الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابع: أحمر اللون
- وهو خشب حسن اللون، ثقيل الوزن لا رائحة له، إلا أنه تتخذ منه المنجورات والمخروطات كالدّويّ وقطع الشّطرنج ونحوها مع ما يدخل فيه من الأعمال الطيبة.
قلت: هذا ما يحتاج الكاتب إلى وصفه من أصناف الطيب النفيسة مما يهدى أو يرد هدية، ويجري ذكره في مكاتبات الملوك، أما ما عدا ذلك من أصناف الطيب كالسّنبل والقرنفل، والكافور، فليس من هذا القبيل.
النوع السابع ما يحتاج إلى وصفه من الآلات، وهي أصناف:
الصنف الأوّل الآلات الملوكية
ويحتاج الكاتب إلى وصفها عند وصف المواكب الحفيلة التي يركب فيها السلطان، وهي عدّة آلات:
منها: الخاتم- بفتح التاء وكسرها- وحكى فيه ابن قتيبة والجوهريّ وغيرهما خيتام وخاتام؛ وهو ما يجعل في الإصبع من الحليّ، وهو مأخوذ من الختم، وهو الطبع؛ سمي بذلك لأنه يختم بنقشه على الكتب الصادرة عن الملوك. وسيأتي في الكلام على ختم الكتب: أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى بعض ملوك الأعاجم فقيل له: إنهم لا يقرأون كتابا غير مختوم، فاتخذ خاتما «1» من ورق «2» وجعل نقشه «محمد رسول الله» واقتدى به في ذلك الخلفاء بعده؛ ثم توسعوا فيه إلى أن جعلوا للكتب طابعا مخصوصا وأفردوا له ديوانا سموه «ديوان
الخاتم» «1» واقتفى الملوك أثرهم في ذلك، ثم غلب بمملكتنا وما ناهزها الاكتفاء في المكاتبات باللّصاق «2» ، وصار اسم الخاتم مقصورا على ما يجعل في الإصبع خاصة سواء كان فيه نقش أم لا؛ وصارت الملوك إنما تلبس الخواتم بفصوص الجواهر من اليواقيت ونحوها تجمّلا، وربما بعثت بها في تأمين الخائف علامة للرضا عليه والصفح عما جناه واقترفه.
ومنها: المنديل بكسر الميم؛ وهو منديل يجعل في المنطقة المشدودة في الوسط مع الصولق «3» وغيره؛ ثم جرى اصطلاح الملوك على البعث به في الأمانات كما تقدم في الخاتم.
والمنديل: آلة قديمة للملوك؛ فقد حكي أنه كان للأفضل بن أمير الجيوش أحد وزراء الفاطميين مائة بدلة مغلقة على أوتاد من ذهب، على كل بدلة منها منديل من لونها؛ ولم يكن المنديل من آلات الخلافة بل إنما كان من آلاتها البردة «4» على ما سيأتي ذكره في الكلام على ترتيب الخلافة في المقالة الثانية إن شاء الله تعالى.
ومنها: التّخت، ويقال له: السرير؛ وهو ما يجلس عليه الملوك في المواكب، ولم يزل من رسوم الملوك قديما وحديثا، رفعة لمكان الملك في الجلوس عن غيره حتّى لا يساويه غيره من جلسائه؛ وقد أخبر تعالى في كتابه العزيز
أنه كان لسليمان عليه السلام كرسي بقوله: وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً
«1» ورأيت في بعض التواريخ أنه كان له كرسيّ من عاج مغشّى بالذهب.
ثم هذه الأسرّة تختلف باختلاف حال الملوك، فتارة تكون من أبنية رخام ونحوه، وتارة تكون من خشب، وتارة من فرش محشوّة متراكبة، وقد حكي أنه كان لملوك الفرس سرير من ذهب يجلسون عليه، وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو أمير مصر يجلس مع قومه على الأرض غير مرتفع عليهم «2» ، ويأتيه المقوقس ومعه سرير من ذهب، يحمل معه على الأيدي، فيجلس عليه فلا يمنعه عمرو من ذلك، إجراء له على عادته في الملك فيما قيل، لما عقده له من الذمّة واتخذه معه من العهد.
ومنها: المظلّة، واسمها بالفارسية: الجنز- بنون بين الجيم والزاي المعجمة- ويعبر عنها العامّة الآن بالقبّة والطّبر، وهي قبة من حرير أصفر، تحمل على رأس الملك، على رأس رمح بيد أمير يكون راكبا بحذاء الملك، يظلّه بها حالة الركوب من الشمس في المواكب العظام، وسيأتي ذكرها في الكلام على ترتيب المملكة في الدولة الفاطمية. وهذه الدولة في المقالة الثانية إن شاء الله تعالى.
ومنها: الرّقبة، وهي لباس لرقبة فرس السلطان من حرير أصفر، قد طرّزت بالذهب الزّركش حتّى غلب عليها وصار الحرير غير مرئيّ فيها، تشدّ على رقبة فرس الملك في المواكب العظام لتكون مضاهية لما يركب به من الكنبوش «3» الزركش المغطّي لظهر الفرس وكفله.
ومنها: الغاشية، وهي غاشية سرج من أديم مخروزة بالذهب، يظنها الناظر كلّها ذهبا، ويلقيها على يديه يمينا وشمالا.
ومنها: الچفتاه «1» ؛ وهي فرسان أشهبان قريبا الشبه، برقبتين من زركش، وعدّة تضاهي عدّة مركوب السلطان، كأنهما معدّان لأن يركبهما السلطان، يعلوهما مملو كان من المماليك السلطانية قريبي الشبه أيضا، على رأس كل منهما قبّعة من زركش مشابه للآخر.
ومنها: المنطقة- بكسر الميم- وهي ما يشدّ في الوسط، وعنها يعبّر أهل زماننا بالحياصة؛ وهي من الآلالات القديمة؛ فقد روي: أن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه كان له منطقة. وهذه الآلة قد ذكرها في «التعريف» في الآلالات الملوكية، على أن ملوك الزمان لم تجر لهم عادة بشدّ منطقة وإنما يلبسها الملك للأمراء عند إلباسهم الخلع والتشاريف؛ وهي تختلف بحسب اختلاف الرتب، فمنها ما يكون من ذهب مرصّع بالفصوص، ومنها ما ليس كذلك.
ومنها: الأعلام؛ وهي الرايات التي تحمل خلف السلطان عند ركوبه، وهي من شعار الملك القديمة؛ وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعقد لأمراء سراياه الرايات عند بعثها؛ ثم قد يعبّر عن بعضها بالعصائب جمع عصابة، وهي الألوية، أخذا من عصابة الرأس، لأن الراية تعصب رأس الرمح من أعلاه؛ وقد يعبر عنها بالسّناجق جمع سنجق، والسّنجق باللغة التركية معناه الطعن؛ سميت الراية بذلك لأنها تكون في أعلى الرمح؛ والرمح هو آلة الطعن يسمّى بذلك مجازا.
ومنها: الطّبول؛ ويقال لها: الدّبادب، والبوقات، والزمر المعروف بالصهان الذي يضرب به عشيّة كل ليلة بباب الملك وخلفه إذا ركب في المواكب ونحوها، وهي المعبر عنها بالطّبلخاناه، وهي من شعار الملك القديم.