الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصنف الرابع آلات السلاح؛ وهي عدّة آلات
منها: السّيف؛ وهو معروف. وسيأتي في الكلام على الألقاب في المقالة الثالثة أنه مأخوذ من قولهم: ساف إذا هلك لأنه به يقع الهلك.
واعلم أن السيف إن كان من حديد ذكر- وهو المعبّر عنه بالفولاذ- قيل:
سيف فولاذ، وإن كان من حديد أنثى- وهو المعبر عنه في زماننا بالحديد- قيل:
سيف أنيث؛ فإن كان متنه من حديد أنثى وحدّاه من حديد ذكركما في سيوف الفرنجة، قيل: سيف مذكّر. ويقال: إن الصاعقة إذا نزلت إلى الأرض وردّت «1» صارت حديدا، وربما حفر عليها وأخرجت فطبعت سيوفا، فتجيء في غاية الحسن والمضاء. ثم إن كان عريض الصّفيح قيل له: صفيحة؛ وإن كان محدقا «2» لطيفا قيل له: قضيب؛ فإن كان قصيرا قيل: أبتر؛ فإن كان قصره بحيث يحمل تحت الثياب ويشتمل عليه قيل: مشمل- بكسر الميم- فإن كان له حدّ وجانبه الآخر جافّ قيل فيه: صمصامة- وبهذا كان يوصف سيف عمرو بن معدي كرب فارس العرب، فإن كان فيه حزوز مستطيلة «3» قيل فيه: فقارات- وبذلك سمي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذا الفقار» «4» يروى أنه كان فيه سبع عشرة فقارة.
ثم تارة ينسب السيف إلى الموضع الذي طبع فيه، فيقال فيما طبع بالهند:
هنديّ ومهنّد، وفيما طبع باليمن: يمان، وفيما طبع بالمشارف- وهي قرّى من قرى العرب قريبة من ريف العراق- قيل له: مشرفيّ؛ فإن كان من المعدن المسمّى بقساس؛ وهو معدن موصوف بجودة الحديد قيل له: قساسيّ.
وتارة ينسب السيف إلى صاحبه كالسيف السّريجيّ نسبه إلى قين «1» من قيون العرب اسمه: سريج، معروف عندهم بحسن الصنعة. ويوصف السيف بالحسام؛ وهو القاطع؛ أخذا من الحسم، وهو القطع، وبالصارم؛ وهو الذي لا ينبو عن الضّريبة.
والناس يبالغون في تحلية السّيوف فتارة ترصّع بالجواهر، وتارة يحلّونها بالذهب، وتارة يحلونها بالفضة، وإن كان الاعتبار إنما هو بالسيف لا بالحلية.
ومنها: الرّمح: وهو آلة الطعن. والرماح ضربان:
أحدهما: متّخذ من القنا، وهو قصب مسدود الداخل، ينبت ببلاد الهند يقال للواحدة منه: قناة، ويقال لمفاصلها: أنابيب، ولعقدها: كعوب؛ فإن كان قد نشأ في نباته مستقيما بحيث لا يحتاج إلى تثقيف قيل له: الصّعدة- بفتح الصاد وسكون العين المهملتين- وان احتاج إلى تقويم مقوّم قيل له: مثقّف.
ويوصف القنا: بالخطّيّ- بفتح الخاء المعجمة- نسبة إلى الخطّ؛ وهي بلدة بالبحرين تجلب إليها الرّماح من الهند، وتنقل منها إلى بلاد العرب، وليست تنبت القنا كما توهّمه ابن أصبغ «2» في أرجوزته المذهبة.
الثاني: ما يتّخذ من الخشب كالزان ونحوه، ويسمّى: الذابل- بالذال المعجمة وكسر الموحدة-.
ويقال للحديد الذي في أعلى الرّمح: السّنان، وللذي في أسفله: الزّجّ والعقب. ويوصف الرّمح: بالأسمر، لأن لون القنا السّمرة، وبالعسّال؛ وهو الذي يضطرب في هزّه، وباللّدن؛ وهو الليّن، وبالسّمهريّ، نسبة إلى بلدة يقال لها سمهرة من بلاد الحبشة، وقيل إلى السّمهرة؛ وهي الصّلابة.
