، وحكم الكعب المرتفع حكم الخف؛ لأنه كالخف لا ساق له.
وفي " شرح الوجيز ": لو تخرقت البطانة وحدها أو الطهارة وحدها جاز المسح إن كان ما بقي ليس بضعيف، وإلا لا يجوز في أظهر القولين م:(ويعتبر هذا المقدار) ش: أي مقدار ثلاثة أصابع الذي يمنع بدورها عن المسح م: (في كل خف على حدة) ش: أي في كل واحد من الخفين منفرداً.