الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعلم أن الصائد الكبير الجثّة المعتبر في الصيد في جميع أجناس الجوارح هي الإناث؛ أما ذكورها فإنها ألطف في المقدار وأضعف في الصيد على ما يأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
قال في «التعريف» : ويستحب في الجوارح كبر هامتها، ونتوّ صدرها، واتساع حماليقها «1» ، وقوّة إبصارها، وحدّة مناسرها، وصفاء ألوانها، ونعومة رياشها، وقوّة قوادمها، وتكاثف خوافيها، وثقل محملها، وخفّة وثباتها، واشتدادها في الطلب، ونهمها في الأكل؛ وقد قسمها في «التعريف» إلى قسمين: صقور وبزاة، وفرّق بينهما بأن الصّقر ما كان أسود العين، والبازي ما كان أصفر العين على اختلاف المسمّيات، ثم قال: أما العقاب فإنّه لا يعدّ في الصّقور ولا في البزاة وهو معدود في الجوارح، وفي الطير الجليل. وبالجملة فالجوارح على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل «العقاب» ؛ وهو ضربان
الضرب الأوّل
-
المخصوص باسم العقاب وهي مؤنّثة لا تذكّر، وتجمع على عقبان وأعقب.
قال في «المصايد والمطارد» : وهي من أعظم الجوارح، وليس بعد النّسر في الطير أعظم منها، وأصل لونها السواد.
فمنها: سوداء دجوجيّة، وخداريّة «2» ؛ وهي التي لا بياض فيها.
ومنها: البقعاء؛ وهي التي يخالط سوادها بياض.
ومنها: الشّقراء؛ وهي التي في رأسها نقط بياض. قال أبو عبيدة «1» ويونس «2» : ويقال لذكر العقاب الغرن- بفتح الغين والراء المهملة- ويقال: إن ذكور العقبان من طير آخر لطاف الجرم لا تساوي شيئا، تعلب بها الصّبيان.
والعقاب من أسرع الطير طيرانا؛ فقد حكي أن عقابا حملت كفّ عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد المسمّى بيعسوب قريش المقتول يوم الجمل بالكوفة؛ فألقتها بمكة فأخذت فوجد بها حلقة فعرف أنها كفه؛ وأرّخ ذلك الوقت فتبيّن أنها ألقتها يوم الجمل الذي قتل فيه.
وأوّل من صادها أهل المغرب؛ فلما نظرت الرّوم إلى شدّة أمرها وإفراط سلاحها قال حكماؤهم: هذا لا يفي خيره بشرّه.
وصفة الوثيق النجيب منها: وثاقة الخلق، وثبوت الأركان، وحمرة اللون، وغؤور العين بالحماليق؛ وأن تكون صقعاء «3» ، عجزاء «4» لا سيما ما كان منها من أرض سرت «5» أو جبال المغرب. وهي تصيد الظّباء والثّعالب والأرانب، وقد تصيد حمر الوحش؛ وطريق صيدها إيّاها أنها إذا نظرت حمار الوحش رمت بنفسها في الماء حتّى يبتلّ جناحاها ثم تخرج فتقع على التراب فتحمل منه ومن الرمل ما يعلق بهما، ثم تطير طيرانا ثقيلا حتّى تقع على هامته فتصفّق على عينيه بجناحيها فيمتلئان ترابا من ذلك التراب الذي علق بجناحيها، فلا تستطيع المسير بعد ذلك فيدركها القانص فيأخذها، وربما كسرت الآدميّ.