الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجوده: أصفاه وأنقاه وأشفّه وأبيضه وأسلمه من التشعير؛ فإن كان مع ذلك كبير الجرم- آنية أو غيرها- كان غاية في نوعه.
وقد ذكر الكندي: أن في البلور قطعا تخرج كل قطعة منه من المعدن أكبر من مائة منّ «1» . ونقل التيفاشيّ: أنه كان بقصر شهاب الدين الغوري صاحب غزة «2» أربع خواب للماء كلّ خابية تسع ثلاث روايا ماء على محامل من بلور، كل محمل ما بين ثلاثة قناطير إلى أربعة؛ وذكر أيضا أنه رأى منه صورة ديك مخروط من صنعة الفرنج إذا صبّ فيه الشراب ظهر لونه في أظفار الديك.
ومن خاصّته: ما ذكره أوفرسطس الحكيم أنه يذوب بالنار كما يذوب الزجاج، ويقبل الصّبغ.
ومن خاصته أيضا: أنه إذا استقبل به الشمس ووجه موضع الشعاع الذي يخرج منه إلى خرقة سوداء احترقت وظهر فيها النار.
ومن منافعه: أن من تختم به أو علقه عليه لم ير منام سوء. وقيمته تختلف بحسب كبر آنيته وصغرها وإحكام صنعتها.
قال التيفاشي: وبالجملة فالقطعة التي تحمل «3» منه رطلا إذا كانت شديدة الصّفاء سالمة من التشعير، تساوي عشرة دنانير مصرية.
الصنف الحادي عشر المرجان
وهو حجر أحمر في صورة الأحجار المتشعبة الأغصان؛ ومعدنه الذي
يتكوّن فيه بموضع من بحر القلزم بساحل إفريقيّة، يعرف بمرسى الخرز، ينبت بقاعه كما ينبت النبات، وتعمل له شباك «1» قوية مثقّلة بالرّصاص، وتدار عليه حتّى يلتفّ فيها، ويجذب جذبا عنيفا فيطلع فيها المرجان. وربما وجد ببعض بلاد الفرنجة إلا أن الأكبر والأكثر والأحسن بمرسى الخرز؛ ومنه يجلب إلى بلاد المشرق.
ولأهل الهند فيه رغبة عظيمة؛ وإذا استخرج حك على مسنّ الماء؛ ويجلى بالسّنباذج «2» المعجون بالماء على رخامة فيظهر لونه ويحسن؛ ويثقب بالفولاذ أو الحديد المسقى.
وأجوده ما عظم جرمه، واستوت قصباته، واشتدت حمرته، وسلم من التسويس- وهو خروق توجد في باطنه حتّى ربما كان منه شيء خاو كالعظم- وأردؤه: ما مال منه إلى البياض أو كثرت عقده وكان فيه تشطيب، ولا سبيل إلى سلامته من العقد لوجود التشعب فيه؛ فإن اتفق أن تقع منه قطعة مصمتة مستوية لا عقد فيها ولا تشطيب كانت في نهاية الجودة.
وقد يوجد منه قطع كبار فتحمل إلى صاحب إفريقيّة فيعمل له منها دويّ وأنصبة سكاكين.
قال التيفاشيّ: رأيت منها محبرة طول شبر ونصف، في عرض ثلاث أصابع، وارتفاع مثلها بغطائها، في غاية الحمرة وصفاء اللون. وقد ذكر ابن الطوير في تاريخ الدّولة الفاطمية بالديار المصرية وترتيبها: أنه كان لخلفاء الفاطميين دواة من المرجان تحمل مع الخليفة إذا ركب في المواكب العظام أمام راكب على فرس، كما سيأتي ذكره في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ومن خاصته في نفسه: أنه إذا ألقي في الخل لان وابيضّ، وان طال مكثه فيه انحلّ، وإذا اتخذ منه خاتم أو غيره ولبّس جميعه بالشمع ثم نقش في الشمع بإبرة بحيث ينكشف جرم المرجان وجعل في خل الخمر الحاذق يوما وليلة أو يومين وليلتين ثم أخرج وأزيل عنه الشمع ظهرت الكتابة فيه حفرا بتأثير الخل فيه، وبقية الخاتم على حاله لم يتغير.
قال التيفاشيّ: وقد جر بنا ذلك مرارا. ومتى ألقي في الدهن ظهرت حمرته وأشرق لونها.
ومن منافعه فيما ذكره الإسكندر «1» : أنه إذا علق على المصروع أو من به النّقرس «2» نفعه؛ وإن أحرق واستنّ به زاد في بياض الأسنان وقلع الحفر منها وقوّى اللّثّة؛ وطريق إحراقه أن يجعل في كوز فخار ويطيّن رأسه ويوضع في تنّور ليلة. وإذا سحق وشربه من به عسر البول نفعه ذلك؛ ويحلل أورام الطحال بشربه؛ وإذا علق على المعدة نفع من جميع عللها كما في الزّمرّد؛ وإذا أحرق على ما تقدّم وشرب منه ثلاثة دوانق مع دانق «3» ونصف صمغ عربيّ ببياض البيض وشرب بماء بارد نفع من نفث الدم.
قال التيفاشيّ: وقيمته بإفريقية غشيما الرطل المصريّ من خمسة دنانير إلى سبعة مغربية، وهي بقدر دينارين إلى ما يقار بهما من الذهب المصري،