الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبعًا من مزدلفة ليرمي بها جمرة العقبة يوم العيد فلا بأس، ولكن ليس بمتعين بل من مزدلفة أو منى، كله بحمد الله واسع.
17 -
بيان كيفية رمي الجمرات
س: حدثونا لو تكرمتم عن رمي الجمرات كيف يكون وحبذا لو فقهتم الناس بالحكمة من وراء ذلكم التعبد إذا أمكن (1).
ج: إن الله جلَّ وعلا له الحكمة البالغة والحجة الدامغة شرع للمسلمين رمي الجمار في الحج تأسيًا بنبيهم عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لمّا حج حجة الوداع رمى الجمار يوم العيد بسبع حصيات، رمى جمرة العقبة فقط - وهي الجمرة التي تلي مكة - بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ثم رمى الجمار في الأيام الأخيرة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، رماها بعد الزوال، كل واحدة رماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ويقول عليه الصلاة والسلام عند أداء الأنساك:«لتأخذوا مناسككم» (2) يعني يأمر الأمة أن يتعلّموا منه، وأن يعملوا بما
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (93).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم (1297).
يشاهدون من عمله عليه الصلاة والسلام، وما يسمعون من قوله، فهذا هو الدليل على رمي الجمار، وهي تشتمل على سبعين حصاة لمن استكمل الرمي في الأيام الأربعة، يوم العيد سبع حصيات بعد ارتفاع الشمس إلى غروب الشمس، كله محل رمي، يكبر مع كل حصاة للجمرة الكبرى التي تلي مكة وهي جمرة العقبة، وإن رماها في الليل بعد نصف الليل أجزأ ذلك ولا سيما للضعفاء والعجزة، أما الأقوياء فالسنّة لهم أن يكون رميهم مثل ما رماها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ارتفاع الشمس ضحى، وإن رماها بعد الظهر أو بعد العصر فلا حرج، ويجوز على الصحيح أن يرميها بعد الغروب أيضًا تلك الليلة لمن لم يرم في النهار إلى آخر الليل، وأمّا الأيام الأخرى الثلاثة وهي أيام التشريق فإنها ترمى بعد الزوال كما رماها النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز رميها قبل الزوال؛ لأن ذلك خلاف الشرع المطهر، ويرميها المسلمون بعد الزوال إلى غروب الشمس، ومن لم يتيسر له ذلك، من عجز عن ذلك أو شغل عن ذلك جاز رميه لها بعد الغروب تلك الليلة لليوم الذي غربت شمسه في أصح قولي العلماء؛ لأنها حالة حاجةٍ وضرورة ولا سيما عند كثرة الحجيج، فإن الوقت لا يسع لهم ما بين الزوال إلى غروب الشمس، فلهذا جاز على الصحيح أن ترمى بعد
غروب الشمس لمن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال في ذلك اليوم - يعني اليوم الذي غابت شمسه - يرميه بعد الغروب، وقد ذكر جمع من أهل العلم أن الحكمة في ذلك إهانة الشيطان وإذلاله وإرغامه، وإظهار مخالفته؛ لأنه عرض لإبراهيم عليه الصلاة والسلام حين أراه الله ذبح ابنه إسماعيل، ولكن من المقرر عند أئمة العلم أن الحكمة لا بد أن تثبت بدليل واضح من كتاب أو سنة، فإن ثبتت فذلك نور على نور، وخير إلى خير وإلا فالمؤمن يتقبل شرع الله ويعمل به وإن لم يجد الحكمة والعلة في ذلك، مع إيمانه بأن الله سبحانه حكيم عليم كما قال عز وجل:{إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} وقال سبحانه: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} فهو عليم بما شرعه لعباده، عليم بما يقدره لهم، عليم بكل حادثة في المستقبل، كما أنه عليم بكل ما يقع لكل ما وقع في الماضي، وله الحكمة البالغة في كل شيء سبحانه وتعالى، فإنه له كمال العلم وكمال الحكمة والقدرة، فلا يفعل شيئًا عبثًا أبدًا، ولا يشرع شيئًا عبثًا سبحانه وتعالى، بل كل ذلك لحكمة بالغة، وعلّة عظيمة، وغاية محمودة، وإن لم يعلمها البشر، هذا هو الواجب على كل مؤمن أن