الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1003 - الزَّنْجَاني *
الإمام، الحافظ، الثَّبْتُ، القُدْوة، أبو القاسم، سَعْد بنُ علي بن محمد بن علي بن الحسين، شيخ الحَرَم، وأحد أئمة الأثر.
ولد تقريبًا سنةَ ثمانين وثلاث مئة، وطلب وهو كبير.
سمع أبا عبد الله محمد بن الفَضْل بن نظيف الفَرَّاء، والحسين بن ميمون الصَّدَفي بمصر، وعليَّ بنَ سلامة بغَزَّة، ومحمد بن أبي عبيد بزَنْجَان، وعبد الرَّحمن بن ياسر الجَوبَري، وأبا القاسم بن الطُّبَيْز بدمشق، وطبقتهم.
حدَّث عنه: أبو بكر الخطيب -ومات قَبْلَه- وأبو المُظَفَّر منصور بن عبد الجَبَّار السَّمْعَاني، ومكِّي بن عبد السَّلام الرُّمَيلي، وهِبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر المَقْدسي، وعبد المُنْعم بن أبي القاسم القُشَيري، وآخرون.
وله قصيدة حَسَنة في السُّنَّة (1)، وكان يَذُمُّ أهل الكلام والأهواء.
قال أبو سَعْد السَّمْعَاني: طاف الآفاق، ثم جاور، وصار شَيخَ الحَرَم، وكان حافِظًا، متقِنًا، ورِعًا، كثير العبادة، صاحب كرمات وآيات.
* الإكمال: 4/ 229، الأنساب: 6/ 307، المنتظم: 8/ 320، سير أعلام النبلاء: 18/ 385 - 389، تذكرة الحفاظ: 3/ 1174 - 1178، العبر: 3/ 276، البداية والنهاية: 12/ 120، العقد الثمين: 4/ 535 - 536، تبصير المنتبه: 2/ 661، النجوم الزاهرة: 5/ 108، طبقات الحفاظ: 440، شذرات الذهب: 3/ 339 - 340.
(1)
أورد الإمام الذهبي بعض أبياتها. انظر "سير أعلام النبلاء": 18/ 388 - 389، و"تذكرة الحفاظ": 3/ 1178.
قال: وكان إذا خَرَجَ إلى الحرم يخلو المطاف، ويقبِّلون يَدَه أكثر مما يقبلون الحجر الأسود، سمعت إسماعيل بن محمد بن الفَضْل الحافظ يقول ذلك (1).
وقال أبو إسحاق الحَبَّال: كان عندنا سَعْد بن علي، ولم يكن على وجه الأرض مثله في عَصْره.
وقال محمد بن طاهر الحافظ: ما رأيتُ مثل الزَّنْجَاني.
وسُئِلَ عَنه إسماعيل التَّيمي الحافظ فقال: إمام كبير، عارف بالسُّنَّة.
وقال الإمام أبو الحسن الكَرَجي (2): سألتُ ابنَ طاهر عن أفضل مَنْ رأَى؟ فقال: سَعْد الزَّنْجاني وعبد الله بن محمد الأَنْصَاري. قلت: فأيهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متفنِّنًا (3) وأما الزَّنْجَاني فكان أعرفَ بالحديث منه، وذلك أني كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجرّبه ففي بعض يرُدُّ، وفي بعضٍ يسكت، والزَّنْجَاني كنت إذا تركت اسم رجلٍ يقول: تركتَ بين فلانٍ وفلانٍ فلانًا.
قال أبو سَعْد السَّمْعَاني: صَدَق، كان سَعْدٌ أعرفَ بحديثه لقِلَّته، وعبد الله كان مُكْثرًا.
وقال ابنُ طاهر: لما عَزَمَ سعدٌ على المجاورة عَزَمَ على نيّف وعشرين خَصْلة أن يفعلها من العِبَادات، فبقي أربعين سنة ولم يخلَّ
(1) انظر "الأنساب": 6/ 307.
(2)
في "تذكرة الحفاظ": 3/ 1175 "الكرخي" -بالخاء- وهو تصحيف،
(3)
في "تذكرة الحفاظ": 3/ 1175 "متقنًا"، وهو تصحيف. وستأتي ترجمة عبد الله بن محمد الأنصاري برقم (1005) من هذا الكتاب.
بواحدةٍ (1)، وكان يُملي الحديث بمكَّة، ولم يكن غيره يملي بها حين حكم المِصْريون على مكَّة، وإنما كان يملي سِرًّا في بيته.
قال ابنُ طاهر: وَدَخَلْتُ على الشَّيخ سعد وأنا ضيِّق الصَّدْر من رجل شِيرازي، فقبَّلْت يده، فقال لي ابتداء: يا أبا الفضل، لا تُضيِّق صدرك، عندنا في بلاد العَجَم مَثَلٌ يُضرب يقال: بُخْلُ أَهْوازي، وحَمَاقة شِيرازي، وكَثْرة كلام رازي. ودخلتُ عليه في أوَّل سنة سبعين لما عَزَمْتُ على الخروج إلى العِراق أودّعه، ولم يكن عنده خبر من عزمي فقال: أراحلون فنبكي أم مقيمونا؟
فقلت: ما أمَرَ الشيخ لا نتعدَّاه. فقال: على ما عزمت؟ قلت: أريد أن ألحق مشايخ خُراسان. فقال: تدخل خراسان وتبقى بها، وتفوتك مِصْر وتبقى في قلبك؟ ! فاخرجْ إليها، واخرجْ منها إلى العراق وخُرَاسان، ففعلتُ، وكان في ذلك البركة.
وسمِعْتُه يقول، وقد جَرَى ذِكْرُ "الصَّحيح" الذي خَرَّجه أبو ذَرّ الهَرَوي فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شَرْط "الصَّحيح".
وقال السَّمْعَاني: سمِعْتُ بعضَ مشايخي يقول: كان جَدُّك أبو المُظَفَّر عَزَمَ على أن يجاور بمكَّة في صحبة سعدٍ الإمام، فرأى ليلةً والدَته كأنها كشفت رأْسَها تقول: يا بُنيَّ، بحقِّي عليك إلّا ما رجعت إلى مَرْو، فإني لا أُطيق فِراقَك. فانبتهت مغمومًا، وقلت: أُشاور سَعْد بن علي. فأتَيتُه، ولم أقدر من الزِّحام أن أكلِّمَه، فلما قام تَبِعْتُه، فالتفت إليَّ وقال: يا أبا المُظَفَّر، العجوز تنتظرك. ودخل البيت، فعرفت أنه تكلم على ضميري، فرجعت تلك السَّنَة.
(1) انظر "المنتظم": 8/ 320.