الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الصحيفة الصّلبة ما وصل إليها في القلم الصّلب الخالي من المداد، والله جل ذكره أعلم.
الجملة الخامسة في بري القلم؛ وفيه خمسة أنظار
النظر الأول في اشتقاقه وأصل معناه
يقال بريت القلم أبريه بريا وبراية غير مهموز، وهو قلم مبريّ، وأنا بار للقلم بغير همز أيضا. قال الشاعر:
يا باري القوس بريا ليس يحكمه
…
لا تفسد القوس أعط القوس باريها
ويقال أيضا: بروت القلم والعود بروا بالواو، والياء أفصح. ويقال لما سقط منه حالة البري براية (بضم الموحدة في أوله) على وزن نزالة وحثالة، والفعالة اسم لكل فضلة تفضل من الشيء، وتقول في الأمر: ابر قلمك.
النظر الثاني في الحث على معرفة البراية
قال الحسن بن وهب: يحتاج الكاتب إلى خلال، منها: جودة بري القلم، وإطالة جلفته، وتحريف قطّته «1» ، وحسن التأتي لامتطاء الأنامل، وإرسال المدة بعد إشباع الحروف، والتحرّز عند فراغها من الكشوف، وترك الشكل على الخطإ والإعجام على التصحيف.
ومن كلام المقرّ العلائي ابن فضل الله «2» ، طيب الله مهجعه: من لم يحسن
الاستمداد، وبري القلم، والقطّ وإمساك الطّومار، وقسمة حركة اليد حال الكتابة، فليس هو من الكتابة في شيء.
ويحكى أن الضّحاك «1» كان إذا أراد أن يبري قلما توارى بحيث لا يراه أحد، ويقول: الخط كلّه القلم. وكان الأنصاريّ إذا أراد أن يبري فعل ذلك، فإذا أراد أن يقوم من الديوان قطع رؤوس الأقلام حتّى لا يراها أحد.
وقال إسحاق بن حمّاد «2» : لا حذق لغير مميز لصنوف البراية. ورأى ابراهيم بن المحبس «3» رجلا يأخذ على جارية قلم الثلث، فقال: أعلّمتها البراية؟ قال:
لا، قال: كيف تحسن أن تكتب بما لا تحسن برايته؟ تعليم البراية أكبر من تعليم الخط.
قال المقرّ العلائي ابن فضل الله: ورأيت بخط أبي عليّ بن مقلة رحمه الله:
نعم نعم ملاك الخطّ حسن البراية، ومن أحسنها سهل عليه الخط، ولا يقتصر على علم فنّ منها دون فنّ، فانه يتعين على من تعاطى هذه الصناعة أن يحفظ كل فنّ منها على مذهبه من زيادة في التحريف، ومن النقصان منه، ومن اختلاف طبقاته، ومن وعى قلبه كثرة أجناس قطّ الأقلام كان مقتدرا على الخط، ولا يتعلم ذلك إلا عاقل، والقلم للكاتب كالسيف للشّجاع.
وقال الضحّاك بن عجلان: القلم من أجناس الأقلام كاللحن من أجناس الألحان في الصناعة، والبراية الواحدة من أجناس البراية كذلك.
ومن كلام المقرّ العلائي ابن فضل الله: جودة البراية نصف الخط.