الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فزاد عليه قوله:
ولو برزت في زيّ عذراء ناهد
ومما اتفق لي نظمه في هذا الباب أنه لما عمّرت مدرسة «1» الظاهر برقوق بين القصرين بالقاهرة المحروسة، وكان القائم بعمارتها الأمير جركس الخليليّ أميراخور «2» الظاهريّ، وكان قد اعتمد بناءها بالصّخور العظيمة التي لا تقلّها الجمال حملا، ولا تحمل إلا على العجل الخشب، فأولع الشعراء بالنظم في هذا المعنى؛ فنظم بعض الشعراء أبياتا عرّض فيها بذكر الخليليّ وقيامه في عمارتها، ثم قال في آخرها:
وبعض خدّامه طوعا لخدمته
…
يدعو الصّخور فتأتيه على عجل
وألزمني بعض الإخوان بنظم شيء في المعنى، فوقع لي أبيات من جملتها:
وبالخليليّ قد راجت عمارتها
…
في سرعة بنيت من غير ما مهل
كم أظهرت عجبا أسواط حكمته
…
وقد غدت مثلا ناهيك من مثل
وكم صخور تخال الجنّ تنقلها
…
فإنّها بالوحا تأتي وبالعجل
فزدت عليه ذكر الوحا الذي معناه السرعة أيضا وصار مطابقا لما يأتي به المعزّمون في عزائمهم من قولهم: الوحا الوحا العجل العجل مع ما تقدّم له من التوطئة بقولي: تخال الجنّ تنقلها. على أني لست من فرسان هذا الميدان، ولا من رجال هذا الوغى.
الضرب الخامس أن يؤخذ المعنى فيكسى عبارة أحسن من العبارة الأولى
؛ قال في «المثل
السائر» : وهذا هو المحمود الذي يخرج به حسنه عن باب السرقة؛ فمن ذلك قول أبي تمام:
إنّ الكرام كثير في البلاد وإن
…
قلّوا كما غيرهم قلّ وإن كثروا
أخذه البحتريّ فقال:
قلّ الكرام فصار يكثر فذّهم
…
ولقد يقلّ الشيء حتّى يكثرا
ومنه قول أبي نواس:
يدلّ على ما في الضّمير من الفتى
…
تقلّب عينيه إلى شخص من يهوى «1»
وقول أبي الطيب بعده:
وإذا خامر الهوى قلب صبّ
…
فعليه لكلّ عين دليل
ومنه قول أبي العلاء بن سليمان «2» في مرثيّة:
وما كلفة البدر المنير قديمة
…
ولكنّها في وجهه أثر اللّطم
وقول القيسرانيّ «3» بعده:
وأهوى الّذي يهوي له البدر ساجدا
…
ألست ترى في وجهه أثر التّرب
ومنه قول ابن الروميّ:
إذا شنأت عين امريء شيب نفسه
…
فعين سواه بالشّناءة أجدر
وقول من بعده: