الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعبر عنها في زمننا بالصراصير- حلّ سماعه، أو بصنوج فالأصح كذلك.
ومنها الشّبّابة- بفتح الشين- وهي الآلة المتخذة من القصب المجوّف، ويقال لها: اليراع أيضا، تسمية لها باسم ما اتخذت منه، وهو اليراع يعني القصب؛ وربما عبّر عنها بالمزمار العراقيّ، وتصحيح مذهب الشافعي رضي الله عنه يختلف فيها، فالرافعي رحمه الله يجيز سماعها والنّوويّ يمنع من ذلك.
الصنف العاشر المسكرات وآلاتها؛ وهي عدة أشياء
منها الخمر؛ وهي ما اتخذ من عصير العنب خاصة، وهي محرّمة بنصّ القرآن. قال تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ
«1» وأبو حنيفة يبيحها للتداوي والعطش، ولم تبح عند الشافعية إلا لإساغة لقمة المغصوص خاصة، وشاربها يحدّ بالاتفاق؛ وحكم بنجاستها تغليظا في الزجر عنها؛ وأباح أبو حنيفة المثلّث: وهو ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، وقال بطهارته، وجرى عند أصحابنا الشافعية وجه بالطهارة.
أما المتخذ من الزبيب والتمر وما شاكله فإنما يقال له نبيذ؛ وقد ذهب الشافعيّ رضي الله عنه إلى القول بتنجيسه والحدّ بشر به وإن لم ينته منه إلى قدر يحصل منه سكر. ومنع أبو حنيفة الحدّ في القدر الذي لا يسكر.
ثم للخمر أسماء كثيرة باعتبار أحوال، فتسمّى الخمر لانها تخمّر العقل أي تغطّيه، والحميّا لأنها تحمي الجسد، والعقار لأنها تعاقر الدّنّ أي تطول مدّتها فيه إلى غير ذلك من الأسماء التي تكاد تجاوز مائة.
ومنها الإبريق، وهو الإناء الذي يصبّ منه؛ والإبريق في أصل اللغة ما له خرطوم يصبّ منه.
ومنها القدح، وهو إناء من زجاج ونحوه يصبّ فيه من الإبريق المقدّم ذكره.
ومنها الكأس؛ وهو القدح بعد امتلائه، ولا يسمّى كأسا إذا كان فارغا بل قدحا كما تقدّم.
ومنها الكوب- بالباء الموحدة- وهو الذي لا عروة له يمسك بها، أما إذا كانت له عروة فإنه يقال له كوز بالزاى المعجمة.
قلت: والعجب ممن يذهب طيّباته في حياته الدّنيا، ويفوز بما وصفه المرارة وطبعه إزالة العقل الذي به تدرك اللذة، ويفوت النعيم المقيم في دار البقاء! فقد ورد «أن من شرب الخمر في الدّنيا لم يطعمها في الآخرة» .
قال العلماء: إذا رآها، لا يشتهيها ولم تطلبها نفسه، وقد وصف الله تعالى حال خمر الجنة بقوله: طُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ
«1» وأتبع ذلك بكمال النعمة في قوله:
وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً
«2» .
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة! فلا تحرمنا خير ما عندك بشرّ ما عندنا.
ومنها: الحشيشة التي يأكلها سفلة الناس وأراذلهم، وتسميها الأطباء بالشّهدانج، وعبر عنها ابن البيطار في مفرداته بالقنّب الهنديّ، وهي مذمومة شرعا، مضرة طبعا، تفسد المزاج، وتؤثر فيه الجفاف وغلبة السوداء، وتفسد الذهن، وتورث مساءة الأخلاق، وتحطّ قدر متعاطيها عند الناس؛ إلى غير ذلك من الصفات الذميمة المتكاثرة. وكلام القاضي حسين يدل على أنه لا يحدّ متعاطيها وإن فسّق، فإنه قال: وغير الخمر مثل البنج وجوز ماثل والأفيون لا يحدّ متعاطيه بحال؛ بل إن تعمّد تناوله فسّق به، وإن تناوله غلطا أو للتداوي لم يفسّق؛ وقد