الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبيح، كقولك: صهصلق «1» وجحمرش «2» ، وما جرى مجراهما؛ ولهذا لا يوجد في القرآن الكريم من الخماسيّ الأصول شيء إلا ما كان من اسم نبيّ عرّب اسمه، ولم يكن في الأصل عربيا كإبراهيم وإسماعيل ونحوهما.
الصفة الرابعة من صفات اللفظ المفرد الفصيح ألّا يكون على خلاف القانون المستنبط من تتبع مفردات ألفاظ اللغة العربية وما هو في حكمها
كوجوب الإعلال في نحو قام والإدغام في نحو مدّ، وغير ذلك مما يشتمل عليه علم التصريف، فإنه لو فكّ الإدغام في مدّ فقال مدد لم يكن فصيحا، وعلى حدّ ذلك جاء قول بعض العرب:
الحمد لله العليّ الأجلل
فإنّ قياس بابه الإدغام فيقال الأجلّ.
قال الشيخ سعد الدين التفتازاني في شرح التلخيص: وأما نحو أبى يأبى وعور واستحوذ وقطط شعره وما أشبه ذلك من الشواذ الثابتة فليست من المخالفة في شيء لأنها كذلك ثبتت عن الواضع، فهي في حكم المستثناة.
فهذه الصفات الأربع هي عمود الفصاحة في اللفظ المفرد، وقطب دائرة حسنه، فمتى اتصف بها وسلم من أضدادها كان بالفصاحة متّسما، وبالحسن والرونق مشتملا، وللطبع ملائما، وللسمع موافقا؛ ومتى عري عن ذلك خرج عن طرائق الفصاحة، وحاد عن سبيل الحسن، ومال إلى الهجنة، فمجّه السمع، وقلاه الطبع، ورفضته النفوس، ونفرت منه القلوب، فلزم العيب قائله، وتوجه العتب على مستعمله.
قال ابن الأثير رحمه الله: وقد رأيت جماعة من الجهّال إذا قيل لأحدهم:
إن هذه اللفظة حسنة وهذه قبيحة أنكر ذلك وقال: بل كل الألفاظ حسن، والواضع لم يضع إلا حسنا. قال: ومن يبلغ جهله إلى غاية لا يفرق بين لفظة الغصن ولفظة العسلوج «1» ، وبين لفظ المدامة ولفظ الإسفنط «2» ، وبين لفظ السّيف ولفظة الخنشليل «3» ، وبين لفظة الأسد ولفظة الفدوكس «4» ؛ فلا ينبغي أن يخاطب بخطاب، ولا يجاب بجواب، بل يترك وشأنه كما قيل:«أتركوا الجاهل بجهله، ولو ألقى الجعر «5» في رحله «6» » .
وما مثاله في ذلك إلا كمن يسوي بين صورة زنجية سوداء مظلمة السواد، شوهاء الخلق، ذات عين محمرّة، وشفة غليظة، وشعر قطط «7» ، وبين صورة روميّة بيضاء، مشربة بحمرة، ذات خدّ أسيل، وطرف كحيل، ومبسم كأنما نظم من أقاح، وطرّة كأنها ليل على صباح. فإذا كان بإنسان من سقم النظر أن يسوّي بين هذه الصورة وهذه، فلا يبعد أن يكون به من سقم الفكر أن يسوّي بين هذه الألفاظ وهذه، ولا فرق بين السمع والنظر في ذلك؛ فإن هذه حاسّة وهذه حاسّة، وقياس حاسة على حاسة غير ممتنع؛ ولا عبرة بمن يستحسن الألفاظ القبيحة، ويميل إلى الصورة الشنيعة؛ فإن الحكم على الكثير الغالب، دون الشاذ النادر الخارج عن الاعتدال؛ فإنا لو رأينا من يحبّ أكل الفحم والجصّ والتراب، ويختار ذلك على ملاذّ الأطعمة فإنا لا نستجيد هذه الشهوة بل نحكم عليه بالمرض وفساد المعدة، وأنه يحتاج إلى العلاج والمداواة؛ ومن له أدنى بصيرة يعلم أن للألفاظ في الأذن