ومنها: الطّبر؛ وهو باللغة الفارسية الفأس، ولذلك يسمى السّكّر الصّلب:
بالطّبرزذ يعني الذي يكسر بالفأس. وإلى الطّبر تنسب الطّبر داريّة- وهم الذين يحملون الأطبار حول السلطان- على ما سيأتي ذكره في الكلام على ترتيب المملكة في المسالك والممالك إن شاء الله تعالى.
ومنها: السّكّين، وسيأتي ذكرها في آلات الدّواة في الكلام على آلات الكتابة، وإنما سميت سكّينا لأنها تسكّن حركة الحيوان؛ وتسمّى: المدية أيضا لأنها تقطع مدى الأجل. وهذه الاشتقاقات أولى بآلة الحرب من آلة الكتابة.
وحاصل الأمر أن السكين تختلف أحوالها بحسب الحاجة اليها، فتكون لكل شيء بحسب ما يناسبه.
ومنها: القوس، وهي مؤنثة. والقسيّ على ضربين:
أحدهما: العربية، وهي التي من خشب فقط، ثم إن كانت من عود واحد قيل لها: قضيب، وان كانت من فلقين قيل لها: فلق.
الثاني: الفارسية؛ وهي التي تركّب من أجزاء من الخشب والقرن والعقب والغراء؛ ولأجزائها أسماء يخص كلّ جزء منها اسم؛ فموضع إمساك الرامي من القوس يسمى: المقبص؛ ومجرى السهم فوق قبض الرامي يسمى: كبد القوس؛ وما يعطف من القوس يسمى: سية القوس، وما فوق المقبض من القوس، وهو ما على يمين الرامي يسمى: رأس القوس؛ وما أسفله؛ وهو ما على يسار الرامي يسمّى: رجل القوس.
ومنها: النّشاب؛ والنّبل؛ فالنّبل ما يرمى به عن القسيّ العربية؛ والنّشاب ما يرمى به عن القسيّ الفارسيّة، حكاه الأزهري «1» .
ومجرى الوتر من السّهم يسمّى: الفوق؛ حديده يسمّى: النّصل؛ والريش يسمّى: القذذ؛ والسهم قبل تركيب الريش يسمّى: القدح- بكسر القاف وسكون الدال المهملة-.
ومنها: الكنانة، ويقال لها. الجعبة؛ وهي بكسر الكاف، وهي ظرف السهام، وتكون تارة من جلد وتارة من خشب.
ومنها: الدّبّوس، ويسمّى: العامود؛ وهو آلة من حديد ذات أضلاع ينتفع بها في قتال لا بس البيضة ومن في معناه؛ ويقال إن خالد بن الوليد رضي الله عنه به كان يقاتل.
ومنها: العصا؛ وهي آلة من خشب تفيد في القتال نحو إفادة الدبّوس.
ومنها: البيضة؛ وهي آلة من حديد توضع على الرأس لوقاية الضرب ونحوه، وليس فيه ما يرسل على القفا والآذان؛ وربما كان ذلك من زرد.
ومنها: المغفر- بكسر الميم؛ وهو كالبيضة إلا أن فيه أطرافا مسدولة على قفا اللابس وأذنيه، وربما جعل منها وقاية لأنفه أيضا، وقد تكون من زرد أيضا.
ومنها: الدّرع؛ وهو جبّة من الزّرد المنسوج يلبسها المقاتل لوقاية السيوف والسهام؛ وهي تذكر وتؤنث، وقد أخبر الله تعالى عن داود عليه السلام أنه ألين له الحديد فكان يعمل منه الدروع بقوله تعالى: وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ
«1» . وقوله: وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ
«2» ولذلك تنسب الدروع الفائقة إلى نسج داود عليه السلام.
ومن الدروع ما يقال لها: السّلوقيّة، نسبة إلى سلوق- قرية من قرى اليمن؛ وربما قيل: دروع حطوميّة «3» - بضم الحاء المهملة- نسبة لحطوم «4» رجل من عبد القيس.
واعلم أن لبس العرب في الحرب كان الزرد، أما الآن فقد غلب عمل