الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستحسن فيها غالب ما يستحسن في الخيل؛ وقد قيل: إن خيار ما يقتنى من البغال ما اشتدّت قوائمه وعظمت قصرته «1» ، وعنقه وهامته، وصفت عيناه، ورحب جوفه، وعرض كفله، وسلم من جميع العيوب والعلل.
ومما يستحسن في البغال دون الخيل: السّفا؛ وهو خفة شعر الناصية؛ وأن يكون بيديها ورجليها خطوط مختلفة، جلّ ما تكون للسّنّور، ويقال: إن خير ما يختار للسرج والركوب البغال المصرية، لأن أمّهاتها عتاق وهجن؛ وخيار ما يحتاج إليه للسّرايا والمواكب والرّكض مع الخيل: بغال الجزيرة وإفريقية.
ومما ينبغي التنبيه عليه: أن في البغلات منها شدّة محبة للدواب إذا ربطت معها، وفساد للدواب إذا اعتادتها حتّى يصير أحدهما لا يفارق الآخر إلا بمشقة.
ويحسن في البغال: الخصي، وفي البغلات: التّحويص «2» . ولا يعاب ركوب شيء منها حينئذ إذا كان نفيسا.
الصنف الثالث «الإبل»
ويشتمل الغرض منها على معرفة أنواعها، وألوانها، وأسنانها؛ وما يستقبح ويستحسن من صفاتها.
أما أنواعها فإنها ترجع إلى نوعين:
الأول: البخاتيّ؛ وهي جمال جفاة القدود، طويلة الوبر، تجلب من بلاد الترك.
الثاني: العراب؛ وهي الإبل العربية وأصنافها لا يأخذها الحصر. وأما ألوانها فترجع إلى ثلاثة أصول:
الأوّل: البياض، فالجمل إذا كان خالص البياض قيل: آدم والأنثى أدماء على الضدّ من بني آدم؛ فإن خالط البياض يسير شقرة قيل: أعيس والأنثى عيساء.
الثاني: الحمرة، فإن احمرّ وغلبت عليه الشّقرة قيل: أصهب والأنثى صهباء؛ فإن خلصت حمرته قيل: أحمر والأنثى حمراء؛ فإن خالط حمرته قنوء «1» قيل: كميت؛ فإن صفت حمرته قيل: أحمر مدمىّ؛ فإن خالط الحمرة خضرة قيل:
أحوى؛ فإن خالطها صفرة قيل: أحمر رادنيّ بكسر الدال؛ فإن خالطها سواد قيل:
أرمك والأنثى رمكاء؛ فإن كانت حمرته كصدأ الحديد قيل: أجأى.
الثالث: السواد، فإن كان السواد فيه ضعيفا قيل: أكلف؛ فإن خالط السواد صفرة قيل: أحوى، فإن علق بسواده بياض قيل: أورق؛ فإن زادت ورقته حتّى أظلم بياضه قيل: أدهم؛ فإن اشتد سواده قيل: جون، فإن كان بين الغبرة والحمرة قيل: خوّار والأنثى خوّارة.
وأما أسنانها فإنه يقال لولد الناقة عند الوضع قبل أن يعرف أذكر أم أنثى:
سليل؛ فإن بان أنه ذكر قيل: سقب؛ وإن بان أنه أنثى قيل: حائل، ثم هو حوار حتّى يفطم؛ فإذا فطم وفصل عن أمه قيل: فصيل؛ وذلك في آخر السنة الأولى من وضعه؛ فإذا دخل في الثانية قيل: ابن مخاض؛ لأن أمّه فيها تكون من المخاض- وهي الحوامل- والأنثى بنت مخاض؛ فإذا دخل في الثالثة قيل: ابن لبون؛ لأن أمّه فيها تكون ذات لبن والأنثى بنت لبون؛ وإذا دخل في الرابعة قيل: حقّ، لأنه يستحق أن يحمل عليه والأنثى حقّة؛ فإذا دخل في الخامسة قيل: جذع والأنثى جذعة؛ فإذا دخل في السادسة قيل: ثنيّ، لأنه يلقي فيها ثنيّته والأنثى ثنيّة؛ فإذا دخل في السابعة قيل: رباع- بفتح الراء- لأن فيها يلقي رباعيته والأنثى رباعية بالتخفيف؛ فإذا دخل في الثامنة قيل: سديس وسدس، الذكر والأنثى فيه سواء، وربما قيل في الأنثى سديسة؛ فإذا دخل التاسعة قيل: بازل، لأنه فيها
يبزل «1» نابه، والذكر والأنثى فيه سواء؛ وقد يقال فيه: فاطر؛ فإذا دخل في العاشرة قيل: مخلف؛ وليس وراء ذلك للإبل ضبط بل يقال مخلف عام ومخلف عامين فأكثر؛ فإذا علا السن بعد ذلك قيل فيه: عود والأنثى عودة؛ فإن علا عن ذلك قيل:
قحر؛ فإن تكسرت أنيابه لطول هرمه قيل: ثلب والأنثى ثلبة؛ ويقال في الناقة إذا كان فيها بعض الشباب: عزوم، وربما قيل: شارف.
وأما ما يستحسن من صفاتها فقد رأيت في بعض المصنّفات أن كلّ ما يستحب في الفرس يستحب في البعير خلا عرض غاربه، وفتل مرفقه، ونكس جاعرته وهي أعلى الورك، واندلاق بطنه، وتفرّش رجليه، فإن ذلك يستحب في الإبل دون الخيل.
وقد صرّح الشعراء في أشعارهم بعدّة أوصاف مستحسنة في الناقة.
منها: دقة الأذن، وتحديد أطرافها، وكبر الرأس، واستطالة الوجه، وعظم الوجنتين؛ وقنوّ الأنف، وطول العنق، وغلظه، ودقة المذبح، وطول الظهر، وعظم السّنام- وهي: الكوماء- وطول ذنبها، وكثرة شعره؛ غليظة الأطراف، قليلة لحم القوائم؛ ليست رهلة، ولا مسترخية؛ وأن تكون مع ذلك كثيرة اللحم؛ ملساء الجلد، تامّة الخلق، قويّة، صلبة، خفيفة سريعة السير.
وأما كرمها فإنه يقال لكل كريم خالص من الإبل: هجان من نتاج مهرة:
وهي قبيلة من قضاعة باليمن؛ والعيديّة منسوبة إلى بني العيد من قبيلة مهرة المذكورة؛ والأرحبيّة منسوبة إلى بني أرحب؛ والغريريّة منسوبة إلى غرير؛ وهو فحل كريم مشهور في العرب؛ والشّذقميّة منسوبة إلى شذقم: فحل كريم أيضا، والجديليّة منسوبة إلى جديل: فحل كريم؛ والدّاعريّة منسوبة إلى داعر: فحل كريم كذلك. قال في كفاية المتحفظ: والشّدنيّة منسوبة إلى فحل أو بلد.