الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثانية عشرة الفجر المعترض.
فأما النهار فسّموا الساعة الأولى منه الذّرور، والثانية البزوغ، والثالثة الضّحى، والرابعة الغزالة، والخامسة الهاجرة، والسادسة الزّوال، والسابعة الدّلوك، والثامنة العصر، والتاسعة الأصيل، والعاشرة الصّبوب، والحادية عشرة الحدود «1» ، والثانية عشرة الغروب.
وتروى عنهم على وجه آخر، فيقال فيها: البكور، ثم الشّروق، ثم الإشراق، ثم الرّاد، ثم الضّحى، ثم المتوع، ثم الهاجرة، ثم الأصيل، ثم العصر، ثم الطّفل (بتحرك الفاء) ، ثم العشيّ، ثم الغروب، ذكرهما ابن النحاس في «صناعة الكتاب» .
قال في «مناهج الفكر» : ويقال إن أوّل من قسم النهار إلى اثنتي عشرة ساعة آدم عليه السلام، وضمّن ذلك وصيّة لابنه شيث عليه السلام، وعرّفه ما وظّف عليه كلّ ساعة من عمل وعبادة؛ والله أعلم.
الجملة السادسة في أيام الأسبوع، وفيها أربعة مدارك
المدرك الأوّل في ابتداء خلقها وأصل وجودها
وقد نطق القرآن الكريم بذكر ستة أيام منها على الإجمال والتفصيل.
أما الإجمال فقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
«2» .
وأما التفصيل فقوله تعالى: قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ
فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ
«1» والمراد بالأربعة الأولى بما فيها من اليومين المتقدّمين، ومثله في كلام العرب كثير، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم «إذا نام أحدكم جاء الشيطان فعقد تحت رأسه ثلاث عقد، فإذا استيقظ فذكر الله تعالى انحلّت عقدة، فإذا توضّأ انحلّت عقدتان، فإذا صلّى انحلّت الثالثة» فالمراد بقوله عقدتان عقدة والعقدة الأولى، وقد ظهر بذلك أن المراد من الآية ستة أيام فقط، وهو ما ورد به صريح الآيات في غير هذه الآية أن خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وقد ورد ذلك مبينا فيما رواه ابن جرير «2» من رواية ابن عباس رضي الله عنهما: أنّ اليهود أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم، تسأله عن خلق السموات والأرض، فقال:«خلق الله الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين، وخلق الجبال يوم الثّلاثاء وما فيهنّ من منافع، وخلق يوم الأربعاء المدائن والشّجر والعمران والخراب، فهذه أربعة أيّام، وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقيت منه، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس، وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنّة وأمر إبليس بالسّجود له، وأخرجه منها في آخر ساعة» قالت اليهود:
ثم ماذا؟ قال: «ثم استوى على العرش» قالوا: أصبت لو أتممت، قالوا: ثم استراح فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا فنزل وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ
«3» قال الشيخ عماد الدين بن كثير «4» في تفسيره: وفيه غرابة، ولا ذكر في هذا الحديث ليوم السبت في أوّل الخلق ولا في آخره، نعم ثبت في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيدي فقال: «خلق الله التّربة يوم السّبت،
وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشّجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثّلاثاء، وخلق النّور يوم الأربعاء، وبثّ فيها الدّوابّ يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى اللّيل» قال ابن كثير: وهو من غرائب الصحيح، وعلله البخاريّ في تاريخه فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة عن كعب الأحبار وهو أصح، فقد ورد التصريح في هذا الحديث بذكر الأيّام السبعة ووقوع الخلق فيها. قال أبو جعفر النحاس: زعم محمد بن إسحاق «1» أن هذا الحديث أولى من الحديث الذي قبله، واستدلّ بأن الفراغ كان يوم الجمعة، وخالفه غيره من العلماء الحذّاق النّظّار.
وقالوا: دليله دليل على خطئه، لأن الخلق في ستّة أيام يوم الجمعة منها كما صح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم برواية الجماعة، فلو لم يدخل في الأيام لكان الخلق في سبعة وهو خلاف ما جاء به التنزيل؛ على أن أكثر أهل العلم على حديث ابن عباس، فتبين أن الابتداء يوم الأحد إذ كان الآخر يوم الجمعة، وذلك ستة أيام كما في التنزيل.
قال أبو جعفر: على أن الحديثين ليسا بمتناقضين، لأنا إن عملنا على الابتداء بالأحد فالخلق في ستة أيام وليس في التنزيل أنه لا يخلق بعدها شيئا، وإن عملنا على الابتداء بالسبت فليس في التنزيل أنه لم يخلق قبلها شيئا.
إذا علمت ذلك فقد حكى أبو جعفر النحاس أن مقدار كل يوم من أيام خلق السموات والأرض ألف سنة من أيام الدّنيا، وأنه كان بين ابتدائه عز وجل في خلق ذلك وخلق القلم الذي أمره بكتابة كلّ ما هو كائن إلى قيام الساعة يوم وهو ألف عام، فصار من ابتداء الخلق إلى انتهائه سبعة آلاف عام، وعليه يدل قول ابن عباس: إن مدّة إقامة الخلق إلى قيام الساعة سبعة أيّام كما كان الخلق في سبعة أيام.