الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهم تركوه «1» أسلح من حبارى
…
رأى صقرا، وأشرد من نعام
يريد ما تقدّم مما يعرض للحبارى من إرسالها سلحها على الجارح عند اقتناصه لها؛ وأنّ النعام في غاية ما يكون في البرية من الشّراد والنّفار، ونحو ذلك مما يجري هذا المجرى.
الصنف الرابع الحمام
وقد اختلف في الحمام في أصل اللغة؛ فنقل الأزهريّ «2» عن الشافعيّ رضي الله عنه أن الحمام يطلق على كل ما عبّ وهدر وإن تفرقت أسماؤه، فيدخل فيه الحمام، واليمام، والدّباسيّ، والقماري، والفواخت وغيرها. وذهب الأصمعيّ «3» إلى أن الحمام يطلق على كل ذات طوق كالفواخت والقماريّ وأشباهها. ونقل أبو عبيد عن الكسائيّ «4» سماعا منه أن الحمام هو الذي لا يألف البيوت، وأن اليمام هو الذي يألف البيوت؛ لكن الذي غلب عليه إطلاق الحمام هذا النوع المخصوص المعروف.
ثم هو على قسمين:
أحدهما ما ليس له اهتداء في الطيران من المسافة البعيدة.
والثاني ما له اهتداء، ويعرف بالحمام الهدي وهو المراد هنا، وقد اعتنى الناس بشأنه في القديم والحديث، واهتم بأمره الخلفاء؛ كالمهديّ ثالث خلفاء بني
العباس، والواثق، والناصر؛ وتنافس فيه رؤساء الناس بالعراق، لا سيما بالبصرة.
فقد ذكر صاحب «الروض المعطار» «1» : أنهم تنافسوا في اقتنائه، ولهجوا بذكره، وبالغوا في أثمانه حتّى بلغ ثمن الطائر الفاره منها سبعمائة دينار، ويقال:
إنه بلغ ثمن طائر منها جاء من خليج القسطنطينية ألف دينار، وكانت تباع بيضة الطائر المشهور بالفراهة بعشرين دينارا. وإنه كان عندهم دفاتر بأنساب الحمام كأنساب العرب. وإنه كان لا يمتنع الرجل الجليل ولا الفقيه ولا العدل من اتخاذ الحمام والمنافسة فيه والإخبار عنها، والوصف لأثرها والنعت لمشهورها، حتّى وجه أهل البصرة إلى بكار بن قتيبة البكراني «2» ، قاضي مصر- وكان في فضله وعقله ودينه وورعه ما لم يكن عليه قاض- بحمامات لهم مع ثقات، وكتبوا إليه يسألونه أن يتولّى إرسالها بنفسه، وكان الحمام عندهم متجرا من المتاجر لا يرون بذلك بأسا.
وذكر المقرّ الشهابيّ بن فضل الله في «التعريف» : أن الحمام أوّل ما نشأ- يعني في الديار المصرية والبلاد الشامية- من الموصل وأنّ أوّل من اعتنى به من الملوك ونقله من الموصل: الشهيد نور الدين بن زنكي صاحب الشام رحمه الله في سنة خمس وستين وخمسمائة. وحافظ عليه الخلفاء الفاطميون بمصر، وبالغوا حتّى أفردوا له ديوانا وجرائد بأنساب الحمام. وقد اعتنى بعض المصنفين بأمره؛ حتّى صنّف فيه أبو الحسن بن ملاعب القوّاس البغداديّ كتابا للناصر لدين الله العباسي، ذكر فيه أسماء أعضاء الطائر، ورياشه، والوشوم التي توشم في كل عضو، وألوان