الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد وردتُ (1) طُوس وأبو أحمد الحافظ بها على القَضَاء فسمعته يقول: إني لأتبجَّح بأحمد بن منصور أن يكون رجوعي في السُّوْال عن المشايخ إليه.
توفي أبو حامد سنةَ خمسٍ وأربعين وثلاث مئة، رحمه الله تعالى.
845 - الطَّبَرَاني *
الإِمام العلَّامة، الحافِظ الكبير، الثَّبْت، مُسْنِد الدُّنيا، أبو القاسم، سُلَيمان بن أحمد بن أيوب بن مُطَير، اللَّخْمي، الشَّامي.
ولد بعكَّا في صفر سنةَ ستين ومئتين. [وسمع في سنة ثلاث وسبعين](2) وبعدها بمدائن الشَام والحرَمين واليمن ومِصْر وبَغْداد والكُوفة والبَصْرة وأَصْبَهان والجزيرة، وغير ذلك.
(1) أي الحاكم.
* ذكر أخبار أصبهان: 1/ 335 - 336، طبقات الحنابلة: 2/ 49 - 51، الأنساب: 8/ 199 - 200، المنتظم: 7/ 54، معجم البلدان: 4/ 18 - 19، اللباب: 2/ 80، وفيات الأعيان: 2/ 407، سير أعلام النبلاء: 16/ 119 - 130، تذكرة الحفاظ: 3/ 912 - 917، ميزان الاعتدال: 2/ 195، العبر: 2/ 315 - 316، دول الإسلام: 1/ 174، مرآة الجنان: 2/ 372، البداية والنهاية: 11/ 270، غاية النهاية: 1/ 311، لسان الميزان: 3/ 73 - 75، النجوم الزاهرة: 4/ 59 - 60، طبقات الحفاظ: 372 - 373، طبقات المفسرين للداودي: 1/ 198 - 201، شذرات الذهب: 3/ 30، هدية العارفين: 1/ 396، الرسالة المستطرفة: 38، 135 - 136، تهذيب ابن عساكر: 6/ 240 - 242، تاريخ التراث العربي: مج 1 / ج 1/ 393 - 396.
(2)
ما بين حاصرتين مستدرك على هامش الأصل، ولم يظهر في التصوير، والمثبت من "تذكرة الحفاظ": 3/ 912.
وحدث عن أكثر من ألفِ شيخ، وصنف "المعجم الكبير" ولم يذكر فيه مُسْنَد أبي هريرة فإنه أفرده بمصنَّف و"المعجم الأوسط" وهو كتاب جليل، تعب عليه وكان يقول: هو روحي، و"المعجم الصغير"(1) يذكر فيه عن كل شيخ له حديثًا، وله مصنفات كثيرة مفيدة ذكرها الحافظ يحيى بن مَنْدَه، وكان من فُرْسان هذا الشَّأن مع الصِّدق والأمانة.
سمع هاشم بن مَرْثَد الطَّبراني، وأبا زُرْعة الدِّمَشْقي، وإسحاق الدَّبَري، وإدريس العَطَّار، وبشر بن موسى، وعلي بن عبد العزيز البَغَوي، ويحيى بن أيوب العَلَّاف، وأبا عبد الرحمن النَّسَائي، وخَلْقًا كثيرًا.
حدَّث عنه من شيوخه: أبو خليفة الجُمَحي، وابن عُقْدَة، وأحمد بن محمد الصحَّاف.
وروى عنه: أبو بكر بن مَرْدُويه، والفقيه أبو عمر محمد بن الحسين البِسْطامي، والحسين بن أحمد المَرْزُبَان، وأبو بكر بن أبي علي الذَّكْوَاني، وأبو الفَضْل محمد بن أحمد الجَارودِي (2)، وأبو نُعَيم الحافظ، وأبو الحسين بن فاذشاه، ومحمد بن عُبيد الله بن شهريار، وعبد الرحمن بن أحمد الصَّفَّار، وأبو بكر بن رِيْذَة، وغيرهم.
قال الذَّكْوَاني: سئلٍ الطَّبَراني عن كثرة حديثه فقال: كنت أنام على البواري (3) ثلاثينَ سنَة.
(1) انظر مظان نسخ معاجمه الثلاثة في "تاريخ التراث العربي": مج 1 / ج 1/ 393 - 395.
(2)
في الأصل: أحمد بن محمد، وهو وهم. وقد مرت ترجمته رقم (781) من هذا الكتاب.
