الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن قد ورد الشرع بما يخالف ذلك، فأطبق القصّاص من أهل الأثر على أن بين كلّ سماء وسماء خمسمائة سنة، وفي سنن التّرمذي أن «بين كل سماء وسماء واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة» .
وأما حركة الأفلاك اليومية، فإن الفلك الأطلس المقدّم ذكره يتحرّك بما في ضمنه في اليوم والليلة حركة واحدة دوريّة على قطبين مائلين يسمّيان قطبي العالم، أحدهما «1» عظمى تقطع هذا الفلك نصفين تسمّى دائرة معدّل النهار، لأن الشمس متى حلّت بها اعتدل النهار في سائر الأقطار، وتقاطع هذه الدائرة دائرة أخرى متوهّمة تقسم هذا الفلك نصفين على نقطتين متقابلتين، يصير نصفها في شماليّ معدّل النهار ونصفها الآخر في جنوبيّه، ويسمّى منطقة البروج، وهذه الدائرة ترسمها الشمس بحركتها الخاصة في السنة الشمسية، ومن ثمّ قسمت اثني عشر قسما ويسمّى كلّ قسم منها برجا.
المقصد الثاني في ذكر الكواكب ومحلها من الأفلاك «2» ؛ وهي على ضربين
الضرب الأوّل الكواكب السبعة السيّارة
وهي زحل، والمشتري، والمرّيخ، والشّمس، والزّهرة، وعطارد، والقمر. ويتعلق القول بها من جهة مراتبها، واشتقاق أسمائها، ومقادير أبعادها من الأرض، وقدر محطّ كل كوكب منها.
فأما القمر، فمأخوذ من القمرة وهي البياض، سمي بذلك لبياضه؛ وقد تقدّم أنّ فلكه أقرب الأفلاك إلى الأرض؛ وهو المعبر عنه بالسماء الدّنيا، ودوره ألف ومائة وخمسة وثمانون ميلا، وهو جزء من تسعة وثلاثين جزءا من الأرض؛ وبعده عن الأرض مائة ألف وسبعة آلاف وخمسمائة وتسعون ميلا «1» . وهو يسمّى هلالا الليلة الأولى والثانية والثالثة، ثم هو قمر إلى آخر الشهر. ويسمّى في ليلة أربع عشرة: بالبدر، قيل لمبادرته الشمس «2» قبل الغروب، وقيل: لتمامه وامتلائه، كما قيل لعشرة آلاف: بدرة لأنها تمام العدد ومنتهاه. ويستسرّ ليلة في آخر الشهر؛ وربما استسرّ ليلتين فلا يرى، بمعنى أنه يختفي فلا يرى، ويسمّى هذا الاختفاء السّرار.
وأما عطارد فمعناه النافذ في الأمور، ولذلك سمي الكاتب، وهو في الفلك الثاني بعد فلك القمر، ودور قرصه سبعمائة وعشرون ميلا، وهو جزء من اثنين وعشرين جزءا من الأرض؛ وبعد ما بينه وبين الأرض مائتا ألف وخمسة آلاف وثمانمائة ميل.
وأما الزّهرة فمأخوذة من الزاهر وهو الأبيض، سميت بذلك لبياضها، وهي في الفلك الثالث من القمر، ودور قرصها ستة آلاف وسبعة وأربعون ميلا وهي جزء من ستة وثلاثين جزءا من الأرض؛ وبعدها عن الأرض خمسمائة ألف وخمسة وثلاثون ألفا وستمائة وأربعة عشر ميلا.
وأما الشمس فسميت بذلك لشبهها بالشمسة وهي الواسطة التي في المخنقة، لأن الشمس واسطة بين ثلاثة كواكب سفليّة، وهي القمر وعطارد والزّهرة، وبين ثلاثة علويّة، وهي المرّيخ والمشتري وزحل، وذلك أنها في الفلك الرابع من القمر؛ ودور قرصها مائة ألف وثمانمائة وثمانون ميلا، وهي مثل الأرض
مائة وستّ وستون مرة وربع وثمن مرة، وبعدها عن الأرض ثلاثة آلاف وخمسة آلاف واثنان وتسعون ألفا ومائة وثلاثة وأربعون ميلا.
وأما المرّيخ فمأخوذ من المرخ، وهو شجر تحتكّ أغصانه فتوري النار، فسمّي بذلك لشبهه بالنار في احمراره، وقيل: المرّيخ في اللغة هو السهم الذي لا ريش له، والسهم الذي لا ريش له يلتوي في سيره، فسميّ النجم المذكور بذلك لكثرة التوائه في سيره؛ وهو في الفلك الخامس من القمر؛ وهو مثل الأرض مرّة ونصفا، وبعده عن الأرض ثلاثة آلاف وتسعمائة ألف واثنا عشر ألفا وثمانمائة وستة وستون ميلا.
وأما المشتري فسمّي بذلك لحسنه كأنه اشترى الحسن لنفسه، وقيل: لأنه نجم الشّراء والبيع عندهم، وهو في الفلك السادس من القمر، ودور قرصه أحد وتسعون ألفا وتسعمائة وتسعة وسبعون ميلا، وهو مثل الأرض خمس وسبعون مرة ونصف وثمن مرّة وبعده عن الأرض ثمانية وعشرون ألف ألف وأربعمائة ألف وثمانية وستون ألفا ومائتا ميل.
وأما زحل فمأخوذ من زحل إذا أبطأ، سمي بذلك لبطئه في سيره؛ وقد فسّر به بعض المفسرين قوله تعالى: النَّجْمُ الثَّاقِبُ
«1» ودور قرصه تسعون ألفا وسبعمائة وتسعة عشر ميلا، وبعده عن الأرض ستة وأربعون ألف ألف ومائتا ألف وسبعمائة وسبعة وسبعون ميلا؛ وأهل المغرب يسمون زحل المقاتل، ويسمون المّريخ الأحمر، ويسمّون عطارد الكاتب.
والفرس يسمون الكواكب السبعة بأسماء بلغتهم، فيسمون زحل كيوان، والمشتري تير، والمرّيخ بهرام، والشمس مهر، والزّهرة أناهيد، وعطارد هرمس، والقمر ماه.
واعلم أن لكلّ من هذه الكواكب السبعة حركتين:
إحداهما قسريّة؛ وهي حركته بحركة فلك الكل في اليوم والليلة حركة تامة،