الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الثاني
[تتمة المقالة الاولى]
[تتمة الباب الأول]
[تتمة الفصل الثاني]
[تتمة الطرف الأول]
بسم الله الرحمن الرحيم
النوع الثامن عشر المعرفة بالأحكام السلطانية
ليعرف «1» كيف يخلص قلمه على حكم الشريعة المطهرة، وما يشترط في كل ولاية من الشروط، فينبه عليها ويقف عندها؛ وما يلزم ربّ كل وظيفة من أرباب الوظائف وما يندب له، فيورده في وصاياه. وقد أورد أقضى القضاة أبو الحسن علي ابن «2» حبيب الماورديّ رحمه الله في الأحكام السلطانية ما فيه مقنع من ذلك. ونحن نورد في هذا الكتاب نبذة من كل باب، مما به يستغني الناظر فيه عن مراجعة غيره.
والذي تكلم عليه الماورديّ من الوظائف الأصول: الإمامة «3» ، والوزارة، وتقليد الإمارة على البلاد، وتقليد الإمارة على الجهاد، والولاية على ضروب المصالح، وولاية القضاء «4» ، وولاية المظالم، وولاية النّقابة «5» على ذوي الأنساب، والولاية
على إقامة الصلوات، والولاية على الحج، والولاية على الصدقات، وقسم الفيء والغنيمة، ووضع الجزية والخراج، ومعرفة ما تختلف أحكامه من البلاد، وإحياء الموات «1» ، واستخراج المياه، والحمى «2» ، والأوقاف، وأحكام الإقطاع، وأحكام الديوان، وأحكام الجرائم، وأحكام الحسبة «3» .
وأنا أقتصر من ذلك هنا على ما تفضي إليه حاجة الكاتب من الأحكام، دون ما عداه من الفروع الزائدة على ذلك؛ فإذا عرف حكم كل ولاية من هذه الولايات، وما يوجب توليتها، وما يعتبر في متوليها من الشروط، وما يلزمه من الأمور إذا تولاها، وما ينافي أمورها، ويجانب أحوالها؛ عرف ما يأتي من ذلك وما يذر، فيكون ما ينشئه من البيعات، والعهود، والتقاليد، والتفاويض، والتواقيع، وما يجري مجرى ذلك جاريا منه على السداد، ماشيا على القواعد الشرعية التي من حاد عنها ضلّ، ومن سلك خلاف طريقها زلّ. وكذلك المناشير المتعلقة بالإقطاعات «4» ، وعقد الجزية والمهادنات والمفاسخات، وما يجري مجرى ذلك من الأمور السلطانية. فإذا عرف حكم كل قضية، وما يجب على الكاتب فيها، وفّاها حقها، وأتى بذكر ما يتعلق بها من الشروط، وجرى في وصايا الولايات بما
يناسب كل ولاية منها؛ فجرى الأمر في ذلك على السّداد، ومشت كتابته فيها على أتم المراد؛ إن كتب بيعة أو عهدا لخليفة، تعرّض فيه إلى وجوب القيام بأمر الخلافة، ونصب إمام للناس يقوم بأمرهم وتعرّض إلى اجتماع شروط الخلافة في المولّى، وأنه أحق بها من غيره. ثم إن كانت بيعة نشأت عن موت خليفة تعرّض لذكر الخليفة الميت، وما كان عليه أمره من القيام بأعباء الخلافة، وأنه درج بالوفاة، وأن المولّى استحقها من بعده دون غيره. وإن كانت ناشئة عن خلع خليفة تعرّض للسبب الموجب لخلعه؛ من الخروج عن سنن الطريق، والعدول عن منهج الحق ونحو ذلك مما يوجب الخلع لتصح ولاية الثاني. وإن كان عهدا تعرّض فيه إلى عهد الخليفة السابق إليه بالخلافة، وأنه أصاب في ذلك الغرض، وجرى فيه على سواء الصراط، ونحو ذلك مما يجري هذا المجرى من سائر الولايات على ما سيأتي ذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى.
وهذه فقرة من بيعة أنشأتها توضح ما أشرت إليه من ذلك.
فمن ذلك ما قلته فيها مشيرا إلى وجوب القيام بالإمامة:
أما بعد، فإن عقد الإمامة لمن يقوم بها من الأمة واجب بالإجماع، مستند لأقوى دليل تنقطع دون نقضه الأطماع، وتنبو عن سماع ما يخالفه الأسماع.
ومن ذلك ما قلته فيها مشيرا إلى اجتماع شروط الخلافة في المولّى وهو:
وكان فلان أمير المؤمنين، هو الذي جمع شروطها فوفّاها، وأحاط منها بصفات الكمال واستوفاها، ورامت به أدنى مراتبها فبلغت أغياها «1» ، وتسوّر معاليها فرقي إلى أعلاها، واتحد بها فكان صورتها ومعناها.
ومن ذلك ما قلته فيها مشيرا إلى عقد البيعة: فجمع أهل الحل والعقد، المعتبرين للاعتبار والعارفين بالنقد؛ من القضاة والعلماء، وأهل الخير