(3)
مفردها: بوري، وهي الحصير المعمول من القصب. "اللسان"(بور).
وقال أبو نُعَيم: دخل الطبَراني أَصبَهان سنةَ تسعين فسمع وسافر، ثم قدمها فاستوطنها ستين (1)(2).
وقال أبو الحسين بن فارس اللغوي: سمِعْتُ الأستاذ بن العَميد يقول: ما كنت أظن أن في الدُّنيا حلاوة ألذّ من الرِّياسة والوزَارة التي أنا فيها حتى شاهدتُ مُذَاكرة سُلَيمان بن أحمد الطبراني، وأبي بكر الجِعَابي بحضرتي، فكان الطبَراني يَغْلِبُ الجِعَابي بكثرة حِفْظه، وكان الجِعَابي يغلِب الطَّبراني بفِطْنته وذكاءِ أهل بَغْداد، حتى ارتفعت أصواتُهما، ولا يكاد أحدهما يغلِب صاحبه فقال الجِعَابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلَّا عندي. فقال: هاته. فقال: حدَّثنا أبو خليفة، حدثنا سُليمان بن أيوب -وحدَّث بالحديث- فقال الطَّبراني: أنا سُلَيمان بن أيوب ومني سمع أبو خليفة فاسمع مني حتى يعلو إِسْنَادك، فإنك تروي عن أبي خليفة عني. فخجل، وغلَبه الطبراني.
قال ابنُ العميد: فوددت في مكاني الوزَارة والرِّياسة لم تكن لي وكنتُ الطبَراني، وفرحتُ مثل الفَرَح الذي فَرِحَ به الطّبراني، لأجل الحديث. أو كما قال (2).
وقال أبو جعفر بن أبي السَّرِي: سألتُ ابنَ عُقْدة أن يعيد لي فَوْتًا وشدَّدت عليه فقال: من أين أنت؟ قُلْت: من أَصبَهان. فقال: نَاصبة. فقلت: لا تقل هذا، ففيهم فُقَهاء ومتشيِّعة، قال: شيعة معاوية؟ قلت:
(1)"ذكر أخبار أصبهان": 1/ 335.
(2)
"طبقات الحنابلة": 2/ 50.
بل شيعة عليّ رضي الله عنه وما فيهم إلّا مَنْ عليّ أعَزُّ عليه من عينه وأهله. فأعاد عليَّ ما فاتني. ثم قال لي: سمِعْتَ من سُلَيمان بن أحمد اللَّخْمي؟ فقلت: لا أعرفه. فقال: يا سبحان الله! أبو القاسم ببلدكم وأنت لا تسمع منه، وتؤذيني هذا الأذى! ما أعرف له نظيرًا. وقال: أتعرف إبراهيم بن محمد بن حمزة؟ قلت: نعم. قال: ما رأيت مِثْله في الحفظ.
وقال ابن مَنْدَه: الطَّبراني أحد الحُفَّاظ المذكورين، حدَّث عن أحمد بن عبد الرحيم البَرْقي، ولا يحتمل سِنُّه لُقِيَّة.
وهذا الذي ذكره ابنُ مَنْدَه قريب، فإن الطَّبراني إنما روى عن عبد الرحيم بن البَرْقي السِّيرة وغيرها فغلِطَ في اسمه وسماه باسم أخيه، وقد نَبَّه على ذلك الحافظ أبو العَبّاس أحمد بن منصور الشِّيرازي فإنه قال: كتبتُ عن الطَّبراني ثلاث مئة ألف حديث، وهو ثقة إلَّا أنه كتب بمِصْر عن شيخ وكان له أخ فسماه باسمه غَلَطًا.
وقال سُلَيمان بن إبراهيم الحافظ: قال الباطِرْقَاني: كان ابن مَرْدُويه سيِّئ الرَّأي في الطَّبراني. ثم قال سليمان: فقال له أبو نعيم: كم كتبت عنه؟ فأشار إلى حُزم. فقال أبو نعيم: فمن رأيت مثله؟ فلم يقل شيئًا.
وذكر الحافظ ضياء الدين أن ابن مَرْدويه ذكر الطّبراني في تاريخه، ولم يتكلَّم فيه.
توفي الطبراني لليلتين بقيتا من ذي القَعْدة سنَة ستين وثلاث مئة، وله مئة سنة وعشرة أشهر، رحمه الله.